• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ خالد الرفاعيالشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي شعار موقع الشيخ خالد الرفاعي
شبكة الألوكة / موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات


علامة باركود

العقاب والتعزير بدفع المال

العقاب والتعزير بدفع المال
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


تاريخ الإضافة: 13/7/2017 ميلادي - 18/10/1438 هجري

الزيارات: 12296

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ الملخص:

شابٌّ يَسأل عن القضاء في مسألة السباب، وإخضاع المشكلة بين طرفينِ للمجالس العُرفية لأخذ أموال مِن المخطئ.

 

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لو عُرِض على قاضٍ مسلمٍ القضاء في شابٍّ وَجَد نساءَ جيرانه في أرضِه لرعاية أغنامهنَّ، فطَلَب منهنَّ بغضبٍ أن يَخْرُجْنَ مِن الأرض، لكنهنَّ رَفَضْنَ، وقُلْنَ له: إنْ كنتَ رجلًا أخرجنا! فغضب وقال لهنَّ كلامهنَّ فاحشًا لا يجوز ذِكْرُه!


يُريد أهلُ النساء أن يُخْضعوه للقضاء العرفي؛ لأَخْذ أموالٍ منه لا يَقْدِر على دَفْعِها، ووالِدُ الشابِّ يُوافق على أن يُنَفِّذَ ما يطلب منه، لكن بما يوافق شرع الله.

نُريد رأيكم مِن الناحية الشرعية؟

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فجزاك الله خيرًا أيها الابن الكريم على حرصك على معرفة حكم الله تعالى، والعمل به، ولِسَعْيك للإصلاح بين المسلمين بما لا يُخالِف الشرع.


لا شك في خطأ ما فَعَلَهُ ذلك الشاب مِن سَبٍّ بالصورة المذكورة في السؤال؛ ففي الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((سِبابُ المسلم فُسوق، وقتالُه كُفر))، وفيهما أيضًا: ((المسلمُ مَن سَلِم المسلمون مِن لسانه ويده)).


غيرَ أنه كان مِن الجائز له أن ينتصرَ مِن تلك النسوة بشرطِ تحقيق المثليَّة في السَّبِّ وعدم التعدِّي، فإنْ قيل: إنَّ هذا الشاب قد قال: هذا انتصار لِمَا وقع عليه مِن ظُلم، فيقول: ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ [النساء: 148].


وعن أبي هريرةَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((المُسْتَبَّان ما قالا، فعلى البادي منهما ما لَم يَعتَدِ المظلوم))؛ رواه مسلم.


قال الإمام النوويُّ في شرحه على صحيح مسلم (16/ 140): "معناه: أنَّ إثْمَ السباب الواقع مِن اثنين مُختصٌّ بالبادئ منهما كله، إلا أنْ يَتجاوزَ الثاني قدْرَ الانتصار، فيقول للبادئ أكثرَ مما قال له، وفي هذا جوازُ الانتصار، ولا خلافَ في جوازِه، وقد تظاهَرَتْ عليه دلائلُ الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ﴾ [الشورى: 41]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ [الشورى: 39]، ومع هذا فالصبرُ والعفوُ أفضلُ؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43]، وللحديث المذكورِ بعد هذا: ((ما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا))، واعلمْ أنَّ سبابَ المسلم بغير حقٍّ حرامٌ، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((سِبابُ المسلم فُسوق))، ولا يَجوز للمَسْبُوبِ أن ينتصرَ إلا بِمِثْل ما سَبَّه، ما لم يكن كذبًا أو قذفًا أو سبًّا لأسلافه، فمِنْ صُوَر المباح أن يَنتصرَ بـ: يا ظالم، يا أحمق، أو جافي، أو نحو ذلك؛ لأنه لا يَكاد أحدٌ يَنْفَكُّ مِن هذه الأوصاف، قالوا: وإذا انتصر المَسبوب استوفى ظلامتُه، وبَرِئَ الأول مِن حقه، وبقي عليه إثمُ الابتداء، أو الإثم المُستَحَقُّ لله تعالى، وقيل: يرتفع عنه جميعُ الإثم بالانتصار منه، ويكون معنى على البادئ؛ أي: عليه اللومُ والذمُّ لا الإثم".


أمَّا حُكم الإسلام فيما يجب على ذلك الشاب فِعْلُه، فالواجبُ عليه أن يتوبَ إلى الله مِن ذلك السبِّ، وأنْ يَعتذرَ لتلك النِّسوة ولأوليائهنَّ، ويَطلب المسامحة؛ فقد روى البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كانتْ له مَظلمة لأخيه مِن عِرْضِه أو شيء، فلْيَتَحَلَّله منه اليوم، قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالح أخذ منه بقَدْر مَظلَمَتِه، وإن لم تكنْ له حسنات أخذ مِن سيئات صاحبه فحُمل عليه)).


أما ما تَحْكُم به المجالس العُرفية مِن أن يدفعَ الشابُّ مالًا لأهل الفتيات عقابًا له - فلا يجوز شرعًا؛ لأنَّ العقاب أو التعزير بدفع المال لا يجوز عند أكثر أهل العلم؛ حيث منعوا مِن التعزير بالمال؛ سواء للحاكم أو لنائبه، فضلًا عن أن يكونَ الحكمُ مِن مجالسَ عُرفية، إلَّا أن يَتَبَرَّع هو مِن تِلقاء نفسه، وبدون إلزام، تطييبًا لنفوسهنَّ، وطلبًا للعفو والمسامحة، واحتجوا بأدلةٍ كثيرة؛ منها قولُه تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188]، وقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم النَّحْر في حجة الوداع: ((إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلَدِكم هذا، إلى يوم تَلْقَوْنه))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل مالُ امرئ إلا بطيب نفسٍ منه))؛ رواه أحمد.


قال أبو محمد بن حَزْم في "المُحَلَّى بالآثار" (4/ 314): "فلا يحل مالُ أحدٍ بغير نصٍّ أو إجماعٍ مُتيقنٍ، ولا يَحِلُّ لأحدٍ إيجابُ غرامة لم يُوجِبْها القرآن، ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيَتَعَدَّى بذلك حدودَ الله، ويُبيح المال المُحَرَّم، ويُشَرِّع ما لم يَأذنْ به الله تعالى؟". اهـ.


وقد ذَهَب بعضُ أهل العلم إلى جواز التعزير بالمال؛ وهو اختيارُ شيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيم، غير أنهم قالوا: لا يُمارِس هذا الفرض إلا الحاكم أو نائبه، واحتجوا أيضًا بأدلة صحيحة، لكنها خاصة بالحكام؛ ومَن تأمَّل هذه الأدلة عَلِم أنها فعلًا لا تَجوز تلك العُقوبات المالية لغير الحُكَّام؛ كحديث بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: سمعتُ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((في كلِّ سائِمَةِ إبلٍ في أربعين بنتُ لَبُون، ولا يُفَرَّقُ إبلٌ عن حسابها مَن أعطاها مُؤتَجِرًا - قال ابنُ العلاء مُؤتَجِرًا بها - فله أجرُها، ومَن مَنَعَها فإنا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه، عَزْمَةً مِن عَزَمات ربِّنا عز وجل، ليس لآلِ محمدٍ منها شيءٌ))؛ رواه أحمد وأبو داود.


قال العلامةُ ابن القيِّم في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (3/ 98): "وأَمَر بتَحْريقِ مَتاع الغالِّ وضَرْبِه، وحَرَقَهُ الخَليفَتانِ الراشدان بعده، فقيل: هذا مَنسوخٌ بسائرِ الأحاديث التي ذُكِرَتْ، فإنه لم يَجِئ التحريقُ في شيءٍ منها، وقيل - وهو الصوابُ -: إنَّ هذا مِن باب التَّعْزير والعُقوبات الماليةِ الراجعة إلى اجتهاد الأئمة بحسب المصلحة، فإنه حَرَق وتَرَك، وكذلك خُلفاؤُه مِن بَعدِه، ونظيرُ هذا قَتْلُ شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة، فليس بِحَدٍّ ولا مَنسوخٍ، وإنما هو تعزيرٌ يَتَعَلَّق باجتهاد الإمام".


والحاصلُ سلمك الله أنه لا يجب على ذلك الشاب دفْعُ مال، وأنَّ الحكم بذلك باطلٌ؛ لأنَّ مَن أجاز التعزير بالمال جَعَل ذلك مِن حق السلطان تجاه مَن منع حقًّا لله، أو أخذ حق غيره، فلا يَصِحُّ أن يَتَعَدَّى بالتعزير حدَّه ومكانه، فيُعاقب السابَّ به، فهذا مِن الظُّلْم، وأكل أموال الناس بالباطل، والواجبُ على كلِّ مَن حكم بين الناس أن يَرُدَّها إلى نصوص الشرع، فما أذن به الشرعُ قُبِلَ، وإلا فهو باطلٌ.


وعلى والد هذا الشابِّ أن يسترضي تلك النسوة أو أوليائهنَّ، ولا يجب عليه دَفْعُ شيءٍ مِن المال، إلا أن يَتَبَرَّع تطييبًا لأنفسهنَّ.

أسأل الله أن يُصلحَ أحوال المسلمين، وأن يُذهبَ عنهم الشحناء والبغضاء والشِّقاق





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


 


شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • استشارات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة