• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

صور من زهد أهل السنة

صور من زهد أهل السنة
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 2/2/2022 ميلادي - 29/6/1443 هجري

الزيارات: 13727

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صُوَرٌ من زُهْدِ أهلِ السُّنة


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

أصل الزهد في اللغة: من زهد، وهذه المادة تدور على معنى القِلَّة، قال ابن فارس رحمه الله: (الزاي والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على قِلَّةِ الشيء. والزَّهِيد: الشَّيء القليل)[1]. والزُّهْدُ: ضِدَّ الرَّغبة، يقال: فلان يزهد في الشَّيء، أي: لا يرغب فيه[2].

 

وممَّا جاء في تعريف الزهد اصطلاحاً ما يلي:

1- الزهد هو (انصراف الرَّغبة عن الشَّيءِ إلى ما هو خيرٌ منه، وشرطُ المرغوبِ عنه: أن يكون مرغوباً فيه بِوَجْهٍ من الوجوه، فمَنْ رغِبَ عن شيءٍ ليس مرغوباً فيه ولا مطلوباً في نفسه؛ لم يُسَمَّ زاهداً، كمَنْ ترك الترابَ لا يُسمَّى زاهداً)[3].

 

2- قال ابن تيمية رحمه الله: (الزُّهْدَ: هُوَ تَرك ما لاَ يَنْفَعُ؛ إمَّا لانْتِفَاءِ نَفْعِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ مَرْجُوحًا؛ لأنَّهُ مُفَوِّتٌ لِمَا هُوَ أَنْفَعُ مِنْهُ، أَوْ مُحَصِّلٌ لِمَا يَرْبُو ضَرَرُهُ عَلَى نَفْعِهِ)[4].

 

وقال أيضاً: (الزُّهْدُ الْمَشْرُوعُ: هُوَ تَرْكُ الرَّغْبَةِ فِيمَا لاَ يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ، وَهُوَ فُضُولُ الْمُبَاحِ الَّتِي لاَ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ...

 

فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ يُعِينُ عَلَى مَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ فَالزُّهْدُ فِيهِ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ، بَلْ صَاحِبُهُ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [المائدة: 87])[5].

 

حقيقة الزهد:

ليس الزهد في الانصراف والانقطاع عن الدنيا وما فيها من نِعَمِ الله التي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، وهذه النِّعم العظيمة معينة على طاعة الله تعالى، وليس الزُّهد أيضاً تحريماً لما أحله الله تعالى، ولا بالاشتهار بصفةٍ معينة في العبادة أو لبس الخشن من اللباس، أو أكل الغليظ من الطعام، بل حقيقة الزهد في القلب، وهو إرادة ما يُريده الله من العباد، وعدم الانشغال بالوسيلة عن الغاية، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: (ليس المرادُ من الزهد رفْضَ المُلك؛ فقد كان سليمان وداود - عليهما السلام - من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والمُلْكِ والنساء ما لهما، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم من أزهد البشر على الإطلاق، وله تسع نسوة، وكان عليُّ بنُ أبي طالبٍ وعبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان رضي الله عنهم من الزهاد، مع ما كان لهم من الأموال، وكان الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما من الزهاد مع أنه كان من أكثر الأُمَّة محبةً للنساء ونكاحاً لهنَّ، وأغناهم، وكان عبد الله بن المبارك من الأئمة الزهاد، مع مال كثير، وكذلك اللَّيث بن سعد من أئمة الزهاد، وكان له رأس مال، يقول: لولا هو لتمندل بنا هؤلاء)[6].

 

ومن ثَمَّ، فالزهد هو عدم انشغال القلب بالأمور الفانية فتصبح أكبرَ همِّه ومبلغَ عِلمِه، وإنما التعامل معها على أنها من الوسائل المعينة على بلوغه هدفَه وتحقيق مرادَه، ويتساوى عنده وجودها وانتفاؤها.

 

ولذلك فالزهد من الأعمال القلبية التي لا علاقة لها بالمظهر والشكل الخارجي؛ لذا قد تجد إنساناً يلبس الناعم من الثياب ويتمتَّع بطيب العيش وهو زاهد فيها راغب فيما عند ربه، وقد تجد آخَرَ يلبس الخشن من الثياب عن عَوَزٍ وحاجةٍ ولكنه من أحرص الناس على الحياة وأسبابِها، مُبالغاً في تحصيل منافعها ومُتَعِها، غيرَ آبِهٍ بالآخرة ولا راغبٍ فيها.

 

صور من زهد أهل السنة:

ما من إمام من أئمة أهل السنة إلاَّ وتجد في سيرته صوراً شتى من زهده في الدنيا وإقباله على الآخرة، ولا غرابة في ذلك فهم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة، وذلك عن غِنًى لا فقر، وتَمكِّنٍ لا ضعف، ورغبةٍ لا رهبة، وقد امتلأت كتب التراجم والسِّير بنماذج لا تحصى ولا تُعَدُّ من زهدِ أهل السنة والجماعة، وهناك كتب كثيرة مؤلَّفة في الزهد تحكي حياة الزاهدين، وانصرافهم عن الدنيا ورغبتهم في الآخرة، ومن أهم النماذج المشرقة في ذلك ما يلي[7]:

1- عن بكرِ بنِ عبد الله المُزَني رضي الله عنه قال: (إنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه لم يَفْضُلِ الناسَ بكثرةِ صلاةٍ ولا صومٍ، وإنَّما فَضَلَهم بشيءٍ كان في قَلْبِهِ)[8].

 

2- عن الحسن قال: (واللهِ ما خُبْزٌ في بيتِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه، إلاَّ خُبْزٌ يُعْلَثُ[9] بالشَّعير حتى لَحِقَ باللهِ)[10].

 

3- عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قال: (ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً، وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ مُقْبِلَةً، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلاَ حِسَابَ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلاَ عَمَلٌ)[11].

 

4- وقال أيضاً: (طُوبَى لِلزَّاهِدِينَ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّاغِبِينَ فِي الآخِرَةِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ اتَّخَذُوا أَرْضَ اللهِ بِسَاطًا، وَتُرَابَهَا فِرَاشًا، وَمَاءَهَا طِيبًا، وَالْكِتَابَ شِعَارًا، وَالدُّعَاءَ دِثَارًا)[12].

 

5- عن عليِّ بنِ رباح قال: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِصْرَ يَقُولُ: (مَا أَبْعَدَ هَدْيَكُمْ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم، أَمَّا هُوَ فَكَانَ أَزْهَدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَرْغَبُ النَّاسِ فِيهَا)[13].

 

6- عن مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه إِلَى بَعْضِ إِخْوَانِهِ: (أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ، وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَ اللهِ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَحَبَّكَ اللهُ لِرَغْبَتِكَ فِيمَا عِنْدَهُ، وَأَحَبَّكَ النَّاسُ لِتَرْكِكَ لَهُمْ دُنْيَاهُمْ وَالسَّلاَمُ)[14].

 

7- قال ابن القيم رحمه الله: (ومن أحسنِ ما قيل في الزُّهد؛ كلام الحسنِ أو غيرِه: ليس الزهد في الدنيا بتحريمِ الحلال، ولا إضاعةِ المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة - إذا أُصبت بها - أرغب منك فيها لو لم تصبك، فهذا من أجمعِ كلامٍ في الزهد وأحسنِه)[15].

 

8- عن الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: (يَا رَبِيعُ! عَلَيْكَ بِالزُّهْدِ، فَلَلزُّهْدِ عَلَى الزَّاهِدِ أَحْسَنُ مِنَ الْحُلِيِّ عَلَى الْمَرْأَةِ النَّاهِدِ)[16].

 

9- قال السعدي رحمه الله - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ﴾ [النحل: 96]: (ومن الدَّواعي للزُّهد: أنْ يُقابل العبدُ لَذَّات الدنيا وشهواتها بخيرات الآخرة؛ فإنه يَجِدُ من الفرق والتفاوت ما يدعوه إلى إيثار أعلى الأمرين)[17].



[1] معجم مقاييس اللغة، (3/ 30).

[2] انظر: لسان العرب، (3/ 196)؛ مختار الصحاح، (ص280).

[3] مختصر منهاج القاصدين، للمقدسي (ص230).

[4] مجموع الفتاوى، (10/ 615) بتصرف يسير.

[5] مجموع الفتاوى، (10/ 21).

[6] مدارج السالكين، (2/ 12، 13) بتصرف يسير.

[7] انظر: أهل السنة والجماعة، (ص370).

[8] رواه أبو داود في (الزهد)، (1/ 40)، (رقم37)، والحكيم الترمذي في (نوادر الأصول)، (3/ 55).

[9] (العَلْثُ): الخَلْط. أي: يُخلط بالشعير. يقال: علثتُ البُرَّ بالشعير أعلثه، إذا كان يأكل خبزاً من شعيرٍ وحنطة. انظر: الصحاح في اللغة، للجوهري (1/ 310)؛ النهاية في غريب الحديث والأثر، (3/ 511).

[10] رواه أبو داود في (الزهد)، (1/ 95)، (رقم91).

[11] رواه البخاري، معلقاً بصيغة الجزم، (1/ 183). وقال ابن حجر في (فتح الباري)، (11/ 236): (هذه قطعة من أثرٍ لعليٍّ رضي الله عنه، جاء عنه موقوفاً ومرفوعاً).

[12] رواه البيهقي في (شعب الإيمان)، (13/ 179)، (رقم10141).

[13] رواه أحمد في (المسند)، (4/ 198)، (رقم17925)؛ والبيهقي في (شعب الإيمان)، (13/ 114)، (رقم10040). وصححه الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب)، (3/ 155)، (رقم3294).

[14] رواه البيهقي في (شعب الإيمان)، (13/ 198)، (رقم10179).

[15] مدارج السالكين، (2/ 13).

[16] رواه البيهقي في (شعب الإيمان)، (13/ 215)، (رقم10217).

[17] تفسير السعدي، (1/ 448).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة