• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور وليد قصاب / كتابات نقدية


علامة باركود

من شعر الحرب في الجاهلية

د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 2/10/2010 ميلادي - 23/10/1431 هجري

الزيارات: 924925

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يقدِّم أدبنا العربي القديم صفحاتٍ مُشرِقة من أدب الحرب؛ فقد لعبت الكلمة دورًا مشرفًا في جميع وَقائع القوم، فكان الشعر العربي منذ أقدم العصور يُواكِب المعارك والأيام والحروب، وكان للشعراء دورٌ في المعارك لا يقلُّ عن دور الفرسان فيها.

 

كانوا يحرِّضون على القتال، ويذكون رُوحَ الحَمِيَّة والحماسة، ويشجعون المقاتلين، ويَستَثِيرون الهمم والعزائم، ويذكرون الأمجاد والأحساب.

 

وإذا ما انتَهت المعركة رَثَوا أبطالَها وفرسانَها، وافتخروا بما حقَّقه الجيش من انتصار، وما أَوقَع في جند العدو من هزائم، واتَّخذ الشعراء من ذلك كله وسائلَ فخر وإعلان ودعاية، على نحو ما تَفعَله الصحف وأجهزة الإعلام المختلفة في أيامنا هذه.

 

وشعرنا العربي القديم شعر معارك وأيام، فقد كانت الغارة مَعْلَمًا واضحًا من معالم الحياة الجاهلية، وكانت الحروبُ بين القبائل لا تكاد تهدأ، وكان الشِّعر دائمًا يواكبها، لا يتخلَّف عنها في صغيرة ولا كبيرة، بل هو الذي كان يُشعِلها، ويوقد جذوتَها في كثيرٍ من الأحيان، وقد بلغ من مشاركة هذا الشعر في المعركة أنْ صار وثيقةً تاريخية مهمَّة عند المؤرخين والباحثين والدارسين، عند تَسجِيل أيام العرب وحروبها، بل هو من أهم الوثائق في هذا الميدان.

 

ومشاركة الكلمة في الحرب مشاركة قديمة، عُرِفت منذ العرب البائدة، فقد وقفت عفيرة بنت عباد من جديس تنعى على قومِها استسلامَهم للظلم، وهتك الحرمات، وتستعديهم على طسم، فتقول:

وَلَوْ أَنَّنَا كُنَّا رِجَالاً وَكُنْتُمُ
نِسَاءً لَكُنَّا لاَ نَقَرُّ بِذَا الْفِعْلِ
فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُمْ
وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ
وَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ
فَكُونُوا نِسَاءً لاَ يُعَبْنَ مِنَ الْكُحْلِ

 

وقد أشعلت كلمات عفيرة حميةَ الرجال، وكانت سببًا لحرب طاحنة أبيدت فيها طسم، وغَسَلَتْ فيها جديس عارًا كادَ يَلحقُها أَبَدَ الدهر.

 

الشعر والحرب:

إنَّ الشعر عند العرب مقرونٌ دائمًا بالحروب والوقائع، بل إنَّ كلمتَيِ "الوقائع والأشعار" كثيرًا ما تَرِدان مُقترنتين في كتب التُّراث؛ يقول ابن سلام على سبيل المثال: "وكان قومٌ قلَّت وقائعهم وأشعارهم، فأرادوا أن يلحقوا بمن له الوقائع والأيام...".

 

ويذهب بعضُهم إلى تعليل نشأة الشعر العربي بالحاجة إليه في ذكر الوقائع والأيَّام، والتغنِّي بما يكون فيها من أمجاد وبُطُولات؛ يقول ابن رشيق: "وكان الكلام كلُّه منثورًا، فاحتاجت العربُ إلى الغناء بمكارم أخلاقها، وطيب أعرافها، وذكر أيامها الصالحة، وأوطانِها النازحة، وفرسانها الأمجاد، وسُمَحَائها الأجواد؛ لتَهُزَّ أنفسها إلى الكرم، وتدُلُّ أبناءها على حسن الشيم، فتوهموا أعاريضَ جعلوها موازينَ الكلام...".

 

وكان الشِّعر لا يذكو إلاَّ في الحرب، وتكون النائرات التي بين القوم سببًا في ازدهاره وقوَّته، حتى إنَّ القبائلَ العربية التي لم يكن بينها حروب، ولم تعرف بوقائع وأيام لم يزدهر فيها شعر.

 

يقول ابن سلام: "وإنَّما كان يكثر الشعرُ بالحروب التي بين الأحياء، نحو حرب الأوس والخزرج، أو قوم يغيرون ويُغَار عليهم، والذي قلل شعر قريش أنَّه لم يكن بينهم نائرة، ولم يُحاربوا، وذلك الذي قلل شعر عمان...".

 

ولم يكن تصوير الشعر العربي للحرب تصويرًا ساذجًا أو سطحيًّا على الإطلاق، بل كان في منتهى العمق والدقة، صوَّر كل صغيرة وكبيرة من شؤونها: حسناتِها وسيئاتِها، دوافعها وفواجعها، ضرورتِها والمآسي الناجمة عنها، ومثلما حرَّض عليها دعا إلى اجتنابها ما لم تكن حاجة إليها.

 

سأل عمر بن الخطاب - رضِي الله عنه - عمرَو بن معدي كَرِب - شاعر العرب وفارسها - عن الحرب، فقال: "مُرَّة المذاق، إذا قلصت عن ساق، مَن صَبَرَ فيها عَرَف، ومَن ضَعُفَ عنها تَلِف، وهي كما قال الشاعر:

الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّةً
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اسْتَعَرَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا
عَادَتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ خَلِيلِ
شَمْطَاءَ جَزَّتْ رَأْسَهَا وَتَنَكَّرَتْ
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ

 

وسأله عن السلاح، فقال: الرُّمح أخوك، وربَّما خانك، والنبل منايا تخطئ وتصيب، والتُّرس هو المجن، وعليه تدور الدوائر، والدرع مشغلة للفارس، متعبة للراجل، وإنَّها لحصن حصين...".

 

وهكذا فالمقاتل العربي يعلم حَقَّ العلم أن الحربَ مُرَّة قبيحة، وهي قد تغري الفارس في أول الأمر وتخدعه، كما تخدع الفتاةُ الصَّغيرة الشاب الغِرَّ، ولكنَّه ما يلبث أن يذوق ويلاتِها، وتنكشف له عجوزًا شمطاء قبيحة مخيفة.

 

ولكَمْ ذاق العربُ من حَرِّها ما ذاقوا، واصطلوا من نارِها ما اصطلوا! وهذا ما عبّر عنه قول زهير بن أبي سُلمى حكيم العرب وشاعرها:

وَمَا الْحَرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمُ
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ

الشُّعراء الفرسان:

والواقع أنَّ القبائل العربية في الجاهلية كانت تعيش معيشة حربية، فهي أشبَه ما تكون بكتائب تنزل للرعي، ولكنَّها في الوقت نفسه تتجهز بالأسلحة الكاملة؛ كي تدفع الخصومَ عن مراعيها، أو تغير على غيرها، فتسبي نساء، وتنهب أموالاً، وتغنم غنائم، وقد اشتَهَر بين العرب جماعة من الشعراء الفرسان، وطار صيتهم بين القبائل؛ لِمَا أظهروا من ضروب البطولة، وما عرفوا به من مهارة الكَرِّ والفر.

 

وكان لشعرهم دَوْرٌ في المعارك، لا يقل عن دَوْرِهم الذي كانوا يُمارسونه بالسيف والسنان، ويلقانا في تاريخ الأدب العربي عددٌ كبير من أسماء هؤلاء الفرسان، وقصص مثيرة عن بطولاتِهم النادرة، كالمهلهل بن ربيعة التغلبي فارس حرب البسوس، وهو الذي أشعل نيرانها ثأرًا لأخيه كليب، ويدور شعرُه حول المعارك والحروب، فهو لا يني يحمس قومه، ويدعوهم للثَّأر من بكر، ويذكر الرُّواة أن المهلهل أول من قَصَّد القصائد، وذكر الوقائع.

 

ومن الفرسان المشهورين عامر بن الطفيل، فارس قيس، وأشدها بأسًا، وهو دائم الحديث عن فروسيَّته، وحسن بلائه في حروب قومه مع ذبيان في يوم (الرقم) ويوم (ساحوق) وغيرهما، ومن شعره يذكُر بطولته في يوم فيض الريح، ويتحدث عن فرس له يُسمَّى المزنوق:

لَقَدْ عَلِمَتْ عُلْيَا هَوَازِنَ أَنَّنِي
أَنَا الْفَارِسُ الْحَامِي حَقِيقَةَ جَعْفَرِ
وَقَدْ عَلِمَ الْمَزْنُوقُ أَنِّي أَكُرُّهُ
عَلَى جَمْعِهِمْ كَرَّ الْمَنِيحِ الْمُشَهَّرِ
إِذَا ازْوَرَّ مِنْ وَقْعِ السِّلاَحِ زَجَرْتُهُ
وَقُلْتُ لَهُ: ارْبَعْ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرِ
وَأَنْبَأْتُهُ أَنَّ الْفِرَارَ خِزَايَةٌ
عَلَى الْمَرْءِ مَا لَمْ يُبْلِ جَهْدًا وَيُعْذَرِ

 

ومن الشُّعراء الفرسان المشهورين دريد بن الصمة، وخفاف بن ندبة، والزبرقان بن بدر، وعروة بن الورد، وقيس بن زهير، والسليك بن السلكة، والجحاف بن حكيم، وأبو المغلس مالك بن نويرة، وغيرهم كثيرون.

 

ولكن أشهر فارس احتَفظت به ذاكرة الأجيال منذ القديم وحتى يومنا هذا: عنترة بن شداد، الذي طارت شهرتُه بالفروسية والشجاعة الخارقة منذ الجاهلية، حتى صار مثلاً رفيعًا للبسالة والبطولة الحربيَّة، فهو الذي دَوَّخ الأبطالَ في حروب داحس والغبراء، واستعاد - ببلائه في الحرب - مكانته وحريته اللتين فقدهما؛ بسبب عبوديته وسواد لونه.

 

وشعر عنترة كلُّه في الحرب، والتغنِّي بشجاعته فيها، فهو فارسٌ شهم يقاتل لمجد قومه، وذب العار عنهم، ولا يقاتل للغنائم والأسلاب، وهو مقدام جسور في وقتٍ تشتد فيه الحرب، ويندر مَن يصبر على نارها، يقول في معلقته المشهورة:

هَلاَّ سَأَلْتِ الْخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ
إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ أَنَّنِي
أَغْشَى الْوَغَى، وَأَعِفُّ عِنْدَ الْمَغْنَمِ
وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى
إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الْفَمِ
فِي حَوْمَةِ الْمَوْتِ الَّتِي لاَ تَشْتَكِي
غَمَرَاتِهَا الْأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّهَا
أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الْأَدْهَمِ

 

وهكذا كان أدبنا العربي منذ أقدم العصور مجندًا لخدمة المعركة والحرب، ولو استَنطَقنا كتبَ التراث عند دَوْرِ الكلمة الجاهلية في وقائع العرب وغزواتهم لحدَّثتنا بثروة لا تنضب، وذخيرة لا تنفد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
18- أبطال ربيعة
عبدالله العنزي - السعودية 03-09-2018 05:50 AM

أيضاً :
بسطام بن قيس من بكر بن وائل
وربيعة بن مكدم الكناني

بلغو الآفاق بالفروسيه والشجاعة..

17- رائع
احمد النوار - هولندا 24-05-2016 03:30 AM

موقع رائع

16- هذا الكلام جميل جدا شكرا
الرشيد - السودان 04-03-2016 08:56 PM

يا أحبابنا أنتم تقومون بدور جميل جدا في نشر القصص

15- الدهر كالدهر والأيام واحدة ...
حذيفه - السودان 24-12-2015 04:57 PM

الدهر كالدهر والأيام واحدة ... والناس كالناس والدنيا لمن غلبا

14- جميل
لميس محمد - السودان 17-10-2013 11:09 AM

موقع جميل فعلا..

13- تعقيب
زائر - سوريا 18-02-2013 08:18 AM

ما زال بإمكاننا التركيز على تأريخ الحروب والمعارك والغزوات في التاريخ العربي
ولكن هل نستطيع أن نعقب دراساتنا التاريخية بأدب عنوانه (المقارنة) حيث أننا سنحتاج دائما إلى التفريق بين الشاعر الفارس والشاعر الشاعر
من كتب ومن قاتل
من روى ومن فعل
‏وشكرا

12- روعة
سجى - فلسطين -غزة 06-12-2012 07:49 PM

إن النصوص الشعرية جميلة جدا، ممتاز ..

11- حرية
سارة - الجزائر 17-08-2012 04:17 PM

القصيدة رائعة جدا

10- ملاحظة
papo - مصر 07-08-2012 12:04 AM

ما أحلى الشعر الجاهلي وما فيه

9- شجاعة
شجاع - سعودي 14-06-2012 06:32 PM

إن الخوف رعب للخونة وإن الشجاعة قوة للأبطال

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة