• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ مصطفى حلميأ. د. مصطفى حلمي شعار موقع الأستاذ مصطفى حلمي
شبكة الألوكة / موقع أ. د. مصطفى حلمي / مقالات


علامة باركود

الأخلاق عند أوجست كونت (1857م)

الأخلاق عند أوجست كونت (1857م)
أ. د. مصطفى حلمي


تاريخ الإضافة: 22/9/2012 ميلادي - 6/11/1433 هجري

الزيارات: 57804

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأخلاق عند أوجست كونت (1857م)


تحولت فلسفة الأخلاق عند الوضعيين إلى علم واقعي يدرس العادات متأثرين بالمنهج الاستقرائي في البحث العلمي، ومن ثم تطلعوا إلى اتباع هذا المنهج في العلوم الإنسانية وفي مقدمتها الأخلاق. وتحولت فلسفة الأخلاق عند الوضعيين إلى علم واقعي يدرس العادات والاكتفاء بوصفها استنادًا إلى الملاحظة (وبهذا أصبح فرعًا من علم الاجتماع الذي يؤملون في إقامته علمًا واقعيًا تجريبيًا) [1].

 

وكانت الأخلاق في صورتها التقليدية تتجه إلى الإطلاق، وتجاوز نسبية الزمان والمكان لأنها وليدة الضمير الإنساني العام، أو العقل البشري كله. أما الوضعيون فإنهم يقصرون مهمة عالم الأخلاق على دراسة العادات والعرف والتقاليد والآداب العامة والمثل العليا الجماعية التي تعارفت عليها المجتمعات.. كذلك يرى الفلاسفة أن للأخلاق طابعًا عقليًا وأن الحقيقة الأخلاقية "واقعة ذهنية" ولكن دعاة المذهب الوضعي يرون أنها - بخلاف ذلك - "ظاهرة موضوعية" يمكن ملاحظتها[2].

 

أوجست كونت (1857م):

وقد ظهر الاتجاه الاجتماعي في عصر اضطرب فيه التفكير الأخلاقي، وتملكت كونت الرغبة الملحة كغيره من المفكرين، الرغبة في الإصلاح والتعمير بعد الدمار الذي حلق بفرنسا بعد ثورتها المدمرة، وهو الذي أنشأ الفلسفة الوضعية في فرنسا[3] ويقول جارودي: "إن الأزمة المعنوية التي تكافح فيها مدنيتنا الغربية منذ ثلاثة قرون، وإنما هي أزمة خلقية"[4].

 

لقد أطاحت الثورة الفرنسية بالنظام الاجتماعي، ووجهت إلى الديانة المسيحية ضربة قاصمة، ورأى كونت أنه من العبث البحث في الديانة المسيحية عن أسس للأخلاق لعجزها في رأيه عن متابعة خطى العلم، وأخذ يبحث عن أساس جديد وهو العلم الوضعي لكي يقيم عليه الأخلاق والدين[5]، إنه رأى أنه ينبغي على التفكير الفلسفي النظري أن يتجه إلى المشاكل الدينية والاجتماعية، وكان يهتم اهتمامًا شديدًا بالأمور الاجتماعية، ثم العلم. فالخدمة التي ينتظرها كونت من الفلسفة هي أن تضع قواعد المجتمع الحديث بناء على أساس عقلي[6]؟

 

وأخذ كونت يبذل جهده لإعادة تنظيم العقائد، "أي لكي يستعيض عن العقيدة الموحى بها التي انتهت جذوتها إلى الركود بعقيدة يقوم عليها البرهان"[7] وبخلاف ذلك اعتقد أن العلوم الوضعية ستصبح أصلًا للإيمان المستند إلى البرهان وكلما تقدم الإنسان في الدراسة الوضعية للظواهر، فإنه سيترك بالتدريج التفسيرات اللاهوتية والميتافيزيقية، لأنه سيتضح له أن الظواهر خاضعة للقوانين. فالمعرفة الحقيقية تنصب على الظواهر وقوانينها "وفي جملة القول، ستصبح الفلسفة وضعية بالضرورة متى أصبح العلم بأسره وضعيًا"[8].

 

وقد تطلع واضع الفلسفة الوضعية إلى تأسيس علم الاجتماع، أو ما سماه "علم الطبيعة الاجتماعية" الذي سيقضي على سبب وجود اللاهوت والميتافيزيقيا، وييسر الانتقال من العلم الوضعي إلى الفلسفة الوضعية فتتحقق بذلك وحدة العقل فيؤدي ذلك إلى الانسجام الخلقي والديني للإنسانية[9].

 

ويتصل إنشاء هذا العلم بالقانون المسمى بقانون الحالات الثلاث؛ لأنه متى ثبت هذا القانون فإن علم الطبيعة الاجتماعية لا يظل مجرد فكرة فلسفية بل يصبح علمًا وضعيًا[10].

 

وقد حدد كونت صيغة هذا القانون بطريقتين:

الطريقة الأولى: حدد الصيغة كالآتي "بناءً على طبيعة العقل الإنساني نفسها لابد لكل فرع من فروع معلوماتنا من المرور في تطوره بثلاث حالات نظرية مختلفة متتابعة الحالة اللاهوتية، والحالة الميتافيزيقية أو المجردة، وأخيرًا الحالة الفلسفية أو العلمية الوضعية".

 

ثم أضاف في كتابه "دروس الفلسفة الوضعية" الصيغة التالية: "وبعبارة أخرى يستخدم العقل الإنساني بطبيعته، في كل بحث من بحوثه، ثلاث طرق فلسفية متتابعة يختلف طابعها اختلافًا جوهريًا، بل قد يكون مضادًا - وهي أولا الطريقة اللاهوتية، ثم الطريقة الميتافيزيقية، وأخيرًا الطريقة الوضعية. ومن هنا تنشأ ثلاثة أنواع من الفلسفة، أو من المذاهب الفكرية العامة عن مجموع الظواهر. وتتناسق هذه الأنواع الثلاثة بعضها مع بعض. والفلسفة الأولى نقطة بدء ضرورية للذكاء الإنساني. وأما الثالثة فهي حالته النهائية الثابتة، وأما الثانية فقد قدر لها أن تستخدم فقط كمرحلة انتقال"[11].

 

أقام كونت فلسفته على قانون الأطوار الثلاثة - ولكنه تعرض لهجمات شديدة كما سنوضح بعد قليل - إلا أن النزعة العلمية لفلسفته كان لها أثرها على نظريته في الأخلاق. وأصبح علم الأخلاق عنده فرعًا من فروع علم الاجتماع الذي اعتبر مهمته ملاحظة الظواهر العقلية والخلقية وجعل مهمة علم الأخلاق تقوية العاطفة الاجتماعية "وجعله علمًا مستقلًا يضيفه إلى العلوم الستة التي تتألف منها الفلسفة الوضعية الجديدة، وهي الرياضة والفلك والطبيعة والكيمياء والحياة والاجتماع"[12].

 

نزعته الأخلاقية:

لم يقبل كونت مذهب المنفعة، أو مذهب الواجب؛ لأن الأول يقر الأثرة وينكر الغيرية الكامنة في طبائع البشر، والثاني يقوم على أسس ميتافيزيقية فيستحيل بحثها بالمنهج العلمي كما لم يقتنع أيضًا بمذهب العاطفة بالمدرسة الإسكتلندية. وفي نظرته للأخلاق المسيحية أعجبه اتجاهها إلى الحض على الإيثار، والحث على تقديم العون إلى المحتاج والضعيف وتنفيرها من الأثرة التي تعد أم الرذائل، ولكنه في الوقت نفسه أخذ عليها التعثر في مسايرة التقدم العلمي، فانصرف عن اتخاذها أساسًا للأخلاق الجديدة[13].

 

وبعد أن استبعد كونت أساليب كل من التفكير الميتافيزيقي واللاهوتي، استبدل بهما مناهج التفكير العلمي أسوة بالعلماء الطبيعيين، فاتجه إلى "وضع قوانين تفسير الظواهر اللا أخلاقية توطئة للسيطرة عليها والإفادة منها في دنيانا الحاضرة"[14].

 

والخصائص الرئيسية للأخلاق الوضعية كما نظر إليها كونت تتحدد وفقا لما يلي:

أولًا: أنها تقوم على أساس العلم الوضعي وتحقق صفاته، ولهذا فهي حقيقية، أي تقوم على الملاحظة لا على الخيال وتنظر إلى الإنسان كما هو كائن بالفعل لا على النحو الذي يتخيل أن يوجد عليه.

 

ثانيًا: أن الأخلاق نسبية، وتستمد نسبيتها من نسبية المعرفة وليس لها طابع مطلق كما كان يرى كانط.

 

وقد أزعجت هذه الفكرة الكثيرين لأنهم رأوا أن معناها نفي الأخلاق برمتها، فإما أن يكون الخير مطلقًا، أو ينعدم التمييز بين الخير والشر، ولكن كونت لم يشاركهم هذا الاترعاج؛ إذ يرى أن العقل البشري كثيرًا ما تمكن من أن يعيش على حقائق نسبية "وسيأتي الوقت الذي يصبح فيه مثل هذا الحل مقبولًا بالنسبة إلى الأخلاق"[15].

 

ثالثًا: تتحدد المشكلة الأخلاقية في أن يبذل الإنسان قصارى جهده لكي يغلب غرائز المودة بين الناس على دوافع الأثرة، أي بعبارة أخرى أن تتغلب الترعة الاجتماعية على الشخصية الفردية[16].

 

رابعًا: ومع تغلب العاطفة الاجتماعية بشكل مباشر في المذهب الأخلاقي لكونت، فإنه يؤكد وجود الميول "الغيرية" وجودًا فطريًا في النفس البشرية، ويسمي هذه الميول (المودة)، وهو تعبير مستمد من المدرسة الإسكتلندية، ويقول كونت: "إنك إذا قررت هذه العواطف الغيرية ظهرت الأخلاق، وإذا انتزعتها اختفت الأخلاق"[17].

 

ويتضح تأثره بأتباع المدرسة الإسكتلندية في الاتجاه العاطفي، إلا أنه يذهب إلى أنهم اكتفوا بتقرير وجود هذه العواطف، وأهملوا البحث عن الكيفية التي تنمو بها الأخلاق، فالأخلاق عندهم ذات طابع سطحي وتنقصها الدقة المنهجية، ولكي تفسر الأخلاق الإنسانية تفسيرًا كاملًا ينبغي أن يضاف "إلى العناصر ذات الصبغة العاطفية عنصرًا ذا صفة عقلية"[18]. معنى ذلك أن الحاسة الخلقية تنشأ بسبب عواطف المودة بين الناس، وكما يحدث أيضًا لدى كثير من الحيوانات، فهي عواطف تلقائية تتحول إلى حالات وجدانية عائلية واجتماعية. فالأخلاق غريزية طبقًا لجذورها الحيوانية وتصبح عقلية في تطورها الإنساني[19].

 

وقد تعرضت فلسفة كونت الوضعية لألوان من النقد والمعارضة استهدفت قانون الأطوار الثلاثة الذي قسم به تاريخ الإنسانية في تعسف واضح، قد ثبت أن الصناعات اخترعت في عصر ما قبل التاريخ وبدء العصر التاريخي، كما وجدت مشاهد فلكية وأنواع من العلوم كهندسة إقليدس، وطب أبقراط، وطبيعيات أرسطو في الدور الذي عده دورًا فلسفيًا، فإذا انتقلنا إلى الطور الوضعي وهو العصر الحديث فإننا نعثر على كثير من دعاة الأخلاق والدين والتأمل الميتافيزيقي بخلاف ما كان يظن كونت[20].

 

فالحالات الثلاث لا لقتل أدوارًا متعاقبة؛ بل تيارات متعاصرة، بل إنها متعاصرة متجاورة في النفس الفردية، فقد تفسر الحوادث العادية بأسبابها، ومنا من يفسر الأحداث الخارقة بالقضاء والقدر أو سبب غيبي مجهول. ويذهب الأستاذ الدكتور دراز إلى أبعد من هذا فيقرر أن النظرة الوقوعية تقع في البداية وتمثل مرحلة الطفولة النفسية؛ لأن مبعثها الحاجة العاجلة وضرورة الحياة اليومية، وأنها وظيفة الحس لا العقل. ثم تنبثق بعدها نظرة التعليل بالمعاني العامة، وهي مرحلة النضج والكمال.

 

أما النظرة الروحية أو الدينية التي تخيل كونت أنها في أول المراحل، فهي في الواقع تأتي في آخرها حيث لا تولد في النفس إلا بعد اتساع أفقها، حيث تتجاوز ظهر الكون إلى ما ورائه.

 

وهكذا ينقلب ترتيب كونت الخيالي رأسًا على عقب، لأن الأوضاع الطبيعية للحاجات النفسية تترتب كالآتي - حاجة الحس فحاجة العقل فحاجة الروح "على أن الذي يعنينا هنا ليس هو الوضع التقويمى لكل واحدة من هذه النزعات، وإنما هو دخولها جميعًا في كيان النفس الإنسانية، فكما أننا لا نجد أمارة واحدة تدل على قرب زوال النزعة الاستقرائية أو النزعة التعليلية، كذلك لا نرى أمارة واحدة تشير إلى أن فكرة التدين ستزول عن الأرض قبل أن يزول الإنسان"[21].

 


[1] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 278.

[2] مشكلة الفلسفة: د. زكريا إبراهيم ص 210- 211.

[3] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 262، 278.

[4] المشكلة الأخلاقية والفكر المعاصر: جارودي ص 3 ترجمة د. محمد غلاب ومراجعة د. إبراهيم بيومي مدكور، ط الأنجلو المصرية سنة 1958.

[5] فلسفة أوجست كونت: دكتور قاسم صفحة (ك).

[6] نفسه ص 3.

[7] فلسفة أوجوست كونت، ليفي بريل ص 22 ترجمة د. قاسم.

[8] نفسه ص 31.

[9] نفسه ص 33.

[10] نفسه ص 34.

[11] نفسه ص 35.

[12] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 267.

[13] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل، ص 264.

[14] نفسه ص 265.

[15] فلسفة كونت: بريل ص 300- 301.

[16] نفسه ص 303.

[17] فلسفة أوجوست كونت: ليفي بريل ص 308.

[18] نفسه ص 309.

[19] نفسه ص 310.

[20] أسس الفلسفة: د. توفيق الطويل ص 180- 181 مكتبة النهضة المصرية 1955م.

[21] الدين: د. محمد عبد الله دراز ص 89. دار القلم- الكويت 1930هـ- 1970م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة