• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور وليد قصاب / كتابات نقدية


علامة باركود

الأدب الإسلامي في إطار البدهيات الشرعية والواقعية

الأدب الإسلامي في إطار البدهيات الشرعية والواقعية
د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 11/2/2012 ميلادي - 18/3/1433 هجري

الزيارات: 21553

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنَّ موطنَ الخلاف بين دعاةِ الأدب الإسلامي وبين معارضيه أن الأولين يؤمنون بارتباطِ الأدب بالدِّين، وهم يرون أنَّ هذا الربط هو من صميمِ العقيدة، وليس مجرد مذهب في الأدب والنقد فحسب.

 

بينما لا يرى الآخرون هذا الارتباطَ، ولعلهم قد يشعرون بأن الأدبَ نشاط مستقل عن الدين، في الطبيعةِ والوظيفة، ويبدو لي - فيما اطلعتُ عليه من آرائهم - أن الذي يحملهم على تبني هذا المواقف أمران رئيسان:

1- إنَّ ربط الأدب بالدين - في تصورِهم - يضيِّقُ من آفاق الأدب، ويضعُ في وجهِه حدودًا تقلِّص من تجربتِه، بل قد تضعفه وتليِّنه، وهم يجدون في مقولاتٍ قديمة وحديثة ما يجعلهم يذهبون هذا المذهب.

 

كقولِ الأصمعي الذي وجَّهوه هذا التوجيه: "طريق الشعرِ إذا أدخلتَه في بابِ الخير لان؛ ألا ترى أنَّ حسان بن ثابت كان علاًّ في الجاهليةِ والإسلام، فلما دخل شعرُه في بابِ الخير من مراثي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحمزة وجعفر - رضوان الله عليهما - وغيرهم لان شعرُه.

 

وطريقُ الشعرِ هو طريق شعر الفحول؛ مثل امرئ القيس، وزهير، والنابغة؛ من صفاتِ الدِّيار والرحل والهجاءِ والمديح والتشبيب بالنَّساء، وصفة الخمر والخيل والحرب والافتخار، فإذا أدخلتَه في بابِ الخير لان"[1].

 

وفي رواية: "الشعرُ نكد بابه الشر، فإذا دخل في الخيرِ ضعُف؛ هذا حسان بن ثابت - رضي الله عنه - فحلٌ من فحولِ الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعرُه"[2].

 

وكقول "جوتييه" في العصرِ الحديث: "إنَّ الأشياءَ تبدو جميلة بنسبة للمنفعة"[3].

 

إنَّ الأدب - في نظرِ هؤلاء - لا عَلاقةَ له بالدِّين، ووظيفته مختلفة عن وظيفةِ الدِّين؛ فهو ليس للدَّعوة، ولا للإصلاحِ والتهذيب، ولا لإرساءِ قيمٍ للأخلاق والفضيلة، بل هو فقط للإمتاعِ والإدهاش والتسلية.

 

2- إنَّ ربطَ الأدب بالدين يدخلُه في دائرةِ التصنيف، والتصنيف "الإيديولوجي" بشكلٍ خاص، والأدب - في رأي هؤلاء - لا يجوزُ أن يخضعَ لهذا التصنيفِ؛ إذ هو أدب وحسب، ولا ينبغي البحثُ إلا عن طبيعتِه، وعما يميِّزُه من الكلامِ العادي، وهذا وحده هو الذي ينبغي أن يكونَ وكد المبدعِ والنَّاقد على حدٍّ سواء، وأما الاشتغالُ بالبحثِ عن وظيفة الأدب وأهدافه فهو اشتغالٌ بشيء خارج الأدب.

 

والواقعُ أنَّ ما يورده المعارضون متهافت من ناحيتين اثنتين؛ هما: شرعية، وواقعية:

أ- فأما الناحية الشرعية: - لمن كان حريصًا عليها - فهي محسومة بآياتٍ وأحاديثَ ونصوص للعلماء والفقهاء وأهلِ الفتوى لا حصرَ لها، وهي نصوصٌ لا حصرَ لها، وهي تبيِّن - على نحو لا تأويلَ فيه ولا تجوُّز - أنَّ الكلمةَ في الإسلامِ أمانة، وهي في موطنِ المحاسبة والمؤاخذة، ولا يُعفى من التزامِ الحقِّ فيها لا قائلٌ عامي ولا قائل أديب، والكلام - بحسب هذا الدليلِ الشرعيِّ ذي النصوص الكثيرة الواضحة - ليس كله سواء، بل منه الحقُّ والباطل، والصِّدقُ والكذب، والطيِّبُ والخبيث.

 

والدُّعاة إلى الأدبِ الإسلامي لا ينكرون على الأديبِ أن يعبِّر عمَّا شاء من التجارِب، وأن يكتبَ عمَّا أراد من القضايا التي لا حصرَ لها، وهم لا يشترطون إلا أن يكونَ ما ينشئه من القولِ - الذي استوفى شروطخصائص الفن وجمالياته، التي لا يكون الكلامُ أدبًا إلا بها - حقًّا لا لغو فيه ولا تأثيم، لا يعتدي على الإسلام، ولا يتجرأ على حرماتِه، كما أصبح شائعًا في كتاباتِ أدباء هذا الزمان، حتى غدا من معاييرِ الأدب المعتبر عندهم تدنيس المقدَّس، والخروج على المحرَّم، وقول ما كان مسكوتًا عنه مما أمر اللهُ ورسولُه بستره.

 

وإذا لم يكن هذا الأدبُ دفاعًا عن الإسلام وقيمه، وذبًّا عن حياضِه التي يستبيحُها اليوم كثيرون؛ فلا يكن - على الأقلِّ - خروجًا عليه، ولا انتهاكًا لمحرماتِه.

 

إنَّ الإسلامَ لا يعرف كلمةً غير هادفة ولا غير مسؤولة، لا يعرفُ كلمة تُساق لمجرَّدِ الإمتاع وحده، والتسلية وحدها، وهو لا يحرِّم الإمتاعَ والتسلية، ولكنه يربط ذلك بالنفعِ والخير، ولا جمال عنده إذا لم ينطوِ على حقٍّ.

 

ولا عبرةَ أن يقولَ قائل - وإن صدق -: إنَّ طائفةً كبيرة من الأدباءِ والنقاد - قديمًا وحديثًا، ومن عرب وغربيين - لم يروا ذلك، ودعوا إلى فصلِ الأدب عن الدِّين؛ فإن هذا لا يقدِّم ولا يؤخِّر في هذه القضيةِ شيئًا؛ وذلك أنَّ الحقَّ لا يُعرف بالرِّجال، ولا ينهضُ على ما يتبنونه من آراء إذا كانت الأدلةُ الشرعية لا تؤيدها، ولكنَّ الرِّجالَ يُعرفون بالحقِّ، وليس بعد قولِ الشرع من قول.

 

وإذا كان الشعرُ لا يكون شعرًا والقصَّةُ لا تكون قصةً، إلا إذا خرجت عن حدِّ الدين، أو تمرَّدت على الأخلاقِ والفضيلة، وخالفت ما هو ثابتٌ من القيمِ والفضائل؛ فنحن في غنًى عن هذا الشعرِ وعن هذه القصص، ولن يكونَ أدبٌ من هذا القبيل - إذا راعينا المصطلح، وسميناه أدبًا - أعزَّ علينا من ديننا، أو أصلحَ لأولانا وآخرتنا، ولكن الأمر ليس كذلك، لقد صدرت - في القديمِ والحديث - نصوصٌ لا حصرَ لها عن مشكاة الإسلام، وكانت نصوصًا باهرة عظيمة، حققت الخيرَ والجمال، والفائدة والمتعة؛ فالدِّينُ والأدب لا يتنافران، ولا يتعاديان، بل الدِّينُ موجِّه الأدب، والمرشِّد لخطواتِه.

 

ب- وأمَّا من الناحيةِ الواقعية: فإنَّ الواقعَ يشهدُ - في القديمِ وفي الحديث - أنَّ الأدبَ كان دائمًا في دائرةِ التصنيف بأشكالٍ مختلفة وتسميات متعدِّدة؛ قُسِّم الأدبُ بحسب لغتِه، وبحسب بيئتِه، وبحسب عصرِه، وبحسب مذهبِه الفني، وقُسِّم - وهو كثير جدًّا - بحسب الدِّين السَّماوي الذي صدر عنه، أو الإيديولوجيا البشرية التي أفرزته؛ فعرف تاريخُ الأدبِ - في القديمِ والحديث - الأدبَ اليهودي، والأدبَ العبري، والأدبَ المسيحي، وعرف الأدبَ الصهيوني، والأدبَ الماركسي، والأدبَ الوجودي، وأدبَ الواقعيةِ الاشتراكية، وعرف غير هذا وذاك من التصنيفاتِ العقدية والفكرية، وفي كلٍّ من ذلك عشراتُ البحوثِ والدراسات.

 

بل إنَّ الأدبَ - بعيدًا عن هذه التقسيماتِ الدينية والإيديولوجية التي ذكرنا بعضًا منها - كان دائمًا - مَهْمَا حملَ من تسمياتٍ فنية أو شكلية - نتاجًا من نتاجاتِ الدِّين والإيديولوجيا، وإفرازًا من إفرازاتِهما، كما بيَّنا ذلك في مقالٍ سابق.

 

لا يُعرف أدبٌ لا يصدر عن نظرةٍ دينية، أو فلسفية، أو عقدية للكونِ والإنسان والحياة، لا يُعرف أدبٌ حيادي، الأدب كان دائمًا وسيبقى منحازًا إلى الفكرِ الذي أنتجه، وهو - حتى في اتجاهاتِه المغرقة في الشكليةِ الشائعة الآن في أدبِ الحداثة وما بعدها - منغمسٌ في الإيديولوجيا حتى قمة رأسِه، لم يتحرَّرْ أبدًا من قبضتِها، أو يخرج يومًا من إسارِها.

 

وفي ضوء ما ذُكر لا تبدو الدعوةُ إلى أدبٍ إسلامي خارجة على إطارِ البدهيات الشرعية أو الواقعية، وما هو عندئذٍ ببدعة، ولا خارجٍ عن المألوف، ولا مغرِّدٍ خارج السرب كما يدَّعي المعارضون له.



[1] الموشح: للمرزباني، ص85،90.

[2] الشعر والشعراء؛ لابن قتيبة: ص305.

[3] نقلاً عن "المذاهب النقدية"؛ لماهر حسن فهمي ص18.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
4- إشادة
د . إبراهيم - مصر الجريحة 20-07-2015 07:49 AM

تحياتي لأستاذنا الدكتور قصّاب على هذا الكلام الهادئ المقنع.. أسفت أنني تأخرت في الإطلاع على هذا المقال المتميّز. هل يعتبي المعتبرون.

3- رد
محمود - اليمن 01-03-2012 07:39 PM

أحيي قلم أستاذنا الدكتور وليد القصاب الذي يتحفنا بهذه المقالات الهادفة التي ترسخ الدعوة لأدب نظيف يقف في وجه الآداب الغربية التي سيطرت على حياتنا الثقافية. وأرجو من الدكتور القصّاب أن يستمر في التنظير للأدب الإسلامي ، فهو ناقد متمرّس عالي الكعب في هذا المجال وجزى الله موقع الألوكة خيرا على استكتاب مثل هذه القامات..وشكرا

2- تعقيب
إحسان 15-02-2012 12:15 PM

لابدّ من أن يكون لنا أدبنا الخاص بنا فنح مسلمون والأصل - كما يقول الدكتور وليد- أن يكون أدبنا إسلاميا. أحيي هذا القلم النظيف وأدعو أن يثيب صاحبه. وشكرا

1- ثناء
د أسامة - البحرين 14-02-2012 07:50 AM

سؤال الدكتور قصاب سؤال علميّ ومشروع. لماذا يقبل قوم من بني جلدتنا كل مذهب من المذاهب الغربية ولا يقبل مذهب الأدب الإسلامي الذي هو الأصل بالنسبة لنا ؟ إن كل ما عداه هو البدعة. ولا شك أن الاستفادة من المذاهب الغربية شيء وتبنيها شيء. قلم الدكتور وليد كما عهدناه هادف متميز مدافع عن الأصالة . له التحية والتقدير.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة