• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور وليد قصاب / كتابات نقدية


علامة باركود

النص يحيا بلفظه وفكره

د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 11/11/2008 ميلادي - 12/11/1429 هجري

الزيارات: 15839

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
تَشْتَدُّ يَوْمًا بعد يوم قبضة النَّزعات النَّقديَّة، التي تريد تجريد الأدب - أو الفن عمومًا - مِن أي وظيفة فكريَّة، أوِ اجتماعيَّة، أو خُلُقيَّة، وتريد قصره على التَّعبير عنِ التَّجارب الجماليَّة، أوِ الذاتيَّة، أو تلك البعيدة عن الواقع بشكلٍ عام، حتى كأنَّ الفكر قد صار سُبَّة في العمل الأدبيّ.

ولن نُعدمَ أن نجد نقادًا غيرَ قليلينَ، ممَّن يَتَحَمَّسُون اليوم لاتجاهات النَّقد الحداثي، يُشيدون بقصيدةٍ تَتَحَدَّث - كما يقول الناقد الماركسي "جوزيف فريمان" - عن رياح الخريف، وكيف عَبَثَتْ بِشَعْر فتاة، أو تَتَحَدَّث عنِ النُّهود العطشى، وتُعِدُّ ذلك تجربةً فنيَّة مُتَأَلِّقة؛ ولكنها لا تَتَحَمَّس لقصيدة تعالج قضيَّة اجتماعيَّة، أو خلقيَّة، أو سياسيَّة؛ كشنق الزُّنوج في جنوب الولايات المتحدة الأمريكيَّة، أوْ إضراب سان فرانسيسكو، وما شَاكَل ذلك، ويقولونَ إنَّ هذه الموضوعات لَيْسَت تجربة، وقد تُعِدُّها أقرب إلى الوَعْظ، أوِ الخَطَابة، أو الدّعاية.

ولا شك أنَّ هذا تَصَوُّر خاطئ لِحَقيقة النَّص الأدبي، وفيه قصور في فهم وظيفة الأدب، بل إنَّ ذلك ارْتَكاسٌ به في نظريَّات نقديَّة مثاليَّة، لَمْ يَعُدْ مجتمع اليوم - ولاسيَّما المجتمع العربي الإسلامي - المأزوم بالهُمُوم والتَّحديات الاجتماعيَّة والحضاريَّة - يستطيع التَّعامُل معها.

لقد أَخْطَأَتِ النَّظريَّات المثاليَّة والجماليَّة النَّقديَّة، باستمرار خَطَأَيْنِ كَبِيرَينِ في تعامُلِها مع النَّصِّ الأَدَبِي:
- أحدهما: قصر طبيعة التَّجربة الفنيَّة على تغذية حاسَّة الجمال في الإنسان، والْتِماس الفن لِذَات الفن.
- ثانيهما: وهو تابع للأول، قصر الفن على الموضوعات التي لا تَمُتُّ إلى الواقع أو المجتمع بِصِلَة.
ولذلكَ تَجَرَّدَ الأدب مِن وظيفته الاجتماعيَّة؛ بل قُلِ الإنسانيَّة، وأوشك أن يَتَمَحَّض للتَّشكيل اللَّفظيِّ وحده.

إنَّ هذه الآراء النَّقديَّة، التي تجد لها اليوم حُضُورًا باهرًا - بِشَكل أو بآخر - في نظريَّات الحداثة وما بعدها: من بِنْيَوِيَّة، وأُسْلُوبيَّة، وشَكْلانيَّة، وما شاكَلَ ذلك، تقع في وَهْم التَّمييز، أوِ الفَصْل بينَ الشَّكْل والمَضْمُون، أو بين الصُّورة والرُّؤية، مُتَنَاسِيةً أنَّ أيَّ عملٍ أدبي ما هو إلاَّ تركيب خيالي للعاطِفة، والصُّورة، والفِكْر، والشَّكل الخارجي، وقيمته هي في اتِّحاد هذه العناصِر المُكَوِّنة له اتِّحادًا عُضْويًّا، بحيثُ يَتَغَلْغَل كلُّ عنصر من هذه العناصر في نسيج العناصر الأخرى، ويَتَمَاهَى فيها، وتَتَمَاهَى فيه تَمَاهيًا تامًّا.

إنَّ المضمونَ الفِكْري، خلقيًّا، أو سياسيًّا، أو دينيًّا، شيء مرحَّبٌ به في الأدب، على ألاّ ينفصلَ بالتَّأثير وحده، وألاَّ يوصفَ على انفرادٍ بأنَّه فَنّي، أو أن يُعْطى أي قيمة، وهو مجرَّدٌ في حدِّ ذاته.

إنَّ الذي ينبغي أن يوصفَ بأنه فني، هو النسبة القائمة بين المضمونِ والشَّكل، وليس أحدهما مجردًا أو مُنفصلاً.

إنَّ الأفكار السَّامية وحدها لا تصنع أدبًا ولا فنًّا؛ ولكن الأدب العظيم لا يَتَحَقَّق مِن دونها.

تقول الناقدة "إليزابيث درو": "إنَّ المبنى في ذاته لا قيمةَ له دون المعنى، وإنَّ الاثْنين لا ينفصلان، إنَّما الشعر استعمال خاصٌّ لِلغة، ولكن قيمة أيِّ استعمال للغة هي أن تقولَ شيئًا، لأنَّ اللغة وسيلة الاتِّصال بين الناس"[1].

وكان ناقدٌ شهيرٌ - وهو "ماثيو أرنولد" - يُصِرُّ على أنَّ المعاني الجديَّة هي أساس الشعر، وقد اسْتَبْعد شاعرًا كبيرًا - هو "شوسر" - مِن بين الأسماء الكبرى؛ لأنَّ شِعْره لا يَتَضَمّنها[2].

إنَّ الشِّعر خاصة - والأدب عمومًا - ليس وَعْظًا، أو دعاية لِمَبادئ وشعارات؛ ولكنَّه فنّ، وفنيته لا تَتَحَقَّق بالأفكار؛ بل تَتَحَقَّق بالألفاظ والعبارات، تَتَحَقَّق باللُّغة المُتَأَلِّقة الباهرة.

وهكذا تَتَمَثَّل في كل عمل أدبي مُعَادَلة ذات طَرَفَيْن مُتَدَاخلَين، يستحيل الفصل بينهما: الشَّكل، والمضمون.

بالشَّكْل يكتسب النَّص فَنّيته، ويدخل حرم الأدب، وبالمضمون يكتسب قِيمته وعَظَمته، إنَّ رسالة الشِّعر - كما تقول "إليزابيث درو" - هي أن يكشفَ عن قيمة هذا العالَم، عالَم تجربة الإنسان الحي، ولكن الشعر يعيش في لُغته، ولا يمكن فصله - بأيِّ حال - عن ألفاظه الأصيلة التي كُتب بها[3].
ــــــــــــــــــــ
[1] "الشعر كيف نفهمه وَنَتَذَوَّقه"، لـ"إليزابيث درو"، ترجمة/ محمد إبراهيم الشوشي: ص 125.
[2] السابق: ص 33.
[3] السابق: ص 335.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة