• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / مثنى الزيدي / خطب منبرية


علامة باركود

الهجرة وأسس اختيار الأفراد فيها

الدكتور مثنى الزيدي


تاريخ الإضافة: 12/11/2010 ميلادي - 5/12/1431 هجري

الزيارات: 24486

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهجرة وأسس اختيار الأفراد فيها

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون، وصَلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين، ومن اهتدى بهديه، وسار على دربه إلى يومِ الدين.

 

أَمَّا بعد:

فمن المعلوم أنَّ أيَّ بيت يُبنى لا بُدَّ له من أساس يُحفر؛ ليدلَّ على عمق قوة هذا الأساس؛ حتى يرتفع البنيان، ويعلو غير آبِهٍ بالتغيُّرات المناخية، التي تطرأ عليه، وما ذاك إلاَّ لقوة أساسه ومتانة بنائه، وقد تصاحب عملية التأسيس والبناء آلاتٌ للحفر، وأخرى لخلط المواد الإنشائية، فهي تُسهِم في إتمام عمليةِ البناء والتأسيس، لكن يُتخلَّى عنها لاحقًا؛ إذ لا تُمثِّل النَّواةَ الحقيقية للتأسيس، إنَّما هي عوامل مساعدة في هذه المرحلة.

 

وكذا كانت الهجرة النبوية أساسًا لبناء الدولة الإسلامية، هذه الهجرة التي قادها وأسَّس بناءَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِوَحْيٍ من الله - تعالى.

ومن أهمِّ عوامل إنجاح الهجرة بعد معونة الله - عزَّ وجلَّ - الاختيار الصحيح للأفراد، الذين سيقومون بحماية مشروع الهجرة.

فمن الأفراد مَن كان أساسًا للبناء، وجزءًا لا يتجزأ منه كأبي بكر، وعلي - رضي الله عنهما - ومنهم مَن كان وجودُه كوجودِ آلات البناء التي لا تدخل في أساسه، كعبدالله بن أريقط دليل الصحراء، وكان رجلاً مُشركًا، فأصحابُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كانوا هم حَجَر الأساس لخريطة الهجرة، ومهمة العبور من مكة إلى المدينة؛ يقول ابن مسعود: "إن الله - عز وجل - نظر في قلوب العباد، فوجد قلبَ مُحمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلبه، فوجد قلوب أصحابه خيرَ قلوب العباد بعد قلبه، فجعلهم وُزَراءَ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسنًا، فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا، فهو عند الله سيِّئ".

 

فتطلب الأمر من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ يُعطي لكل فرد من أفراد الهجرة دورَه المناسب على أسسٍ رصينة من الكفاءة والأمانة والقوة والشجاعة والإقدام.

فأولهم الصديق - رضي الله عنه - رفيق النبي وصاحبه في الهجرة، اختاره النبيُّ لصُحبته من بين كلِّ الصحابة؛ قالتْ أمُّنا عائشة - رضي الله عنها -: "كان لا يُخطئ رسولُ الله أنْ يأتِيَ بيتَ أبي بكر أحد طرفي النهار، إمَّا بكرة وإمَّا عشية، حتى إذا كان اليوم الذي أُذِن فيه لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالهجرة والخروج من مكة بين ظهراني قَومِه، أتانا رسول الله بالهاجرة[1].

 

فلَمَّا دخل تأخر أبو بكر عن سريره، فقال رسول الله له: ((أخرِجْ عني مَنْ عندك))، فقال: يا رسول الله، وما ذاك؟ فقال: ((إنَّه قد أَذِنَ لي بالخروج والهجرة))، قالت: فقال أبو بكر: الصُّحبة يا رسول الله؟ قال: ((الصحبة))، قالت: فوالله ما شعرت قطُّ قبل ذلك اليوم أحدًا يبكي من الفرح، حتى رأيتُ أبا بكر يبكي يومئذ"[2].

فاختار أبا بكر؛ لأنَّه أقربُ شخصٍ للنبي وأحبه له، يَحمل قلبًا رحيمًا وطاعةً للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في منشطه ومكرهه.

 

وأمَّا علي - رضي الله عنه - فقد اختاره النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليبيتَ مكانَه في فراشه، وكان - رضي الله عنه - صاحب قوة وصلابة وجأش، لا يُخيفُه مكرُهم، ولا يزعزعه تجمعهم، وكان مُستعِدًّا للتضحية، لا يستطيع أحدٌ إيذاءَه؛ لأن أباه هو أبو طالب سيدهم وكبيرهم، فلو لم يصلح لهذه المهمة، لاختار بدلاً عنه آخرَ، لكن لكلِّ مُهِمَّة رجالٌ، ولكل مقام مقال.

 

وكان الرجل الثالثُ هو عبدالله بن أبي بكر يبيت عندهما، فيدلج من عندهما بسحر، فيصبح في قريش كأنَّه بائت، وقد اختير لهذه المهمة، وهي أنَّه إنْ سَمِعَ أمرًا يُكْتَادَانِ به، وَعَاه، فيأتيهما بخبره ليلاً، وسببُ اختياره أنَّه ذو أمانة وثِقَة، وهو شابٌّ مستطيع، لَقِنٌ، فاهمٌ لما سمعه ثَقِفٌ؛ أي: ذو فطنة وذكاء.

 

أمَّا الرجل الرابع، فهو عامر بن فهيرة وهو مولى أبي بكر، وكان يرعى عليها، فيبيتان في رِسْل حتى ينعقَ - أي: يصيح - بها في غَلَس - ظلمة آخر الليل - فعل ذلك في كلِّ ليلة من الليالي الثلاث وهم في الطريق.

 

أمَّا الرجل الآخر فهو عبدالله بن أريقط وهو رجل مشرك من بني الدِّيل، لكنَّ النبيَّ انتفع منه واستأجره؛ ليدُلَّه على الطريق، لماذا؟ لأنَّه كان خبيرًا بطرق الصَّحراء، لم يستأجره؛ لأنه مشرك، أو لسبب آخر إنَّما أستأجره؛ لأنَّ مصلحةَ الدَّعوة مُتحققة في هذا، وللمفسدة المنتفية في دفع الأذى عن المؤمنين والمهاجرين، فضلاً عن الاحترام الواضح من النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأهل الاختصاص، وفعلاً سلك بهما طريقًا غير معهودة؛ ليُخفي أمرَهما عمَّن يلحق بهما من كفار قريش.

 

وأمَّا أسماءُ فلا بد أن نعرف أنَّ للنساء دَوْرًا عظيمًا في نصرة الدعوة وإمامها - عليه الصلاة والسلام - فكانت حاملة التموين من مكة إلى الغار، وسط جنونِ المشركين بَحثًا عن محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليقتلوه.

 

ويلاحظ أنَّ هذه الشخصيات تترابط كلها برباط العمل الواحد، تَجمعهم صفة الأمانة المتحققة في كلِّ واحد منهم؛ لتحقيق الهدف المنشود، وهو وصول إمام الدعوة محمد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة بسلام، فهي اختيارات مَرحلية للدَّعوة، وكأنَّ اختيارات الهجرة أسست عليها اختيارات الصَّحابة فيما بعد، فاختير الصديق الخليفة الأول بعد وفاة الرسول؛ إذ كان الرجل الثاني في الهجرة، فأصبح الرجل الأول بعد وفاة رسول الهجرة - عليه الصلاة والسلام.

 

ثم لمسنا وضع كل فرد من أفراد هذه الهجرة في عمله المناسب؛ ليكونَ أقدرَ على أدائه والنهوض بتَبِعَاته، فما بالك بمن يتسلَّم مَسؤولية الشَّعب في رئاسة أو تَمثيل أو خدمة؟! الأحرى بهؤلاء ومن يرشحهم أن يكونوا على قَدْرِ المسؤولية، ((فإنَّها أمانة، وإنها خِزْي ونَدامة إلاَّ مَن أخذها بِحَقِّها، وأَدَّى الذي عليه فيها))[3].

 

فهذا تدبير للأمور على نَحوٍ رائع بأسلوبٍ حكيم، وضع كل شخص في مكانه المناسب، وتغطية بديعة لكلِّ مراحل الحاجة في رحلة الهجرة، واقتصار على العدد اللاَّزم دونَ زيادة أو نقصان، دون مراعاة للقرابة والنَّسَب والمصالح الشخصية، فهذه هي أبرز أسس اختيار الأفراد في حمل الرِّسالة.

 

_________________________________________________________

[1] الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس إلى العصر.

[2] "السيرة النبوية"، لابن كثير، (2/233 - 234).

[3] أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - باب الإمارة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة