• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ مصطفى حلميأ. د. مصطفى حلمي شعار موقع الأستاذ مصطفى حلمي
شبكة الألوكة / موقع أ. د. مصطفى حلمي / مقالات


علامة باركود

أخلاق الضمير عند بطلر

أخلاق الضمير عند بطلر
أ. د. مصطفى حلمي


تاريخ الإضافة: 17/11/2012 ميلادي - 3/1/1434 هجري

الزيارات: 43529

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخلاق الضمير عند بطلر


تمهيد:

كثيرا ما تنبثق أفكار وتظهر مذاهب كرد فعل لمذاهب سائدة. وإذا طبقنا هذه القاعدة على مذهب الضمير في الأخلاق، جاز لنا القول بأنه كان معدلًا ومعارضًا للمذهب الأخلاقي السائد في عصره المعروف بمذهب الحاسة الخلقية، ويرى أتباع هذا المذهب أن الحواس الخمس في الإنسان مهمتها إدراك أغراض المحسوسات ولكن الحاسة الخلقية تتميز عنها بأنها تدرك خيرية الأفعال وشريتها، وهي قوة باطنة فطرية للإنسان دون الحيوان، وهي تنمو بالتربية والمران، وتضعف بالإهمال وتذوب في البيئة الفاسدة[1].

 

وجاء بطلر ناقدًا لهذا المذهب إذ رأى قصور الحاسة الأخلاقية عن تفسير المقومات الأخلاقية، فحاول معالجة هذا القصور بمذهب جديد وضعه عن "الضمير".

 

ولكنه يتفق مع أتباع هذا المذهب في رد الأخلاقية إلى باطن الذات[2] كما شاركهم في معارضتهم لمذهب اللذة والمنفعة، إذ رأى أن الإنسان كثيرًا ما يتصرف بدوافع لاترمي "إلى تحقيق منفعته أو لذاته، بل إن الأفعال الإنسانية تقصد إلى تحقيق غاية أسمى من سعادة الفرد فإننا نعجب عادة من أهل الغيرية والأريحية، وننفر من أولئك الذي يبالغون في القلق على سلامتهم"[3].

 

كما كان رده حاسمًا على هوبز صاحب التفسير الأناني في مشاركة المصابين بالكوارث فيما يتصل برأيه الإنساني عن معنى الشفقة، فقد أقر بطلر وجود النزعات الغيرية مؤكذا اتفاقها مع نوازع الإثرة حيث جعل الشفقة تقترن بثلاث حالات عقلية وهي: شعور بالغبطة ناجم عن المقارنة بيننا وبين المصاب، وقلق على أنفسنا، ثم تعاطف يختلف عن الشعورين السابقين وهو عنصر فريد في التجربة الإنسانية[4].

 

وهكذا تجده يوجه ضربات قاصمة لمذاهب اللذيين والأنانيين جميعًا حيث أكد وجود دوافع طبيعية نزيهة لا تهدف إلى تحقيق لذة فردية أو منفعة شخصية، ومثال ذلك من ينفق بعض ماله على المحتاجين يسعده ما أنفقه عليهم أكثر مما يسعده ما أنفقه على نفسه، كما أن انتقام المرء لنفسه قد يضر أحيانًا بصاحبه كما يضر بالمجني عليه، وهنا نرى الأثرة والإيثار يتعانقان ويتشابكان، مما جعل من العسير رد الأفعال الإنسانية إلى واحد منهما بعينه ويؤكد بطلر أن لفت الإيثار في نفوس الناس بحيث يتوخون خدمة غيرهم يسعد العالم الذي تشقيه الأنانية. وما يقال في الأفراد ينسحب على الشعوب، فإن كثيرًا منها حيث يلتمس سعادته وينشد رفاهيته يسيء إلى جيرانه ويوقع الضرر بمصالحهم، وإذا صح هذا جاز القول بأن السعادة والفضيلة كثيرًا ما تلتقيان[5].

 

وكان بطلر رجل دين يؤمن بالنصرانية وتعاليمها، ومن هنا كانت معارضته أيضًا لنزعات الإلحاد والشك، رغبة منه في توكيد تعاليم الدين، وظهرت فلسفته الخلقية في مواعظه حيث شغل وظيفة أسقف. ومع أنه حاول أن يفلسف الأخلاق ويقيمها على أسس سيكولوجية، إلا أنه كان متأثرًا باللاهوت في مظاهر ثلاثة:

أولًا: أن العالم من صنع إله معني بمخلوقاته والطيعة البشرية تنزع إلى تحقيق الغاية التي هيئت لها.

 

ثانيًا: أن أوامر الضمير هو صوت الله، وأنها تمثل قوانين العدالة الإلهية فجعل بذلك الأخلاقية استجابة لصوت الله.

 

ثالثًا: أن الحياة الأخرى كفيلة بمعالجة النقص البادي في حياتنا الحاضرة[6].

 

ولكن ما دور الضمير في حياتنا؟ هذا ما سيتضح إذا ما عرفنا الصلة بين الطبيعة البشرية والضمير.

 

الطبيعة البشرية والضمير:

بالنظر إلى الإنسان من بين سائر الموجودات، فإنه يمكن اعتباره فاعلًا عاقلًا حرًا إذ تصدر أفعاله العقلية والإرادية لتحقيق غاية، أو بلوغ قيمة أو أداء واجب وباختصار فإن القوة المحركة للإنسان هو التوتر الذي يشعر به الإنسان بين ما يملكه وما يبغي الحصول عليه، إن هذا "التوتر" هو الذي أعطى للإنسان المعنى الأخلاقي، إذ أنه يراقب أهواءه ونزعاته وميوله ويدفعه إلى مجاهدة غرائزه، وانفعالاته، ودوافعه الشيعية، ويتم ذلك بواسطة "الضمير" إذ أنه في صميمه "ضرب من الرقابة على نشاطنا العادي التلقائي"[7].

 

وفي تحليل بطلر للطبيعة البشرية والعناصر المكونة لها، فإنه يقسم هذه الطبيعة إلى عناصر ثلاثة مؤلفة من:

أولًا: الأهواء والمشاعر والشهوات وهي الدوافع التي تظهر في حالات الغضب والحسد والجوع.. إلخ. وكل من هذه المشاعر يتجه إلى الإشباع دون التفات إلى نزوع غيره من الدوافع.

 

ثانيًا: هناك باعثان آخران هما حب الذات وينزع لتحقيق الخير لصاحبه. والإيثار أو الأريحية التى تهدف إلى تحقيق سعادة الآخرين.

 

ثالثًا: الضمير وهو المبدأ الأسمى الذي يسود باقي العناصر[8].

 

والضمير ملكة عليا مغروسة في طبع البشر، وهو واحد من الناس جميعا وملزم لهم إذ لا يهديهم فقط للطريق السوي، بل يلزمهم على ذلك أيضًا، وله وظيفتان:

الأولى: التروي والتبصر عند تقييم الأفعال الإنسانية، والتمييز بين الخير والشر والنافع والضار، وهو يتريث حتى يعرف بواعث الأفعال وملابساتها فيستطيع التمييز بين تصرف المعتوه وتصرف العاقل، وسلوك الراشد وسلوك الطفل، كما أنه لا يغفل في أحكامه مسألة الجزاء والاستحقاق.

 

والوظيفة الثانية: هي نفوذه وسلطانه على الإنسان، فمع أنه ملكة تعقل وتأمل إلا أنه مع كفالة حرية الإنسان في التصرف يميل إلى الخير ويغري بفعله، ويضيق بالشر وينفر من اقترافه، وفي طاعته راحة وطمأنينة وفي عصيانه إثارة للقلق والضيق والإنسان في الحالين حر فيما يأتي أو يتجنب من أفعال[9].

 

وللضمير قيمة مطلقة بالرغم من محاولات التجريبيين والاجتماعيين الذين يحشدون النماذج الدالة في رأيهم على اختلاف الشعوب، إذ لابد من وجود عنصر أخلاقي مشترك بين البشر، وحسبنا أن نلقي نظرة على معظم قواعد البشر الأخلاقية، لكي نتحقق من أن الإنسان في كل زمان ومكان قد أعلى من شأن الشجاعة، ووضع أبطاله موضع التكريم والإجلال، ودعا إلى احترام حقوق الغير، ورفع إلى مصاف الفضائل خصالًا كالصدق والسخاء والأريحية والشهامة ونبل النفس.. الخ[10].

 


[1] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 165.

[2] نفسه ص 192.

[3] نفسه ص 179.

[4] نفسه ص 198.

[5] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 119.

[6] نفسه ص 193، 194، 195.

[7] مبادئ الفلسفة والأخلاق: د. زكريا إبراهيم ص 112 مكتبة مصر بالفجالة.

[8] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 196.

[9] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 200 و 210.

[10] مبادئ الفلسفة والأخلاق: د. زكريا إبراهيم ص 153.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة