• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / برنامج نور على الدرب


علامة باركود

الحلقة الثالثة والعشرون

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض


تاريخ الإضافة: 30/8/2010 ميلادي - 20/9/1431 هجري

الزيارات: 10272

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحد، رفع حُسَيْل بن جابر - وهو اليمان أبو حذيفة - وثابت بن وَقْش في الآطام[1] مع النساء والصبيان، فقال أحدهما لصاحبه - وهما شيخان كبيران -: لا أبا لك، ما تنتظر؟ فوالله ما بقي لواحدٍ منا من عمره إلا ظِمْءُ حمار (الظمء: مقدار ما يكون بين الشربتين، والحمار سريع الظمأ ولا يصبر عن الماء، فضربه مثلاً لقرب الأجل).

 

أما نحن هامة اليوم أو غد (الهامة: طائر تزعم العرب أنه إذا قتل قتيل لا يزال يصيح: اسقوني اسقوني، حتى يؤخذ بثأر القتيل، ويضرب مثلاً للموت).

 

أفلا نأخذ أسيافنًا، ثم نلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يُعلَم بهما.

 

فأما ثابت بن وقش، فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر، فاختلفتْ عليه أسياف المسلمين فقتلوه، ولا يعرفونه، فقال حذيفة: أبي! فقالوا: والله إنْ عرفناه، وصَدَقوا، قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَدِيَه، فتصدَّق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا.

 

ولا يدري المرء بأيهما يعجب أكثر: بشيخٍ يسعى إلى الموت راضيًا جذلاً، وقد كان مرفوعًا عنه الحرج، فلا يكلف بالقتال، ومع ذلك فهو يريد الشهادة في سبيل الله ويحرص عليها، أم بابن يبلغ في التسامح وكظم الغيظ إلى هذا الحد الذي يفوق الوصف؟!


ومن قصة حذيفة وأبيه، إلى قصةٍ تمثل الإيمان في أجلى معانيه:

في غزوة بني المصطلق تكلَّم عبدالله بن أُبَيٍّ رأس المنافقين وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل.

 

ونزله قوله - تعالى -: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [المنافقون: 8].

 

وأتى ابنُه عبدالله بنُ عبدالله بنِ أُبَي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: بلغني أنك تريد قتل عبدالله بن أبي، فإن كنتَ لا بد فاعلاً فمُرْني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمتِ الخزرجُ ما كان لها من رجلٍ أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أَبي يمشي في الناس، فأقتل رجلاً مسلمًا بكافر، فأدخل النار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بل نترفق به، ونحسن في صحبته ما بقي معنا)).

 

إن عبدالله المؤمن الصادق الإيمان، يريد أن يتولى قتْل والده، وهو الذي كان برًّا به، لطيفًا معه، وما يدفعه لهذا العمل الشاق، وهذه المهمة القاسية، إلا أن أباه رأسَ المنافقين قد أساء إلى الرسول، وإنْ أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحدًا بقتله على أعماله وأقواله الشنيعة، فإن ابنه يخشى أن يرتكب جرمًا بقتل مسلم، ومن ثَم فهو مستعدٌّ أن يقوم بمهمة قتل والده، ولا يكون متحملاً لإثم بأن يقتل مسلمًا ثأرًا بوالده الكافر.

 

ومن هذه القصة إلى قصة الإيثار والمحبة:

كان أبو خيثمة قد تخلَّف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فعاد ذات مرة في يوم حار، فوجد امرأتيه في عريشين لهما في حائطه، قد رشتْ كل واحدة منهما عريشها، وبرَّدتْ فيه ماء، وهيأت له فيه طعامًا، فلما دخل قام على باب العريش فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له، فقال: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم

♦ في الضِّحِّ والريح وأبو خيثمة في ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء في ماله مقيم؟! ما هذا بنَصَف، ثم قال: والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهيِّئَا لي زادًا ففعلتا، ثم قدم ناضحه فارتحل.

 

ثم خرج في طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أدركه حين نزل تبوك، فلما دنا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال الناس: هذا راكب على الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كن أبا خيثمة))، فقالوا: يا رسول الله، هو والله أبو خيثمة، ثم سلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال له: ((أولى لك يا أبا خيثمة))، ودعا له بخير، وقال أبو خيثمة في ذلك شعرًا:

وَلَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ فِي الدِّينِ نَافَقُوا
أَتَيْتُ الَّتِي كَانَتْ أَعَفَّ وَأَكْرَمَا
وَبَايَعْتُ بِالْيُمْنَى يَدِي لِمُحَمَّدٍ
فَلَمْ أَكْتَسِبْ إِثْمًا وَلَمْ أَغْشَ مَحْرَمَا
تَرَكْتُ خَضِيبًا فِي الْعَرِيشِ وَصِرْمَةً
صَفَايَا كِرَامًا بُسْرُهَا قَدْ تَحَمَّمَا[2]
وَكُنْتُ إِذَا شَكَّ الْمُنَافِقُ أَسْمَحَتْ
إِلَى الدِّينِ نَفْسِي شَطْرَهُ حَيْثُ يَمَّمَا

 

كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسوِّي الصفوف يومَ بدْرٍ وفي يده قدح يعدل به القوم، فرأى سَوَادَ بنَ غَزِيَّةَ، وهو مستنصل من الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال: ((استوِ يا سواد))، فقال: يا رسول الله أوجعتَني، وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقدني، فكشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه وقال: ((استقد))، فاعتنقه سوادٌ وقبَّله.

 

فقال: ((ما حملك على هذا يا سواد؟))، قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمسَّ جلدي جلدك، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخير.

 

أي حب يعدل هذا الحب؟ وأي إيثار يعدل هذا الإيثار؟ ومتى عرف مثل هذا الصفاء والود؟ ذلك ما بهر غيرَ المسلمين وهم يقرؤون سيرة الرسول، وصحابته الكرام، ويجهدون أنفسهم في إدراك السر الذي فعل الأعاجيبَ في نفوس الصحابة، وجعلهم يتعلَّقون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ويمتزج حبه بكل شيء في نفوسهم وإحساساتهم ومشاعرهم.

 

ولكن المسلمين يعلمون أن هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي أخرج اللهُ به الناسَ من الظلمات إلى النور، والذي هو حريص على البشر وهدايتهم، بالمؤمنين رؤوف رحيم، ليس غريبًا أن يكنَّ له الصحابة هذا الحبَّ وهذا التقدير، فهو أولى بحبهم من أنفسهم وولدهم والناس أجمعين.



[1] الآطام: جمع أطم، وهو القصر أو بيت مربع مسطح.

[2] الخضيب: المخضوبة، والصرمة: جماعة النخل، والصفايا: كثيرة الحمل، وتحمما: أخذ في الإرطاب فاسودَّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة