• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. عبدالمحسن بن عبدالله بن سليمان التخيفي / بحوث ودراسات


علامة باركود

من مشكاة النبوة

د. عبدالمحسن بن عبدالله بن سليمان التخيفي


تاريخ الإضافة: 25/7/2007 ميلادي - 10/7/1428 هجري

الزيارات: 45866

ملف التحميل: اضغط للتحميل

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الدين يسرٌ، ولن يُشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغَدْوةِ والرَّوْحَةِ، وشيءٍ من الدُلْجَةِ)).

وفي روايةٍ: ((لن يُنجي أحداً منكم عملُه، قالوا: ولا أنت يا رسولَ الله؟ قال: ولا أنا، إلا أنْ يَتَغمَّدني اللهُ برحمة، سددوا، وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيءٌ من الدلجة والقصدَ القصدَ تبلغوا)).

بيان غريب الحديث:
يُشاد: المُشادة والمشاددة: المغالبةُ، وشادَّه مُشادَّة وشِداداً: غالبه. والمشادةُ في الشيء: التشدد فيه، والمعنى في الحديث مغالبة هذا الدين بتكليف النفس من العبادة فوق الطاقة[1].

سَدِّدُوا: أي اطلُبوا بأعمالكم السَّداد و الاستقامةَ، وهو القَصْد في الأمر والعَدْلُ فيه[2].

قارِبُوا: أي اقْتَصِدوا في الأمور كلها واتْرُكوا الغُلُوَّ فيها والتَّقْصير يقال قارَب فُلانٌ في أموره إذا اقْتَصد[3].

الغَدْوةُ: بفتح الغين المعجمة اسم مرةٍ، من الغدو وهو سير أول النهار.

الرَّوْحَةُ: سير آخر النهار وهي عكس الغَدْوة.

الدُّلْجَةُ والدَّلْجَةُ: سير الليل، وقيل: والدُّلْجَةُ: سَيْرُ السَّحَرِ، والدَّلْجَةُ: سَيْرُ الليل كلِّه. والدَّلَجُ، والدَّلَجانُ والدَّلَجَة: الساعة من آخر الليل، والفعل الإِدْلاجُ. و أَدْلَجُوا: ساروا من آخر الليل. و ادَّلَجُوا ساروا الليل كله.

وأنشدوا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله:
اِصْبِرْ على السَّيْرِ والإِدْلاجِ في السحَرِ        وفي الرَّواحِ  على  الحاجاتِ  والبُكَرِ
 
فجعل الإِدلاج في السحر[4].

القَصْدَ القَصْدَ: أي عليكم بالقَصْد من الأمور في القَول والفعل وهو الوَسَط بين الطَّرَفَين، وهو منصوبٌ على المصدر المؤكِّد، وتكْرارُه للتأكيد[5].

وقد تضمن هذا الحديث جملةً عظيمة من الفوائد، وإليك ذكر بعضها في هذه الوقفات:
الأولى: أنَّ الدين كله مبناه على اليُسر.
اليسر: ضِدّ العُسْرِ، والمعنى أنَّ الدين سَهْلٌ سَمْحٌ قَلِيلُ التَّشْدِيد[6].

دين الإسلام مبناه على اليُسر ونفي الحرج والعسر، وهذا أصل أصيل في دين الله، وقد دلت عليه نصوص كثيرة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

من ذلك: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ...} [المائدة: 6].

ومن السنة: حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل قال لهما: ((يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا))[7]. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسروا ولا تعسروا، وسَكِنُوا ولا تنفروا))[8].

فالحرج والمشقة منفيان عن أحكام الشرع المطهر، فليس في أحكام هذا الدين حكمٌ لا يُطاق فعله، ولا يُستطاع امتثاله. ومن القواعد الكبرى في الفقه الإسلامي قاعدة: "المشقة تجلب التيسير".

والمشقة نوعان:
• مشقة معتادة، تكون وصفاً لازماً لأي نوع من التكاليف الشرعية، وغير الشرعية، فهذه المشقة غير مؤثرةٍ في الحكم، وامتثال الأمر ممكن معها.
• مشقة تعود بالضرر على العامل في نفسه، أو ولده، أو ماله، فهذه مشقةٌ منفيةٌ عن دين الإسلام[9].

المسألة الثانية: في التحذير من الغلو:
فإنَّ مشادة الدين هي في تكليف النفس من العبادة ما لا تطيق، وهذا هو معنى الغلو، فتجاوز الحدود الشرعية التي حدَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هو مغالبةٌٍ لها.

ومعنى غلبة الدين له: أنَّ الغالي في دينه مآل غلوه إلى تقصير أوترك للعمل بالكلية؛ فإذا حصل ذلك صار الدين غالباً له.

والغلو شرٌ كله، وهو مذموم في كل عمل، ومن كل أحد، وقد كان سبب هلاك الأمم قبلنا، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))[10].

والغلو خروج عن حد الاعتدال -الذي يستطيع الإنسان الثبات عليه-؛ فإن الغالي لا تثبت قدمه على سبيل الطاعة ثبوتاً دائماً. بل عمله شِرَّةٌ سرعان ما تعود إلى فَتْرةٍ، وأحب العمل إلى الله ما ثبت عليه صاحبه.

عن عائشة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناس عليكم من الأعمال ما تُطِيقون، فإنَّ اللهَ لا يمل حتى تَملُّوا، وإن أحبَ الأعمالِ إلى الله ما دُووم عليه وإنْ قل، وكان آل محمد صلى الله عليه وسلم إذا عملوا عملا أثبتوه))[11].

والغالي قاصر النظر على ما انبعثت همته إليه، وحبس نفسه عليه، ولا بد لمن هذا حاله أن يلحقه من النقص في جوانب أخرى سواء في عبادته أوسلوكه أو سائر عمله، وسرِّح طرفك في حال من ابتلي بشيءٍ من ذلك لترى ثمرات الغلو النكدة تنطق بذلك.

والمقصود: أنَّ الغالي في دينه سلك السبيل الأشد والأشق، وخالف هدي من إذا خُيِّر بين أمرين اختار أيسرهما صلى الله عليه وسلم.

المسألة الثالثة: في بيان فضيلة الاستقامة والتوسط:
تقدَّم أنَّ قوله صلى الله عليه وسلم: "سددوا" أي اطلبوا السداد والاستقامة بأعمالكم.، وقوله صلى الله عليه وسلم: "قاربوا" أي اقتصدوا في الأمور كلها.
والمعنى الزموا التوسط في الاستقامة على طاعة الله، لأنَّه لا سبيل إلى الثبات على الاستقامة إلا بسلوك المنهج الوسط الذي لا غلو فيه وجفاء، وهو ما تألفه النفوس، وتستطيعه الأبدان.

وقد أكَّد النبي - صلى الله عليه وسلم - لزومَ التوسُّط في الرواية الأخرى بقوله: ((والقصدَ القصدَ تبلغوا)).

وتأمل وجه الترابط بين لزوم القصد وهو التوسط والاعتدال، وبين بلوغ القصد، وهو دخول الجنة، ليظهر لك أنَّه ليس ثمةَ سبيلٌ لبلوغ المقصد إلا بلزوم القصد.

فليس فمعنى: ((سددوا وقاربوا)): الإتيان بالأحكام الشرعية على وجه الترقيع والتهاون؛ بل هو التزامٌ واستقامةٌ على منهج التوسط والاعتدال.

المسألة الرابعة: وجوب تعلق القلب بالله، وحسن التوكل عليه:
فإن قوله - صلى الله عليه وسلم: ((لن يُنجي أحداً منكم عملُه)) يُوجِبُ ألاَّ يتَّكِل الإنسان على عمله المجرد؛ لأنَّه لا يدخل الجنة به، وإنما برحمة أرحم الراحمين، وهذا يستوجب بذل الجهد في إصلاح العمل مع صدق اللجأ إلى الله في قبول العمل؛ لأنَّ قبول العمل إنما يحصل برحمة الله لمن يقبل منه، وهذا وجهٌ من أوجه التوفيق بين هذا الحديث وقوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [سورة النحل: 32][12].

وفي الحديث: إشارةٌ إلى أنه إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بالله، وأتقى الخلق لله، وأشد الخلق خشية من الله، وأعظم الخلق عبادةً لله لن يُنجيه عمله، فإن غيره من باب أولى.

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم: ((أبشروا)) بعد أمره بالسداد والمقاربة، ما يدل على أنَّ التوفيق للأعمال الصالحة بُشرى للمؤمن، تزيده ظناً حسناً بربه تبارك وتعالى.

الخامسة: التنبيه على أوقات النشاط والحث على استثمارها:
يتبين ذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالغدوة والروحة))، وقوله: ((وشيئاً من الدلجة)) فإنَّ فيهما تنبيهاً على أوقات نشاط العامل، وحثاً على استثمارها.

والإنسان في سيره إلى الدار الآخرة كالمسافر الذي يقطع المراحل في سفره، ولما كان سير النهار كله، والليل كله غير ممكن، نبَّهه إلى الأوقات الفاضلة التي يجد السائر فيها عوناً من نفسه على سيره، ويعظم فيها ثوابه.

السادسة: سماحة الشريعة تقتضي سماحة الملتزمين بها:
إذا كانت أحكام الشريعة مبناه على اليسر والسماحة، فإن الملتزم بها يناله من يسرها وسماحتها بقدر التزامه. وقد ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإنما بعثم ميسرين ولم تبعثوا معسرين))[13].

وإذا أعرض المرء عن تعاليم الشريعة، حصل له ما ينافي اليُسر والسماحة من الغلو أو الجفاء بقدر إعراضه.

فمتى رأيت جافياً في خلقة، أو غالياً في حبه وبغضه، أو متشدداً في عبادته، أو ضيق العطن بمن يخالفه، فاعلم أنَّ ذلك إنما حصل له بسبب إعراضه عن تعاليم الدين حقيقةً، وإن بقيت عليه بعض الرسوم والمسوح، فإنَّ العبرة بالعمل، وليست بالزي والتصنع.

وانظر برهان ذلك في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وكان الأمر بالتيسير وصيته إلى رسله إذا بعثهم بتبليغ الدين.

السابعة: التنبيه على فهم كليل لهذا الحديث:
هذا الحديث وما جرى مجراه من النصوص الدالة على يُسر الشريعة وسماحتها، ربما تعلق بها بعض الباحثين عن متكأٍ يبررون به تفلتهم من قيود الشريعة وأحكامها.

فإذا نظرنا أعشى البصر كليلُ الفهم إلى هذا الحديث، حسبه لفرط جهله دليلاً له على تقصيره في فعل الأوامر، أو ارتكاب المحظورات، فإذا لامه لائمٌ على تقصيره، ساق النصوص الدالة على يسر الشريعة وسماحتها.

فيسر الشريعة حقٌ لا مرية فيه، وليس دليلاً على يسر التفلت من تكاليفها، والتلاعب بأحكامها، وإنما هو التزامٌ بأحكامها وتعلقٌ بأهدابها، وعَضٌ عليها بالنواجذ؛ لأنها سمحة يسيرة في أحكامها وتشريعاتها، وسطٌ بين الغلاة والجفاة، فمن تمسك بها فإنَّه على نهج الاعتدل واليُسر والسماحة. فالحمد لله على فضله وهدايته.

هذه بعض الوقفات التي سمح بها الوقت والمكان، ولا يزال في الحديث بقية بحث؛ فإنَّه من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم.

اللهم يسر لي كل عسير، فإن تيسر العسير عليك يسير.

 
ـــــــــــــــــــــــ
[1] ينظر: لسان العرب (شدد).
[2] النهاية في غريب الحديث والأثر (2/352).
[3] (4/33).
[4] لسان العرب (دلج).
[5] النهاية في غريب الحديث والأثر (4/67).
[6] ينظر النهاية في غريب الحديث (5/294). 
[7] أخرجه البخاري (حديث5773).
[8] أخرجه البخاري (حديث5774).
[9] لمزيد اطلاع ينظر كتاب رفع الحرج عن الشريعة للدكتور صالح بن عبد الله بن حميد.
[10] رواه النسائي (حديث3057)، وابن ماجه (حديث3029)، وابن حبان (حديث3871).
[11] رواه البخاري (حديث5523)، ومسلم (حديث782) واللفظ لمسلم.
[12] للمزيد من الأجوبة في التوفيق بين الآية والحديث ينظر فتح الباري (1/95).
[13] أخرجه البخاري (حديث217).




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة