• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبدالرحمن الشثريالشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري شعار موقع الشيخ عبدالرحمن الشثري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات


علامة باركود

عذاب القبر ونعيمه في السنة (خطبة)

عذاب القبر ونعيمه في السنة (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


تاريخ الإضافة: 16/10/2017 ميلادي - 25/1/1439 هجري

الزيارات: 140058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عذابُ القبرِ ونعيمه في السنة

 

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾ [سبأ: 1]، أحمَدُه سبحانه على ما أسداه وأولاه من الإنعام والإكرام والخير الكثير، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا وَلَدَ ولا ظهير، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه السراجُ المنيرِ والبشيرُ النذير، اللهُمَّ صلِّ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومَن على سبيله إلى الله يسير، وسلِّم تسليماً كثيراً.

 

أما بعدُ:

فيا أيها الناسُ اتقوا اللهَ حقَّ تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، فقد خلقكم لأمرٍ عظيمٍ، وهيَّأكُم لشأنٍ جسيمٍ، خلَقَكُم لمعرفتهِ وعبادته، وأمَرَكُم بتوحيدِه وطاعته، وأخذَ على هذا مواثيقكم، وارتهَنَ بحقِّه نُفوسكم، ووكَّلَ بكم ﴿ كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 11، 12]، ويكتبون ما تعملون.

 

أيها المسلمون:

إن الإيمان بعذاب القبرِ ونعيمِه للرُّوح والجَسَدِ مَعَاً، وسؤالِ الملَكين للميِّت في قبره من أُمور العقيدة الْمُجمع عليها عند أهل السنةِ والجَمَاعة، بدليل القرآنِ الكريمِ، والسنةِ النبويةِ المباركة، وإجماع علماءِ المسلمين، وسبقَ الحديث في الجمعة الماضية عن بعض الأدلة من القرآن الكريم، وفي هذه الخطبة إن شاء الله نتحدَّث عن بعض الأدلة في سُنة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولقد أخبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن (القبرَ أولُ مَنازلِ الآخرةِ) رواه الترمذي وحسنه، وأن القبر هو أفظعُ وأشدُّ وأشنعُ مَنظرٍ في الدُّنيا، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (ما رأيتُ مَنظَراً قَطُّ إلاَّ القبرُ أفظَعُ منهُ) رواه الترمذي وحسنه.

 

عباد الله: روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر ونعيمه تسعة وأربعين صحابياً.

فمنها: أنه أُوحيَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بفتنة القبر بعد الهجرة، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (دخَلَ علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعِندِي امرأةٌ من اليهُودِ، وهيَ تقولُ: هلْ شَعَرْتِ أنكُم تُفْتَنُونَ في القبُورِ؟ قالت: فارْتَاعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وقالَ: «إنما تُفْتَنُ يهُودُ»، قالت عائشةُ: فَلَبِثْنا لَيَاليَ، ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «هلْ شَعَرْتِ أنهُ أُوحِيَ إليَّ أنكُم تُفْتَنُونَ في القبورِ؟» قالت عائشةُ: «فسَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بَعْدُ يَستَعِيذُ من عذابِ القَبْرِ») رواه مسلم.

 

ومنها: إخبارُه صلى الله عليه وسلم برؤيته لفتنة هذه الأمة في القبور في صلاة الخسوف، قال صلى الله عليه وسلم: (إني قد رَأَيتُكُم تُفتَنُونَ في القُبُورِ كفِتنَةِ الدَّجَّالِ) رواه مسلم.

 

ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوَّذ بالله من عذاب القبر في كلِّ صلاة، فعن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (دخَلَتْ علَيَّ عجُوزَانِ من عُجُزِ يَهُودِ المدينةِ، فقالَتَا لي: إنَّ أهلَ القُبُورِ يُعذَّبُونَ في قُبُورِهِم، فكَذَّبْتُهُما، ولم أُنْعِمْ أنْ أُصدِّقَهُما، فخَرَجَتا، ودَخَلَ عليَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقُلتُ لهُ: يا رسولَ اللهِ إنَّ عَجُوزَيْنِ، وذَكَرْتُ لهُ، فقالَ: «صَدَقَتا، إنهُم يُعذَّبُونَ عَذَاباً تَسْمَعُهُ البهَائِمُ كُلُّهَا»، فمَا رَأَيتُهُ بعدُ في صلاةٍ إلاَّ تَعَوَّذَ من عذابِ القَبْرِ) رواه البخاري.

 

ومنها: أمرُه صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من عذاب القبر في التشهد الثاني في الصلاة، فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا تَشَهَّدَ أحَدُكُمْ فليَسْتَعِذ باللهِ من أربَعٍ، يَقُولُ: اللهُمَّ إني أعُوذُ بكَ من عذابِ جهَنَّمَ، ومن عذابِ القَبْرِ، ومِن فِتْنَةِ الْمَحْيَا والْمَمَاتِ، ومن شَرِّ فِتنةِ المسيحِ الدَّجَّالِ) رواه مسلم.

 

وفي روايةٍ: (إذا فَرَغَ أحَدُكُم مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ فلْيَتَعَوَّذ باللهِ مِن أَرْبَعٍ) الحديث رواه مسلم.

وعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يُعَلِّمُهُم هذا الدُّعاءَ كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ منَ القُرآنِ، يقُولُ قُولُوا: «اللهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بكَ من عذابِ جهَنَّمَ، وأعُوذُ بكَ مِن عذابِ القبرِ، وأعُوذُ بكَ من فِتْنَةِ المسيحِ الدَّجَّالِ، وأعُوذُ بكَ من فِتْنَةِ الْمَحْيَا والْمَمَاتِ»، قالَ مُسلِمُ بنُ الحجَّاجِ: بلَغَني أنَّ طَاوُساً قالَ لابنِهِ: أَدَعَوْتَ بهَا في صلاتِكَ؟ فقالَ: لا، قالَ: أَعِدْ صلاتَكَ، لأَنَّ طَاوُساً رواهُ عن ثلاثةٍ أو أربَعَةٍ، أو كَمَا قَالَ) رواه مسلم.

 

ومنها: ذِكْرُه صلى الله عليه وسلم سبب عدم دعائه بأن نسمع عذاب القبور خشية أن يُفضي إلى ترك دفننا للموتى، فعن زيد بن ثابتٍ رضي الله عنه قالَ: (بينما النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في حائطٍ لبني النَّجَّارِ على بغلَةٍ لَهُ ونحنُ مَعَهُ، إذ حادَتْ بهِ فكادَتْ تُلْقِيهِ، وإذا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أوْ خمسَةٌ أو أربَعَةٌ، فقالَ: «مَن يَعْرِفُ أصحابَ هذهِ الأَقْبُرِ؟»، فقالَ رجُلٌ: أنا، قالَ: فمَتى ماتَ هؤُلاءِ؟ قالَ: ماتُوا في الإِشراكِ، فقالَ: «إنَّ هذهِ الأُمَّةَ تُبتَلَى في قُبُورِها، فلولا أنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أنْ يُسْمِعَكُمْ من عذابِ القَبْرِ الذِي أسْمَعُ مِنْهُ»، ثُمَّ أقْبَلَ علَيْنَا بوجْهِهِ، فقالَ: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِن عذابِ النَّارِ»، قالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِن عذابِ النَّارِ، فقالَ: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِن عذابِ القَبْرِ»، قالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِن عذابِ القَبْرِ، قالَ: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِنَ الْفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْها ومَا بَطَنَ»، قالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنْهَا وما بَطَنَ، قالَ: «تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ فِتنَةِ الدَّجَّالِ»، قالُوا: نعُوذُ باللهِ مِن فِتْنَةِ الدَّجَّالِ) رواه مسلم.

 

ومنها: ذِكْرُه صلى الله عليه وسلم بعض أسباب عذاب القبر، فعنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: (مَرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على قَبْرَيْنِ، فقالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبيرٍ، أمَّا هذا: فكَانَ لا يَسْتَتِرُ من بَوْلِهِ، وأمَّا هذا: فكَانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ) رواه البخاري.

 

عباد الله:

وقد دلَّت السنة على أن للقبرِ ضغطةٌ أو ضمَّة على كلِّ ميِّتٍ، صغيراً أو كبيراً، قال ابن حجر: (وصَحَّ أن القبرَ يُضمُّ على كلِّ ميت) انتهى.

عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ قالَ: (خرجنا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوماً إلى سعدِ بنِ معاذٍ حينَ تُوُفِّيَ، قالَ: فلمَّا صلَّى عليهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ووُضِعَ في قبرِه، وسُوِّيَ عليهِ، سبَّحَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فسبَّحنا طويلاً، ثمَّ كبَّرَ فكبَّرنا، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ، لمَ سبَّحتَ؟ ثمَّ كبَّرتَ؟ قالَ صلى الله عليه وسلم: لقد تضَايَقَ على هذا العبدِ الصالحِ قبرُهُ حتَّى فرَّجَهُ اللهُ عنهُ) رواه الإمام أحمد وحسَّن إسناده محققو المسند.

 

وعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ صلَّى على صَبيٍّ أوْ صَبَيَّةٍ فقالَ: لَوْ نَجَا أحَدٌ من ضَمَّةِ القَبْرِ لنَجَا هذا الصَّبيُّ) رواه عبدالله في السنة وصححه ابن حجر.

 

قال الذهبيُّ: (هذهِ الضَّمَّةُ ليست من عذابِ القبرِ في شيءٍ، بل هوَ أمرٌ يَجدُه المؤمنُ، كمَا يَجدُ ألَمَ فقدِ ولَدِه وحميمِه في الدُّنيا، وكمَا يَجدُ من ألَمِ مَرَضِه، وألَمِ خُرُوجِ نفسِه، وألَمِ سُؤالهِ في قبرِه وامتحانهِ، وألَمِ تأثرِه ببكاءِ أهلهِ عليهِ، وألَمِ قيامِه من قبرِه، وألَمِ الموقفِ وهولهِ، وألَمِ الوُرُودِ على النارِ، ونحوِ ذلكَ، فهذهِ الأراجيفُ كُلُّها قد تنالُ العبدَ، وما هيَ من عذابِ القبرِ، ولا من عذابِ جهنَّم قطُّ، ولكنَّ العبدَ التقيَّ يَرفُقُ اللهُ بهِ في بعضِ ذلكَ أو كُلِّهِ، ولا راحةَ للمؤمنِ دُون لقاءِ ربِّهِ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ﴾ [مريم: 39]، وقالَ: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ ﴾ [غافر: 18]، فنسألُ اللهَ تعالى العَفْوَ واللُّطفَ الخفيَّ، ومَعَ هذهِ الهزَّاتِ، فَسَعْدٌ -أي: سعد بن معاذ- ممَّن نَعلَمُ أنهُ من أهلِ الجنَّةِ، وأنهُ من أرفَعِ الشُّهَداءِ رضي الله عنه، كأنكَ يا هذا تظُنُّ أنَّ الفائزَ لا يَنالُه هَوْلٌ في الدَّارَينِ، ولا رَوْعٌ، ولا ألَمٌ، ولا خوفٌ، سَلْ ربَّكَ العافيةَ، وأن يَحشُرَنا في زُمرَةِ سعدٍ) انتهى.

اللهُمَّ أعذنا ووالدينا وأهلينا من عذابِ النار وعذابِ القبرِ، آمين.

♦ ♦ ♦ ♦


إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ:

أيها المسلمون: لقد أجمعَ السلف الصالح على أن عذابَ القبرِ ونعيمَهُ حقٌّ، وأكَّد العلماءُ على مرِّ العُصور إثبات ذلك، ووجوب الإيمان به، والرَّدِّ على مَن أنكره من الملاحدة والفلاسفة والزنادقة، وبعض الفرق الضالة المنحرفة، وبيَّنوا أن ذلك يتضمَّن تكذيب ما تواترت النصوص الشرعية على إثباته، وما أجمع المسلمون على إقراره والإيمان به.

 

وقد سُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عمَّن يُنكر عذاب القبر بحجَّة أن الأحاديث الواردة فيه من أحاديث الآحاد؟ فأجابت: (إذا ثبت حديث الآحاد عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حجة فيما دلَّ عليه اعتقاداً وعملاً لإجماع أهل السنة، ومن أنكر الاحتجاج بأحاديث الآحاد بعد إقامة الحجة عليه فهو كافرٌ) انتهى.

 

أيها المسلمون: ولقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة جماعة من المعذبين في البرزخ، وذكرَ في رواية العقوبة وأتبعها بما يُنجِّي صاحبها من العمل، فعنْ عبدِ الرحمنِ بنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ عَجَبًا، رَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ رُوحَهُ، فَجَاءَهُ بِرُّهُ بِوَالِدَيْهِ فَرَدَّ عَنْهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي قُسِطَ عَلَيْهِ عَذَابُ الْقَبْرِ، فَجَاءَ وُضُوؤُهُ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي يَلْهَثُ عَطَشًا، كُلَّمَا وَرَدَ حَوْضًا مُنِعَ، فَجَاءَهُ صِيَامُهُ رَمَضَانَ فَاسْتَنْقَذَهُ وَسَقَاهُ وَأَرْوَاهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي وَالنَّبِيُّونَ قُعُودٌ حِلَقًا حِلَقًا فَجَاءَهُ غُسْلُهُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَقْعَدَهُ إِلَى جَانِبِي، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي بَيْنَ يَدَيْهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ خَلْفِهِ ظُلْمَةٌ، وَعَنْ يَمِينِهِ ظُلْمَةٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ فَوْقِهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ تَحْتِهِ ظُلْمَةٌ، وَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فِي الظُّلْمَةِ؛ فَجَاءَهُ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ فَاسْتَخْرَجَاهُ مِنَ الظُّلْمَةِ وَأَدْخَلاهُ النُّورَ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي لا يُكَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ وَلا يُكَلِّمُونَهُ، فَجَاءَهُ صِلَتُهُ لِلرَّحِمِ فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ، كَلِّمُوهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَصِلُ رَحِمَهُ؛ فَكَلَّمَهُ الْمُؤْمِنُونَ، فَكَانَ مَعَهُمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي يَقِي وَهَجَ النَّارِ عَنْ وَجْهِهِ، فَجَاءَتْهُ صَدَقَتُهُ فَكَانَتْ سِتْرًا عَلَى وَجْهِهِ، وَظِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي أَخَذَتْهُ الزَّبَانِيَةُ بِكُلِّ مَكَانٍ، فَجَاءَ أَمْرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَأَدْخَلُوهُ مَعَ ملائِكَةِ الرَّحْمَةِ، فَصَارَ مَعَهُمْ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي جَاثِيًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ، فَجَاءَ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي قَدْ هَوَتْ صَحِيفَتُهُ قِبَلَ شِمَالِهِ، فَجَاءَ خَوْفُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَجَعَلَهَا فِي يَمِينِهِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي قُرِّبَ إِلَى الْمِيزَانِ فَخَفَّتْ مَوَازِينُهُ، فَجَاءَ أَفْرَاطُهُ فَثَقَّلُوا مِيزَانَهُ، يَعْنِي أَطْفَالَهُ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَجَاءَ وَجَلُهُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَى، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي قَائِمًا عَلَى الصِّرَاطِ يَرْعَدُ كَمَا تَرْعَدُ السَّعَفَةُ فِي رِيحٍ عَاصِفٍ، فَجَاءَ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاللهِ فَسَكَّنَ رَوْعَتَهُ فَمَضَى عَلَى الصِّرَاطِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي يَزْحَفُ عَلَى الصِّرَاطِ زَحْفًا أَحْيَانًا وَيَجْثُو أَحْيَانًا، فَجَاءَتْهُ صَلاتُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَأَقَامَتْهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَمَضَى عَلَى الصِّرَاطِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي انْتَهَى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَغُلِّقَتِ الأَبْوَابُ دُونَهُ، فَجَاءَتْ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ فَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي هَوَى فِي النَّارِ فَجَاءَتْ دُمُوعُهُ الَّتِي بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَنْقَذَتْهُ مِنَ النَّارِ، وَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنْ أُمَّتِي احْتَوَشَتْهُ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ، فَجَاءَتْ صَلاتُهُ فَاسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ) رواه ابن شاهين، وقال الحافظ أبو موسى المديني: (حديثٌ حَسَنٌ جداً)، وقال ابنُ القيم: (وسمعتُ شيخ الإسلام يُعظِّم أمر هذا الحديث، ويقول: أُصولُ السُّنةِ تشهدُ له، وهو من أحسنِ الأحاديث) انتهى.

 

اللهُمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ، مِلْءُ السماوَاتِ ومِلْءُ الأرضِ، ومِلْءُ ما شِئْتَ مِن شَيْءٍ بَعْدُ، اللهُمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى أهلِ بيتِهِ وعلى أزواجِه وذُرِّيَّتِه، آمين، لا إلهَ إلاَّ أنتَ، لكَ الحمدُ فأنتَ ﴿ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ﴾، و﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ و ﴿ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾، اللهم فأعذنا ووالدينا من عذاب القبر، ومن فتنة القبر، ومن عذاب جهنم، ومن فتنة جهنم، رَبَّنا فاغفر لنا ولوالدينا وأهلينا خطأنا وجهلنا، وإسرافنا في أمرنا كُلِّهِ، وما أنتَ أعلَمُ بهِ منا، اللهُمَّ اغفر لنا خطأنا وعَمدَنا، وجَهلَنا وهَزْلَنا، اللهُمَّ فاغفر لنا ما قَدَّمنا وما أخَّرنا، وما أسررنا وما أعلنا، أنتَ المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ، وأنتَ على كُلِّ شيءٍ قديرٌ، اللهُمَّ إنما نحنُ بشَرٌ فلا تُعَاقِبْنا، فأيُّمَا مؤمنٍ ومؤمنةٍ آذيناهم أو شَتَمناهُم فلا تُعاقبنا فيهم، اللهُمَّ ولِحُقوقِ الخلقِ فاغفرْ لنا، آمين، ﴿ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ﴾، آمين، اللهُمَّ لا إلهَ إلاَّ أنتَ سُبحانكَ وبحمدِكَ، ربَّنا إنِّا ظَلَمْنا أنفسنا فارحمنا إنكَ خيرُ الراحمينَ، اللهُمَّ لا إلهَ إلا أنتَ سُبحانكَ وبحمدِكَ، ربَّنا إنِّا ظَلَمْنا أنفسنا فتُبْ علينا إنكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، اللهُمَّ أذهب عنا وعن والدينا ووالديهم وأهل بيوتنا الرِّجْسَ وطَهِّرْنا تَطهيراً، آمين، اللهُمَّ إنا نسألُكَ يا اللهُ بأنكَ الواحدُ الأحدُ الصَّمَدُ، الذي لم تلدْ ولم تُولَدْ، ولم يكُن لكَ كُفُواً أحَدٌ، أن تغفرَ لنا ذنوبنا إنكَ أنتَ ﴿ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾، اللهُمَّ إنا نسألُكَ لنا ولجميع بلاد المسلمين المُعافَاةَ في الدُّنيا والآخرَةِ، آمين، اللهم ووفِّق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وإخوانهم وأعوانهم وجميع ولاة أمور المسلمين لما تُحبُّ وترضى، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كلِّ سوءٍ وفتنةٍ، فأنتَ خيرٌ حافظاً وأنت أرحمُ الراحمين، آمين، اللهُمَّ ربَّنا آتنا في الدُّنيا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عذابَ النارِ، آمين، سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ، سُبحانَ اللهِ العظيمِ، أستغفرُ اللهَ وأتوبُ إليه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- جزاكم الله خيرا
رمصان عويس حسن - مصر 19-07-2018 07:22 PM

جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة