• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع أ.د. مصطفى مسلم أ. د. مصطفى مسلم شعار موقع أ.د. مصطفى مسلم
شبكة الألوكة / موقع أ.د. مصطفى مسلم / مقالات


علامة باركود

النصفة في الحوار القرآني

النصفة في الحوار القرآني
أ. د. مصطفى مسلم


تاريخ الإضافة: 20/11/2017 ميلادي - 1/3/1439 هجري

الزيارات: 15691

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النصفة في الحوار القرآني


مقدمة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله.

 

أما بعدُ:

فقد كَثُرَت في الآونةِ الأخيرةِ هجماتُ الحاقدين على الإسلام، وأخذت مظاهر عديدة؛ منها:

1 - الهجومُ على شخصِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحاولة النيل من عظمته من خلال الاستهزاءِ بشخصه الكريم، وذلك بعرض رسوم كريكاتورية، كما فَعَلت بعضُ الصحف الدانماركية وبعض الدول الغربية الأخرى.

 

2 - الهجومُ على المبادئ التي حملَها إلى العالم، والزعمُ بِأنها لم تأتِ إلا بالشرِّ، وأنه نشر رسالته بالسيف... كما زعم البابا (السادس عشر).

 

3 - الهجومُ على آل بيته الطاهرين، كما فعل سلمان رشدي.

 

وكلما ظهرتْ تُرهةٌ من هذه السَّخافات، تلقَّفَها الإعلامُ الحاقدُ، وتبنَّتْها الحركات الماسونيَّة والصهيونيَّة التي تعمل من خلف ستار، وروَّجت لها، وأشعلتْ نارَ الحرب الكلاميَّة، وأشغلت الرأيَ العالميَّ لفترة من الوقت، وعلى ما يبدو أنَّها تهدف من خلال ذلك إلى تحقيق أهداف معينة؛ منها:

1 - التغطيةُ على أحداث تجري في أنحاء من العالم الإسلاميِّ؛ لصرف النظر عنها وإشغال المسلمين بالتفكير لاتِّخاذ الموقف المناسب تجاه هذا الهجوم، وعدم الالتفات إلى تلك الأحداثِ؛ كما حدث عند ظهور كتاب (آيات شيطانية لسلمان رشدي) في أواخر السبعينيات من القرن العشرين، وكانت الأحداثُ ساخنةً في أكثر من بلد من بلدان العالم.

 

وكذلك عندما ظهرت الرسوم الكريكاتورية في بعض صحف الدانمارك، فقد كانت الحرب الأمريكية مع قوى التحالف تدمِّر العراق، وكانت إسرائيل تذبح الفلسطينيين، وكانت الهجمة الصليبية في السودان وأفغانستان على أشُدِّها، وكان مأزق أمريكا مع الحملة العالمية في سجناء جوانتينامو تتفاعل.

 

2 - جَسُّ نبضِ العالم الإسلامي لقياس ردود أفعالهم تُجاه الطعن في مقدَّساتهم، وهل تجاوزوا مرحلة الاستنكار الشفويِّ والاحتجاجات الكلاميَّة على هذه الانتهاكات وتلك الهجمات، ووصلوا إلى مرحلة اتخاذ قرارات عملية؟!

 

فقد اتَّخذت الشعوب الإسلاميَّة مواقفَ من الرسوم الكريكاتورية في الصحف الدانماركيَّة، بمقاطعة المنتجات الدانماركيَّة من الألبان وغيرها.

 

أما على الصعيدِ الرسميِّ للحكومات العربية، فلم ترتقِ إلى درجة الاستنكار أو استدعاء السفراء، أو الاحتجاج العلنيِّ على تلك الرسومات، واستمرت المقاطعة الشعبية - التي لم تكن عامة - بضعة أشهر، ثم تراجعت واضْمَحَلَّتْ.

 

3 - مدى قدرة الأحزاب الإسلاميَّة، والمؤسسات العلميَّة والتربويَّة، والهيئات الدعوية وغيرها - على توظيف تلك الأحداث لمصلحتها، والارتقاء إلى أُفق الحوار أو المواجهة مع الجهات المساندة لتلك الجهات المهاجمة.

 

ولكن هذه الهجمات الموقوتة، وردود الأفعال عليها، لا ينبغي لها أن تؤثر على جوهر الحوار وأصالة منهجه في القرآن الكريم.

 

فقد فتح القرآن الكريم باب الحوار على مصراعيه أمام الناس جميعًا، ولم يغلق بابًا من أبواب المعرفة أمام الإنسان، حتى في أقدس المقدسات؛ في الذات الإلهيَّة والعقائد عامَّة، والإنسان والحياة.

 

ولقد ظهر ذلك على ألسنة الأنبياء والمرسلين مع أقوامِهم، والرسل إنما يحاورون بأمر الله ووحيه إليهم.

ولقد شَجَبَ القرآن الكريم مواقف المعرضين الذين يُدعَون إلى الحوار والتفكير فيما يعرض عليهم من آيات الله، ثم يمضون معرضين كأن لم يسمعوها؛ يقول جل شأنه: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آَيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [الجاثية: 7 - 9].

 

وكذلك الذين يعطِّلون وسائل المعرفة التي وهبها الله جلَّ شأنُه لهم، ولا يريدون استخدامها في التعرف على الحقيقة؛ يقول عز وجل: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ [فصلت: 5].

وللقرآن الكريم منهجُه وقواعدُه وأساليبُه وآدابُه في الحوار مع الآخر، سنعرض جملة منها في المباحث اللاحقة؛ لنُلقي الأضواءَ على العدل القرآني، وإنصافه للناس جميعًا من خلال فتح باب الحوار معهم.

 

ولما كان الحوارُ والدعوة إليه يغلب على الخطاب المعاصر، وتكرَّمت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة بالدعوة إلى ندوة "الحوار مع الآخر في الفكر الإسلامي" - رغبت في أن أنالَ شرف المشاركة في هذه الندوة بورقة عمل بعنوان:

(النَّصَفَة في الحِوار القُرآنيِّ)


وقسمت البحثَ حسب متطلبات البيان والتوضيح إلى مقدمةٍ وتمهيدٍ وثلاثة مباحث وخاتمة ستأتي تفصيلاتها في الصفحات اللاحقة.

التمهيد: تعريف عنوان البحث: (النَّصَفَة في الحِوار القُرآنيِّ).

المراد بالنصفة: هو الإنصاف.

قال ابنُ فارس في معجم مقاييس اللغة: "النون والصاد والفاء أصلان صحيحان، أحدهما يدل على شطر الشيء، ونصفه: شطره، والنصف... الإنصاف في المعاملة، وكأنه الرضا بالنصف، والنصف: الإنصاف أيضًا[1].

 

وقال ابنُ منظور في لسان العرب: "النَّصَفُ والنصفة والإنصافُ: إعطاء الحق.. وأنصف الرجل صاحبه إنصافًا، وقد أعطاه النصفة.

 

والنصفة: اسمُ الإنصافِ، وتفسيرُه: أن تعطيَه من نفسك النصفَ؛ أي: تُعطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك.. وأنصف الرجل؛ أي: عدل"[2].

 

وأما الحِوار: فمأخوذ من الحور، وهو: الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، والمحاورة: مراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة.

وهم يتحاورون؛ أي: يتراجعون الكلام[3].

 

وفي الحديث: ((اللهم إني أعوذ بك من وَعْثاءِ السفر وكآبةِ المُنْقَلَبِ، والحَورِ بعد الكَورِ، وسوءِ المنظر في الأهل والمال»[4]؛ أي: النُّقصان بعد الزيادة.

وفي مفرداتِ الراغبِ: الحَورُ: التَّرَدُّدُ؛ إمَّا بالذَّات، وإمَّا بالفِكْر.

 

وحَارَ الماء في الغدير: تردد فيه، وحار في أمره: تَحَيَّر، والمحاورة والحوار: المرادة في الكلام، ومنه التحاور؛ قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة: 1][5].

 

فعلى هذا يكون معنى (النصفة في الحوار القرآني): إعطاء الآخر حقَّه في المراجعة والمرادة في الكلام.

 

اهتمام القرآن الكريم بالحوار مع الآخر:

تقوم دعوةُ القرآن الكريم على هداية الإنسان بالإقناع العقلي، وإقامة الحُجَّة؛ لذا نجده يخاطب الإنسان وعقله مباشرة، ويلفت نظرَه إلى الكون المحيط به، ويحرِّك فيه مشاعره الفطرية لملاحظة ما كان وما سيكون بالنسبة له، ويدعوه إلى التأمل في نشأته وواقعه ومصيره، كلُّ ذلك بأسلوبٍ عقليٍّ يتفق مع كوامن الفطرة الإنسانية، ويتلاءم مع بداهة العقول ومسلمات المنطق.

 

إن الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي تُسيِّره قناعاته العقليَّة، وتُحدد سلوكه في الحياة، ولا يَخضع للإكراه والإرهاب الفكري ولو تظاهر لفترة قصيرة بذلك؛ لذا نجد القرآن الكريم يضع أسسًا ومبادئَ وثوابتَ للحوار، ويُلغي مبدأ الإجبار والقسر والإكراه ولا يرضاه؛ يقول عز من قائل: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 256].

 

ويُبيِّن أن الاختلاف في القناعات العقليَّة، ومناهج الحياة والسلوك الإنساني - سنةٌ ربانيَّة خُلق البشر عليها، ولا يُمكن جمعهم على شيءٍ واحد؛ لأن حكمة الله تعالى هكذا أرادت؛ يقول عز وجل: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 93].

 

ويقول: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود: 118].

 

المبحث الأول: مرتكزات الحوار في القرآن الكريم:

المطلب الأول: اللجوء إلى العقل والمسلمات:

لكي يكونَ الحوار إيجابيًّا فاعلًا مفيدًا، فلا بد له من منطلقات متفق عليها ومبادئ يُسلم بها الطرفان؛ ليكون هذا الحوارُ مفيدًا مثمرًا.

 

فالعقل يشكِّل مرجعية للمتحاورين، ولا يمكن أن يصل المتحاوران إلى صعيد مشترك ووجهة نظر موحدة تجاه القضايا المختلف فيها، إلا إذا اتفقوا على بدهيات العقل ومسلماته؛ قال تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ * أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الطور: 33 - 36].

 

كما ورد في السنة النبويَّة حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع معارضيه من قومه ومن الآخرين، منذ فجر الإسلام إلى أن الْتحقَ بالرفيق الأعلى، ومن أبرز محاوراته في المرحلة المكية محاورتُه عتبةَ بن ربيعة عندما جاء يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم المالَ والجاهَ والنساءَ ليترك دعوته[6].

 

ومن أجمل محاوراته صلى الله عليه وسلم مع أصحابه: محاورتُه الأنصارَ بعد معركة حنين وتوزيعه الغنائم، مما كان له الأثر العظيم في جمع كلمة المسلمين، وغسل ما في نفوسهم من الموجدة والحزن[7].

 

المطلب الثاني: البدء بالأفكار والقضايا المشتركة:

لكي يكون الحوارُ إيجابيًّا قابلًا للاستمرار، ينبغي أن يكون البدء من بدايات مشتركة تتوافق عليها وجهات النظر.

 

وهذا الذي نجده في القرآن الكريم عندما بدأ الحوار مع أهل الكتاب؛ حيث يقول عز من قائل: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 64].

 

فما دام الطرفان يؤمنان أن لهذا الكون إلهًا واحدًا هو الذي خلق، وهو الذي يرزق ويميت ويحيي وإليه المصير، إذًا فهو المستحق للعبادة وحده.

 

وما دمنا كلنا عبيدَ الله نواصينا بيده، فلماذا يعظم بعضنا بعضًا، ويتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله؟!

 

ومن هذا القبيل والحرص على الاستمرار في الحوار، والمجادلة بالتي هي أحسن، بالأسلوب اللطيف المؤدب غير المنفِّر - جاء الأمر به في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].

 

والأسلوب المهذَّب في الحوار استشعارٌ للآخرين باحترام رأيه وتكريم شخصه، فتزول الوحشة عن نفسه، ويفتح قلبه وعقله للإنصات والفَهم، ويُدرك أن محاورَه يهدف للوصول إلى الحق، وليس إلى القهر والغلبة.

 

المطلب الثالث: اللجوء إلى الوقائع التاريخية:

نجد ذلك في حوار القرآن الكريم لأهل الكتاب عندما زعموا أن إبراهيم عليه السلام الذي ينتسب إليه الأنبياءُ جميعًا، كان على اليهودية أو النصرانية، إنها مغالطة منهم ومخالفة للحقائق التاريخية، كيف يوصف المتقدِّمُ بما لم يوجد بعد، فإن المتأخِّر يلحق بالمتقدم، والسابق يشقُّ الطريق للاحق، وينتسب الخلف إلى السلف، إنه منطق غير سليم أن يحكم على السلف بما اختلقه الخلف.

 

لذا جاء الحوار القرآني لهم بالرجوع إلى الحقائق التاريخية التي يُسلمون بها: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 65 - 67].

 

ولا يقال: إن المسلمين وقعوا فيما نُهوا عنه من وصف إبراهيم بالإسلام، والمسلمون جاؤوا من بعده! لا يقال ذلك؛ لأن الإسلام هو دين الأنبياء جميعًا قبل إبراهيم وبعده: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: 78]، ويقول جل شأنه: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19].

 

وجاء على لسان يوسف عليه السلام: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: 101].

فالملل والنحل والمذاهب هي التي وصفت نفسها بأوصاف التزمت بها وعُرِفت بها؛ كاليهوديَّة والنصرانيَّة وغيرها، ولو بقوا على دين أنبيائهم، والتزموا منهجهم في التشريع، لبقوا على الدين الأول الإسلام، وَلَسُمُّوا المسلمين.

 

المطلب الرابع: اللجوء إلى الوقائع من حياة المتحاورين:

إن من الإنصاف للآخرين أن تعترف بأصول معتقداته ومقدساته، وأن تحتكم إلى مرجعه في الحكم والتشريع.

 

هذا ما نجده في القرآن الكريم، فعندما زعم بعض اليهود أن الله حرَّم عليهم بعض المأكولات تديُّنًا وتشريعًا، بيَّن الله سبحانه وتعالى لهم أن ذلك لم يكن تشريعًا، وإنما كان ذلك تطبيبًا وعلاجًا ليعقوب عليه السلام من قبل أن تنزل التوراة، ولكن اليهود جعلوه تشريعًا لهم جهلًا بأحكام التوراة؛ حيث لم يرد ذكر تحريم هذه الأطعمة؛ يقول تعالى: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: 93].

 

أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحضار التوراة، وطالبهم بأن يستخرجوا منها آية تدل على أن لحوم الإبل وألبانها كانت محرَّمة على إبراهيم عليه السلام، فعجزوا عن ذلك وافتضحوا، فظهر عند هذا أنهم كانوا كاذبين في ادِّعاء حُرمة هذه الأشياء على إبراهيم عليه السلام[8].

 

إن اتباعَ الهوى هو الذي جعلَهم يتركون أحكامَ التوراة، ولا يطبِّقونها في حياتهم، وحرَّفوا كلَّ حكمٍ أو خبر يخالف أهواءَهم، وطمسوا معالم الحقائق التي دعاهم إليه، ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم: مر على النبي صلى الله عليه وسلم يهوديٌّ محممٌ مجلودٌ، فدعاهم، فقال: ((أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟))، قالوا: نعم، فدعا رجلًا من علمائهم، فقال: ((أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى: أهكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟))، قال: اللهم لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أُخبرك، نجد حدَّ الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كَثُرَ في أشرافنا، فكنا إذا أخذنا الشريفَ تركْناه، وإذا أخذنا الضعيفَ أقمنا عليه الحدَّ، فقلنا: تعالوا نجعل شيئًا نُقيمه على الشريف والوضيع، فاجتمعنا على التَّحْمِيم والجَلْدِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أولُ من أحيا أمرَك إذْ أماتوه، وأمَر به فرُجِمَ))[9]، فنزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آَمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آَخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا﴾ [المائدة: 41].

 

إن الرجوع إلى معتقدات الآخر ومحاورته بمقدساته، ليس اعترافًا به فحسب، بل إضفاء قدسية إلى هذا المعتقد، وهذا شأن الإسلام في الاعتراف بكتب أهل الكتاب التي لم تَطُلْها يدُ التحريف والتغيير.

 

المبحث الثاني: الإنصاف في المساواة بين المتحاورين في المكانة، (والعمل على أرضية مشتركة):

إن القرآنَ الكريمَ ساقَ لنا في حواراته مع الآخر نماذجَ فريدة في الاعتراف به، بل في جعله في سويَّةِ المحاور، وأحيانًا تفضيله وهضم الذات عند المخاطبة، وفي المطالب التالية أمثلةُ على ذلك:

المطلب الأول: المساواة بين المتحاورين:

قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: 24].

 

فإن الاعتراف بأن الرازق هو الله الذي خلق السماوات والأرض (الاعتراف بالربوبية)، لا ينكره أحدٌ من العقلاء وهو أمر فطريٌّ، ولكن الاعتراف بالألوهية - تخصيص الرازق بالعبادة، وتوجيه الشكر إليه دون سواه - هو مجال الاختلاف، فالمسلمون يعبدونه وحدَه لا شريك له، أما أهلُ الأوثان والملل الأخرى، فيتَّخذون معه شركاءَ، فيكون أحدُ الفريقين المتخالفين على هدى والآخر على ضلالة؛ يقول الطاهر بن عاشور: "لأن حالة كلِّ فريق لما كانت على الضدِّ من حال الفريق الآخر بين موافقة الحق وعدمها، تَعَيَّنَ أن أمرَ الضلال والهدى دائر بين الحالتين لا يعدوانهما.

 

وهذا اللون من الكلام يسمى الكلام المنصف، وهو ألا يترك المُجادِلُ لخصمه موجبَ تغيُّظٍ واحتدادٍ في الجدال، ويسمَّى في علم المناظرة إرخاءَ العنان للمُنَاظِر، ومع ذلك فقرينةُ إلزامِهم الحجَّةَ قرينةٌ واضحةٌ"[10].

 

إن سَوْقَ هذه الفرضيَّة، والمساواة بين الطرفين المتحاورين - مدٌّ للفسحة للاستمرار في الحوار، وتشجيع للخصم وحضٌّ له على إبداء حججه، وإلقاء للسَّمع إلى حجج الآخر، وإيجاد الثقة بين المتحاورين، وإزالة الفواصل الطبقيَّة والنفسيَّة بينهما.

 

المطلب الثاني: تفضيل الآخر في أسلوب الحوار:

وربما استخدم الأسلوب القرآنيُّ في حقِّ الآخر ما يدل على أنه أفضلُ من المتكلم، وافتراض أن المتكلم مؤاخذٌ على شيء ما، ولو في تصور محاوره؛ كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [سبأ: 25].

 

إن أوَّل ما يسترعي الاهتمام في هذا الخطاب هو إسناد الإجرام إلى المتكلم، فالمخاطبُ ليس مؤاخَذًا بجُرْمِه، وإسناد العمل إلى الآخر، فالمتكلم غير مؤاخذ بعمله؛ يقول الطاهر بن عاشور: "أي: إن كلَّ فريق مؤاخذ وحدَه بعمله، فالأجدى بكلا الفريقين أن ينظر كلٌّ في أعماله وأعمال ضده؛ ليعلم أي الفريقين أحق بالفوز والنجاة عند الله، فكل فريق له خويصته.

 

وإسناد الإجرام إلى جانب المتكلِّم ومن معه مبنيٌّ على زعم المخاطبين؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ﴾ [المطففين: 32].

 

كان المشركون يؤنِّبُون المؤمنين بأنهم خاطئون في تجنُّب عبادة أصنام قومهم، وهذا ضرب من المشاركة والموادَعة؛ ليخلوا بأنفسهم فينظروا في أمرهم، ولا يُلهيهم جدال المؤمنين عن استعراض أنفسهم ومحاسبتها، وفيه زيادة إنصاف؛ إذ فرض المؤمنون الإجرام في جانب أنفسهم، وأسندوا العمل على إطلاقه في جانب المخاطبين؛ لأن النظر والتدبُّر بعد ذلك يكشف عن كُنْهِ كلا العملين"[11].

 

وجاء التعقيبُ على هذا التفضيل بما يهزُّ كِيان المشرك، ويجعله محتكمًا إلى العقل متدبِّرًا للعاقبة، متوجِّسًا مما يؤول إليه أمره: ﴿قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ﴾ [سبأ: 26].

 

قال صاحب التحرير والتنوير: "هنا تدرَّجَ الجدلُ من الإيماءِ إلى الإشارةِ القريبة من التصريحِ، لما في إثبات يوم الحساب، والسؤال من المصارحة بأنهم الضالون، ويسمَّى هذا التدرُّج عند أهلِ الجدل (الترقِّي)" [12].

 

المطلب الثالث: الاعتراف بالخصائص والمزايا وعدم التعميم في الأحكام بعد إقامة الدليل:

لقد حاورَ القرآنُ الكريم أهلَ الكتاب في آيات كثيرة وفي مجالات شتَّى، حاورهم في عقائدهم التي حرَّفُوها، وفي كلِّ أحكامهم التي بدَّلوها، وفي تاريخهم الذي زيَّفوه، وفي أخلاقهم التي مسخُوها، وأقام عليهم الحجة في كلِّ ذلك بالعقل والمنطق التاريخيِّ والواقع المعيش وشهادة علمائهم، ومع كلِّ ذلك أنصَفهم بذكر بقايا من الصفات الخلقية التي حافظ عليها بعضُهم، وجاءت مثلُ هذه الاستثناءات في أكثر من آية؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ [آل عمران: 75].

 

ففي كلِّ أمة من الأمم أناسٌ أمناء، يحفظون الأمانة ويؤدُّونها إلى أهلها، ومن هؤلاء السَّمَوْءَل اليهوديُّ قبل الإسلام الذي كان يُضرب به المثل في الوفاء والحفاظ على الأمانة والعهود.

 

كما أنه في كل أمة من يخون الأمانة، ولا يؤديها إلى أهلها إلا بالملازمة والمتابعة، وربما بإقامة الدعاوى واللجوء إلى القضاء.

 

وجاءت الآية في سياق بيان مواقف بني إسرائيل من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته، وكتمانهم الحقَّ وأساليبهم في الصدِّ عن سبيل الله، إلا أن كلَّ ذلك لم يمنعْ بيان الحق في طائفة منهم، ولم تنحرف فطرتهم؛ يقول ابنُ عطية: "ثم أخبر تعالى عن أهل الكتاب أنهم قسمان في الأمانة، ومقصد الآية ذمُّ الخونة منهم، والتفنيدُ لرأيهم وكذبهم على الله في استحلالهم أموال العرب"[13].

 

ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [آل عمران: 113 - 114].

 

على خلاف بين العلماء في تعيين هذه الأمة - الطائفة من أهل الكتاب - فمن المفسرين من ذهب إلى أنهم الذين بقوا على شرائعهم ولم يحرِّفوها، وماتوا قبل أن يدرك الشرائع اللاحقة؛ يقول ابن عطية: "وذلك أن أهل الكتاب لم يزلْ فيهم من هو على استقامة، فمنهم من مات قبل أن يدرك الشرائع، فذلك من الصالحين، ومنهم من أدرك الإسلام فدخل فيه"[14].

 

ويقول الطاهر بن عاشور: "ليسوا سواء: استئناف قُصِدَ به إنصافُ طائفة من أهل الكتاب، بعد الحكم على معظمهم بصيغةٍ تَعُمُّهم؛ تأكيدًا لما أفاده قوله: ﴿مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، فهذا الثناء شامل لصالحي اليهود، وصالحي النصارى، ولا يختصُّ باليهود، فإن صالحي اليهود قبل بعثة عيسى كانوا متمسِّكِين بدينهم، مستقيمين عليه، ومنهم الذين آمنوا بعيسى واتَّبَعوه، وكذلك صالحو النصارى قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا مستقيمين على شريعة عيسى، وكثير منهم أهل تهجُّد في الأديرة والصوامع، وقد صاروا مسلمين بعد البعثة المحمديَّة"[15].

 

ومن المفسِّرين من ذهب إلى أنهم الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم ودخلوا الإسلام؛ يقول القرطبي: "وقال ابن عباس: قول الله عز وجل: ﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾، مَن آمَن مع النبي صلى الله عليه وسلم، ﴿وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾؛ أي: مع الصالحين، وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة"[16].

 

وعلى كلا التفسيرين، فإن القرآن الكريم استثنى طائفة من أهل الكتاب بقبولهم الحق واتباعه والالتزام بعبادات الإسلام، وهذا في حد ذاته أمر فيه الإنصاف لقَبولهم الحقَّ واتباعه.

 

ومن هذه الآيات التي جاء الاستثناء لطوائف من أهل الكتاب، قوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ * وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ﴾ [المائدة: 82 - 84].

 

وهذه الآيات الكريمة التي تنزل الأممُ والشعوب منازلَها؛ من قبول الحق أو تنكُّبه، ومن إضمار الخير أو عكسه، من نقاء السريرة وضدها، ومن الاستعداد للتعاون على البرِّ والتقوى، أو الوقوع في المشاقة واللدد والخصومة.

 

والحديث هنا يتناول أمرًا مطَّردًا يتربى عليه الأجيال وتتوارثه الأبناء عن الآباء والخلف عن السلف، وليس الأمر خاصًّا بفئة عاصرت الرسول صلى الله عليه وسلم وانتهى أمرها؛ يقول ابن عطية: "وهذا خبر مطلق منسحب على الزمن كله، وهكذا هو الأمر حتى الآن، وذلك أن اليهود مرنوا على تكذيب الأنبياء وقتلهم، ودربوا العتوَّ والمعاصي، ومردوا على استشعار اللعنة وضرب الذلة والمسكنة، فهم قد لحجت[17] عداوتهم، وكثر حسدهم، فهم أشد الناس عداوة للمؤمنين، وكذلك المشركون عبدة الأوثان من العرب، والنيران من المجوس.... والنصارى من أهل الكتاب يقضي لهم شرعنا بأن أول أمرهم صحيح، لولا أنهم ضلوا.... فهم إذا حاربوا فإنما حربهم أنفة وكسب، لا أن شرعهم يأخذهم بذلك، وإذا سالَموا فسِلمهم صافٍ، ويُعين على هذا أنهم أمة شريفة الخلق، لهم الوفاء والخلال الأربع التي ذكر عمرو بن العاص فيهم[18]، واليهود - لعَنهم الله - ليسوا على شيء من هذا الخلق، بل شأنُهم الخبثُ والليُّ بالألسنة، وفي خلال إحسانك إلى اليهودي يبغيك هو الغوائل، إلا الشاذ القليل منهم ممن عسى أن تخصص بأدب وأمور غير ما علم أولًا"[19].

 

وهذه الأخلاقُ في هذه الأمم نشاهدها إلى يومنا هذا؛ وذلك لأن مقدسات كل أمة ومعتقداتها تنشئ جيلًا بعد جيل يقومون على توارث هذه المعتقدات ويُنشؤون الأجيال عليها، فاليهود يربون أجيالهم على التلمود الحاقد الذي يرى أن البشر جميعًا خلقوا لخدمة بني إسرائيل، وأن أموال العالم هي لهم، إلا أن الناس انتهبوها من اليهود، فمهما استطاع اليهودي أن يستعيد ماله، فله ذلك بأي طريقة أو وسيلة كانت[20].

 

أما النصارى فلا يرون لهم هذه المزية، ولكنهم ضلُّوا طرق الحق، ومنهم أهل انقطاع إلى الله وعبادة، وإن لم يكونوا على هدى؛ يقول ابن عطية: "ووصف الله تعالى النصارى بأنهم لا يستكبرون، وهذا بيِّن موجود فيهم حتى الآن"[21].

 

ومقالة عمرو بن العاص فيهم نشاهدها اليوم في الروم - والمقصود بهم الغرب - فإن حياتهم التي نظَّموها - وخاصة في الكفالة الاجتماعية: (خيرهم لمسكين ويتيم وضعيف) - تثير الدهشة، وكذلك قول عمرو فيهم: "وأمنعهم من ظلم الملوك" بإقامة حياتهم السياسية على المؤسسات الديمقراطية.

 

إنهم - وعلى الرغم من كون ديانتهم محرَّفة - فقد توصَّلوا إلى أمور حسنة بمحض عقولِهم وتجارب الأجيال، ولذا قال من قال فيهم: «رأيت في الغرب إسلامًا ولم أرَ مسلمين، ورأيت في الشرق مسلمين ولم أرَ إسلامًا»؛ لأن الحياة المنظمة التي تحقق العدل وترعى المصالح، وتأخذ على يد الظالم وتحاسبه - هي من أغراض الدين الإسلامي ومقاصده.

 

هكذا نجد نصفة الحوار القرآني، وهكذا نجد شهادة رسول الإسلام ومن رباهم القرآن ينصفون الناس، وينزلونهم منازلهم، إنه العدل في الحُكم على الأمم والشعوب كما هو العدل في الأفراد؛ يقول عز من قائل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 135].

 

المبحث الثالث: النصفة في آداب الحوار:

لقد ربَّى الإسلام أبناءه على مبادئ ثابتة في مجالات الحياة كلها، وفي التعامل مع طوائف الناس كافة، ومنها مجالُ الحوار مع الآخر، وفيما يلي جملة من هذه المبادئ العامة والخاصة:

المطلب الأول: العدل في التحاور:

إن من الإنصاف والعدل تجاه الطرف الآخر مراعاةَ العدل في الحوار، ويتحقَّق ذلك في:

♦ حسن الاستماع إلى حجته كاملة وعدم مقاطعته.

♦ عدم إثارة الشبهات عليه من باب المغالطة لإحراجه.

♦ عدم رفع الصوت عليه، وإصدار نبرات التهديد والوعيد أثناء الحوار.

♦ التسليم له عند ظهور حجته.

 

♦ وإذا كان الحُكم بين المتحاورين يعدل في الإقبال عليهما، وحسن الخطاب معهما - سواء كان المحاور على دينك ومِلَّتك ومذهبك - أم كان على غير ذلك، فإننا أُمِرنا بالعدل المطلق وألا يحملنا الشنآن على الجور والظلم؛ يقول رب العزة والجلال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 8].

 

يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "ما جادلت أحدًا إلا تمنَّيت أن يُظهرَ اللهُ الحقَّ على لسانه، وما كلمتُ أحدًا قطُّ إلا أحببتُ أن يوفَّق ويُسدَّد ويُعان، ويكونَ عليه رعاية الله وحفظه"[22].

 

ويقول الإمام الغزَّالي عن المجادل: "أن يكون في طلب الحق كناشد ضالة، لا يُفرق بين أن تظهر الضالة على يده، أو على يد من يعاونه، ويرى رفيقه معينًا لا خصمًا، ويشكره إذا عرَّفه الخطأ وأظهرَ له الحق"[23].

 

المطلب الثاني: الجدال بالتي هي أحسن:

إن لأسلوب الحوار أثرًا في نفوس المتحاورين، فإن اللين في الكلام والتدرُّج في الحجة والتواضع في المقابلة، يترك أثره في نفس المحاور وعقله وقلبه، ولقد أوصى ربنا سبحانه وتعالى رسوله وكليمه موسى وأخاه هارون عليهما السلام، عندما أرسلهما إلى فرعون، وهو الطاغية الجبار الذي يدَّعي الربوبية، أوصاهما بقوله: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 44]، فإن للكلمة الطيبة وقعَها، وللقول اللين أثره.

 

هذا إن لم يكن بين المتحاورين صعيدٌ مشتركٌ، كما في حالة موسى عليه السلام وفرعون الطاغية، فما بالك إذا كانت هنالك مجالات يتفق فيها المتحاوران كما في حالة المؤمنين بالله واليوم الآخر والنبوات، وأمهات الأخلاق، لذا جاء التوجيه الرباني في المجادلة بالتي هي أحسن مع طوائف أهل الكتاب؛ يقول عز شأنه: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46].

 

إن الحكم على السفيه، وخفض الجناح للمتكبر، والتواضع للمغرور، ومقابلة السيئة بالحسنة - كثيرًا ما يفوق في الأثر على تحوُّل المحاور من الحجة العقلية الدامغة والبرهان الساطع، والدليل القاطع، فكم من مجادل أُفحِم وبُهِت في الجدال، ولكنه بقِي على موقفه معاندًا، وبالمقابل كم من عاتٍ جبارٍ متمردٍ، أثَّرت فيه كلمة طيبة، ولفتة حانية وموقف نبيل، فانقلب رأسًا على عقب؛ يقول رب العزة والجلال: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾ [فصلت: 34].

إن اللطفَ ما دخل شيئًا إلا زانه، وما نزع من شيءٍ إلا شانه.

 

المطلب الثالث: ترك المماراة واللجج في المحاورة:

من الأدب القرآني في المحاورة: عدم الاستمرار في الجدل إذا ظهر للمحاور المؤمن أن خصمَه لا يريد الخضوعَ للحق، وأنه يرفض الحجة وإن كانت ظاهرة، ولا يقبل الدليل ولو كان صحيحًا سليمًا.

 

فعند ذلك ينبغي أن يتركَ الاستمرار في الحوار؛ لأن الآخر يدافع عن وجوده وكرامته - من وجهة نظره - ولا يريد الخضوع للحق؛ لأنه يرى في ذلك هزيمته، وهذا ما يرشدنا إليه القرآن الكريم؛ يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: 41].

 

إن الاستمرار في الجدال بعد ظهور الحجة على الآخر وعناده وتصلُّبه في موقفه - مدعاةٌ إلى العداوة وتغيُّر القلوب، وسيطرة التعصب الأعمى، وبالتالي قطع الحوار واللجوء إلى القطيعة؛ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم بيتٍ في رَبَضِ الجنة لمن ترك المِراء وإن كان مُحقًّا، وبيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وبيت في أعلى الجنة لمن حسُن خلقُه))[24].

 

كما أن الاستمرار في ملاحقة المنهزم فكريًّا قد يؤدِّي إلى التجنِّي والعداوة الظاهرة، فيلجأ إلى أساليب عدوانية في القول والفعل، والله سبحانه وتعالى نهانا أن نلجأ إلى ما يسبب إثارة الآخرين، فيقعوا في الإساءة إلى معتقداتنا، وذلك سدًّا للذرائع؛ يقول عز وجل: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: 108].

 

الخاتمة:

الحوارُ منهجٌ أصيل في الخطاب القرآني، فالقرآن الكريم حافلٌ بألفاظٍ كثيرةٍ تدلُّ على الحوار وتدعو إليه، مما يؤكدُ قيمةَ الحوار في حياة البشر والتواصل بينهم.

 

وقد يظنُّ بعضهم أن الحوار مصطلح حديث؛ حيث دعا بعضهم إلى حوار الحضارات، والحوار بين الأديان، والحوار بين الشمال والجنوب.

 

ولكن القرآن بيَّن لنا أن الجدال والحوار كان مع دعوة أنبياء الله الناس للهداية إلى منهج الحق، فقد جاءت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ [هود: 32].

 

وقال: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ..﴾ [الكهف: 34].

 

وقد قدَّمنا من خلال المباحث السابقة عرضًا موجزًا ومبادئ وآدابًا عامة للمنهج القرآنيِّ، وإنصافه للآخر في الاعتراف به، وبمقدساته، وإفساح المجال له لإبداء رأيه، بل تشجيعه للاستمرار وإرخاء العنان له، كلُّ ذلك ليصلَ إلى الحق عن قناعة، وخص بعض الأمم والملل بمزيد من العناية والرعاية، وانطلق معهم من أرضية مشتركة، وقواعد تجمع بين المسلمين وبينهم، ودعاهم إلى تحكيم كتبهم ومقدساتهم؛ حرصًا على توحيد كلمة المؤمنين بالله واليوم الآخر.

 

إن المنهج القرآني في الحوار يؤكد حرية الخصم واستقلاله، ويقوده إلى موقع المسؤولية، ويُسلم أمره إلى مصيره الذي لا محيد عنه، إن أصر على مواقفه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ [السجدة: 30].

 

إنه منهج يهدف إلى دعوة الناس إلى التعرف على الحق، ولا ينطلق من منطق الوصاية على الآخر، وإنما يدعوه للبحث عن الحق.

 

هذا عن المنهج، وأما المحاور المُسلم، فعليه أن يتصف بالأدب القرآني في حواره، وما أجمل ما قاله الشاطبي في مقدمة كتاب (الموافقات) ناصحًا المسلم المحاور: "والْبس التقوى شعارًا، والإنصاف بالإنصاف دثارًا، واجعل طلب الحق لك نِحلة، والاعتراف به لأهله مِلَّة، لا تملِك قلبَك عوارضُ الإعراض، ولا تُغير جوهرةَ قصدك طوارقُ الإعراض، وقِفْ وقفة المتخيرين لا وقفة المتحيرين، إلا إذا اشتبَهت المطالب، ولم يَلُحْ وجه المطلوب للطالب، فلا عليك من الإحجام وإن لَجَّ خصوم، فالواقع في حِمى المشتبهات هو المخصوم، والواقف دونها هو الراسخُ المعصوم، وإنما العار والشَّنار على مَن اقتحم المناهي فأورَدته النار، لا تَرِد مَشرعَ العصبيَّة، ولا تأنَف من الإذعان - إذا لاحَ وجهُ القضيَّةِ - أنفةَ ذوي النفوس العصبية؛ فذلك مرعى لسوامِها وبَيلٌ، وصدودٌ عن سواء السبيل"[25].

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

توصيات:

1 - توجيه نداء إلى أصحاب العقول النيِّرة من المفكرين المسلمين إلى عرض الإسلام بأسلوب العصر، وفتح باب الحوار لتوضيح الخطاب الإسلامي وتجديد أسلوبه.

 

2 - وضع مناهج دراسيَّة في كليات أصول الدين وأقسام العقيدة والمذاهب المعاصرة، لتدريس مساق عن الجدل والحوار والموازنة بين المنهج القرآنيِّ والمناهج المعاصرة في ذلك.

 

3 - دعوة أساتذة الشريعة وغيرهم ممن لهم باعٌ في الحوار للإسهام في المواقع على الشبكة العالمية (الإنترنت)؛ لإظهار الدعوة الإسلامية، ورد الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام عن طريق الحوار البناء.

 

4 - أن يتبنَّى قسم أصول الدين بجامعة الشارقة تحقيق كتب التراث التي تعنى بمناهج الجدل والحوار، وطباعة المؤلفات الحديثة المميزة في هذا المجال ونشرها.

 

 

فهرس المصادر والمراجع:

♦ أحمد: ابن حنبل المسند، ط. المكتب الإسلامي - دار صادر.

♦ الرازي: فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب، ط. طهران.

♦ الراغب: الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، ط. مكتبة الأنجلو المصرية.

♦ ابن عاشور: الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ط. دار كنون في المجمع الثقافي.

♦ ابن عطية: عبدالحق عطية، المحرر الوجيز، ط. قطر.

♦ ابن فارس: أحمد بن فارس بن زكريا، ت. عبدالسلام هارون، ط. دار الجيل.

♦ ابن منظور: جمال الدين محمد بن منظور الإفريقي، ط. دار صادر - بيروت.

♦ القرطبي: محمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ط. دار الفكر.

♦ المباركفوري: صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، ط. دار أشبيليا - الرياض.

♦ مسلم: مسلم بن الحجاج، الجامع الصحيح، ط. دار الفكر.

♦ مسلم: مصطفى مسلم، معالم قرآنية في الصراع مع اليهود، ط. دار القلم - دمشق.

 

المواقع على الشبكة العالمية:

♦ www.islamweb.net

♦ www.iseco.org

♦ www.alwihdah.com

♦ www.geocities.com

 


[1] ابن فارس؛ معجم مقاييس اللغة؛ تحقيق عبدالسلام هارون، ج5، ص421، ط: دار الجيل.

[2] ابن منظور؛ لسان العرب، 9/ 332، دار إحياء التراث العربي.

[3] ابن منظور؛ لسان العرب، 3/ 384، دار إحياء التراث العربي.

[4] مسلم، الجامع الصحيح، رقم الحديث، 1342.

[5] الراغب؛ المفردات، ص192، ط مكتبة الأنجلو المصرية.

[6] ابن هشام؛ السيرة النبوية، ج 2/ 130.

[7] المرجع السابق، وانظر أيضًا: المباركفوري؛ الرحيق المختوم، ص 420، دار أشبيليا 2001.

[8] مفاتيح الغيب؛ للرازي، 8/ 136، ط طهران.

[9] صحيح مسلم، الحديث رقم (1699)، ومسند الإمام أحمد، الحديث رقم (18548).

[10] التحرير والتنوير، ج11، ص192، ط: دار كنون، المجمع الثقافي.

[11] التحرير والتنوير، ج11، ص194.

[12] المرجع السابق، ج11، ص195.

[13] المحرر الوجيز، ج3، ص176، ط: قطر.

[14] المحرر الوجيز، ج3، ص273، مرجع سابق.

[15] التحرير والتنوير؛ للطاهر بن عاشور، ج4، ص57.

[16] الجامع لأحكام القرآن؛: للقرطبي، ج4، ص176 - 177 باختصار.

[17] لحجت العداوة: تمكنت من صدورهم، ومنه: لحج السيف في غمده بمعنى: نشب فيه ولم يخرج/ لسان العرب، مادة لحج.

[18] انظر المحرر الوجيز، ج5 ص 1 - 3 باختصار.

والصفات التي ذكرها عمرو بن العاص لهم: روى مسلم في "كتاب الفتن وأشراط الساعة": عن موسى بن علي عن أبيه قال: قال المستورد القرشي عند عمرو بن العاص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تقوم الساعة والروم أكثر الناس))، فقال له عمرو: أبصر ما تقول، قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (لئن قلت ذلك، إن فيهم خصالًا أربعًا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك)؛ انظر صحيح مسلم - الحديث رقم (2898).

[19] المحرر الوجيز، ج5 ص3، مصدر سابق.

[20] انظر المزيد من أخلاقهم في كتابنا: "معالم قرآنية في الصراع مع اليهود"، ص218، ط دار القلم.

[21] المحرر الوجيز، ج5 ص5.

[22] النووي، المجموع 1/ 28.

[23] أبو حامد الغزالي؛ إحياء علوم الدين، 1/ 67.

[24] أبو داود في سننه 4/ 253 رقم الحديث (4800)، وفي سنن الترمذي بمثله حديث رقم (1993) 4/ 358.

[25] الشاطبي، الموافقات في أصول الفقه، ط 1/ 25 - دار المعرفة - بيروت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب
  • صوتيات
  • تعريف بالمؤلفات
  • مرئيات
  • مقالات
  • علوم القرآن
  • فقه الكتاب والسنة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة