• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع مواقع المشايخ والعلماء / أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد / مقالات


علامة باركود

لم شهدتم علينا

أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد


تاريخ الإضافة: 2/1/2008 ميلادي - 23/12/1428 هجري

الزيارات: 25821

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لم شهدتم علينا

(خطبة جمعة)

 

أيها المؤمنون:

قال ربكم جل وعلا: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ [1]، هذا مشهد من مشاهد يوم القيامة، يوم تبلى السرائر، وتكشف الخبايا، ويشيب المولود، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، في ذلك اليوم يرى الذين خالفوا أمر الله، وكذبوا رسل الله، يساقون، ويدفعون إلى جهنم، وقد أُوقِف أوائلُهم لتلحقهم أواخرهم.


وفي هذا الموقف العظيم، لا يمكن الفرار من الجوارح وما كسبت، ولا يمكن إنكار المكاسب والمعائب، التي جناها الإنسان على نفسه في الدنيا، في هذا الموقف العظيم يكون على المرء شاهد من نفسه، ينطق بما فعل ﴿ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [2].


وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، فقال: ((هل تدرون مم أضحك)؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((من مخاطبة العبد ربه يقول: يا رب، ألم تُجِرْني من الظلم؟ قال: بلى، قال: إني لا أجيزُ اليومَ على نفسي إلا شاهداً مني، قال: يقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيُختَمُ على فيه فيقال لأركانه: انطِقي، فتنطق بأعماله، قال: ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام فيقول: بُعداً لكُنَّ وسُحقاً، فعنكن كنتُ أُناضل)).


عباد الله:

حقاً؛ إنه الموقف العصيب، والمصير المريب، يوم يقف الإنسان يوم القيامة وقد ختم على فيه، ونطقت جوارحه، بما يهلكه ويخزيه.


تنطق الأعين بما شهدت مَن شاهدت من الحرام، وبما أنكرت من الآيات والدلائل العظام، التي تدل على الخالق - سبحانه وتعالى.


وتنطق الأسماع بما سمعت من محرم الكلام.


وتنطق الألسن بما بذلته من سيئ الكلام.


وتنطق الفروج بما فعلته من الزنى واللواط، وانتهاك الأعراض، وما جرى لها من عظائم الآثام.


وتنطق الجلود بما بَاشَرَته من المحرمات في سائر الأيام.


ولكن؛ يا عباد الله:

ما هو موقف أصحاب هذه الجوارح من جوارحهم عندما تنطق عليهم بما يخزيهم، وتشهد عليهم بما يرديهم؟

لا شك أنهم سوف يحاولون تأنيبها، إن استطاعوا تكذيبها، ولكن هيهات لهم ذلك.


فيحاولون قائلين لجلوده: ﴿ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا ﴾ [فصلت: 21]؟ فترُدُّ الجلود قائلةً:﴿ أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [فصلت: 21].


ويقال لهم تبكيتاً وتوبيخاً ﴿ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [3].


عباد الله:

إن الإنسان يستطيع أن يختفي ويستتر بجرائمه عن الناس خوفاً منهم، أو خشية الإخبار عنه، والشهادة عليه بما فعل، ولكن كيف يستطيع أن يخفي معاصيه وجرائمه عن عينه، وعن يده، وعن رجله، وعن فَرْجِه، وعن جلده؟!

كيف يستطيع إخفاء النظر المحرم عن عينه وهي التي تنظر؟!


كيف يستطيع إخفاء الكلام القبيح عن اللسان وهو الذي ينطق؟!


كيف يستطيع إخفاء الزنى واللواط عن الفرج وهو الذي يفعل؟!


كيف يستطيع إخفاء اللمس المحرم عن الجلد وهو الذي يباشر؟!


هذه الجوارح التي لا يمكن الاختفاء عنها، وهي التي تباشر المعاصي بنفسها، هي التي سوف تقف شاهدة على صاحبها يوم القيامة بما فعلت؛ إذن كيف الخلاص؟


لا خلاص إلا بالبُعْد عن هذه المعاصي المُهلِكة، حتى لا تجد الجوارح ما تشهد به من القبائح.


فلنتق الله - يا عباد الله، ولنَخْشَ يوما ً تُبلَى فيه السرائر، وتُكشَفُ الخبايا، ولا يستطيع العبد جحود ذنوبه، كما تشهد الأرض مع الجوارح، وتشهد الأيام والليالي. وما أحسن قول القائل:

العمر ينقص والذنوب تزيد
وتقال عثرات الفتى فيعود
هل يستطيع جحود ذنب واحد
رجل جوارحه عليه شهود
والمرء يُسألُ عن سِنِيه فيشتَهِي
تقلِيلَها وعن المماتِ يحيدُ

 

عباد الله:

على المؤمن أن يبادر بفعل الخيرات، وأن يكثر الصالحات، وأن يتوب من ذنبه، ويندم على ما فرط منه، عسى أن يبدل الله سيئاته حسنات، وأن يوفقه لأداء الطاعات، ولا يُرجِئ التوبة وفعل الخيرات إلى غدٍ، فالإنسان لا يضمن الغد، وما أحسن قول القائل:

مضى أمسُكَ الأدنى شهيداً معدلا
ويومُكَ هذا بالفِعالِ شهيدُ
فإن تكُ بالأمسِ اقترفتَ إساءةً
فثَنِّ بإحسانٍ وأنتَ حميدُ
ولا ترجُ فعلَ الخيرِ منكَ إلى غدٍ
لعلَّ غدًا يأتي وأنتَ فقيدُ

 

فبادر أخي المسلم بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى يتوب الله عليك ويغفر ذنبك، قال تعالى: ﴿ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ﴾ [طه: 82].

 


[1] سورة فصلت، الآية 19.

[2] سورة فصلت، الآية 20.

[3] سورة فصلت، الآيتان 22، 23.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ عبدالرحمن بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ خالد بن ...
  • ثلاثية الأمير أحمد ...
  • الشيخ زيد بن ...
  • مثنى الزيدي
  • الأستاذ الدكتور ...
  • الشيخ د. أسامة بن ...
  • د. محمد بريش
  • أ.د.سليمان بن قاسم ...
  • د. إبراهيم بن حماد ...
  • د. سهل بن رفاع بن ...
  • د. تيسير بن سعد بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. خالد بن عبدالله ...
  • الشيخ أحمد بن حسن ...
  • الشيخ فيصل بن ...
  • د. محمد ولد سيدي ...
  • د. محمد بن لطفي ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • د. أمين بن عبدالله ...
  • د. عبد المحسن ...
  • د. عبدالمحسن بن ...
  • د. علي بن موسى بن ...
  • الشيخ عبدالله بن ...
  • الشيخ حمود بن عبد ...
  • الدكتور عبدالكريم ...
  • الشيخ صفوت الشوادفي
  • الدكتور وليد قصاب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة