• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / الدكتور وليد قصاب / مقالات


علامة باركود

مستويات من الشعر

د. وليد قصاب


تاريخ الإضافة: 9/7/2016 ميلادي - 3/10/1437 هجري

الزيارات: 15061

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مستويات من الشِّعر


أُثِرَتْ عن النقاد العرب تعريفاتٌ كثيرة للشِّعر، وهي تعريفات غير متناقضة ولا متنافرة، بل هي تعريفات تدلُّ على إدراك هؤلاء القوم لجميع عناصر الشِّعر ومكوناته؛ إذ هي تعريفات متكاملة، يتمِّم بعضُها بعضًا، لتتكون الصورة الواضحة للشِّعر كما فهمه العرب، وتعارَفوا عليه.

 

قد ينظُرُ أحدُ هذه التعريفاتِ الكثيرة - التي حفِظها لنا التراثُ الأدبي والنقدي - إلى الشِّعر من وجه معين، أو زاوية خاصة، وقد ينظر إليه تعريف ثانٍ أو ثالث من وجه آخر، ولكن هذه التعريفات الكثيرة التي سنتوقف عند بعضٍ منها - على سبيل التمثيل لا الاستقصاء، وعلى تباين وجهات النظر فيها - تحدِّد لنا بشكلٍ واضح لا لَبْسَ فيه مفهومَ العرب لهذا الجنس الأدبي الهام، وهو تحديد لا تَضِلُّ فيه الأفهامُ، ولا تتخبط فيه الظنون، كما هو حاصلٌ فيما آل إليه حال الشِّعر في هذه الأيام؛ إذ ضاعت - كما سنرى - ملامحُ وجهه، واختفت قسَماته، فلم يعُدْ يتميز من غيره من ألوان القول، اختلَط فيه الحابل بالنابل، حتى تجرأ عليه كل أحد، وغَدَا جنسًا أدبيًّا مستباحًا، لا ضوابطَ له ولا معاييرَ.

 

1- الشِّعر من الخارج:

أُثِرَتْ عن النقَّاد العرب تعريفاتٌ للشِّعر ركَّزت على شكله الخارجي الذي يميزه من الجنس الأدبي الآخَر الذي عرَفه العرب، وهو النثرُ بأشكاله المتنوعة.

 

وهذا المظهَر الخارجي يمثِّله عندهم "الوزن والقافية"، وقد يجمعونهما معًا تحت مسمى "الوزن"، أو "النَّظْم"، أو غيرهما من الألفاظ الدالة على ذلك، والتعريفات الشكلية للشِّعر كثيرةٌ في كتب التراث.

منها قول ابن سيرين: "الشِّعر كلام معقود، عُقِد بالقوافي..."[1].

 

وقول الجاحظ: "كل أمَّة تعتمد في استيفاء مآثرها، وتحصيل مناقبها على ضرب من الضروب، وشكل من الأشكال، وكانت العربُ - في جاهليتها - تحتال في تخليدها بأن تعتمد في ذلك على الشِّعر الموزون، والكلام المقفَّى، وكان ذلك ديوانَها.."[2].

 

ومِن هذه التعريفات تعريف قدامة بن جعفر، المشهور الذي يكثُرُ تداولُه، ويحتجُّ به بعض الدارسين المحدَثين، وهو قوله: "الشِّعر كلام موزون مقفًّى يدلُّ على معنى.."[3].

ومِن ذلك تعريف ابن طَبَاطَبَا العلوي: "الشِّعر كلام منظوم، بانَ عن المنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم بما خُصَّ به مِن النَّظْم، الذي إن عُدل به عن جهته مَجَّتْهُ الأسماعُ، وفسَد على الذوقِ..."[4].

ومِثله تعريف الرماني بقوله: "هو إقامةُ الوزن، ومجانَسَة القوافي، فلو بطَل أحدُ الشيئين، خرَج عن ذلك المنهاج، وبطَل ذلك الحُسْنُ الذي له في الأسماع.."[5].

وعرَّفه أبو العلاء المعري بقوله: "الشِّعر كلام موزون، تقبَلُه الغريزةُ على شرائط، إن زاد أو نقص أبانَه الحِسُّ..."[6].

وعرَّفه - بحسَب مظهره الخارجي كذلك - التبريزي بقوله: "الشِّعر عبارة عن ألفاظٍ منظومةٍ تدلُّ على معانٍ مفهومةٍ"[7].

وأبو الحسن العامري الفيلسوف بقوله: "كلام مركَّب مِن حروف ساكنة ومتحركة، بقَوَافٍ متواترة، ومعانٍ معادَة، ومقاطع منظومة، ومتون معروفة"[8].

وقال عنه المظفر العلوي: "الشِّعر عبارة عن ألفاظ منظومة، تدلُّ على معانٍ مفهومة، وإن شئتَ قلت: الشِّعر عبارة عن ألفاظ منضودة، تدلُّ على معانٍ مقصودة.."[9].

وقال ابن رشيق في أحد تعريفاته التي نظَرَتْ إلى الشِّعر من الخارج فقط: "الشِّعر يقوم بعد النِّيَّة على أربعة أشياء: اللفظ، الوزن، المعنى، القافية، فهذا هو حدُّ الشِّعر"[10].

 

ومِن الواضح أن هذه العيِّنة مِن تعريفات الشِّعر تنظر إليه نظرة شكلية؛ أي من الخارج؛ لتتلمَّس ما يميزه من حيث المظهر من النثر، فترى أن أبرز مظهر خارجي يمكن أن يكون مَعْلمًا فارقًا بين هذينِ الجنسين الأدبيين الرئيسين هو الوزن؛ فالشِّعر كلام مركَّب على نسَق نَظْمي معيَّن، على إيقاع منضبط محدَّد الملامح، على وَفْق نظام موسيقيٍّ خاص، يميزه تمييزًا واضحًا مِن النثر المتحرر مِن هذه القيود؛ لأنه لا يلتزم هذا النظام، بل يمضي مرسلًا مِن غير ضوابط عروضية، وإذا التزم بعض النثر إيقاعًا معينًا، أو ضربًا من الموسيقا، فإن ذلك غيرُ ما هو معروف في الشِّعر، كما سنبين في مكان آخرَ.

هذه - إذًا - تعريفاتٌ لا تتحدَّث عن جوهر الشِّعر، بل تعرِّفُه - كما هو ظاهر - تعريفًا شكليًّا، شأن كثير مِن التعريفات لأشياءَ كثيرةٍ.

 

وقد طال هجومُ بعض الحداثيين وسخريَّتُهم مِن أمثال هذه التعريفات، كما سوف نرى؛ إذ حسِبوا أن التراثَ النقدي عند العرب لم يقِفْ من الشِّعر إلا عند عنصر الوزن فحسب، وأنه لم يحفِلْ إلا بهذا العنصر الشكلي فحسب، على حين أن الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق، وإنما هذه فِرْيَةٌ ناتجة عن جهلٍ، أو عدمِ استقراء، أو سُوءِ نيَّةٍ.

 

يقول عبدالقادر القط عن مثل هذه التعريفات للشكل: "الحقُّ أن هؤلاء النقَّاد لم يقصِدوا قط إلى بيان جوهر الشِّعر وخصائصه الفنية، بل أرادوا أن يُفرِّقوا تفرقة شكلية بين الشِّعر والنثر كما عرَفوه في زمانهم، وكانوا يدركون تمامَ الإدراك أن الوزنَ وحده لا يصنَع شِعرًا.."[11].

 

وعلى كل حال، فإن هذه التعريفات وإن كانت غيرَ مستوفيَة جميع عناصر الشِّعر، فإنها - فيما أرى - تعريفات صحيحة، ولا ضيرَ فيها؛ لأنها أرادت فقط أن تضَعَ اليد على المَعْلَمِ الأساسي الواضح بين ما هو شِعر وما هو نثر؛ إذ إن جميعَ ما سيضاف إلى هذا التعريف مِن مظاهر الشِّعر الداخلية - التي لم يُهمِلْها على كل حالٍ النقادُ العرب - هي مظاهرُ غير فارقة، وهي ليست مميِّزةً ما هو شعر مما هو نثر تمييزًا قاطعًا؛ لأنها مظاهرُ مشتركة بين هذينِ الجنسين، قد توجَد في كل منهما؛ فهي ليست محدِّدًا دقيقًا واضحًا، شأن الوزن الذي عُنِيَتْ به هذه التعريفاتُ وأمثالها.



[1] العمدة، لابن رشيق (تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، دار الجيل، بيروت: 1972م): 1/ 30.

[2] الحيوان، للجاحظ (تحقيق عبدالسلام هارون، الهيئة المصرية العامة، القاهرة: 1976م): 1/ 71.

[3] نقد الشعر، لقدامة بن جعفر (تحقيق كمال مصطفى، مكتبة الخانجي، القاهرة: 1963م) ص: 12.

[4] عيار الشعر، لابن طباطبا العلوي (تحقيق عبدالعزيز المانع، دار العلوم، الرياض: 1405هـ/ 1985م): ص 5.

[5] النكت في إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن (تحقيق محمد خلف الله أحمد، ومحمد زغلول سلام، دار المعارف، مصر: ط. رابعة): ص99.

[6] رسالة الغفران، لأبي العلاء المعري (تحقيق عائشة عبدالرحمن، دار المعارف، مصر: 1397هـ/ 1977م) ص: 242.

[7] نضرة الإغريض في نصرة القريض، للمظفر العلوي (تحقيق نهى عارف، مجمع اللغة العربية، دمشق: 1396هـ/ 1976م): 10.

[8] المقابسات، لأبي حيان التوحيدي (تحقيق حسن السنوبي، القاهرة: 1929م): ص 310.

[9] نضرة الإغريض: 10.

[10] العمدة: 79.

[11] بحث قصيدة النثر بين النقد والإبداع، ضمن كتاب "التجديد في القصيدة العربية المعاصرة" مؤسسة يماني الثقافية الخيرية، جائزة محمد حسن فقي (القاهرة: 1417/ 1997) 2/ 236.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- ثناء
د . ياسر - سورية 11-07-2016 10:07 PM

دفاع واضح مقنع ،مؤيد بالنصوص الدامغة ، الدّالة على أصالة النقد العربي وعمقه ومعرفته بالكثير وأن التقانات التي يدّعي الحداثيون سبقاً فيها . تحيات للدكتور قصّاب قلماً متميّزا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة