• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / مقالات


علامة باركود

الناس والحياة

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض


تاريخ الإضافة: 26/8/2010 ميلادي - 16/9/1431 هجري

الزيارات: 29363

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قال أبو عقيل بن درست:

إذا لم يكنِ المستمعُ أحرصَ على الاستماع من القائل على القوْل، لم يبلغ القائل في منطقِه، وكان النُّقْصان الداخل عليه بقدر الخَلَّة بالاستماع منه.

 

وقال أيضًا: نشاط القائل على قَدْر فَهْم المستمِع.

 

الكلام والصمت:

من الكلمات ما يكون له مغزًى عميقٌ، ويلامس القلوبَ كالندى، وتظلُّ رائحتُه العطرة عَبِقة طيِّبة، وتأتي الشهور والسِّنون، وتلك الكلمات لها وقعُها الحسن، وصداها الجميل، ومن الكلمات ما هي كالحِجارة الصلدة، والمطارق البغيضة، فصاحبُها يُثير الاشمئزاز، ويغرس الكراهيةَ، وينكد الحياة، وهذا النَّوْع من الكلمات بقدر ما هي مستثقلَة مبغضة، فإنَّها دليلٌ بارِز على ثِقل قائلها وبغضه، وأنه من فئة لا تُحتمل، ولا تُطاق رؤيتُها؛ لأنَّها قذًى في العين، وكابوسٌ على الصدر، ونكبة من النكبات.

 

لقد قال الشافعي ذات مرة ما معناه: إنَّه إذا جلس إلى جانِبه ثقيل، أحسَّ أنَّ جانبه الذي يليه كأنَّه قد أُصيب بالشَّلل.

 

لماذا لا نختارُ الكلمةَ الطيِّبة، والقول الهادئ السديد، فقد أرشدَنا الله للقوْل الطيِّب، والكلمة الصالحة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 – 71].

 

المرء بأصغريه:

المرءُ بلِسانه وعقله، وعِلمه وفضله، أمَّا المظاهرُ فهي شكل، وليست جوهرًا، وكم من شخص ذي رُواء ومنظر يُذكِّر بقصَّة أبي حنيفة في مدِّ رِجْله.

 

وكم مِن إنسان تقتحمه العينُ وينبو عنه النظر لأوَّل وهلة، بيْد أنَّ بيانه وحِنكته، واطِّلاعه تُجبِر سامعَه على تقديره والإعجاب به.

 

قال زُهَير بن أبي سُلْمى:

وَكَائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ
زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ فِي التَّكَلُّمِ
لِسَانُ الْفَتَى نِصْفٌ وَنِصْفٌ فُؤَادُهُ
فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ صُورَةُ اللَّحْمِ وَالدَّمِ

 

الحجاج والخوارج:

لَمَّا عاد الحجَّاجُ من محاربة الخوارج قال: اطلبوا لي فاضلاً أُخرجْه إلى عبدالملك، فأتَوْه برجل دميم المنظر، حسَن المخبر.

 

فلمَّا رآه عبدالملك استبشع منظرَه، فاستنطقه فملأَ أذنه صوابًا، فتعجَّب منه عبدالملك، وأنشد متمثلاً:

وَإِنَّ عِرَارًا إِنْ يَكُنْ غَيْرَ وَاضِحٍ
فَإِنِّي أُحِبُّ الْجَوْنَ ذَا الْمَنْكِبِ الْعَمَمْ

 

فقال: يا أميرَ المؤمنين، أتدري لِمَن هذا الشعر؟ قال: نعم هو لعمرو بن شاس في ابنه عِرار، فقال: أنا عِرار ابنه، فتعجَّب عبدالملك من مطابقة القول الحال، فأمر له بمال، وأوْصَى به إلى الحجاج.

 

دعاء:

يا ربِّ أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، اللهمَّ اغفر لنا حَوْبَنا، وتجاوز عن سيئاتنا، واشملْنا برحمتك التي وسعتْ كلَّ شيء، فأنت أهل ذلك والقادر عليه.

 

تسمع بالمعيدي:

♦ نظَر النعمان بن المنذر إلى ضَمْرة بن ضمرة، فلمَّا رأى دمامتَه وقِلَّته، قال: "تسمع بالمُعَيْدِي لا أن تراه"، هكذا قالتِ العرب.

 

فقال ضمرة: أبيتَ اللعن، إنَّ الرجال لا تُكال بالقفزان، ولا توزن في الميزان، وإنَّما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، إن صال صال بجنان، وإن قال قال ببيان.

 

وكان ضمرةُ خطيبًا فارسًا شاعرًا، شريفًا سيِّدًا.

 

♦ ومن الأمثال: "رُبَّ إشارة أبلغُ من عبارة".

 

♦ قال أبو الدرداء: أنصِف أذنيك مِن فيك، فإنَّما جُعل لك أذنان اثنتان وفم واحد؛ لتسمعَ أكثرَ مما تقول.

 

♦ كان مالك بن دينار يقول: لو كانتِ الصحف من عندنا لأقللْنا الكلام.

 

♦ قال محمَّد بن سلاَّم: كان عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه - إذا رأى رجلاً يُلجِلج في كلامه قال: خالق هذا وخالِق عمرو بن العاص واحد.

 

♦ وتكلَّم عمرو بن سعيد الأشدقُ، فقال عبدالملك بن مرْوان: لقد رجوتُ عثرتَه لَمَّا تكلَّم، فأحسن حتى خشيتُ عثرته إن سكت.

 

♦ قيل: أبلغ الكلام ما سابق معناه لفظه.

 

♦ تكلَّم رجل في مجلس الهَيْثم بن صالح فهَذَر ولم يُصِبْ، فقال: يا هذا، بكلام أمثالك رُزِق الصمتُ المحبَّة.

 

♦ كان عبدالملك بن مرْوان يقول: لأنا للعاقل المدبِر أرجى منِّي للأحمق المقبِل.

 

♦ ذُكِر الكلام في مجلس سليمان بن عبدالملك، فذمَّه أهلُ المجلس، فقال سليمان: كلاَّ، إنَّ مَن تكلَّم فأحسن قديرٌ على أن يسكت فيحسن، وليس كلُّ مَن سكت فأحسن قادرًا على أن يتكلَّم فيحسن.

 

♦ قال بعض الشعراء:

وَإِذَا نَطَقْتَ فَلاَ تَكُنْ أَشِرًا
وَاقْصِدْ فَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ قَصَدَا

 

♦ قيل لأعرابي: مَن أبلغ الناس؟ قال: أسهلُهم لفظًا، وأحسنُهم بديهة.

 

♦ وقال أبو الفتح البُستي:

تَكَلَّمْ وَسَدِّدْ مَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّمَا
كَلاَمُكَ حَيٌّ وَالسُّكُوتُ جَمَادُ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَوْلاً سَديدًا تَقُولُهُ
فَصَمْتُكَ عَنْ غَيْرِ السَّدَادِ سَدَادُ

 

زياد مع خارجي:

أَخذ زيادٌ رجلاً من الخوارج فأفلتَ منه، فأخذ أخًا له فقال: إن جئتَ بأخيك وإلاَّ ضربتُ عنقك، قال: أرأيت إن جئت بكِتاب من أمير المؤمنين تُخلِّي سبيلي؟ قال: نعم، قال: فأنا آتيك بكتاب من العزيز الرحيم، وأقيم عليه شاهدَين إبراهيم وموسى - عليهما السلام.

 

﴿ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى * وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [النجم: 36 - 38]، قال زياد: خلُّوا سبيله، فقد لُقِّن الرجل حُجته.

 

قال الشاعر:

وَلاَ خَيْرَ مَنْ لاَ يَنْفَعُ الْعَيْشُ أَهْلَهُ
وَإِنْ مَاتَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَيْهِ أَقَارِبُهْ
كَهَامٌ عَلَى الْأَقْصَى كَلِيلٌ لِسَانُهُ
وَفِي بَشَرِ الْأَدْنَى حِدَادٌ مَخَالِبُهْ

 

قال الحسن البصريُّ: إملاء الخير خيرٌ من الصمت، والصمت خيرٌ من إملاء الشرّ.

 

أعرابي ينعت صاحبه:

قال أعرابي في وصف صاحب له:

أفصحُ خَلْق الله كلامًا إذا حَدَّث، وأحسنهم استماعًا إذا حُدِّث، وأكفهم عن الملاحاة إذا خُولف، يعطي صديقَه النافلةَ، ولا يسأله الفريضة، له نفس عن العوراء محصورة، وعلى المعالي مقصورة، كالذهب الإبريز الذي يعزُّ كلَّ أوان والشمس التي لا تخفَى بكلِّ مكان، هو النَّجْم المضيء للجِيران، والبارد العَذْب للعطشان.

 

مخايل النجابة:

نَظَر رجلٌ إلى معاوية وهو غلام صغير، فقال: إني أظنُّ هذا الغلامَ سيسود قومه، فقالت هند: ثكلتْه أمُّه إن كان لا يسود إلاَّ قومه.

 

دعاء:

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واقمعِ الكفرة والملحدين، اللهمَّ وفقْنا لما تحبُّ وترضى.

 

مخبر الرجل لا مظهره:

الناس مخابِر لا مظاهر، فمَن جادتْ قريحتُه، وغزُر علمُه، ورجح عقلُه، وحَسُن أدبه، وقوي دِينُه، وثبت يقينُه، ونصع بيانُه، وكان جوادًا فاضلاً، فهو الرجل الرجل، وهو الذي ينطبق عليه قول القائل:

سَيَذْكُرُنِي قَوْمِي إِذَا جَدَّ جِدُّهُمْ
وَفِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ يُفْتَقُدُ الْبَدْرُ

 

إنَّ هؤلاء هم مفاخرُ الأمَّة ومحاسنها، وتيجانها وللآلئها، وبمثلهم ترتقي الأُمم، وتعتز الشعوب، وتتقدَّم الحضارة صُعدًا.

 

انشر لا أبا لك:

♦ قحطتِ البادية في أيام هشام بن عبدالملك، فوفدتْ رؤساء القبائل على هشام، ورحلوا إليه ومعهم ولدٌ عمره أربع عشرة سَنة، اسمه درواس بن حبيب، عليه شملتان وله ذؤابة، فاستصغرَه هشام، وقال لحاجبه: ما يشاء أحدٌ أن يصل إليَّ إلاَّ وصل حتى الصِّبْيان! وكان القوم قد تهيَّبوا القول وأحجموا عن الكلام، فقال درواس: يا أميرَ المؤمنين، إنَّ دخولي لم يخلَّ بك شيئًا، ولقد شرَّفني، وإنَّ هؤلاء القوم قدِموا لأمر أحجموا دونه، وإنَّ الكلام نشْرٌ، والسكوت طيّ، ولا يُعرَف الكلامُ إلاَّ بنشْره، فقال هشام: فانشر لا أبا لك، وأعجبه كلامُه.

 

فقال: أصابتْنا ثلاث سنين؛ فسَنَة أذابتِ الشحم، وسَنَة أكلتِ اللحم، وسنة نقتِ العظم، وفي أيديكم فضولُ أموال، إن كانت لله ففرِّقوها على عباده المستحقِّين لها، وإن كانت لهم فعلامَ تحبسونها عنهم؟ وإن كانت لكم فتصدَّقوا بها عليهم، فإنَّ الله يجزي المتصدِّقين، ولا يُضيع أجْرَ المحسنين.

 

واعلم يا أمير المؤمنين، أنَّ الوالي من الرعيَّة كالرُّوح من الجسد، لا حياةَ للجسد إلاَّ به، فقال هشام: ما تَرَك الغلام في واحدة من الثلاث عُذرًا! وأمر أن تقسم في باديته مائةُ ألف درهم، وأمر لدرواس بمائة ألف درهم، فقال: يا أميرَ المؤمنين، ارْددُها إلى أعطية أهل باديتي، فإنِّي أكره أن يعجز ما أمر لهم به أميرُ المؤمنين عن كِفايتهم؛ قال فما لك من حاجة تذكُرها لنفسك؟ قال ما لي من حاجة دون عامَّة المسلمين، ولما عاد درواس إلى منزله بَعَث له هشام بمائة ألْف درهم، ففرَّقها في تسعة أبطن من العرب، لكلِّ بطن عشرة آلاف، وأخذ هو عشرة آلاف، فقال هشام: إنَّ الصنيعة عند درواس لتضعف على سائرِ الصنائع.

 

♦ قال الإمام الشافعيُّ[1]:

لاَ خَيْرَ فِي حَشْوِ الْكَلاَ
مِ إِذَا اهْتَدَيْتَ إِلَى عُيُونِهْ
وَالصَّمْتُ أَجْمَلُ بِالْفَتَى
مِنْ مَنْطِقٍ فِي غَيْرِ حِينِهْ
وَعَلَى الْفَتَى لِطِبَاعِهِ
سِمِةٌ تَلُوحُ عَلَى جَبِينِهْ
كُلُّ امْرِئٍ فِي نَفْسِهِ
أَعْلَى وَأَشْرَفُ مِنْ قَرِينِهْ

 

♦ وقال بعضُ الشعراء:

وَكُنْتُ جَلِيسَ قَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ
وَلاَ يَشْقَى بِقَعْقَاعٍ جَلِيسُ
ضَحُوكُ السِّنِّ إِنْ نَطَقُوا بِخَيْرٍ
وَعِنْدَ الشَّرِّ مِطْرَاقٌ عَبُوسُ

 

♦ حُكِي أنَّ بعض الحكماء رأى رجلاً يُكثِر الكلام، ويقلُّ السكوت، فقال: إنَّ الله - تعالى - إنما خلق لك أذنين ولسانًا واحدًا؛ ليكونَ ما تسمعه ضعفَ ما تتكلَّم به.

 

♦ وقال الجاحظ: للكلام غايةٌ، ولنشاط السامعين نهاية، وما فضل عن الاحتمال، ودعا إلى الاستثقال والملال، فذلك الفاضلُ هو الهذر.

 

♦ ذكر ابن الجوزي في كتاب "الحمقى والمغفلين": قال عبدالله بن محمد: قلت لرجل مرَّة: كم في هذا الشَّهْر مِن يوم؟ فنظر إليَّ، وقال: لست أنا والله من هذا البلد!

 

♦ لما مات عبدالملك بن عمر بن عبدالعزيز حَزِن عليه أبوه حزنًا شديدًا، فقال ذات يوم لِمَن حضره: هل مِن منشد شعرًا يُعزِّيني به، أو واعظ يخفِّف عنِّي فأتسلَّى به، فقال رجل من أهل الشام: يا أميرَ المؤمنين، كلُّ خليل مفارِق خليله، بأن يموت، أو يذهب إلى مكان، فتبسَّم عمر بن عبدالعزيز، وقال: مصيبتي فيك زادتْني إلى مصيبتي مصيبة!

 

♦ وصف ربيعةُ بن حصن بن تيم اللاَّت بن ثعلبة قومًا بالعِيِّ، فقال: منهم مَن ينقطع كلامُه قبل أن يصلَ إلى لسانه، ومنهم مَن لا يبلغ كلامُه أُذنَ جليسه، ومنهم من يقتسر الآذان، فيحملها إلى الأذهان عبئًا ثقيلاً.

 

♦ صعد معنُ بن زائدة المِنبرَ فأُرتِج عليه، فضرب المنبر برِجله، ثم قال: فتى حروب، لا فتى منابر!!

 

♦ لَمَّا أتى يزيدُ بن أبي سفيان واليًا على الشام لأبي بكر - رضي الله عنه - خَطَب فأُرْتِجَ عليه، فعاد إلى الحمد فأُرتج عليه، فعاد إلى الحمد ثم أُرْتِج عليه، فقال: يا أهلَ الشام، عسى الله أن يجعل من بعد عسر يسرًا، ومن بعد عِيٍّ بيانًا، وأنتم إلى إمام عادل أحوجُ منكم إلى إمام قائل، ثم نزل، فبلغ ذلك عمرو بن العاص فاستحسَنه.

 

♦ قال الإمام الشافعي:

إِذَا نَطَقَ السَّفِيهُ فَلاَ تُجِبْهُ
فَخَيْرٌ مِنْ إِجَابِتِهِ السُّكُوتُ
فَإِنْ كَلَّمْتَهُ فَرَّجْتَ عَنْهُ
وَإِنْ خَلَّيْتَهُ كَمَدًا يَمُوتُ

 

♦ قال أبو العيناء: سمعتُ العباس بن الحسن العلويَّ يصف كلامَ رجل فقال: كلامُه سهل، كأنَّ بينه وبين القلوب نسبًا، وبينه وبين الحياة سببًا، كأنَّما هو تحفةُ قادم، ودواء مريض، وواسطة قلادة.

 

♦ قال عمرو بن معد يكرب: الكلام الليِّن يُليِّن القلوب التي هي أقسى من الصخر، والكلام الخَشِن يخشن القلوب التي هي أنعمُ من الحرير.

 

♦ قال زياد: ما قرأتُ كتاب رجل قطُّ إلاَّ عرفتُ فيه عقلَه.

 

♦ قال موسى بن يحيى بن خالد البرمكي: قال أبو علي: رسائلُ المرء في كتبه أدلُّ على مقدار عقلِه، وأصدقُ شاهِد على غيبه لك، ومعناه فيك من أضْعاف ذلك على المشافهة والمواجهة.

 

♦ قال الجاحظ: أحسنُ الكلام ما كان قليلُه يُغني عن كثيره، وكان معناه في ظاهر لفظِه، حتى ليُخيَّلََ لك أن الله - عزَّ وجلَّ - ألبسه من الجلالة، وغشاه من نور الحِكمة على حسب نيَّة صاحبه، وتقوى قائله، فإذا كان المعنى شريفًا، واللفظ بليغًا، وكان صحيحَ الطبع، بعيدًا عن الاستكراه، منزهًا عن الاختلال، مصونًا عن التكلُّف، صَنَع في القلب صُنْعَ الغيث في التربة الكريمة، ومتى فصلتِ الكلمة على هذه الشريطة، ونفذت من قائلها على هذه الصِّفة، أصحبها الله من التوفيق، ومنحها من التأييد ما لا يَمتنِع من تعظيمها به صدور الجبابرة، ولا يذهل عن فَهْمها عقولُ الجهلة.

 

♦ حكي عن أبي يوسف الفَقيهِ - صاحب أبي حنيفة -: أنَّ رجلاً كان يجلس إليه فيُطيل الصمت، فقال له أبو يوسف: ألاَ تسأل؟ قال: بلى، متى يُفطِر الصائم؟ قال: إذا غربت الشمس، قال: فإن لم تغرُبْ إلى نصف اللَّيْل؟ فتبسم أبو يوسف، وتمثَّل ببيتي الخطفي جَدِّ جرير:

عَجِبْتُ لْإِزْرَاءِ الْعَيِيِّ بِنَفْسِهِ
وَصَمْتِ الَّذِي قَدْ كَانَ بِالْقَوْلِ أَعْلَمَا
وَفِي الصَّمْتِ سِتْرٌ لِلْعَيِيِّ وَإِنَّمَا
صَحِيفَةُ لُبِّ الْمَرْءِ أَنْ يَتَكَلَّمَا

 

♦ رأى قبيصةُ بن المهلِّب جرادًا يطير، فقال: لا يهولنكم ما تَرَوْن، فإن عامتها موتى.



[1] تنسب هذه الأبيات للشافعي ولأبي العتاهية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة