• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / مقالات


علامة باركود

التقليد الأعمى

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

المصدر: صحيفة الجزيرة، العدد 173، في 11/9/1387هـ.

تاريخ الإضافة: 8/7/2010 ميلادي - 26/7/1431 هجري

الزيارات: 17875

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كان واحدًا من الشباب المتعلِّم، وكان يعجبك رزانتُه، وعقلُه، وأدبُه؛ بَيْدَ أن خصلةً فيه هي التي كانت محلَّ تندر بين زملائه وعارفيه، فقد كان مولعًا بتقليد أحد أساتذته، مبالغًا في هذا التقليد إلى درجة مضحكة، حتى كاد أن يمسخ شخصيتَه مسخًا كاملاً؛ فهو يقلِّده في نبرات صوته، وحركات يديه، وطريقته في الحديث، وفي مِشيته وابتسامته ونظرته، حتى الكلمات التي يكثر أستاذُه من تَكرارها، يتَّخذها التلميذ لازمةً يردِّدها بمناسبة وبدون مناسبة، وصار هذا التقليد مثارَ حديث بين المجموعات من زملائه، فلا يكاد يُذكَر اسمُ التلميذ إلا ويتبادر إلى الذهن الصورةُ الممسوخة في تقليدٍ مضحك، ولا يجري ذِكرٌ للأستاذ إلا ويتْبعه التندرُ بالتلميذ، وبقدر ما كان الاستياء شديدًا من هذه الطريقة البهلوانية، فإن التعجب يتملك أولئك الزملاءَ كيف قدر التلميذ أن يقوم بهذا الدور التمثيلي باستمرار، والأكثر غرابةً أنه ممن يغلب عليه طابعُ الجدِّ والصرامة، فلو كان من ذوي الهزل، ومن هواة التمثيل، لم يكن الأمر بِدْعًا، ولكن أن يكون من ذوي الجد الذي لا يبتسمون إلا بمقدار، ولا يجيدون فن النكتة والإضحاك، ثم يبدو على تلك الصورة، فأمرٌ يحتاج إلى دراسة نفسية.

 

ولعلك تتساءل بعد: وهل كان راضيًا عن حالته تلك؟ إني لا أستطيع القطع برأي في ذلك؛ فإن مما لاحظتُه - وأكاد أجزم به - أنه مسرور جدًّا؛ بل إنه يعتبر ذلك مدعاةً للمباهاة والتفاخر، ومرت الأيام ولم أعد أرى ذلك التلميذَ السابق، إلا مرات قليلة تُعَدُّ بأصابع اليد خلال سنوات عشر، ولا أدري هل عدل عن تقليده أو أنه لا يزال كما عهدتُه يمثِّل نفس الدور في جدية وعزيمة؟ وقد يكون ما أثار هذه الذِّكرى، وهيج شجونها، مشاهدتي في أحد الأندية الثقافية لشخصٍ قيل: إنه سيلقي محاضرة دُعيتُ لها، وابتدأ المحاضر، وكم كانت دهشتي عظيمةً لتقليده للشخص نفسه في نبراته وحركاته، ولوازمه وشكوكه، وهذا ما جعلني أعود بالذاكرة إلى التلميذ الذي كان صورةً مشوهة لأستاذه، وأحسب أن التعليقات على المحاضر - المزعوم - ستكون ذات صلة وثيقة بالنكت التي يتبادلها زملاءُ التلميذ أيام الدراسة.

 

أما لماذا يلجأ أمثال هذين الشخصين إلى التقليد على هذا المنوال، ويثيران السخرية بتصرُّفهما المضحك؟ فلستُ أعرف له سببًا إلا أنه كما قيل: "وللناس فيما يعشقون مذاهب"، وما أحسبهما يتوقَّعان أن تتاح لهما مواهبُ من يقلِّدانه - إن كان فيه مواهبُ تستحق التمنِّي لنيلها - ولو لم يكن بين المرء ونيل علمٍ يضاهي ما لدى عالمٍ متبحر، أو احتواء ثروة كالتي يملكها غني، أو حصول جاهٍ يشابه ما ناله ذو جاه، إلا التقليدُ في الحركات والتعبيرات، لأصبحت المواهبُ ليست بذات جدوى، ولم تَعُد تستدعي كبيرَ عناء لتنميتها وصقلها، وتزيينها بالعلوم والمعارف والجد، ولأضحى كلُّ بهلوان يجيد تمثيل الحركات من أعظم النابغين، وأكبرِ العلماء، ومن ذوي المكانة المرموقين، ولو أن الأمر آل إلى هذا المستوى لم يعد فرقٌ بين التِّبر والتراب، والعلم والجهل، والذكاء والغباء، ولا لزوم للدرس والتحصيل، وسهر الليالي وعناء المذاكرات والمراجعات، وإنفاق زهرة العمر بين الكتب والدرس، وتضييع الوقت بين الطِّرْس والمحبرة، ولا داعي لكد العيون، والتردد على المعاهد والمدارس، والتنقيب عن الكتب الصفراء في رفوف المكتبات المغبرة، أرأيت إلى هذا المنطق العجيب؟!

 

أما إن كان لدى أولئك المقلدين تعليلٌ فلسفي آخر، فهذا ما لم نحط به علمًا ﴿ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة