• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ مصطفى حلميأ. د. مصطفى حلمي شعار موقع الأستاذ مصطفى حلمي
شبكة الألوكة / موقع أ. د. مصطفى حلمي / مقالات


علامة باركود

الأصالة لا التقليد

الأصالة لا التقليد
أ. د. مصطفى حلمي


تاريخ الإضافة: 23/5/2015 ميلادي - 4/8/1436 هجري

الزيارات: 12172

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأصالة لا التقليد [1]


هنا نطرح سؤالًا لابد منه وهو: كيف يراد بنا تقليد الغرب الآن، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا؟

بينما يجأر فلاسفته بالشكوى، باحثين عن خروج من مأزق حضارتهم؟ ولكننا سنجد من يحاول إيجاد العذر لهذه الحضارة والدفاع عنها بالرغم من أزماتها المتعددة، بدعوى أن مشاكلها مشاكل تقدم، وأزماتها ناجمة عن تطلعات وطموح في تنفيذ نتائج أفضل، وحتى مع افتراض صحة هذا الزعم، فإننا نرفض التقليد باحثين عن الأصالة، ولا تأتي الأصالة بترقيع الشخصية، بل بالارتباط بالعقيدة التي كانت حجر الزاوية في كيان هذه الأمة، وإلا فهل المطلوب منا نبذ نموذج حضاري تحقق لمئات السنين والالتفات إلى أمم الغرب نقلدها؟

 

وفي الإجابة على هذا السؤال نميز أولًا كما قلنا بين تقليد مقومات الشخصية والعقائد والتصورات، وبين النتائج العلمية، فلا وطن للعلم، ولا جنسية للاكتشافات والأبحاث الإنسانية في الميادين المختلفة، لأنها نتاج جهود البشرية على اختلاف جنسياتها وأوطانها، فليس هناك طب أوروبي أو هندسة أمريكية أو فلك روسي أو جيولوجيا يابانية، وقد ساهمنا فيها كلها يومًا بجهود لا تنكر[2].

 

المشكلة هي اختلافنا الأساسي معهم التوحيد والإيمان بالله سبحانه وتعالى وإفراده بالألوهية والربوبية، وماهية الإنسان، والغرض من خلقه وبيان ما له في اليوم الآخر، وما هي وسائله لسلوك أحسن السبل الممكنة في الحياة والارتقاء بها، ولعلنا نصدم أصحاب دعوى التجديد المتغربين النابذين للسلفية عندما نضع أمامهم الحديث النبوي ((إن الله يبعث لهذه الأمة في رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها))، ويرى ابن تيمية أن التجديد بعد الدروس، فالتجديد ارتقاء وتقدم بالأمة لتسلك طريقها مرة أخرى، كلما بعدت عن الصحيح الأصيل المتوارث.

 

وتأتي آفة التقليد عندما ننسى أصالتنا، ولذا ينبغي التنبيه إلى الحكمة النبوية في الحديث الذي رواه البخاري ((لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون (الأمم) قبلها شبرًا بشبر وذراعًا بذراع). فقيل يا رسول الله: كفارس والروم؟ فقال: ((ومن الناس إلا أولئك؟!)) وفي حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لتتبعن سنن من قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى ولو دخلوا جحر ضب خرب، لتبعتموهم، قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى؟ قال: فمن غيرهم؟!)) وجحر الضب كناية عن العادات المخربة لسعادات الشعوب والأفراد، وقد اختلف الجواب حيث قيل ((الفرس والروم)) كان هناك قرينة تدل على أن الأمر يتعلق بنظم الحكم والسياسة والاجتماع. وحيث قيل ((اليهود والنصارى)) كان هناك قرينة تدل على تعلق الأمر بما هو من قبيل الديانات والعبادات[3].

 

وقد استقرأ ابن تيمية الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الآمرة بترك التشبه بالأمم السابقة والمحافظة على أصالة الأمة الإسلامية، ثم استخلص في النهاية أن مخالفتهم في عامة أمورهم أصلح للمسلمين لأن جميع الآيات دالة على ذلك، كذلك هناك من الآيات ما يدل على أن مخالفتهم واجبة.

 

وبصرف النظر عن دلالة الوجوب عن غيرها فإن مخالفتهم مشروعة في الجملة[4] وسيأتي تعليله وبيانه للحكمة من المخالفة إبقاء على ذاتية الأمة الإسلامية ومحافظة على كيانها المتميز عن الأمم السابقة التي انحرفت عن الصراط المستقيم.

 

أدلة الكتاب والسنة:

يرى شيخ الإسلام أن دلالة الكتاب على خصوص الأعمال وتفاصيلها إنما تقع بطريق الإجمال والعموم أو الاستلزام، وتأتي السنة لتفسر الكتاب وتبينه، وتدل عليه وتعبر عنه.

 

والتزامًا بهذا الأصل يذكر آيات من الكتاب الحكيم ويتبعها بالأحاديث المفسرة لمعاني ومقاصد الآيات.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [المائدة: 51] وقال سبحانه: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾ [المجادلة: 22] إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].

 

وكذلك ما ورد في السنة، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكره مشابهة أهل الكتابين في الآصار والأغلال- حيث كان من صفته -صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى: ﴿ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157].

 

لهذا فإنه زجر أصحابه عن التبتل وقال: ((لا رهبانية في الإسلام)) وأمر بالسحور ونهى عن المواصلة، وقال فيما يعيب به أهل الكتابين ويحذرنا عن موافقتهم ((فتلك بقاياهم في الصوامع))[5].

 

وإننا نعتقد أن كتاب شيخ الإسلام (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) يحمل بين طياته أبلغ الدلالات وأقواها في تحذير الأمة الإسلامية من تقليد غيرهم، ذلك لأن الأمة الإسلامية تميزت بخصائص تميزها عن غيرها من الأمم وتجعل من التزامها بعقائدها وشريعتها أمة متقدمة بالمعنى الحضاري الصحيح حيث تتميز الحضارات كما قلنا بالعقائد والقيم والسلوك في المقام الأول ثم تأتي في المرتبة التالية المنتجات المادية.

 

وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التشبه بالأمم الأخرى، في الحديث المشار إليه آنفًا، وعندما عاصر شيخ الإسلام ابن تيمية ألوانًا من تقليد فارس والروم، أخذ يحذر منه وينبه إليه (قد دخل منه في هذه الأمة من الآثار الرومية قولًا وعملًا، والآثار الفارسية قولًا وعملًا: ما لا خفاء فيه على مؤمن عليم بدين الاسلام، وبما حدث فيه)[6].

 

ولا ندري لو عاش معنا الشيخ عصرنا الحاضر ماذا عساه أن يقول!! وعلى أية حال فإنه يوضح المعاني الخاصة بهذه الأمة استنادًا إلى فهمه لآيات القرآن وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويحلل الآثار الناجمة عن التشبه بالأمم الأخرى.

 

وكطريقة ابن تيمية في عرض أفكاره يبدأ بشرح المقصود بالصراط المستقيم بأنه يتضمن أمورًا باطنة وأخرى ظاهرة. والباطنة مقرها القلب: كالاعتقادات والإرادات وغيرها. والظاهرة: كالأقوال والأفعال.

 

وهذه الأعمال الظاهرة قد تكون أيضًا عادات: في الطعام واللباس والزواج والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب وما شابهها.

 

والقاعدة الكلية التي ينبني عليها الحكم هي أن الأمر بموافقة قوم أو بمخالفتهم:

قد يكون لأن نفس قصد موافقتهم أو نفس موافقتهم: مصلحة وكذلك نفس قصد مخالفتهم أو نفس مخالفتهم مصلحة تقع بنفس متابعتنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- والسابقين من السلف الصالح من المهاجرين والأنصار في أعمال لولا أنهم فعلوها لربما لا يكون لنا فيه مصلحة، لأن متابعتهم تورث محبتهم وائتلاف قلوبنا بقلوبهم ويدعونا أيضًا إلى موافقتهم في أمور أخرى[7].

 

وهكذا ينبهنا ابن تيمية إلى أصل جوهري من أصول الاستمرار الحضارة الإسلامية وفقًا لارتباطها بجذورها التي ازدهرت في العصور الأولى بفضل ما حققه الأوائل من أعمال، بحيث إننا نضمن عند متابعتنا لها، من استمرار هذه الحضارة، فإن أية حضارة ما هي إلا ثمرة العقائد والأعمال، وقد عبروا بهما عن القمة وبلغوا فيهما الذروة.

 

ويشرح ابن تيمية منافع الأعمال الصالحة في ذاتها ويعلل الحكمة من المتابعة أو المخالفة وأثرها على النفوس البشرية.

 

ويستدل على ذلك بما هو مجرب ومحسوس فإن اللابس لثياب أهل العلم - مثلًا - يجد في نفسه نوع انضمام إليهم، واللابس لثياب الجند المقاتلة مثلًا، يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضيًا لذلك (لا أن يمنعه من ذلك مانع)[8].

 

وعلى العكس من ذلك فإن المخالفة في الهدي الظاهر، توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب، وأسباب الضلال والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان، موالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين. وكلما كان القلب أتم حياة وأعرف بالإسلام ويستطرد ابن تيمية: لست أعني مجرد التوسم به ظاهرًا، أو باطنًا بمجرد الاعتقادات التقليدية، من حيث الجملة كان إحساسه بمفارقة اليهود والنصارى باطنًا أو ظاهرًا أتم، وبعده عن أخلاقهم الموجودة في بعض المسلمين: أشد)[9].

 

ويبلغ شيخ الإسلام في تعليله لسبب المنع حيث يرجعه إلى التأثير المتبادل بين الروح والجسم، أو الانفعالات النفسية وأعمال الجوارح الظاهرة، إذ أن الأمور الباطنة من اعتقادات وإرادات كالأقوال والأفعال من عبادات وعادات وغيرها، هذه الأمور الباطنة والظاهرة لابد بينهما من ارتباط ومناسبة (فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال: يوجب للقلب شعورًا وأحوالًا))[10].

 

وتفسير ذلك أن طاعة الله تعالى وعبادته والخضوع لأوامره والانتهاء عن نواهيه تورث انشراحًا في الصدر وسعادة في النفس ونورًا في القلب، وبالضد من ذلك فإن المعاصي تورث كآبة وظلمة القلب وتسبب الغم والحزن والضيق.

 

وأصل ذلك في وصف الفريق الأول قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 71]، والفريق الثاني قوله تعالى: ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [المائدة: 37]، إشارة إلى ما هو لازم لهم في الدنيا والآخرة من الآلام النفسية غمًا وحزنًا، وقسوة وظلمة قلب وجهلًا، (إن للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله به عليم. ولهذا تجد غالب هؤلاء لا يطيبون عيشهم إلا بما يزيل عقولهم ويلهي قلوبهم، من تناول مسكر أو رؤية مله - أي ملاهي - أو سماع معازف ونحو ذلك[11]).



[1] ويلفت نظرنا ظاهرة انتصار الأصالة في تحول الباحثين عن الحقيقة بإخلاص وتجرد كالدكتور مصطفى محمود والأستاذ محمد جلال كشك) ليعبرا عن ظاهرة ذات مغزى، إذ ينتميان إلى الجيل الذي بهرته الكلمات البراقة في خلايا الشيوعية السرية عن التقدم المنتظر وتحقيق العدالة الاجتماعية على أوسع نطاق ولكن عندما تحولت الكلمات البراقة إلى العنف طارت خفافيش الأفكار التي لا تعيش إلا في الأوهام وانقشعت سحب الظلام عن حقائق مذهلة أصابتنا بكوارث نعرفها جميعًا.

ربما نجد العذر للبعض عند المرور بفترات المخاض لمن يحس بالأمل أن يبحث عن حلول جاهزة مستوردة بأي ثمن، ولكن بعد طول المعاناة، وبعد التأكد مع تكرار التجارب أن الغرب ما زال ينظر إلينا نظرة العداء، وها هي الحروب مع إسرائيل تدعم رأينا في شدة عداء الغرب لنا، وتحذرنا من البحث عن أنفسنا في مرآة أعدائنا.

[2] ينظر كتابنا (مناهج البحث في العلوم الإسلامية) مكتبة الزهراء بالقاهرة.

[3] عبد المتعال الجبري: المرأة في التصور الإسلامي- مكتبة وهبة ص 176- 177.

[4] ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ص 17، بتحقيق محمد حامد الفقي- مطبعة السنة المحمدية 1369 هـ- 1950 م.

[5] المصدر نفسه ص 48.

[6] ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم المصدر نفسه ص 10.

[7] ابن تيمية اقتضاء الصراط المستقيم ص 13.

[8] المصدر نفسه ص 11.

[9] المصدر نفسه ص 12.

وابن تيمية هنا في تحليله للصلة بين الملابس والنفس البشرية أسبق من كارليل صاحب كتاب

(فلسفة الملابس) يقول كارليل (من ذا الذي رأى منكم أحد من اللوردات يحييه الناس بتحيته وهو في أسمال رثة وأطمار بالية... إلخ) ص 196 ترجمة طه السباعي - مطبعة البشلاوي. بمصر سنة 1927 م.

[10] المصدر نفسه ص 11.

[11] المصدر نفسه ص 31.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة