• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط / المؤلفات والبحوث والدراسات


علامة باركود

العلامة الزاهد صاحب (روضة المحبين)

الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط

عدد الصفحات:12
عدد المجلدات:1

تاريخ الإضافة: 29/6/2019 ميلادي - 25/10/1440 هجري

الزيارات: 9554

 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تحميل ملف الكتاب

العلَّامة الزَّاهد

صاحبُ «رَوْضة المحبين»

 

لئن كانت الأممُ تفخَرُ وتعتزُّ برجالٍ لها، وقادَةٍ تذكرهم بالخير على الدَّوام وتُسَجِّل أعمالهم في صحائف الخالدين؛ فإنَّ من حقِّنا - ونحن الأمة التي أنجبت أرضُها رجالًا عظماءَ يفتخر بهم المفتخرون ويعتزُّ بهم المعتزُّون - أنْ نذكُرَ عظماءَ الرِّجال فينا ولا سيَّما العلماءُ، ونسجِّل لهم أسمى آيات التَّقدير، وأدنى درجات هذا التقدير: حديثٌ فاحِصٌ عنهم، عن حياتهم، عن خلائقهم، وأحوالهم.

 

واليوم نَعرِض لذكر رجل عظيم، رجلٍ شَرُفَتْ به أيَّامُه، وازْدَان به عصرُه وأوانُه، ذلكم هو العلَّامةُ الفَقِيهُ شمس الدِّين محمدُ ابنُ أبي بكرٍ المعروفُ بابن قيِّم الجوزيَّة.

 

ولعَمْرُ اللهِ أيُّ رجلٍ هذا الذي نذكر وأيُّ انسانٍ هو، ومن أيِّ نوعٍ من الرِّجال كانَ؟

كلُّ هذه التَّساؤلاتِ وغيرُها سنُحاوِل الإجابةَ عليها في هذه العُجَالة.

 

لقد كان شمسُ الدِّين ابن القَيِّم - في الحقِّ - نادرةً في الرِّجال وفذًّا بين أقرانه من العلماء، وإنني لأعتقد - جازمًا - بأنَّه ما من أحد لم يقرأ شيئًا عن هذا العلَّامة في صحف الآثار أو لم يسمع به على أقل تقدير.

♦ ♦ ♦


♦ مَولِدُه وتلقِّيه العِلمَ:

وُلِد ابنُ القَيِّم - كما تذكر كتب التراجم والسِّيَر - سنةَ إحدى وتسعين وستِّ مئة من الهجرة النبوية الشريفة، وكإنسانٍ أراد له الله -جلَّتْ قُدرتُه- أن يبلغ ما بلغ من مركز عال بين طبقات العلماء، فإنَّه انصراف إلى التَّعَلُّم بنفسٍ شغوفةٍ، ونَهَمٍ ما بَعْدَهُ نَهَمٌ، وأقبل على العلم يغترف منه ما وَسِعَه، يتفقَّه في دين الله ويتعمَّق في شرع الله، ويحفظُ حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتدبَّرُ المعاني السَّامِية التي توافَرَتْ في الكتاب العزيز والسُّنَّة النَّبَويَّة.

 

♦ مجالستُه العُلَماءَ:

ووَفْقًا للعادة المتَّبعة لدى طُلَّاب العِلْم في تلك الأزمان؛ فإنَّه رافقَ الكثيرَ من الشُّيُوخ الأعلامِ، وأخذ عنهم، وأفاد من عِلْمِهم، وجلس في حَلَقاتهم: يستمعُ ويُدَوِّنُ، ويحفَظُ.

 

وَجَلس حتَّى تجَمَّع لديه من ذلك شيءٌ كثيرٌ، قال العلامة الشوكاني: «قرأ على المجد الحرَّاني وابن تيميَّة ودرَّس بالصَّدْريَّة وأمَّ بالجوزِيَّة وأخذ الأصول عن الصَّفِيِّ الهندي وابن تيميَّة أيضًا، وبرع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتُهِر في الآفاق، وتبحَّر في معرفة مذاهب السلف، وغَلَب عليه حُبُّ ابن تيميَّة، وهو الذي نشر علمَه بما صنَّفه من التَّصانيفِ الحَسَنةِ المقبولة، واعتُقِل مع ابن تيميَّةَ وأُهِينَ وطِيفَ به على جَمَلٍ مضروبًا بالدِّرَّة!» انتهى ما قاله الشوكاني.

 

♦ تعبُّدُه وزُهدُه وتَقواهُ:

إلى جانب العلم الذي هو خيرٌ عظيمٌ؛ فقد كان هذا العلامة معروفًا بالعبادة الكثيرة المتواصلة والتَّهَجُّد وطول الصَّلاة إلى الحَدِّ الذي قد لا يصدِّقه أحدٌ، وما ذاك إلا لدوام مُرَاقَبَته لرَبِّه وخوفه من عقابه، وتباعده عن مَعصِيتِه.

 

قال ابن رجب الحنبلي في «الطَّبَقَات»: «وكان ذا عبادةٍ وتهجُّدٍ وطولِ صلاةٍ إلى الغاية القُصْوى، وتألُّهٍ، ولَهَجٍ بذكر الله وشَغَفٍ بالمحبَّةِ والإِنَابةِ والافتِقَارِ إلى اللهِ تعالى والانكسارِ له والانْطراحِ بَيْنَ يَدَيْهِ على عَتَبَةِ عُبُودِيَّتِه، لَمْ أُشاهِدْ مثلَهُ في ذلك، ولا رأيتُ أوسعَ منه علمًا، ولا أَعْرَفَ بمعاني القُرآنِ والسُّنَّةِ وحقائقِ الإيمانِ منه، وليس هو بالمعصوم ولكنْ لَمْ أَرَ في معناه مثلَه».

 

♦ امتحانه واضطهاده:

على هذه الصِّفاتِ كانت معيشتُه وحياتُه، ومع ذلك فإنَّها لم تكُنْ لتخلُوَ من المُكَدِّراتِ والمُنَغِّصاتِ التي واجهتْهُ في رِحْلة الحياة، فقد امتُحِنَ في دِينه، وأُوذِيَ واضْطُهِدَ، فصبر وصابر، وجابَهَ كُلَّ ذلكَ بصَدْرٍ رَحْبٍ ونَفْسٍ مُسْتبشِرَةٍ بالفرج القريب.

 

وسببُ ذلك: أنَّه كان-كما هو معروفٌ- التِّلْميذَ المقرَّبَ من شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وقد تعرَّض شيخُ الإسلام لفِتَنٍ كثيرةٍ ومتعدِّدةٍ كان سبَبَها خصومٌ ألِدَّاءُ له سَعَوا في الوِشَاية به إلى الأمراء ووُلاةِ الأَمْرِ؛ فنُفِيَ واضْطُهِدَ وأُهِينَ.

 

فلمَّا وقع للأستاذ ما وقع كانَ أنْ أصابَ تِلْميذَهُ المقرَّبَ شيءٌ غيرُ قليلٍ من الرَّذاذ فسُجِنَ معه واضْطُهِد وأُهِينَ، ومع ذلك فإنه اشتغل في سجنه -مع شيخه- بتلاوة القُرآنِ والذِّكْر والصَّلاةِ والسَّماع؛ فأفاد من ذلك فائدةً عظيمةً، وانتفع به انتفاعًا لا يُعَدُّ ولا يُحْصَى.

 

ولقد أحبَّه كلُّ من رآه أو سمع به، وامتدحته الخاصَّةُ والعامَّةُ، وأَثْنَتْ عليه النَّاسُ واعترفَتْ له بالفَضْلِ.

 

♦ أقوال بعض المؤرِّخينَ ومُعاصِريه فيه:

نعرِضُ هنا لأقوالِ بعض المؤرِّخين والمعاصرين له. وقد كُنَّا عَرَضْنا لبعضها في مُقَدِّمَة هذه العُجَالة.

• قال القاضي برهان الدين الزَّرْعي: «ما تحت أديم السماء أوسع علمًا منه في أنواع العلم».

 

• وقال عنه السَّخَاوي: «العلامة الحجة المتقدم في سعة العلم ومعرفة الخلاف وقوة الجنان ورئيس أصحاب ابن تيمية، الإمام صاحب التصانيف السائرة والمحاسن الجمَّة، انتفع به الأئمة ودرَّس بأماكن».

 

• وقال فيه العلامة الشوكاني: «تَعشَقُ الأفهامُ كلامَه، وتميل إليه الأذهان، وتحبه القلوب، وليس له غيرَ الدليل مُعَوَّلٌ في الغالب». أي: أنَّه لا يُعَوِّل ولا يعتمد على شيء غير الدليل في غالب آرائه.

 

• وقال عنه الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله: «وُلد سنة إحدى وتِسعين وستِّ مئة (691هـ)، وسمع الحديث، واشتغل بالعلم، فبرع في علوم متعددة، لا سيَّما علم التفسير والحديث والأصْلَيْنِ، ولما عاد شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية من الدِّيار المصرية سنة (712هـ) لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علمًا جمًّا، مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريدًا في بابه في فنون كثيرة، مع كثرة الطلب ليلًا ونهارًا، وكثرة الصلاة والابتهال، وكان حَسَن القراءة والخُلُق، كثيرَ التَّوَدُّدِ، لا يحسُد أحدًا ولا يؤذيه، ولا يَسْتَعِيبُه، ولا يحقد على أحد، وكنتُ من أصْحَبِ النَّاس له، وأحبِّ الناس إليه، ولا أعرف من أهل العلم في زماننا أكثرَ عبادةً منه، وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير، وكتب بخطه الحسن شيئًا كثيرًا، واقتنى من الكتب ما لا يتهيَّأُ لغيره تحصيل عُشْره من كتب السَّلَف والخلف.

 

وبالجملة؛ كان قليلَ النَّظير بل عديم النَّظير في مجموعِ أمورِهِ وأحوالِه، والغالبُ عليه الخيرُ والأخلاقُ الصَّالحة. سامحه الله ورحمه.

 

وقد كانت جِنازتُه حافلةً رحمه الله، شهدها القُضاةُ والأعيانُ والصَّالحون من الخاصَّة والعامَّة وتزاحم الناس على حَمْل نَعْشِه، وكمُل له من العُمُر سِتُّون سنةً، رحمه الله».

 

لقد كان العلامة ابن القَيِّم بحق عَلَمًا نادرًا في زمانه، ومن الأعلام الشَّهيرة المعروفة في كل زمان، يُعجِبُك فيه عِلْمُه الواسع، وصلاحه وتُقاه، وإعراضه عما في أيدي الناس، وملازمتُه العلماءَ على ما له من العلم الغزير، واعترافه بالفضل وصدقه مع نفسه ومع ربه والناس جميعًا، وصبره على الأذى وإعراضه عن الجاهلين والمستهزئين، إلى غير ذلك من الصفات الكبيرة، والشمائل الخُلُقيَّة الرَّفيعة، التي أحَلَّتْهُ من القلوب مكانًا عاليًا رفيعًا.

 

♦ آثارُه ومؤلَّفاتُه:

أما عن كُتُبِه فما أكثرَها وما أعجبها في تنوُّع موضوعاتها، وحسن العرض فيها، وعظيم الانتفاع بها!

 

نذكر منها:

1) كتابه العظيم: «زاد المعاد في هدي خير العباد».

2) وكتابـه: «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» الذي يتحدث فيه عن دار الكرامة وما فيها. وهو -أيضًا- من كتبه العظيمة.

3) وكتاب: «مدارج السالكين في شرح منازل السائرين».

4) وكتاب: «أعلام الموقعين».

5) وكتابـه اللَّطيف: «نُزْهة المشتاقين وروضة المحبين» الذي يتحدث فيه عن الحبِّ والمحبِّين!

6) وكتاب: «تفضيل مكة على المدينة».

7) وكتاب: «مفتاح دار السعادة».

8) وكتاب: «الصراط المستقيم».

9) وكتاب: «نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والقبول».

10) والكتاب النافع: «الفوائد» الذي هو زادُ العالم والطالب.

11) وكتاب: «الداء والدواء».

12) وكتاب: «تحفة المودود بأحكام المولود».

13) وكتاب: «عدة الصابرين».

14) وكتاب: «أمثال القرآن».

15) وكتاب: «الفرق بين الخُلَّة والمَحَبَّة».

16) وكتاب: «بطلان الكيمياء من أربعين وجهًا».

17) وكتاب: «التُّحفةُ المكِّيَّة».

18) وكتاب: «طريق الهجرتين وباب السعادتين».

19) وكتاب: «تهذيب سنن أبي داود».

20) وكتاب: «جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام».

وغيرها كثير.

 

♦ فاتُه:

حُكِي عنه قبل وفاته بفترة قصيرة أنه رأى شيخه ابن تيمية في المنام، وأنه سأله عن منزلته - أي في الجنة - فقال إنَّه أنزل فوق فلان وفلان، وسمى بعض الأكابر، وقال له: أنت تلحق به.

 

ثم ما لبث أن مات بعد ذلك فارتجَّتْ قلوبُ النَّاس، وأصابهم حُزْنٌ شديدٌ على فقدانه، وكان أكثرَهم حُزْنًا تلامذتُه ومحبُّوه الذين فقدوا فيه الشَّيْخَ والمعلِّمَ والأستاذ المسَدِّدَ؛ فعلموا أنهم لن يروا مثله أبدًا.

 

وقد كانت وفاته في شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبع مئة (751هـ) للهجرة النبوية، أي أنه عاش ستين سنة قضاها في تعلُّم العِلْم وتعليمه للنَّاس، وأمضاها في جهاد متواصل في كافة الدُّروب حتَّى وافاه الأجلُ، فترك هذه الدنيا إلى لقاء ربه بعد طول الشَّوْقِ وازدياد الحنين.

 

رحمه الله رحمة واسعةً، ورفع درجاته في رفيع الجنان[1].



[1] البداية والنهاية (18 /523، 524)، ذيل طبقات الحنابلة (2/ 447)، الدرر الكامنة (4/ 21)، الوافي بالوفيات (2/ 270)، النجوم الزاهرة (10/ 249)، شذرات الذهب (6/ 168)، البدر الطالع (2/ 143).





 نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة