• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور وليد قصاب / قصص قصيرة


علامة باركود

الصفعة

د. وليد قصاب

المصدر: آخر ما كتب د. وليد قصاب من القصص، خص بها موقعنا مشكوراً.

تاريخ الإضافة: 17/12/2006 ميلادي - 26/11/1427 هجري

الزيارات: 19647

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
لا تفتأ رسائلها عليه تترى، تحرضه على العودة، بل تسترحمه وتقسم عليه أن يعود:
- لم يعد شيء يحملك على البقاء.
العمر ينفد، ولن تستطيع الحصول على كل شيء، وإن بقيتَ هنالك عمرين..
تفعل كلماتها في نفسه فعل السحر. تستحلب الدمع من عينيه،
تؤجِّج نيران الشوق في صدره.
وكم بات وهو يعتزم أن ينهض في الصباح ليتدبر أمر العودة إلى الوطن!
ولكنه ما إن يهمَّ أن يخطو خطوة واحدة في هذه السَّبيل حتى تدهمه الأفكار، وتبدأ حسابات الربح والخسران.
يحمله التفكير فوق أجنحة الغيم، فلا ينام ليلتذاك، وما يلبث سحرُ كلامها أن يتلاشى، بل أن يتبخر كما تتبخر قطرات الماء التي أصابتها شمس الظهيرة..
عنده خمسة أولاد...

لا يستطيع ما جمعه من المال خلال عشر السَّنوات التي قضاها هنا أن ينهض بتدريس واحد منهم تدريساً محترماً في كلية من هذه الكليات التي يحلم بها..
لا يستطيع ما جمعه أن يشتري فرشاً لائقاً لبيت متواضعٍ اقتناه بعَرَق أكثر من نصف سنوات الغربة التي مرت عليه هنا..
آهٍ.. ما أجمل كلامها.. وما أرقَّ رسائلها.. ينفعل بها، يتلبسه الحنين من رأسه إلى قدميه.. يحسّ أنه مسكون بالوطن وناسِه فقط، سيطير إليهم مع هذه العصافير الكثيرة السَّابحة..

ولكنْ.. تعترض (لكنْ) حلقه كالشوكة الجارحة، أو كالغصَّة المحرقة، فيتبدد الألق من حوله، ويبدأ النكوص:
- سأبقى.. لما يحِنْ بعدُ وقت العودة..
يسأله محمود صديقه في الغربة:
- إلى متى ستبقى؟
يردُّ عليه يائساً:
- ماذا أفعل إذا عدتُ؟.. سأنفق مامعي خلال مدة يسيرة..
سيكون الوضع هنالك خروجاً من غير دخول، دفعاً من غير قبض..
البطالة ضاربة أطنابها.. و((البطَّال ينفد ما معه وإن كان بيت مال))..
يقول له محمود:
- ولكنَّ وضعك هاهنا سيئ.. عملك ليس على ما يرام..
يرد منهياً الحوار:
- وضعي هنالك أسوأ.. أصبحت المعادلة منذ زمن غير بعيد:
((ارضَ بالمرِّ هرباً من الأمَرِّ..)).
ولكنها لا تيأس، لا تكفُّ عن استحثاثه على العودة.
ذات يوم جاءته منها رسالة، استدرَّت – كالعادة –  الدموعَ من عينيه..
أحسَّ – كما كان يحسُّ في كلِّ مرة –  أن مقاومته ستنهار..
حدَّثته عن مرض أحد أولاده، وحدَّثته عن بوادر غير مرضية أصبحت تظهر في سلوك ولد آخر.
وحدثته كذلك عن النظرات التي أصبح يرشقها بها بعض المتصعلكين الذين يرونها ((غنمة شاردة من غير راع..)).
إن أحدهم لم يعد يكفُّ عن ملاحقتها، ثم صار يتصل بها بالهاتف ليلاً ونهاراً..

لم تدرِ من أين حصل على الرقم؟
كلام كثير كثير.. أشعل البركان في عروقه، أوقد جذوة الشهامة والغيرة..
دارت به الدنيا ولفت..
قال لمحمود صديقه الوحيد الودود في هذه الغربة الحجرية وهو يجفِّف الدموع التي تجمعت في مآقيه:
- المرأة صارت شاة يطمع بها أولاد الكلب من الذؤبان، والأولاد كبروا ولم تعد تستطيع السيطرة عليهم..
- هذا يوجب أن تعزم على العودة..
قالها له محمود بحزم:
- ولكنك تعرف الظروف..
وبحزم أشدَّ قال له محمود:
- ستبقى الظروف هكذا وإن امتد بكَ العمر عمراً آخر كما تقول زوجتك..
استخر الله وعُد..
- أعود!..
نطقها بين الرجاء والخوف، بين الفرح والإشفاق من مجهول يخافه..
- استخر الله
- لا إله إلا الله..
- صلِّ قبل أن تنام، واقرأ دعاء الاستخارة، وسيشرح الله صدرك لاتخاذ قرار حكيم..

بعثتْ كلمات محمود في نفسه سكينة روحية. صلَّى تلك الليلة بخشوع ما أحسَّه في حياته.
شعر أنه يتصل بربه مباشرة..
ناجاه بضراعة، ذرف دموعاً كثيرة، سأل الله أن يلهمَه اتخاذ القرار السديد، وأن يفتح أمامه باب المستقبل:
- أنت ياربِّ أعرف بالحال..
هنالك فقر وضيق يد.. هنالك إنفاق كثير ودخل قليل..
أريد أن أعيش حياة كريمة.. حياة لا أحتاج فيها إلى أحد..
وهنا مال أكثر وذلٌّ أكثر.. أدَّخر اليسير ولكني أدفع الكثير.. أدفعه غربة ودموعاً وشوقاً، أدفعه حنيناً إلى الأولاد والزوج والأهل..
هنا أتحمل الإهانات.. إهانات رب عمل جاهل مغرور.. ينظر إلى ما آخذ ولا ينظر إلى ما أعطي.. كلُّ ما تقدِّمه يحسبونه أقل من القليل الذي يدفعونه إليك..
تعيش بينهم ربع قرن أو أكثر ولا يشعرون بجميلك.. تظلُّ غريباً.. غصناً لا يجوز أن يثمر.. محفظتك قرب الباب.. يرحِّلونك في أي وقت يشاؤون..

نام بعد مناجاة طويلة مع ربه، وبعد حوار عميق مع نفسه،
كانت همومه ثقيلة كالجبال، وكان اتخاذ القرار أثقل منها، ولكنه – على الرغم من ذلك – نام منشرح الصدر، بعد أن سلَّم مقاليد أموره لكف الرحمن، وسأله أن يلهمه السَّداد.
ما كاد يغط في نومه قليلاً حتى صحا فزعاً..
كان كابوساً مرعباً مخيفاً، جعله ينتفض في فراشه كالملسوع.
رأى فيما يرى النائم أن ربَّ العمل يهينه أمام الجميع إهانات قاسية..
وعندما حاول أن يردَّ عليه رفع يده وصفعه على وجهه بأقصى ما أوتي من قوة.
كان يرتجف في فراشه. شعر أن أثر الصفعة على وجهه..
نهض فزِعاً، أوقد النور، وراح ينظر في المرآة.
كاد يسقط مغشياً عليه. أهذا معقول؟
أحسّ أن خده متورم، رأى آثار كف على وجهه، أصابعُ خمسٌ لكف مرتسمةٌ على خده الأيسر بشكل لا تخطئه العين.
راح يتحسسها. كانت تؤلمه، ولكنها كانت آثار صفعة.
بحلق في المرآة مرة ثانية وثالثة، أجل، إنها صفعة..
كانت الرسالة واضحة، وصلته فصيحة بيِّنة. لم يكمل نومه، راح في الليل يجمع حاجاته استعداداً للرحيل..




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- رائعة
ناريمان - مصر العربية 31-12-2013 08:44 PM

قصة مؤثرةز ولكن هذا ثمن الغربة. قاتل الله الغربة إذا لم يعرف من تهاجر إليهم قدرك

1- صفعـــــــــــــــــــــــة ..!!
أمل مطر - السعودية 24-07-2007 01:16 PM
السلام عليكم ..

هذا الرجل غير ملام أبداً .. فهو بين اختيارين كلاهما أمر من الآخر ..

أعانه الله على حاله .. وادام تلك الصفعاااات ..!!

دمت بخير ..
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة