• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ محمد الصباغد. محمد بن لطفي الصباغ شعار موقع الشيخ محمد الصباغ
شبكة الألوكة / موقع د. محمد بن لطفي الصباغ / مقالات


علامة باركود

الأسرة والزواج (1)

الأسرة والزواج (1)
د. محمد بن لطفي الصباغ


تاريخ الإضافة: 10/10/2011 ميلادي - 12/11/1432 هجري

الزيارات: 28764

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة:

لم أكتُبْ هذه الكلمة لآتِي بجديد، فكثيرٌ من النصوص التي أورَدتها معروفةٌ لكثيرٍ من القُرَّاء، وإنما كتبتُها للتذكير، والذكرى تنفع المؤمنين؛ ذلك لأنَّني أرى نُذُرًا مخيفة تُواجِه مجتمعنا وأمَّتنا.

 

إنَّ الأسرة عِماد المجتمع، وإنَّ قيامها واستِمرارها بأداء المهمَّات الجليلة التي تُؤدِّيها مرتبطٌ بالزواج ارتباطًا واقعيًّا أصيلاً، والأسرة في العالم الغربي (المتمدِّن!) مُعرَّضة للدَّمار؛ بسبب انتشار الفواحش والاعتراف بها قانونيًّا، ونخشى أنْ ينتقل هذا الخطَر الماحق إلى بلادنا الإسلاميَّة - والعِياذ بالله تعالى - وينبغي أنْ نعترف أنَّ في مجتمعاتنا مشكلاتٍ تَعُوق الزواج، ويجبُ أنْ نُواجِه الواقع بجرأةٍ، وأنْ نبحَثَ عن عِلاجه بالدِّراسة الموضوعيَّة، والحِكمة المتأنِّية، ولا يجوزُ أنْ نتجاهل ما في هذا الواقع من مشكلات.

 

إنَّ واقع المسلمين اليومَ فيه: الغلاء، والبطالة، وأزمة السكن، والجهل، والمرض، ويتعرَّض رجالنا ونساؤنا وأولادنا إلى غزو الفساد والإفساد الذي تقومُ به المناهج المنحرفة، والصحافة الهابطة، والفضائيَّات القذرة، التي تعمَلُ دُون توقُّف على إثارة الغريزة، وتحطيم الخُلُق الكريم، والنَّيل من عاداتنا الكريمة وتقاليدنا الفاضلة، وقد دخَلتْ هذه الفضائيَّات كلَّ بيتٍ في الحاضرة والبادية، وإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون!

 

وبعدُ:

فلا يجوزُ أنْ تكون العقبات الماديَّة التي وضَعَها فريقٌ من الناس حائلاً دون تحقيق سُنَّة الزواج.

 

ولا يجوزُ أنْ نسير مع أولئك الذين شدَّدوا على أنفُسِهم في موضوع الزواج، فبارَتْ بناتهم، وحلَّ في بيوتهم النِّزاع والخِصام والشَّقاء، وتعرَّض شبابهم لألوانٍ من الفساد.

 

لا بُدَّ للمسلم الواعي من أنْ ينادي الآباء والأمهات الصالحين أنْ يخطوا الخطوة المتقدِّمة، ويرتفعوا بأنفُسِهم عن الواقع الذي بدأ يَسُودُ قِطاعاتٍ في بلاد المسلمين.

 

نعم، يجبُ أنْ يَرفُضوا العادات السيِّئة، والتقاليد المُخالِفة للكتاب والسنَّة ورُوح الشريعة التي تُقرِّر اليُسر، وتدعو إلى البُعد عن التكلُّف والإسراف.

 

قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، وقال تبارَكتْ أسماؤه في وصْف عِباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

 

وعن أنسٍ - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يَسِّروا ولا تُعسِّروا، وبَشِّروا ولا تُنفِّروا))؛ رواه البخاري 69 ومسلم 1734.

 

ولقد قرَّر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الله - تبارك وتعالى - سيُعِين مَن يتزوَّج يريدُ العَفاف؛ فعن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمُكاتِب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العَفاف))؛ رواه أحمد 2/437، والنسائي 6/15، 61، وابن ماجه 2518، والترمذي 1655، والحاكم 2/160.

 

أقولُ: فكيف يتردَّد مؤمنٌ يسمع هذا الكلام في الإقدام على الزواج مهما كانت أوضاعه الماديَّة، ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((حقٌّ على الله عونهم))؟! ومَن تعهَّد الله له بالعون، فليطمئنَّ بهذا الوعد.

 

ويحسن أنْ نُورِد للقرَّاء الكرام ما ذكره ابن كثير في "تفسيره" حول هذه الآية الكريمة: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 32].

 

قال - رحمه الله -: "عن ابن عباسٍ قال: رغَّبَهُم الله في التزويج، وأمَر به الأحرار والعبيد، ووعَدَهم عليه الغِنَى؛ فقال: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ... ﴾ [النور: 32].

 

وقال أبو بكر الصديق - رضِي الله عنه -: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، يُنجِزْ لكم ما وعدَكُم من الغِنَى؛ فقال - تعالى -: ﴿ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 32].

 

وعن ابن مسعودٍ - رضِي الله عنه -: التَمِسوا الغِنَى في النكاح، وتلا الآية، وذكر البغويُّ نحوه عن عمر - رضِي الله عنه"[1].

 

وقد تبرَّأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الذي يعرض عن الزواج رغبةً في التفرُّغ للعبادة؛ كما حدث للنفر الثلاثة الذين عزموا على التفرُّغ للعبادة، فقال أحدهم: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبدًا، فلمَّا علم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمقالتهم قال: ((أمَا والله إنِّي لأخْشاكم لله وأتْقاكم له، لكنَّني أصومُ وأفطرُ، وأصلِّي وأرقُد، وأتزوَّج النساء، فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي))؛ رواه البخاري 5063 ومسلم 1406.

 

وعلينا أنْ نحذر من متابعة المنحرفين عن سبيل الهدى من الكافرين والفاسقين، الذين يرغَبون عن الزواج لتكاليفه وللمسؤوليَّات التي تترتَّب عليه، ويُؤثِرون المتعة الحرام بعيدًا عن الارتباط بعقد الزواج، وهذا منتشرٌ في أوروبا وأمريكا.

 

وعلينا أنْ نبتعد عن التفاخُر بالبذخ في الحفلات وفي الملابس وبالولائم وبارتفاع المهور... إنَّ في ذلك ظُلمًا لشبابنا وفتياتنا، إنَّ بيوتنا الناشئة والمُتوقَّعة مُهدَّدة بخطرٍ ماحِقٍ إنْ لم نرتفع عن الواقع المنحَرِف، وإنَّ الفساد المدمِّر يُهدِّد مجتمعنا كلَّه إنْ لم نَعُدْ إلى جادَّة الصواب التي دعا إليها الإسلام.

 

إنَّ إقامة الحياة الزوجيَّة على أساسٍ ممَّا دعا إليه الإسلام من البُعد عن التكلُّف والتعاوُن، يُحقِّق السعادة والطمأنينة والتعاون على البرِّ والتقوى.

 

عن سهل بن سعدٍ الساعدي - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال للرجل الذي يريد أنْ يتزوَّج: ((التَمِس ولو خاتمًا من حديد))، فالتَمَس فلم يجدْ شيئًا، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فهل معك من القُرآن شيءٌ؟))، فقال: نعم؛ سورة كذا وكذا، لسورٍ سماها، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((زوجتُكَها بما معك من القُرآن))؛ أي: على أنْ يُعلِّمها إيَّاها كما جاء في بعض الرِّوايات؛ رواه البخاري[2] 5135 و5149، ومسلم 1425، وابن ماجه 1889، والترمذي 1114، وأبو داود 2111.

 

فانظُر يا أخي إلى هذا اليُسر والسماحة: المهر خاتَمٌ من حديد أو تعليم الزوجة سُوَرًا من القرآن، وقال سيدنا عمر - رضِي الله عنه -: ألا لا تغالوا بصُدُقِ النساء؛ فإنها لو كانت مَكرُمة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.

رواه أبو داود 2106، والترمذي 1114، وابن ماجه 1887، والنسائي.

 

يجب أنْ نتغلَّب على عَوائِق الزواج الماديَّة والمعنويَّة، إنَّ الإحصائيَّات التي تُنشَر بين الفينة والفينة في البلاد الإسلاميَّة عن عدد العوانس المتزايد لَأمرٌ يدعو إلى التفكير في العلاج، والعمل على تيسير الزواج.

 

صيانة الأسرة من التصدُّع:

وممَّا يُحقِّق تلك الصيانة رعاية الحدود التي قرَّرَها الشرع في موضوع الحياة الزوجيَّة؛ قال - تعالى - في خِلال بَيان أحكام الأسرة: ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

 

ومن أهم هذه الحدود حُسْنُ المعاملة: وهذا مطلوبٌ من كلٍّ من الزوجين، وقد أوصى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذلك في أحاديث كثيرة:

من ذلك ما رواه أبو هُرَيرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أكمَلُ المؤمنين إيمانًا أحسَنُهم خُلُقًا، وخِيارُكم خِيارُكم لنسائهم))؛ رواه الترمذي 1162، وابن حبان.

 

فكمال الإيمان مرتبطٌ بِحُسن الخلُق، فأكمل المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا، ثم ذكَر - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ خِيار المسلمين خِيارُهم لنسائهم.

 

وعن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((استَوصُوا بالنساء خيرًا؛ فإنَّ المرأة خُلِقت من ضِلَعٍ أعوج، وإنَّ أعوج ما في الضِّلَعِ أعلاه، فإنْ ذهبتَ تُقِيمه كسَرْته، وكسرُها طَلاقُها، وإنِ استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عِوَجٌ))؛ رواه البخاري 3331 ومسلم 1468.

 

وعن عائشة - رضِي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي))؛ رواه ابن حبان، ورواه ابن ماجه عن ابن عباس - رضي الله عنهما.

 

ولا يجوزُ أنْ يحكم كلٌّ من الزوجين على صاحبه من خِلال خطأٍ أو عيبٍ؛ لأنَّ الكمال في البشر أمرٌ مُتعذِّر؛ عن أبي هُرَيرة - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((لا يَفرَك مؤمنٌ مؤمنةً، إنْ كره منها خُلُقًا رضي منها خُلُقًا آخَر))؛ رواه مسلم 1469.

 

إنَّ الذي لا يقبَلُ هذا التوجيه لا يمكن أنْ يجدَ المرأة التي يريدُ، ولله درُّ الشاعر الذي يقول:

إِذَا كُنْتَ فِي كُلِّ الأُمُورِ مُعَاتِبًا
خَلِيلَكَ لَمْ تَلْقَ الَّذِي لاَ تُعَاتِبُهْ
فَعِشْ وَاحِدًا أَوْ صِلْ أَخَاكَ فَإِنِّهُ
مُقَارِفُ ذَنْبٍ مَرَّةً وَمُجَانِبُهْ
إِذَا أنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى
ظَمِئْتَ، وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا
كَفَى المَرْءَ نُبْلاً أَنْ تُعَدَّ مَعَايِبُهْ

 

ولا يجوز أنْ نخضع للتصرُّفات المُخالِفة للشريعة ولا للعادات السخيفة التي قد تكون في قِطاعاتٍ من المجتمع.

 

فقد يتعسَّف وَلِيٌّ باستعمال حقِّ الولاية فيمنع بنتَه من زواج الكُفء الذي تريدُه، وقد يمنع ولي الخاطب من رؤية بنته التي يريدُ هذا الخاطب أنْ يخطبها.

 

وقد تعمد أسرةٌ إلى رفْض الرجل الكفء الذي تحلَّى بالتديُّن والخلُق الكريم لاعتباراتٍ سخيفة، إنَّ هذا كلَّه ممَّا يعيق بناء الأسرة.

 

وقد يعمد بعضُهم إلى تقليد الكفار في بعض عاداتهم، وهذا أمرٌ محرَّم، فقد نُهِينا عن ذلك؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم))[3]؛ رواه أحمد 2/50 و92، وأبو داود 4031.

 

وهذا التقليد أمرٌ خطيرٌ، نَخشَى وقوعَه في قِطاعاتٍ من مجتمعنا.

 

إنَّ أوضاعَنا الاجتماعيَّة تختلف عن أوضاعهم، ونظرتنا للأمور تختَلِفُ عن نظرتهم، إنَّ الزواج عندنا هو الأساس الذي تقومُ عليه الأسرة، ويتلو ذلك الإنجاب، والإنسان حريصٌ على أنْ تكون له ذريَّة، فالبنون زينة الحياة الدنيا؛ قال الله - تعالى -: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [الكهف: 46]، وهذا واقعٌ يُميِّزنا عنهم، إنَّ إنجاب الأولاد لدَيْنا رسالة وزينة ومتعة؛ ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].

 

عن معقل بن يسار - رضِي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ امرأةً ذات حسبٍ وجمالٍ، إلا أنها لا تلدُ، أفأتزوَّجها؟ فنهاه - صلى الله عليه وسلم - ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك، فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: ((تزوَّجوا الوَدُود الوَلُود؛ فإنِّي مُكاثرٌ بكم الأمم))؛ رواه أبو داود 2050، والنسائي 6/62، الحاكم 2/162.

 

إنَّ هذا التوجيه النبوي الكريم يعمَلُ على تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة الخمسة التي جاءَتْ لحفظها، وهو حفظ النسل، ومعلومٌ أنَّ المقاصد الأخرى هي: حفظ الدِّين، وحفظ العقل، وحفظ النفس، وحفظ المال.

 

وليس من شكٍّ في أنَّ كثْرة الإنجاب يُورِث أمَّة الإسلام القوَّة؛ لأنَّ الإنسان نفسه ثروة كبيرة، ولا سيَّما إذا رُبِّي التربية السليمة التي تجعل منه إنسانًا بَنَّاءً مبدعًا، خيرًا محسنًا، يدعو إلى الخير ويعمل به.

 

وقد أخبر - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه سيكونُ في هذه الأمَّة ضعفٌ يجعَلُها تقَع في رذيلة التقليد الأعمى في كثيرٍ من الأمور؛ عن أبي سعيد الخدري - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لتتبعُنَّ سننَ مَن كان قبلَكم شِبرًا بشِبرٍ، وذِراعًا بذِراعٍ، حتى لو دخَلُوا جُحرَ ضبٍّ لدخَلتُموه))، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: ((فمَن؟))؛ رواه البخاري 3456 ومسلم 2669.

 

ومن الأمور التي تُميِّزنا عن الآخَرين أنَّ الزوجة تحتَفِظ بهويَّتها، فهي تُنسَب إلى أبيها لا إلى زوجها كما هو الشأن عندهم، وهذا أمرٌ يجب أنْ نحرص عليه، ولنحذَر من أنْ نُجَرَّ إلى ما هم عليه.

 

إنَّ احتِفاظها بهويَّتها يَصُون كَرامتها، ويحترم إنسانيَّتها.

 

والزوجة في الإسلام لها حريَّة التصرُّف بأموالها كما كانت تتصرَّف قبل الزواج.

 

إنَّ الزواج يُحقِّق الخير والاستقامة وسلامة المجتمع، والزواج المبكِّر يُعِين الشابَّ المسلم والفتاة المسلمة على أنْ يحيا كلٌّ منهما حياةً مِلؤُها المودَّة والرحمة والتعاون والسَّكَن، ويَصُونهما من نَزغات الشيطان ومن الاضطراب النفسي.

 

عن أنسٍ - رضِي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن رزَقَه الله امرأةً صالحةً، فقد أعانَه على شطر دِينه، فليتَّقِ الله في الشطر الباقي))؛ رواه الطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "مستدركه" 2/160.

 

والحمد لله ربِّ العالمين.



[1] ابن كثير 3/286.

[2] انظر: "فتح الباري" 8/205، 216؛ فقد شرح ابن حجر الحديث هناك شرحًا وافيًا.

[3] انظر شرح الحديث في كتاب "الحكم الجديرة بالإذاعة"؛ لابن رجب بتحقيقنا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مواد مترجمة
  • سير وتراجم
  • مقالات
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة