• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

خلود التشريع القرآني

د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 15/4/2018 ميلادي - 29/7/1439 هجري

الزيارات: 13524

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خلود التَّشريع القرآني


الحمد لله والصلاة والسلام الأتمان على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ والاه، وبعد: هذا التَّشريع القرآني العظيم يمتاز بأنه خالد إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومَنْ عليها، فلا يتطرَّق إليه تعديل أو تبديل، ومع أننا نلحظ أنَّ التَّشريع القرآني مَرِنٌ في أحكامه، لكنه راسخ في أصوله، فهو يُشبه شجرةً ثابتةَ الأصول، متحرِّكةَ الفروع.

 

وممَّا يدل على خلود التَّشريع القرآني، وديمومته، واستمراره:

1- قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 9]. فهذا نصٌّ مطلق، غير مقيد بزمن.

2- قوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9][1].

3- قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ﴾ [الحج: 52].

 

هذه الآية الكريمة استدلَّ بها الشَّاطبيُّ - رحمه الله - على خلود التَّشريع القرآني وحِفْظِه في مُجمله، سواء كان كتاباً أو سُنَّة، فقال: «فأخبر [الله تعالى] على أنه يحفظ آياته ويُحَكِّمها حتى لا يُخالطها غيرها، ولا يُداخلها التَّغيير ولا التَّبديل، والسُّنَّة وإن لم تُذكَر؛ فإنها مُبيِّنة له ودائرة حوله، فهي منه، وإليه ترجع في معانيها، فكل واحد من الكتاب والسُّنَّة يعضد بعضه بعضاً، ويشد بعضه بعضاً»[2].

 

وهذا لا يتحقَّقُ إلاَّ بأن يكون التَّشريع القرآني محفوظاً إلى يوم القيامة، وإلاَّ فإنه لو تغيَّر وتبدَّل لانقطع التَّكليف به.

 

ومِنْ فَضْل الله تعالى أنه ضَمِنَ حِفْظَ هذا التَّشريع القرآني، لا عن أمر قدريٍّ بحتٍ مقطوعِ الصِّلة بالأسباب، ولكن عن طريق تقييض رجال من هذه الأُمَّة في كل باب من أبواب علومها، ألقى في قلوبهم حُبَّها، والذَّودَ عنها.

 

يقول الشَّاطبيُّ - رحمه الله - مفصِّلاً هذا المعنى: «أمَّا القرآن الكريم فقد قيَّض الله له حَفَظَةً بحيث لو زِيدَ فيه حرف واحد، لأَخرجه آلافٌ من الأطفال الأصاغر فضلاً عن القرَّاء الأكابر، وهكذا جرى الأمر في جملة الشَّريعة، فقيَّضَ الله لكل عِلْم رجالاً حَفِظَهُ على أيديهم، فكان منهم قوم يُذهِبون الأيام الكثيرة في حفظ اللُّغات والتَّسميات الموضوعة في لسان العرب، حتى قرَّروا لغات الشَّريعة في القرآن والحديث، وهو الباب الأول من أبواب الشَّريعة، إِذْ أوحاها الله إلى رسوله على لسان العرب.

 

- ثُمَّ قَيَّض رجالاً يبحثون عن تصاريف هذه اللُّغات في النُّطْق رفعاً ونصباً وجراً وجزماً،... واستنبطوا لذلك قواعد ضبطوا بها قوانين الكلام العربي على حَسْبِ الإمكان، فسهَّل اللهُ بذلك الفَهْم عنه في كتابه، وعن رسوله صلّى الله عليه وسلّم في خطابه.

- ثُمَّ قَيَّضَ الحقُّ سبحانه رجالاً يبحثون عن الصَّحيح من حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،...

- وكذلك جعل اللهُ العظيمُ لبيان السُّنَّة من البدعة ناساً من عَبِيده بحثوا عن أغراض الشَّريعة: كتاباً وسُنَّة، وعمَّا كان عليه السَّلف الصَّالحون، وداوم عليه الصَّحابة والتَّابعون، وردُّوا على أهل البدع والأهواء حتى تميَّز أتْباع الحقِّ على أتباع الهوى.

- وبَعَث الله تعالى من عباده قُرَّاءً أخذوا كتابه تلقِّياً عن الصَّحابة وعلَّموه مَنْ بعدهم حرصاً على موافقة الجماعة في تأليفه في المصاحف حتى يتوافق الجميعُ على شيءٍ واحد، ولا يقع في القرآن اختلاف مِنْ أحدٍ من الناس.

- ثم قَيِّض الله تعالى أُناساً يُناضِلون عن دينه ويدفعون الشُّبَه ببراهينه، وبَعَثَ الله من هؤلاء سادةً فهِموا عن الله وعن رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فاستنبطوا أحكاماً فَهِموا معانيها من أغراض الشَّريعة في الكتاب والسُّنَّة، تارة من نفس القول، وتارة من معناها، وتارة من عِلَّة الحُكم، حتى نَزَّلوا الوقائع التي لم تُذكَرْ على ما ذُكِرَ، وسهَّلوا لمن جاء بعدهم طريق ذلك.

 

وهكذا جرى الأمر في كلِّ عِلم توقَّفَ فَهْمُ الشَّريعة عليه، أو احْتِيجَ في إيضاحها إليه، وهو عَيْن الحِفظ الذي تضمَّنته الأدلَّة المنقولة»[3].

 

وإنَّ المتأمِّل في أمر التَّشريع القرآني، يجد أنَّ له كلاءتين بهما يُحفظ:

الأُولى: كلاءةٌ من الله تعالى مباشرة، وهي ما تكفَّل به من حِفْظِ الكتاب.

 

والأُخرى: كلاءةٌ ذاتيَّة في هذا التَّشريع عندما يُطبَّق، ففيه تكْمُن عوامل الخلود والبقاء، إذا استقام عليه أهلُه، ولم يُضيِّعوا فرائضه وحدوده، فكذلك فإنَّ الرَّاعي والرَّعية يَحفَظُ الله بهم هذا التَّشريع إذا قاموا بواجبهم حياله، ومعروف أنَّ حِفْظ الدِّين من ضِمْنِ الضَّروريات المأمور بحفظها، وطريق ذلك إقامة الحدود والشَّرائع والشَّعائر التي تَحْفَظُ الدِّين؛ مثل الصَّلاة ومعاقبة تاركها، وإقامة فريضة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وفريضة الجهاد، وإقامة حدِّ الرِّدَّة، والقيام بمسؤولية الدَّعوة إلى الله تعالى [4].

 

وخلود التَّشريع القرآني، وكونه المنهاج الصَّحيح الوحيد للحياة البشرية يرجع لأمور عدَّة منها:

أولاً: أنَّ هذا التَّشريع قائم على العَدْل المُطْلَق؛ لأن الذي خَلَق الكون سبحانه وتعالى يعلم حقَّ العلم ما يحقِّق العدل المطلق، وكيف يتحقَّق.

ثانياً: أنَّ شَرْعَ الله تعالى مبرَّأ من الهوى والمَيل، كما أنه مبرأ من الجهل والقصور والغلوِّ والتَّفريط، وهو الأمر الذي لا يُمكِن أن يتوفَّر في أيِّ قانون من صُنع الإنسان ذي الشَّهوات والمَيل والضَّعف، سواء كان واضِعُه فرداً أو طبقة، أو أمَّة أو جيلاً من أجيال البشر.

ثالثاً: أنَّ التَّشريع القرآني متناسق مع ناموس الكون كلِّه؛ لأن الذي وَضَعَه هو خالِقُ هذا الكون، فإذا شَرَع للإنسان شَرَع له باعتباره عنصراً كونياً، له سيطرة على عناصر كونية مسخَّرة له بأمر خالقه، ومن هنا يقع التَّناسق بين الإنسان وحركة الكون الذي يعيش فيه.

رابعاً: أنَّ التَّشريع القرآني هو التَّشريع الوحيد الذي يتحرَّر فيه الإنسان من العبودية للإنسان، ففي كلِّ منهج غير المنهج الإسلامي يتَّخذ النَّاسُ بعضُهم بعضاً أرباباً من دون الله، أمَّا في المنهج الإسلامي فإنهم يَخرجون من عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد وحده لا شريك له.

خامساً: أنَّه منهج قائم على العِلم المُطْلَق بحقيقة الكائن الإنساني، والحاجات الإنسانية، وبحقيقة الكون الذي يعيش فيه الإنسان، وبطبيعة النَّواميس التي تحكمه، ومن ثم لا يقع ولا ينشأ عنه أيُّ تصادم مدمِّر بين أنواع النَّشاط الإنساني، إنَّمَا هو توازن واعتدال، وهو أمر لا يتوفَّر أبداً لمنهج صَنَعه الإنسان، الذي لا يعلم إلاَّ ظاهراً من الأمر، ولا يعلم إلاَّ الجانب المكشوف من الكون، والإنسان، والحياة، في فترة زمنية معيَّنة.

سادساً: أنَّه المنهج الذي يُوثِّق عُرى الوحدة بين البشر جميعاً، إلى الحدِّ الذي تتلاشى فيه الفوارق العنصرية والطَّبقية، فيصبح المجتمع كالفرد الواحد، تُحرِّكه إرادة واحدة، وتُديره روح واحدة، تدفعه إلى غاية مشتركة؛ كمثل أعضاء الجسد الواحد، يقول الله تعالى: ﴿ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103][5].


[1] انظر: من مزايا التشريع الإسلامي، محمد بن ناصر السحيباني، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، عدد (61)، محرم 1404هـ (ص75).

[2] الموافقات (2/40).

[3] المصدر نفسه (2/41، 42).

[4] انظر: الحكم والتحاكم في خطاب الوحي، عبد العزيز مصطفى كامل (1/369).

[5] نظر: القرآن شريعة المجتمع، د. عارف خليل محمد أبو عيد (ص35-37).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة