• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيليأ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي شعار موقع الأستاذ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ الدكتور عبدالله بن ضيف الله الرحيلي / كتب


علامة باركود

أيها المكذبون وحي السنة النبوي: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين (PDF)

أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي

عدد الصفحات:10
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 1/10/2023 ميلادي - 16/3/1445 هجري

الزيارات: 5877

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

 

 

أيها المكذِبون وحْيَ السّنّة النبوية، هاتوا برهانكم إنْ كنتم صادقين!

محاكمةٌ علمية لأوهامهم وتَحَدٍّ لزيْفِ دعواهم

 

مقدّمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، القائل عنه مَن أَرسلَه، سبحانه: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3-4].


إنّه يكفي قول الله تعالى: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾، وهذه الآيةُ نَصٌّ على أنّ السنّة النبوية وحْيٌ مِن الله كالقرآن، وهي وحدها كافيةٌ لبيان هذه الحقيقة، لو كان الشّاكّون والمشكِّكون يَحتكمون فيما يُثيرونه مِن طُعُون في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عقلٍ سليمٍ، أو إلى دليلٍ صحيح!

 

وبعدُ: فهذا موضوعٌ يُناقش الادّعاء بأنّ السنّة النبوية ليست وحياً، ودعوى أنها ليستْ مِن الإسلام، بل وهذا البحث يتحدَّى هذا الادّعاء، ويُبَرْهِن على مكانة السنة النبوية، وأنها وحْيٌ إلهيٌّ، قد جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغاً لها عن الله تعالى، كما بَلّغَ عن الله القرآن الكريم، واشتَمل البحث على إيراد الأدلة اليقينية على إثباتِ الحقيقة بأنّ أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وحْيٌ إلهيٌّ، وأنها مِن قَبِيل تبليغ الرسالة الإلهية.

 

والبحث مُوَجَّهٌ في الأساس إلى أصحاب ذلك الجُحُود والإنكار، ومُوَجَّهٌ بالتَّبَع إلى المثْبتين للسنّة، المؤمنين بها، المتعبِّدين لله بها؛ ولهذا فقدْ يَلْتفِت سياق الخطاب في البحث، أحياناً، إليهم.

 

وكلُّ رَدٍّ على المنكرين فهو سَنَدٌ للمسلمين والمؤمنين بها.

 

وهذا مما يُثْبت أهمية البحث للطرفين، وهو توثيقٌ للسنة على مستوى النظر للموضوع في عصرنا[1].

 

منذ البداية، مَدْخلٌ واحدٌ يكفي لإسقاط دعواهم:

نعمْ، مَدخلٌ واحدٌ، منذ البدايةِ كافٍ لإسقاط هذه الدعوى الزائفة، ويَتّضح بالآتي:

قد جادل هؤلاء المجادِلون في هذه الآية مِن كتاب الله: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3-4]، وزعموا أنّ المقصود بها القرآن فقط، لكنهمْ يَجهلون، أو يتجاهلون العقل والمنطق في تحريفهم هذا!

 

وما قولهم هذا في تحريف الآية إلا:

• لعدم إدراكهم لمقامِ الله وقدْره، ومقامِ رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

• ولعدَمِ معرفتهم بقدْر أنفسهم، الذي لا يؤهّلهم، ولا أيَّ أحدٍ سِواهم، للكلام في هذا الشأن، سِوى الله الخالق، ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

• ولعدم معرفتهم بدلالة اللغة وألفاظها!

 

فلو عرفوا مقام الله جلّ جلاله، وأنه ربُّ العالمين، الذي له الخَلْقُ والأَمْر، ولو عرفوا مقام خاتم رسله، محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقّاً؛ لَمَا تَجرّؤا على فِرْيتهم هذه!

 

ولو عرفوا اللغة ودلالات ألفاظها؛ لَمَا زعموا هذا الزعْم، الذي يَدّعي قصْر الدلالةَ في عبارة ﴿ وما يَنطِقُ عن الهوى ﴾ على القرآن دون دليل؛ وإلا لَمَا فاهُوا بزعمهم هذا، الذي يَفَضحهم بجهلهم؛ إذ أنّ الآية لم تَقلْ (وما يُخبِركم عن الهوى...)؛ ليكون لهم مجالٌ لُغَوِيّ في هذا الزعم، وإنما الآية تقول: ﴿ وما يَنطِقُ... ﴾، فلا مجال لهؤلاء للاستدلال على فِرْيتهم مع هذه العبارة الصريحة في الآية: ﴿ وما يَنطِقُ عن الهوى... ﴾! ولك أن ترى بهذا، أيها القارئ مَدى سقوط أصحاب هذا الزعم، الذين يَهْرِفون بما لا يَعرفون!

 

وهذا موضوعٌ أُقدّمه للقارئ مختَصَراً؛ إذ الموضوع طويل. وسَبَقَ أنْ كتبتُ كتاباً بعنوان: "السنّة النبويّةُ وحْيٌ إلهيٌّ كالقرآن"[2].

 

ومما يَدعوني لكتابة هذا المقال، ما شاعَ مِن نشْر هذه الادّعاءات على السنّة النبوية، بغير عِلمٍ، وتَلَقُّفِ بسطاء الثقافة لها، مِن المسلمين وغير المسلمين، دونَ انتباهٍ لِزَيْف دعواهم!

 

إنّ هذا المدْخل في هذه القضية، هو مفتَرَقُ الطُّرُق: فإمّا إلى الجنّة أو إلى النار؛ لأنه يَفْرِزُ حال المتكلمين في مكانة السنة النبوية إلى مؤمنين وكافرين، ولا يَجتمعُ بحالٍ الإيمان بالله ربّاً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً مع ادّعاء رفْض الحديث الشريف!


أرأيتم كيفَ تتحدّد الوجهة، أو البوصلة في هذه القضية، ابتداءً، عن طريق هذا المدخل!

 

والبحث العلميّ لا يَقْبل الموارَبة أو المجاملة في الحقائق، ولاسيما في مثل هذه القضية الكبرى!

 

تمهيدٌ لا بدّ منه:

أكرمَ الله تبارك وتعالى البشرية بإنزال وحْيه إلى أنبيائه ورسله، ولاسيما مِسْكُ ختامِهم: محمد عليه وعليهم صلوات الله وسلامه.

 

والوحي الذي أنزله الله على خاتم رسله أكملَ الوحْيِ وأتَمَّهُ؛ إذْ هو خاتِمَة وحْيِ الله إلى الثقلين: الإنس والجن، فليس بعد هذا الرسول رسول، وليس بعد هذا الوحي الإلهيّ، وحْيٌ برسالةٍ مستقلةٍ إلى رسولٍ جديد. فالكمال والتمام مِن لازِمِ ختْمِ الرسل وختْمِ الرسالات الإلهية إلى الأرض، فالرسول أفضل الرسل، والرسالة أفضل الرسالات وأَتَمُّها، ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ﴾ [المائدة: 3].

 

ولهذا فلن يَقْبل اللهُ دِيناً مِن أحدٍ أدركتْهُ رسالةُ الإسلام، غيرَ دين الإسلام، ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِن الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

ولقد كان هذا الختْم للرسل والرسالات بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وبما بعَثه الله به مِن رسالةٍ، هو تمام النعمة على الناس جميعاً؛ إذْ أوحى ربُّنا، سبحانه، رسالته إلينا ونورَه المبين، بإنزال ذلك على رسوله محمد بن عبد الله؛ ليُبلِّغ ذلك النور والهدى إلى البشرية جميعاً، ﴿ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ﴾ [الأنعام: 19].

 

وما مِن شكٍّ في أن هذا الوحي، وهذه الرسالة، هي أعظمُ هدايةٍ أمدَّ الله بها عباده، وأكرمَهم بها؛ فمن قَبِلَ هذه الهداية فقد سَعُدَ بها، ومَنْ أعرض عنها فقد شَقِي شقاءً أبديّاً، والعياذ بالله تعالى.

 

فلن يَسْعد بهذا الوحْي مَنْ لم يَعْرفْه ويَعترِف به.

 

وشاعَ عند الناس أن الوحي الذي أُوحِي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القرآن، وهذا في الحقيقة شَطْرُ الوحي، لا الوحيَ كله.


وذلك أنه قد غاب عن أذهان كثيرٍ مِن الناس أنّ هناك شطراً آخر للوحي الإلهي، الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، هو السّنَّة النبوية! إلا أن الأدلة الصحيحة الصريحة متوافرة في الدلالة على أن السّنَّة النبوية وحْيٌ مِن الله كالقرآن، سواء في ذلك أدلة القرآن، أو الأدلة مِن السّنَّة نفسها.


وحصْر الأدلة الصحيحة الصريحة من القرآن والسّنَّة -بحسَب ما وَقفتُ عليه منها، وأَثبتُّه في ذلك الكتاب- الدالة على أن السّنَّة وحْيٌ إلهيٌّ؛ سيُفاجأُ به كثيرٌ مِن الناس وبكثرة الأدلة وتوافرها وتنوّعها، وهو الأمر الذي يَقْطع الشكَّ باليقين؛ وسيَسعدُ به المسلم الحقُّ أيَّما سعادة بوقوفه على هذه الحقيقة، وبمعرفة حقيقة السّنَّة، وأنها وحْيُ الله الذي لا مِرْيَةَ فيه.

 

والحقيقة أنّ مضمون فكرة ذلك الكتاب -إضافةً إلى هذا البحث- تجتثُّ دعوى منكري السنَّة مِن أساسها؛ وذلك لأنه متى ما تبين أن السّنَّة وحيٌ إلهيٌّ، كالقرآن الكريم، فقد تبين أنه لا فرق بين الوحيين، وأنّ كلاًّ منهما مِن عند الله، ولم تَعُد هناك حُجَّةٌ لمنكري السّنَّة من هذه الحيثية.


وراعيتُ ضوابطَ ونقاطاً منهجيةً؛ لجَمْع الأحاديث النبوية في الموضوع، ومِن أهمّها: الاعتماد على الثابت مِن الأحاديث، وتحاشي التكرار، واختيار ما كان فيه الدلالة الصريحة بأنّ الحديث الشريف وحْيٌ إلهيٌّ.


وعدمُ التكرار لهذه الأحاديث، دالٌّ أنّ هذا العدد الكبير مِن الأحاديث في الموضوع عددٌ حقيقي، وليس ناتجاً عن تكرار الأسانيد.


وأُشير إلى شيء مهمٍّ في طبيعةِ أدلة السّنَّة على هذا المعنى، وهو أن هناك أحاديث ثابتة كثيرة يذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم تعليم جبريل له، أو إخباره، أو أمْره له،...إلخ، وهذا نوعٌ آخَرُ، غير الأحاديث القدسية، فالسّنَّة وحْيٌ كالقرآن الكريم!

 

وذلك مثل ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث عمر بن الخطاب، وحديث أبي هريرة، رضي الله عنهما، في مجيء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صورة رجلٍ، وأسئلته للنبي صلى الله عليه وسلم عن: الإسلام، والإيمان، والإحسان. والصحابة يسمعون كلَّ ذلك!

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما ذهب الرجل: (فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)!

 

فنحمد الله تعالى على نعمة الوحيين، بل نعمة وحيه، أعني: كتابه، وسنة نبيّه.

 

الطريق المنهجية المتعيّنة لإثبات زَيْفِ دعوى المنكرين لوحْي السنّة:

المجادلة في هذه الحقيقة (كون السنة النبوية وحياً مِن الله كالقرآن)، لا يخلو فيها حالُ المجادِل مِن إحدى الحالات الآتية:

• أن يكون مسلِماً، أو غيْرَ مسلمٍ.

• أن يكون زاعماً أنه عالِمٌ، أو يكون جاهلاً.

 

ولكلٍّ مِن هذا وذاك طريقة لمناقشتنا له، أذكرُها في الطريقتين الآتيتين:

الطريقة الأُولى: أنْ يكون مسلِماً أو غيرَ مسلمٍ:

1- فإنْ كان غير مسلمٍ؛ نقول له: ما دَخْلُك في موضوعٍ يَخصُّ الإسلام والمسلمين!

 

إنّ هؤلاء لا مكان لهم في هذا الموضوع؛ لكونهم غير مسلمين وغير مؤمنين بالإسلام كله، لا السنّة النبوية وحدها، بغضّ النظر عن اختلاف مشاربهم وعقائدهم!

 

وماذا علينا -حينئذٍ- قَبِلوا الحقيقة أو لم يَقبلوها!

إنهم لن يَضرّوا إلا أنفسهم!

إنهم أعداءٌ للإسلام وخُصومٌ له؛ فكيف يُستَمعُ لقولهم فيه! بل طعْنهم فيه!

 

ونقول لهم: كيف تَضعون أنفسكم في مكان المفتي في شأن الإسلام! أو كيف يَضعهم المغفّلون والجاهلون في هذا المكان!

 

2- وإنْ كان المجادِل في حقيقةِ أنّ الحديث وحْيٌ إلهيّ كالقرآن مسْلماً؛ فهو حينئذٍ ثابتةٌ عليه حُجّة الله وحُجّةُ رسوله صلى الله عليه وسلم، بالآيات القرآنية الكثيرة الواضحة، والأحاديث الصحيحة الصريحة الكثيرة جدّاً!

 

فإنْ رَفَضَ هذا المسلم حُكْم الله، وحُكْم رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقد خَرَج مِن دائرة الإسلام إلى دائرة الخروج على أحكام الإسلام الأساسية القطعيّة؛ فتَلْزمُه التوبة؛ فكيف يُصْغَى لهؤلاء ولقولهم، ويُقبَل قولهم أو طعْنهم في الإسلام!

 

الطريقة الثانية لبيان زَيْف الطعن في كَوْن الحديث الشريف وحْياً إلهيّاً، هي أنْ يُقال له:

• هل أنت جاهلٌ أو عالِمٌ؟

 

• فإنْ كنت جاهلاً؛ فما الذي يُدْخلك في هذه القضية!

 

• وإنْ كنتَ عالِماً؛ فما أدلتك؟ وماذا تَصنع بالأدلة القطعية -مِن وحْي الله- أنّ السنة النبوية وحْيٌ مِن الله!

 

قال الله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾، [الأنعام: ١٤٨]. وقال الله في كتابه: ﴿ وما يَجْحدُ بآياتنا إلا الكافرون ﴾، وفي آيةٍ: ﴿ إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾، وفي آيةٍ: ﴿ إلا كلُّ ختَّارٍ كَفُور ﴾.

 

محاكماتٌ منطقيةٌ تُبْطِل زعْم الطاعنين في الأحاديث النبوية:

ونأتي الآن على بعض المحاكمات المنطقية، التي تَكْشِف زَيْفَ المشككين في السنّة النبوية وزَيْفَ طعْن الطاعنين فيها، فمِن ذلك:

1- أنْ نقول للطاعنين في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ما الذي تَنْقِمون به على رسول الله ومصطفاه؛ فيدعوكم لردِّ حديثه عندكم! لن تَجِدوا غَيْرَ أن يكون جوابكم هو عدمُ الإيمان برسالته، أو السبب مجرّدُ الهوى!

 

ونقول لهؤلاء الطاعنين: ما دامَ أنّ مجموع الأحاديث التي أحصيتُها في الكتاب، ولم أستقصِ، قد بَلَغ أكثر مِن 600 حديث، كلها يَنقلُ لنا رسولُ الله عن سّنته أنها وحْيٌ إلهيٌّ، وهذا مع أنّ الحجة تَقُوم على العباد بحديثٍ واحدٍ يَثبتُ عن رسول الله؛ فكيف والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لكم في مئات الأحاديث، أو آلاف الأحاديث أنه رسول الله، وأنه جاء برسالته مِن عند الله! فبماذا تُجيبون عن هذا التواتر المعنويّ المثْبِت للحقيقة!

 

2- ونقول لهؤلاء المجادلين في السنّة النبوية: حتى لو ظَفِرتم بهدفكم -افتراضاً- بإلغاء حديث رسول الله؛ فلن تَظفروا بما تريدون، ولن يتحقق لكم مطلوبكم؛ لأنّ أَمامكم عقبَة أُخرى عظيمة، وهي القرآن الكريم؛ فبماذا تُجيبون عن الآيات الكثيرة جدّاً، الدالة على أنّ محمداً رسول الله، وأنه يتكلم بوحْيِ الله، وأنّ اتّباعَه فرضٌ على كل مسلمٍ ومسلمةٍ! فهل تردّون الآيات؟ أو تُحرِّفونها كلها!

 

3- ونقول لهم: أنتم في قولكم هذا وموقفكم هذا، الرافض للسنّة النبوية، إنما تُعانِدون الله وآياته ورسوله وأحاديثه؛ ولن يَغلبَ اللهَ أحدٌ، ولهذا؛ فلن تَظفروا بمطلوبكم أنتم وأتباعُكم الناعقون بنعيقكم، مهما بذلتم مِن المكْر والكيد؛ فليس بإمكان أحدٍ أنْ يُغالِب الله!

 

4- ونقول لهم: مهما استدللتم به مِن أدلةٍ تَزْعمون أنها تَردُّ الحديث الشريف، فهي في الحقيقة أدلةٌ تُسقِط ادّعاءكم الأخذ بالقرآن الكريم؛ وذلك لأنّ القرآن جاءنا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنتم تَردّون أحاديثه وروايته عن الله؛ فكيف تَقبلون منه القرآن، والحالةُ هذه! مع أنّ كلّاً منها وحْيٌ إلهيّ، وأنّ كليهما تبليغٌ مِن رسول الله عن الله!

 

5- ونقول للرافضين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام هو دِينُ الله؛ فهو إنما يؤخَذُ عن الله ورسوله؛ فليس لكم ولا لأحدٍ مِن المخلوقين أيُّ صلاحيّةٍ للكلام في دين الله، أو تصويره، أو تحويره، أو تكييفه على غير ما نقَله لنا عنه رسوله المصطفى! ومَن زعَمَ أنّ له صلاحيّةً في هذا فلْيُظهِرْ أدلته!

 

6- ونقول لهم: مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربّهِ، حجّةٌ على الرافضين حديثه؛ فيقال لهم: لئنْ كانَ قَدْرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندكم هو ردّ حديثه، فإنّ مقامَه عند ربه -جلّ جلالُه- عظيمة، فقَرَن اسمَه باسمِه في الشهادتين، اللتين هُما بوّابة الدخول في الإسلام؛ فحَريٌّ بِمَن رَدّ حديثه واستنقصَهُ وضَاق به صدْره أن يكون ذلك بوّابةَ خروجه مِن دِينه، الذي هذا شأنه فيه، والذي يُنادَى فيه بالشهادتين لكل صلاةٍ! إنه الإعلان في هذا الدين الإلهيّ عن مقام الله ومقام رسوله وقَدْره! إنه إشعارٌ للرافضين أو الطاعنين أو المتنقّصين للحديث الشريف، أنهم متنكِّبون الطريق، محرومون مِن التوفيق؛ فمتى يُفيقون!

 

7- ونقول لهم: جميع أدلة دلائل النبوة، أدلةٌ على أنّ السنة النبوية وحْيٌ إلهيّ كالقرآن، وهي أدلةٌ كثيرة في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف، وأدلةٌ تاريخية، وأدلةٌ عقلية، حتى أُلّفتْ في دلائل نبوّة رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤلفات كثيرة تَفُوق الحصْر.

 

8- ومن الأدلة على هذه الحقيقة: كل الأحاديث التي اشتملت على إخبار النبي صلى الله عليه وسلم:

• عن الإخبار عن الماضي عن الغابرين وعن الأنبياء مع أممهم.

• والأخبار الغيبية عن الحاضر.

 

• والأخبار عن المستقبل المجهول، التي لم تكن قرآناً، لا رواها بصيغة رواية الحديث القدسي.

 

وذلك كله مقدارٌ كبير من السّنَّة، لعله شطر السّنَّة إن لم يكن أكثر.

 

9- ما اشتمل من الأحاديث على رؤى النبي صلى الله عليه وسلم.

10- المجادَلة في أحاديث رسول الله وفي مكانتها، وفي حجّيتها، لا تَعْدُو أنْ تكونَ رفضاً للإسلام ولنبوّته صلى الله عليه وسلم، ومهما تَستّروا بأساليبهم الملتوية؛ فلن تُغني عنهم مِن الله شيئاً، ولن يَضرُّوا الله ورسوله، وإنما يَضرُّون أنفسهم، ويَضرُّون مَن يُعطيهم أُذُنه وعَقْلَه!

 

وقد قال الله تعالى بشأن القرآن والرسول وما بعَثَهُ الله به: ﴿ وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً * قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾[الإسراء: 105-109].

 

﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾ [الرعد: 32].

 

وقال أيضاً: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ * وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ﴾ [الحج: 52-55].

 

فهذه هي الحقائق يُعْلمنا الله بها، وهذه هي النهايات، والإنسان مُوَاجِهٌ مصيره يوم القيامة بحسب اختياره اليوم لنفسِه، لا محالة!

 

11- ونقول للمنكرين حقيقةَ أنّ السنة وحْيٌ إلهيّ: أنتم ليست لديكم قضيّةٌ ثابتة لديكم بالأدلة، وإنما أنتم تَتبنَّوْنَ أوهاماً وإنكاراً فقط، ولهذا فإنكاركم للحديث الشريف ليس عِلماً ولا دليلاً، ولا أدلةً، وإنما هي بضاعةُ الإنكار فقط، وبضاعةُ الرغبة في الباطل؛ لمجرّدِ أنه باطل! فإن زعمتم أنّ هذا الحكمَ عليكم ليس صحيحاً؛ فأنتم هنا أماَم تحدٍّ، لا تنتصرون فيه إلا بإثبات ما تزعمونه بالدليل، وهذا هو الميدان أَمامكم، إن كنتم صادقين!

 

12- ونقول للرافضين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المنكرين له: إنّ موقفَ الرفض منكم لحديثه صلى الله عليه وسلم إعجازٌ إلهيّ في حديث النبيّ، وعلامةٌ مِن علامات النبوّة، وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبَرَنا بموقفكم وموقف أمثالكم مِن حديثه حيث:

(أ)- جاء في حديثه، الذي يرويه الْمِقْدَامُ بْن مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّمَ أَشْيَاءَ يَوْمَ خَيْبَرَ: الْحِمَارَ، وَغَيْرَهُ، ثُمَّ قَالَ: (لَيُوشِكُ الرَّجُلِ مُتَّكِئاً عَلَى أَرِيكَتِهِ، يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ، مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ. أَلا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ فهُوَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ). [الدارمي، 586، المقدمة، والحاكم في المستدرك، 1/109، والترمذي، 2664، العلم، وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي]. أفليس هذا هو الذي فعلتموه، وتصولون به وتَجُولون؛ مفتخرين به بين الناس؛ ضاربين عُرضاً عن الالتفات لِمقام الله جلّ جلاله، ومقام خاتم رُسله صلى الله عليه وسلم! صَدَقَ الله ورسولُه!

 

(ب)- وجاء وفي روايةٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَلا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ. أَلا لا يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأهْلِيِّ وَلا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ وَلا لُقَطَةُ مُعَاهِدٍ إِلا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ) [الترمذي: 2664، العلم، وأبو داود: 4604، السنة، وابن ماجه: 12، المقدمة، وأحمد: 4/131، رقم 17174، و4/132، رقم 17194]. وكذلك، أفليس هذا هو الذي فعلتموه، وتصولون به وتَجُولون؛ مفتخرين به بين الناس؛ ضاربين صفْحاً عن الالتفات لِمقام الله جلّ جلاله، ومقام خاتم رُسله صلى الله عليه وسلم! صَدَقَ رسولُ الله.

 

(ج)- جاء الحديث عند الإمام مسلم في صحيحه، عَنْ ‌ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَدَّثَهُ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ، فَدَفَعْتُهُ... فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟) قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ: (سَلْ)، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ)، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟ قَالَ: (فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ)، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: (زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ)، قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟ قَالَ: (يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا)، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: (مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى ‌سَلْسَبِيلًا)، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ: (يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟) قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنِ الْوَلَدِ، قَالَ: (مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللهِ)، قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ، وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنِ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ، وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى أَتَانِيَ اللهُ بِهِ)[أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 34- (315)].

 

وهذا الحديث مشتمِلٌ -كما ترى- على بعض دلائل النبوّة، وعلى أنّ السنّة وحيٌ مِن الله تعالى، والحديث فيه، أيضاً، إقامةُ الله الحجّة ثابتةً على أهل الكتاب بأنّ محمداً صلى الله عليه وسلم رسولٌ مِن عند الله، وأنَّ نبوّته ثابتةٌ عندهم، بما أقامه الله لهم وعليهم مِن الْحُجج المعلومة لديهم، كما هو الشأن في هذا الحديث! فأشهَدُ أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، صلى الله عليه وسلم[3].

 

القول بأن السّنَّة وحْيٌ مِن الله تعالى، يترتّب عليه أمور، منها:

1- أن المسألة ليست مجرّد قولٍ، وكفى، بل ذلك له ما بعده، وهو سائر مستلزمات تثبيت هذا القول.

 

2- أن المسلم واجب عليه الشعور -وهو يقرأ السّنَّة- أنه إنما يقرأ نصوص الوحي، كما هو الحال عندما يقرأ كتاب ربه، فعندما يقرأ الحديث النبوي، فإنما يقرأ كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي صدر منه وَفْق ما أراده الله منه، وأَمَرَهُ به شرعاً وقَدَراً!

 

3- أن الواجب على المسلم، أن يستشعر -وهو يقرأ الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- أنه إنما يستعرض حجج الله عليه، التي تَقْطع عليه العذْر؛ ببيان الشرع والهدْي، الذي لا يَرْضى الله منه سواه!

 

4- أن الواجب على المسلم أن يستشعر أن هذه الأحاديث، الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -التي هي من نصوص الوحْي الإلهيّ المحفوظ- هي من أَجَلِّ نِعَم الله عز وجل عليه وعلى سائر الناس، وأيُّ نعمة أجلّ مِن أن تصلك أحاديث نبيك صلى الله عليه وسلم مع كتاب ربك كما هي، لم تُبدّل نصوصها ولم تُغيّر، ولم تُحرَّف!

 

والنعمة تحتاج إلى شكر، وشكر الله على هذه، هو: تقديرها، وإجلالها، والعمل بها، واتخاذها حجة فيما بينك وبين الله تعالى، وحجة فيما بينك وبين عباده!

 

ختاماً:

هكذا نَرى الحقيقة واضحةً وضوح الشمس في رابعة النهار، لكن، فرقٌ بين مَن يَبحث في موضوع الحديث الشريف وهو يريد معرفة الحق، ويريد التعبّد لله به، ويلتمِسُ التقرّبَ لله بحسب تعاليم رسوله صلى الله عليه وسلم، واحترام حديثه، وتقديره حّقَّ قدْرِه، وبين مَن يَبحث في الحديث على إرادةِ العكْس مِن ذلك؛ فيبحث فيه لرفْضه وعدم قبوله، أو لتحريفه، وما إلى ذلك.

 

إنّ هذه الأدلة كلها، بمختلَف أصنافها في السّنَّة الدالة على أنها وحيٌ؛ تُظهِرُ حجم الأدلة في السّنَّة، وبه تَعرِف حكم الباقي مِن أدلة الموضوع، وأنه جارٍ مجرى ما جاء مِن الأدلة مُصرِّحاً بأنّ السنّة النبوية وحْيٌ مِن الله تعالى. ومِن المعلوم أنّ كثيراً مِن هذه الأدلة معجزاتٌ إلهيّة! وتَبّاً للجاهلين المتكبّرين! ويا لَخسَار المتكبرين! بل بهذا يَتّضحُ أنّ السنّة النبوية ثابتةٌ بالنصوص القطعية وبالتواتر المعنويّ غير القابل للشك أو التشكيك فيه! وأنّه لا يُجادِل أو يَمتري في حقيقة الحديث الشريف هذه إلا غِرٌّ، أو ماكرٌ، أو كافر، وأنّ هذه قضيةٌ محسومةٌ؛ وليس باستطاعة أحدٍ أن يَقف أمام أدلة إثباتها.

 

ألا إنّ الواجب على المسلم أن يستشعر أن هذه الأحاديث، الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -التي هي مِن نصوص الوحْي الإلهيّ المحفوظ- هي من أَجَلِّ نِعَم الله عز وجل عليه وعلى سائر الناس، وأيُّ نعمة أجلّ مِن أن تصلك أحاديث نبيك صلى الله عليه وسلم مع كتاب ربك كما هي، لم تبدّل نصوصها ولم تغيّر، ولم تحرّف! والنعمة تحتاج إلى شكر، وشكْرُ الله على هذه، هو: تقديرها، وإجلالها، والعمل بها، واتخاذها حجة فيما بينك وبين الله تعالى، وحجة فيما بينك وبين عباده! اللهم قد بلّغتُ، اللهمّ فاشهدْ.


والحمد لله رب العالمين، وصلواتُ ربّي وسلامه على الرسول المصطفى، محمد بن عبد الله وعلى آله، وإنْ رَغِمتْ أُنوف الأفّاكين المكذِبين، المكذَّبون بهذه الأدلة القطعية!



[1] سبَق أنْ كتبتُ كتاباً بعنوان: "توثيق السنّة النبوية وعناية السلف بها..."، (الرياض، الطبعة الأُولى، 1428ه – 2007م)، ولن أُكرِّر هنا ما ذكرتُه فيه مِن موضوعات توثيق السنّة النبوية؛ فلْيَرجِعْ إليه مَن شاء.

[2] لعله يأخذ طريقه للنشر قريباً، بإذن الله -عَزَّ اسمُهُ. ولن أُورِدَ هنا تفصيلاتِ ما ذكرتُه فيه مِن موضوعاته، وقد أَثبتُّ النتيجة في وريقاتِ هذا الكتاب؛ ليَسْعد بها مَنْ يُريد مِن عباد الله، ومنها: اشتماله على أكثرَ مِن 600 حديث -مما انطبقتْ عليها معايير البحث للتمييز بين الثابت مِن الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وغير الثابت- الصريحة في أنّ السنّة النبوية وحْيٌ إلهيٌّ.

[3] سبَق وقد ذكرتُ هذا التعليق في كتاب: "قراءة في مصادر تدبر القرآن الكريم ومراجعه"، في الصفحة حوالي: 222.





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • مرئيات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة