• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

ليظهره على الدين كله

ليظهره على الدين كله
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 12/4/2021 ميلادي - 29/8/1442 هجري

الزيارات: 16446

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لِيُظْهِرَهُ على الدِّين كُلِّه

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

أمَّا بعد:

شرَّف الله تعالى نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم بظهور دينه على جميع الأديان كلِّها إلى يوم القيامة؛ لكونه سيِّد ولد آدم، وإمامَ النبيين وخاتَمهم، ولكون رسالته عالميَّةً، ومحفوظةً إلى يوم الدِّين، بينما الرسالات السابقة كان ظهورها جزئيًّا مؤقَّتاً؛ لأنها ليست عالميةً بل هي رسالة قومية محدودة بزمن مُعين، لذا اندثرت وانمحت تعاليمها الأصلية؛ لدخول الزيادة والنقص والتحريف إليها، قال سبحانه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [المائدة: 13].

 

وفي إظهار الإسلام على جميع الأديان أيضاً إظهارٌ لِسُنَّتِه صلى الله عليه وسلم وهديِه على جميع الأديان، وعلى هدي الرسلِ والأنبياء السابقين، والواقعُ والتاريخُ يؤيدان ذلك ويشهدان له، إذ لم يُحفَظْ من سُنن الأنبياء والسابقين وسيرتِهم وتاريخهم إلاَّ ما كان مُتضمِّناً في القرآن من قصصهم، أو في السنة الصحيحة من أخبارهم، وما عدا ذلك دَخَلَه التحريف والتضليل، والكذب والانتحال.

 

أمَّا سُنَّةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهديُه وسيرتُه فقد حُفِظَتْ كاملة، وظهرتْ واضحةً ساطعةً للعالمين تُجادِلُ عن صِدْقِ صاحبِها، وعظمة قائلها صلى الله عليه وسلم، وتدلُّ على قوة سطوتِها، ورجاحة منطِقِها، وموافقتها للحق المبين، فبقاؤها واستمرارها وانتشارها، من دلائل إظهارها على غيرها حتى من سنن الأنبياء والمرسلين. ولمَّا كانت السنةُ جزءًا لا يتجزَّأ من الدِّين، وركناً لا ينفصل عن شريعة ربِّ العالمين، فقد كان إظهارُ الدِّين إظهاراً لها، والأدلةُ على ذلك كثيرةٌ ومتنوِّعة، ومنها:

 

الأدلة من القرآن: من الأدلة على إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأديان، ما يلي:

1- قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 32، 33].

 

2- قوله تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 8، 9].

 

فالآية مُستأنفة بصيغة القَصْر، بمعنى أنَّ الله تعالى هو وحده، لا غيره، أرسَلَ رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا النور، وبهذا الدِّين، فكيف يَترُك معانديه يطفئونه؟ وعبَّر عن الإسلام: ﴿بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ﴾ تنويهاً بفضله، وتعريضاً بأنَّ ما هم عليه ليس بهدًى ولا حقٌّ.

 

وفِعْلُ الإظهار في قوله: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ عُدِّي بِـ (عَلَى) فيكون مُضَمَّناً معنى النَّصر، أو التَّفضيل، أي: لِينصُرَه على الأديان كلِّها، أي ليكون أشرفَ الأديان وأغلَبَها، ومنه المُظاهرة، أي: المُناصرة[1].

 

والمعنى: (لِيُعْلِيه على سائر الأديان، بالحُجَّة والبرهان، والسَّيف والسِّنان، وإنْ كَرِه المشركون ذلك، وبغُوا له الغوائل، ومكروا مكرهم، فإنَّ المكر السَّيئ لا يضرُّ إلاَّ صاحبَه، فوَعْدُ اللهِ لا بدَّ أنْ يُنجزه، وما ضَمِنَه لا بدَّ أنْ يقوم به)[2]. (ولقد أنجز اللهُ عز وجل وعدَه؛ حيث جعله بحيث لم يبق دينٌ من الأديان، إلاَّ وهو مغلوبٌ مقهور بدِين الإسلام)[3].

 

وقد دخل أهلُ المِلَلِ في سائر الأقطار دينَ الإسلام بالرغم على كراهية أقوامِهم وعظماءِ مِلَلِهم ذلك، ومقاومَتِهم إيَّاه بكلِّ حِيلة، ومع ذلك فقد ظَهَرَ وعلا، وبانَ فضلُه على الأديان التي جاوَرَها، وسَلِمَ من الخرافات والأوهام التي تعلَّقوا بها، وما صلحت بعضُ أمورهم إلاَّ فيما قلَّدوه من أحوال المسلمين وأسباب نهوضهم[4].

 

الأدلة من السُّنة:

1- قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ زَوَى[5] لِي الأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زَوَى لِي مِنْهَا)[6].

 

قال النووي رحمه الله: (فيه إشارةٌ إلى أنَّ مُلْكَ هذه الأمة يكون مُعْظَمُ امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب، وهكذا وقع، وأمَّا في جهتي الجنوب والشمال فقليلٌ بالنسبة إلى المشرق والمغرب، وصلواتُ اللهِ وسلامُه على رسولِه الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، إنْ هو إلاَّ وحي يوحى)[7]. وقيل: (أنَّ الأرض زُوِيَت لي جملتُها مرةً واحدة، فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، ثم هي تُفتح لأمتي جزءاً فجزءاً حتى يصل مُلْكُ أُمَّتي إلى كلِّ أجزائها)[8].

 

2- قوله: (لَنْ يَزَالَ أَمْرُ هذه الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أو حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ)[9].

 

3- قوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ[10]على الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ)[11]. (وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، ولله الحمد، فلم تزل هذه الطائفة من زمنه وهلمَّ جَرّا، ولا تزول حتى يأتي أمرُ الله تعالى)[12].

 

4- قوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قال: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السلام فيقول أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فيقول: لاَ، إِنَّ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ أُمَرَاءُ؛ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هذه الأُمَّةَ)[13].

 

الخلاصة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن - وهو الصادق المصدوق - أنَّ هذا الدِّين سيظهر على كثير من البقاع في مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما حدث إلى يومنا هذا حتى قيام الساعة.

 

مقتضيات إظهار دينه على جميع الأديان: من مقتضيات إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأديان ما يلي[14]:

1- عظيم قدرة الله تعالى الذي تكفَّل بإظهار دين نبيِّه صلى الله عليه وسلم على جميع الأديان واستمراره، رغم المكر الكُبَّار من الكُفَّار؛ كما قال سبحانه: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].

 

2- عظيم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربِّه الذي شرَّفه بهذا الدِّين، وأظهره على جميع الأديان، وشرَّف أُمَّته من بعده.

 

3- كمال الرسالة المحمدية وصلاحيتها لإسعاد البشرية إلى يوم القيامة؛ بسبب حِفْظِها، وإظهارها على جميع الأديان.

 

4- فيه إثباتٌ أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، وأنه مبعوثٌ إلى العالمين؛ حيث أظهر اللهُ تعالى دينه على جميع الأديان.

 

5- أنَّ الرسالة المحمدية ناسخةٌ لجميع الرسالات السابقة، ومهيمنةٌ عليها.

 

6- إظهار دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان مُنْسَجِمٌ ومُتَّفِقٌ مع حفظِ الله تعالى لِوَحيه، المتمثل في الكتاب والسنة، وفيه ثقةٌ مطلقة عظيمة بهذا الدِّين القويم.

 

7- رحمةُ اللهِ تعالى بالناس أجمعين؛ حيث حَفِظَ لهم الدِّين القويم، وأبقاه ظاهراً بالحجة والبيان إلى يوم الدِّين.

 

8- دفع المسلمين إلى نشر نور الإسلام في كل مكان؛ لأنَّه الأظهر والأبقى والأحق بالاتباع؛ كما فَعَل ذلك صدر هذه الأمة من الصحابة وتابعيهم بإحسان.

 

9- بما أن الأمة الإسلامية امتلكت مقومات الظهور المعنوية والعلمية، فهي قادرة على امتلاك مقومات الظهور المادية؛ متى ما أخلص المسلمون عملهم لله، وتهيَّؤوا له على جميع المستويات، وسخَّروا كل إمكاناتهم الهائلة لخدمة الدِّين ونشره.

 

10- بالرغم من ظهور الكفار وغَلَبَتِهم ماديًّا، وسيطرتهم على جميع المنافذ الماديَّة، إلاَّ أنَّ دين الإسلام ـ مع ذلك كله ـ ظاهِرٌ بالحجَّة والبيان، وظاهِرٌ بما فيه من صفاتٍ تُناسب فِطَرَ الناس وحاجاتهم المادية والمعنوية؛ مما كان له أكبر الأثر في اعتناق الناس المتزايد لدِين الإسلام.



[1] انظر: التحرير والتنوير، (10/ 174).

[2] تفسير السعدي، (1/ 335).

[3] تفسير أبي السعود، (8/ 245).

[4] انظر: التحرير والتنوير، (10/ 174).

[5] (زَوَى لِي الأَرْضَ): أي: جَمَع وقَبَض حتى أمكنني الإشرافَ على ما زُوِيَ لي منها. قال أبو عبيد: ولا يكون الانزواءُ إلاَّ بانحرافٍ مع تقبُّض. انظر: شرح السنة، (14/ 216)؛ كشف المشكل، لابن الجوزي (4/ 218).

[6] رواه مسلم، (4/ 2215)، (ح2889).

[7] شرح النووي على صحيح مسلم، (18/ 13).

[8] مرقاة المفاتيح، (10/ 429).

[9] رواه البخاري، (6/ 2667)، (ح6882).

[10] (ظَاهِرِين) أي: غالبين على سائر الناس بالبرهان أو به وبالسنان. انظر: عمدة القاري، (25/ 141).

[11] رواه البخاري، (6/ 2667)، (ح6882)؛ ومسلم، واللفظ له، (3/ 1523)، (ح1920).

[12] عمدة القاري، (2/ 52).

[13] رواه مسلم، (1/ 137)، (ح156).

[14] انظر: خصائص النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي انفرد بها عن سائر الأنبياء، (ص121، 122).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة