• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

والدي مقصر في الطاعات

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 8/9/2016 ميلادي - 5/12/1437 هجري

الزيارات: 9984

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ ملخص السؤال:

فتاة بدأ والدها يُقصِّر في الطاعات، وهي تُحاول دعوته وهدايته بأكثر مِن طريقة، لكنه لا يَقبل، وتريد طريقةً تُنَبِّهه بها مِن غفلتِه.

 

♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

والدي هداه الله كان محافظاً ويُصلي في المسجد، وفجأةً تغيَّر وأصبح يُصلي الصوات الخمس في البيت عدا الجمعة، وأحيانًا يَتكاسَل ولا يُصلي الصلاة في وقتها، وبدأ يُقاطع القرآن، وأصبح بخيلًا علينا، ودائمَ الشكوى بأنه لا يملك المال، مع أنه يَعمَل في عدة وظائف بأجورٍ كبيرة!


بدأ يطمع في راتب أمي، ويريد أخذَه، وعندما رَفَضَتْ أمي أن تُعطيه مالها، أنكَر جميلَها معه طوال سنوات حياتهما معًا، مع أنها كانتْ تعطيه مِن مالِها وتُساعده!


هذا مِن جانبٍ، ومِن جانب آخر أخطر مِن ذلك؛ أنني وَجدْتُ له ذنوبًا خطيرةً يرتكبها بكلِّ بُرودٍ، (لا أريد ذِكرها لأنَّ اللهَ ستَرَه)، والأعجب مِن ذلك أنه ينصحني، مع أنه هو الذي يحتاج لتلك النصيحة، وليس أنا!


أصبح عصبيًّا، ولا يَسمع نصيحة أَحَد، ونقاشاتي معه دائمًا تنتهي بتعصُّبه عليَّ، حاولتُ كثيرًا أن أتبعَ طريقًا غير مباشر في نُصحه، فأرسلتُ له بعضَ (الفيديوهات) التي تتحدَّث عن الطاعة والمعصية والذنوب والابتلاءات، لكنه لا يُعيرها اهتمامًا!


تعرَّض لبعض الحوادث، لكنه في غفلة، ولا أدري كيف أُنبهه مِن تلك الغفلة.


هو ولله الحمدُ غير مُقصِّر تجاهنا في مأكلنا أو ملبسنا، ويتحمَّل مسؤوليتنا.


فأشيروا عليَّ كيف أُنبِّهه مِن غفلته؟!


وجزاكم الله خيرًا

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فشكر الله لك أيتها الابنةُ الكريمة حرصك على نجاة والدك، وسعيك في هدايته، والله أسأل أن يشرحَ صدره ويهديه سواء السبيل.


نُخطئ كثيرًا في فَهم طبيعة النفس البشرية ومنحنياتها الكثيرة، وخباياها ومسارب الغواية فيها، وشدة التِوائها، ونوازع الشهوة واللذة المسيطرة عليها، وضعفها أمام الفِتَن، فضلًا عن تسلُّط الشيطان ومَداخله، والقرآنُ العظيم حافلٌ ببيان ذلك، ومَن تأمَّله وفهمه على وجهِه أدرك ضخامةَ معركة الهداية، وعَلِم الحكمةَ وراء تنوُّع أساليب القرآن البديعة، التي تأخُذ النفس مِن أقطارها جميعًا، وهو يُقوِّمها ويَدفعها إلى الطاعة، ويكفها عن المعصية والانحراف، لترتفعَ إلى المستوى الكريم الذي يُريده الله لها.


أمرٌ آخر مُترتبٌ على النقطة السابقة، وهو: أنَّ النفس لما كانتْ بتلك الطبيعة المتفرِّدة لم تُفلحْ في دعوتها إلا طريقةٌ واحدة مهما عظُمت المخالفةُ، وتلك الطريقُ هي: الرِّفقُ واللين والحكمةُ والمجادَلة بالحسنى، ولن يفلحَ شيءٌ سوى هذا لهدايتها، وهو الذي يجعلها تنزل عن كبريائها وعنادها، ولا تَشعُر بالهزيمة، ومخالفةُ تلك السبيل تُغلق كل الطرُق المؤدية إلى القلب، وتتأزم سبُل الدعوة إلى الله، ويبرز أسوأ ما في النفس مِن الكبر والصلف والعناد وغيرها.


وهذا يتطلب منك أيتها الابنة الكريمة الصبر الجميل، وتدريب نفسك على تحمُّل المشاق واحتساب الأجر، كما يتطلَّب تصورًا كاملًا لما ذكرناه سابقًا مِن معرفة طبيعة معركة الهداية، وما تحتاجه من وسائلَ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصورًا تامًّا أيضًا لطبيعة النفس، ويقينًا راسخًا أنَّ الهداية مِن عند الله، وليستْ تابعةً لرغبتنا في هداية مَن نُحب، وإنما علينا البلاغُ وعلى الله الهدايةُ.


قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، وقال سبحانه: ﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 17]، وقال: ﴿ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [القصص: 54].


وقوله تعالى: ﴿ وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ هذا هو الصبرُ كذلك، وهو أشدُّ مؤنة مِن مجرد الصبر على الإيذاء والسخرية، إنه الاستعلاءُ على كبرياء النفس، ورغبتها في دفع السخرية، ورد الأذى، والشفاء من الغيظ، والبرد بالانتقام!


ثم درجة أخرى بعد ذلك كله؛ درجة السماحة الراضية، التي تَرُدُّ القبيح بالجميل، وتُقابل الجاهل الساخر بالطمأنينة والهدوء وبالرحمة والإحسان، وهو أُفُقٌ مِن العظَمة لا يَبْلُغه إلا المؤمنون الذين يُعاملون الله فيَرضاهم ويرضونه، فيلقون ما يلقون مِن الناس راضين مُطمئنين"؛ كما في ظلال القرآن (5/ 2701).


كلُّ ما أذكُره أيتها الابنة الكريمة يجب مراعاته في دعوة الناس عمومًا، أما دعوةُ الوالد فيَلزمها فوق ذلك مزيدًا مِن اللطف في الخطاب، والوضع في الاعتبار نظرة الوالد لابنته الصغيرة، وليكن قُدوتك الصالحة إمام الحُنَفاء نبي الله إبراهيم عليه السلام في دعوة أبيه؛ فانظري كيف حاوَل هدايته إلى الخير الذي هداه الله إليه، وكيف كان يتحبَّب إليه وهو يُخاطبه بكلماتٍ غاية في الرقة والعذوبة؛ ﴿ يَا أَبَتِ ﴾ [مريم: 44]، ولَمَّا واجَهه أبوه بقسوةٍ لم يَزْدَدْ إلا أدبًا وتهذيبًا، ولُطفًا في الخطاب، ولم يغضبْ نبيُّ الله إبراهيم الحليم الأواه، ولم يَفقدْ بِرَّه وعطفه وأدبه معه، وتستشعرين وأنت تتدبرين الآيات ذلك الأدبَ، حتى إنه لا يرى لنفسه فضلًا، ولا يتطلع إلى أكثر مِن هداية أبيه للخير؛ قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴾ [مريم: 41 - 45].


وأخيرًا أحذِّرك أيتها الابنة الكريمة مِن تتبُّع زلات الوالد، وإن علمتِ منها شيئًا فاسْتُريها عليه، وكوني حذرةً أيضًا أن يَشعُرَ بمعرفتك بها ولو بطريقةٍ غير مباشرة، وتجنبي إحراجه، أو جرح مشاعره، فإنَّ لهذا آثارًا سيئة على طريقة تعامُله معك، فيكون أكثر حدةً.


كذلك تجنبي أساليب الاستفزاز، وانشغلي بالإحسان إليه، فهذا يجعلك قريبةً إلى قلبِه، ونُصحَك أوقعَ في نفسه، فالإحسانُ والمبالَغةُ في صنع المعروف وبره وخدمته - كل هذا له أثرُه في ترقيق قلب الأب على أبنائه، والإنسانُ مطيع لِمَن أحسن إليه، وقد قيل:

فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإِنْسَانَ إِحْسَانُ


قومي أيضًا باستغلال المواقف والأحداث التي تكون مظنَّة الاستجابة للنصح، كالحوادث التي يتعرض لها ونحوها، ولكن بلطفٍ شديدٍ حتى لا يلقي الشيطان في نفسه شرًّا تجاهك!


كذلك احرصي على أن تُذَكِّريه بأنَّ الأعمال بالخواتيم، وأن الإنسانَ ينتقل من نقصٍ إلى كمال، فلا يُنظر إلى نقص البداية، ولكن يُنظر إلى كمال النهاية، وكذلك قد ينتقل كمال لنقصٍ، وهذا هو المغبونُ الخاسر.


ولو استطعتِ أن تستعيني بمَن يُرجى قَبول نُصحه كأحد أصدقائه، أو إمام المسجد، أو بعض الدعاة فافعلي.


وأكثري مِن الدعاء له بصدقٍ وإخلاصٍ، وأحسني الرغبة إلى الله عز وجل، فللدعاء تأثيرٌ كبيرٌ في هداية الناس للخير.


أسأل الله أن يرزقك الحكمةَ والرشد، واللين والصبر

 

وأن يهدي والدك وأن يَرُدَّه للحقِّ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة