• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد بن لطفي الصباغ / مقالات


علامة باركود

حديث عن التعليم (2)

د. محمد بن لطفي الصباغ


تاريخ الإضافة: 8/4/2014 ميلادي - 7/6/1435 هجري

الزيارات: 10813

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حديث عن التعليم (2)


أودُّ في هذه الكلمة أن أَعرِض مشاهد من الإقبال على مجالس العلم التي كانت لأجدادِنا في سابق الأيام، عندما كانت أوربا تتخبَّط في دياجير الجهل، ولا عجب في ذلك؛ لأن حياتنا في تلك الحقبة الميمونة كانت تقوم على الإسلام، وهو دين العلم.

 

1- حدَّث محمد بن يعقوب الأصم قال: قال يَحيى بن أبي طالب: سمعتُ يزيد بن هارون في المجلس ببغداد، وكان يقال: إن في المجلس سبعين ألفًا[1] (ويزيدُ هذا وُلد سنة 118هـ، وتوفي سنة 206هـ).

 

هذا خبر تَذكُره كتب المصادر، ومثله كثير، مجلس واحد من مجالس العلم يضمُّ الجمَّ الغفير من طلبة العلم الذين يكتبون ما يُمليه الشيخ.

 

وكانت هناك وظيفة الاستملاء يقوم بها عدد من الطلاب الأذكياء الذين يتمتَّعون بسرعة الفهم، وجهورية الصوت، يُبلِّغون الطلبة الذين لا يَصِلُ إليهم صوت الشيخ مُباشَرة، ما أشبههم بمُكبِّرات الصوت في عصرنا.

 

2- قال أبو بكر أحمد بن جعفر: لما قدِم علينا أبو مسلم الكجي، أملى الحديث في رحبة غسان، وكان في مجلسه سبعة مُستملِين، يُبلِّغ كل واحد منهم صاحبه الذي يليه، ويَكتُب الناس عنه قيامًا بأيديهم المحابر[2].

 

3- كان مجلس عاصم بن علي في رحبة النخل التي في جامع الرصافة، وكان يضمُّ عِشرين ألفًا ومائة ألف، وأن هذا العدد الضخم كان يضطرُّ عاصمًا إلى أن يجلس على السطح، وينتشر الناس في الرحبة وما يليها، فيَعظُم الجمع جدًّا.

 

قال راوي الخبر: حتى سمعتُه يومًا يقول: حدثنا الليث بن سعد، ويُستعاد، فأعاد أربع عشرة مرة، والناس لا يسمعون.

 

وكان من حرص بعض الطلبة أن أحدَهم - وهو هارون المستملي - كان يركب نخلة معوجة ويَستملي عليها[3].

 

4- أما مجالس العلم التي يَصِل عدد الطلاب فيها إلى عَشرة آلاف، فهي كثيرة، وأخبارها أكثر من أن تُحصى.

 

وهذا العدد الجمُّ الغفير كلهم من طلبة العلم الذين يُسجِّلون ما يَسمعون ومعهم أقلامهم ومحابرُهم وكراريسهم، قال أبو الفضل الزهري: لما سمعتُ من جعفر الفريابي - رحمه الله - كان في مجلسه من أصحاب المَحابر ممَّن يَكتُب حدود عشرة آلاف إنسان[4].

 

5- وكانت معظم هذه المجالس تُعقَد في المساجد والبيوت، وكثيرًا ما كانت المساجد والبيوت تضيق عن استيعاب هذه الأعداد الكبيرة، فيلجأ الشيخ إلى الشوارع والساحات العامَّة.

 

حدَّث محمد بن حبيب البصري قال: كنا نَحضُر مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي للحديث، فكان يجلس على سطح له، ويَمتلئ الشارع بالناس الذين حضروا لسماع الحديث، ويبلِّغ المستملون عن الهجيمي.

 

قال: وكنتُ أقوم في السَّحر، فأجد الناس قد سبقوني وأخذوا مواضِعَهم، وحُسب الموضع الذي يجلس الناس فيه وكسِّر، فوجد مقعد ثلاثين ألف رجل[5].

 

وفي هذا الخبر ما يدلُّ على الحرص الشديد الذي كان يتحلَّى به محمد بن حبيب؛ حيث كان يقوم من السحر، فيجد أن الناس قد سبقوه.

 

6- كذلك ما حدَّث به جعفر بن درستويه قال: كنا نأخذ المجلس في مجلس علي بن المديني وقت العصر اليوم لمجلس الغد، فنقعد طول الليل؛ مخافة ألا نَلحق من الغد موضعًا نسمَعُ فيه[6].

 

7- وقد أصبح طلب العلم شرفًا يسمو بصاحبه إلى أعلى المراتب، فكم من مولى عاديٍّ ارتفع نجمه في سماء المجتمع حتى أصبح في دنيا الناس شيئًا مذكورًا يشار إليه بالبنان!

 

كان ابن عباس - رضي الله عنهما - يرفع أبا العالية على سريره وقريش أسفل منه، ويقول: هكذا العلم؛ يَزيد الشريف شرفًا، ويُجلِس المملوك على الأسرَّة[7].

 

بل كان بعض الخلفاء يشتهي أن يكون ممَّن يطلب العلم.

 

قال محمد بن سلام الجُمحي: قيل للمنصور: هل بقي من لذات الدنيا شيء لم تَنله؟ قال: بقيَت خصلة؛ أن أقعد في مصطبة وحولي أصحاب الحديث، فيقول المُستَملون: مَنْ ذكرت رحمك الله؟

 

قال: فغدا عليهِ النُّدماء، وأبناء الوزراء بالمحابر والدفاتر، فقال لهم: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابُهم، المتشقِّقة أرجلهم، الطويلة شُعورهم، بُرُدُ الآفاق، ونقلةُ الحديث[8].

 

8- قال قاسم بن مروان الوراق[9]:

والعلمُ زَينٌ وتشريفٌ لصاحبِهِ
أتتْ إلينا بذا الأنباءُ والكتُبُ
والعلمُ يرفعُ أقوامًا بلا حسبٍ
فكيف من كان ذا علمٍ له حسَبُ؟
فاطلُبْ بعلمِك وجهَ اللهِ محتسبًا
فما سوى العلمِ فهو اللهوُ واللعبُ

 

9- وازنَ سلفُنا بين العلم والمال، وانتهوا إلى تفضيل العلم؛ حتى قال قائلهم:

 

العلمُ زَينٌ وكنز لا نَفادَ له
نعم القرينُ إذا ما عاقلاً صَحِبَا
قد يَجمعُ المرءُ مالاً ثم يُسلَبُه
عمَّا قليلٍ فيَلقى الذلَّ والحربَا
وجامعُ العلم مَغبوطٌ به أبدًا
فلا يُحاذِرُ فَوتًا لا ولا هرَبَا
يا جامعَ العِلمِ نعم الذُّخرُ تَجمعُه
لا تَعدِلنَّ به درًّا ولا ذهَبا[10]

 

10- حدَّث يحيى بن أكثم قال:

قال لي الرشيد يومًا: ما أنبل المراتب؟

قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين.

 

قال: فتَعرِف من أنبل مني؟

قلت: لا.

 

قال: لكني أعرفه، رجل في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

قلت: يا أمير المؤمنين، هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووليُّ أمر المسلمين؟

 

قال: نعم! ويلك! هذا خير مني؛ لأن اسمه مُقترِن باسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يموت أبدًا، نحن نموت ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر[11].

 

11- حدَّث أشعث بن شُعبة المصيصي قال:

لمَّا قدم هارون الرشيد الرقة أشرفَت أمُّ ولدٍ لهارون من قصرٍ كانت تقيم فيه، فرأت الغبرة قد ارتفعت، والكلام قد انقطع، والسكون قد ساد، وانجفل الناس.

 

فقالت: ما هذا؟

قالوا: عالم خراسان يُقال له: عبدالله بن المبارك.

 

فقالت: هذا واللهِ المُلكُ لا ملك هارون الذي لا يَحمده الناس إلا بالسوط والخشب[12].

 

12- وقد بلغ من إكرام الخلفاء للعلماء الحادثة الآتية:

جاء في "البداية والنهاية"؛ لابن كثير: أن الخليفة هارون الرشيد استدعى إليه أبا معاوية الضرير محمد بن خازم؛ ليسمع منه الحديث، قال أبو معاوية: ما ذكرتُ عنده في حديثٍ رسولَ الله إلا قال: صلى الله على سيدي، وإذا سَمعَ حديثًا فيه موعظة، يَبكي حتى يبلَّ الثرى، وأكلتُ عنده مرة ثم قمتُ لأغسل يدي، فصبَّ الماء عليَّ وأنا لا أراه، ثم قال: يا أبا معاوية، أتدري من يصب عليك؟ قلت: لا، قال: أنا، فدعا له أبو معاوية الضرير، فقال: إنما أردتُ تعظيم العلم[13].

 

وبعد؛ فهكذا كان طلاب العلم، وهكذا كان يُكرَم العلماء، رحم الله تلك الأرواح الطاهرة، والعبقريات الفذة، التي أعطت مثلاً للإنسانية في تحصيل العلم والتفوق فيه، والحمد لله رب العالمين.



[1] أدب الإملاء (ص: 16).

[2] أدب الإملاء (ص: 96).

[3] أدب الإملاء (ص: 16 - 17).

[4] أدب الإملاء (ص: 17).

[5] أدب الإملاء (ص: 18).

[6] أدب الإملاء (ص: 112 - 113).

[7] لمحات في علوم القرآن؛ لمحمد بن لطفي الصباغ (ص: 138).

[8] أدب الإملاء (ص: 19).

[9] جامع بيان العلم وفضله (1: 56).

[10] جامع بيان العلم وفضله (1: 58).

[11] أدب الإملاء (ص: 20).

[12] أدب الإملاء (ص: 22).

[13] البداية والنهاية (14: 31)، طبعة هجر.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة