• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ مصطفى حلميأ. د. مصطفى حلمي شعار موقع الأستاذ مصطفى حلمي
شبكة الألوكة / موقع أ. د. مصطفى حلمي / مقالات


علامة باركود

الأخلاق في الفلسفة العملية (البرجماتية) ونقدها

الأخلاق في الفلسفة العملية (البرجماتية) ونقدها
أ. د. مصطفى حلمي


تاريخ الإضافة: 15/9/2012 ميلادي - 28/10/1433 هجري

الزيارات: 63527

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأخلاق في الفلسفة العملية (البرجماتية)


تفرع المذهب النفعي في النصف الأول من هذا القرن فروعًا شتى وانتصر له طائفة من الفلاسفة الأمريكيين بوجه خاص وأصبح من الجائز في منطق هؤلاء النفعيين أن يوضع لحل المشكلة الواحدة مجموعة من المذاهب قد تصدق كلها أو يصدق الكثير منها في وقت واحد، متى أفضت هذه الفروض إلى تحقيق منفعة بغير اعتراف للحق لذاته أو الباطل لذاته[1]!!

 

ويتضح المذهب بصورة أوضح عند أحد كبار فلاسفته وهو وليم جيمس الذي يرى أن الخير يقوم في إشباع مطالب الإنسان وتحقيق رغباته.

 

ومعنى هذا أن من حقنا أن نعتنق مبدأ خلقيًا أو معتقدًا دينيًا لا يحملنا على اعتناقه تفكيرنا النظري المجرد، بل تدعونا إلى اعتناقه مطالب الحياة ومقتضياتها.

 

وحتى الدين، فقد أقامه على التجربة، فحاول أن يثبت أن اعتناق الدين والإيمان بالله حق، لأنه يتحول عند المؤمن إلى سلوك ناجح لا حياته، فالإيمان يساعد صاحبه على احتمال الكوارث ويجعله أقدر على الصبر والعمل، بعكس الإلحاد الذي يدفع بصاحبه إلى الانتحار إذا أصابته كارثة[2].

 

وجاء بعده جون ديوي الذي اعتبر الأفكار والمثل العليا والمبادئ مجرد وسائل وذرائع يستعين بها الإنسان فيتوجه سلوكه إلى حيث تتحقق مطالبه وغاياته[3].

 

نقد البرجماتية:

يمكن توجيه النقد لهذا المذهب الأخلاقي إجمالًا فيما يلي[4]:

1- إن الحق قيمة مطلقة وليست نسبية - وإلا فإن المجتمع يصاب بالفوضى المدمرة لكيانه وبعلاقاته مع غيره من المجتمعات بسبب الحرب.

 

2- هل نلتزم بالدين لأنه نافع؟

إن هذا الاعتقاد يجعل البرجماتية في موضع نقد شديد، لأنها أخضعت أعظم علاقة تربط بين العبد وربه -عز وجل- إلى مجرد علاقة نفعية تتأرجح بين الإيجاب والسلب، فأين الإيمان الذي يهب الإنسان القدرة على مقاومة أعتى الصعاب؟ وهو نفسه -أي وليم جيمس - ما طور من أطوار حياته - استطاع التغلب على المرض بإرادته النابعة من إيمانه.

 

ونأتي الآن إلى التحليل والتفصيل في نقد المذهب:

لتقويم هذه الفلسفة ينبغي ألا نبخس وليم جيمس حقه ما بعثه للأمل الذي يحفزنا إلى تحدي الشر ومغالبته، ويهبنا الشجاعة، على أن نأخذ الحياة غلابًا[5] وحثنا على ترقية العالم، لأنه ما وسعنا أن ننهض بترقيته بفضل إرادتنا.

 

هذا الشطر من فلسفته لا غبار عليه، بل يتضمن كثيرًا مما يحتاجه الإنسان الفرد لشحذ إرادته، ودفعه إلى العمل الإيجابي المثمر، ولكن وفق أي "مبدأ"؟


تلك نقطة الخلاف معه، إذ نعتقد بثبات القيم والمبادئ في بداية الطريق، ثم نمضي بإرادتنا لتحقيقها، وإذا فرض وفشلنا في الوصول إلى الهدف، فلنعد النظر في طريقتنا؛ إذ ليس العيب في "المبدأ" ولكن العيب فينا وفي منهجنا.

 

وبغير الاعتقاد في ثبات المبادئ، فإننا لسنا أمام فلسفة جديدة وإن بدت كذلك، ولكنها مجرد إعادة للنظرية الرواقية القديمة "مضافًا إليها الروح النضالية الحديثة"[6] فإن الخير الحقيقي عند الرواقي القديم في حكمة الاختيار وحدها وليس في الشيء المختار الذي يصطفيه "مثله كمثل ضارب القوس يهدف إلى عين الثور، فغايته ليست في إصابة الهدف نفسه، بل إظهار مهارته في إصابته"[7].

 

إن تعليق الحكمة هنا مظهرها العملي -أي على النجاح في ذاته بصرف النظر عن طبيعة الهدف- تجعل من المجتمع غابة من الوحوش الضارية يأكل بعضها بعضًا، إذ تتنافس على "التفوق" و"الغلبة"، ولا تتفق إراداتها على تحقيق أي قيمة من القيم الفاضلة: كالحق والعدل والإيثار وغيرها من الفضائل الإنسانية الثابتة في ذاتها.

 

فهل نحن مرة أخرى أمام دليل حديث يثبت أن الفلسفة الغربية تعيش على تراثها القديم؟


يرى وليم جيمس أن (الحق) إنما هو فرض عملي، أي مجرد أداة يختبر بها (تصوره) السابق، ويرى أن الحقائق تنقسم إلى قديمة وجديدة!!.

 

والصواب الذي يتفق عليه أغلب الفلاسفة، أن الحق يستمد قيمته المطلقة من قيمته الثابتة خارج مقولتي "الزمان"، "المكان".

 

ونراه أيضًا يخلط خلطًا معينًا بين المبادئ والأهداف؛ حيث يصبها في قالب "المنفعة"، بينما التفكير السليم يقتضي العكس، أي الإيمان بالفكر والعقيدة أولًا عن اقتناع وتثبت بقيمتها الذاتية، ثم السعي بمقتضاها مهما قابلنا في طريقنا من صعوبات، فضلًا عن افتقاد "المنافع" وهذا هو منهج الأنبياء والرسل عليهم السلام.

 

ومهما كانت نية وليم جيمس وحوافزه ذات الطابع الأخلاقي فإن صدى فلسفته كانت متعارضة مع نواياه، فقد فوجئ بإخوانه الأمريكيين يندفعون لتكديس الثروات، وأخذ يلومهم "لأنهم يعبدون تلك الآلهة الفاجرة التي تدعي "النجاح"[8].

 

ولكن ماذا كان يتوقع غير ذلك؟

إن هذا هو المصير المحتوم والنتيجة المنطقية لفلسفة تعظم المنفعة وتزدري الفكرة الثابتة والقيم المطلقة[9].

 

يقول الدكتور توفيق الطويل في تقييم هذه الفلسفة "ويكفي أن نعتبر البرجماتية الحق أو الخير كالسلعة المطروحة في الأسواق، قيمتها لاتقوم في ذاتها بل في الثمن الذي يدفع فيها فعلًا فالحق فيما يقول جيمس كورقة نقد تظل صالحة للتعامل حتى يثبت زيفها، ولم يجد أصحاب البرجماتية غضاضة في النظر إلى الحق أو الخير، كما ينظرون إلى السلعة التي تطرح في الأسواق، هذه هي العقلية الأمريكية في الفلسفة وفي الأخلاق وفي السياسة وفي كل مجال"[10].

 

ونضيف إلى ذلك أن هذه الفلسفة كانت ملهمة للنظام الرأسمالي القائم على مبدأ المنافسة الحرة[11]، ثم ظهرت مساوئه عند التطبيق واستفحلت أخطاره التي تتضح - كما يرى الدكتور فؤاد زكريا في ثلاثة:

1- اللا أخلاقية بالرغم من التقيد ببعض الفضائل كالأمانة والانضباط والدقة ومراعاة المواعيد. ولكنها -كفضائل- ليست مقصودة لذاتها ولكنها تفيد الرأسمالي في تعامله مع الغير. وتظهر (اللا أخلاقية) بوضوح في أساليب الدعاية والإعلان.

 

2- الارتباط الوثيق بالحرب.

 

3- الانحرافات السلوكية وأظهرها الإجرام، إذ أن فتح الباب على مصراعيه للمنافسة والصراعات من شأنه تمجيد العنف، ويتضح الانحراف بصورة أخرى في شرب المسكرات والمخدرات وعقارات الهلوسة وغيرها، وتفسيرها أنها ظاهرة هروبية من واقع العنف والمنافسة المريرة التي لا ترحم[12].

 

وفي النهاية لا نجد مفرًا من إعادة فحص أخلاق المنفعة بكل اتجاهاتها لتقويمها ومقاومة آثارها لأننا نشاهد مع الأسف أنها زحفت إلى مجتمعاتنا.

 

ومن الواضح عجز هذا المذهب عند كل فلاسفته عن استيعاب علاقات وروابط إنسانية أبعد ما تكون عن تحقيق منفعة، أو البحث عن تحقيق رغبات شخصية وأهداف مادية بل على النقيض، تنبعث من حب التضحية والفداء بالوقت والنفس والمال، كالمجاهدين في سبيل الله كما نعرفه نحن معشر المسلمين، وكذللث المؤتون حقوق المال من الزكاة والصدقات والأوقاف الخيرية وأعمال البر كلها، أضف إلى ذللث طاعة الأبناء لآبائهم وأمهاتهم مهما كلفهم ذلك من تضحيات، ولا ننسى العلاقة التي تربط الآباء والأمهات بالأبناء، وصلات الأرحام من الإخوة والأخوات والأقرباء كالخالات والعمات، والتوصية بحسن الجوار ومعاونة الأصدقاء والزملاء ومشاركتهم في الأحزان والمصائب وتخفيف وقعها عليهم. كل هذه الأعمال تحكمها قيم معنوية -لا نفعية حسية- ترتقي بالإنسان إلى أعلى المراتب؛ إذ تخلصه من أنانيته ومنافعه الخاصة وتندرج تحت أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، وكلها قيم معنوية مطلقة.

 

أين هذا من مظاهر الانهيار الأخلاقي في المجتمع الأمريكي الذي أدار ظهره لأخلاقيات العفة والطهارة والفضيلة والوفاء والإخلاص؟. وقد حذرنا الدكتور مصطفى محمود في مقال له من العدوى اللا أخلاقية على التقاليد والأعراف والبناء العائلي والأسري والاجتماعي، لأنه إذا انهدم البناء الأسري والاجتماعي انهدم كل شيء[13].

 


[1] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 269- 270 دار النهضة العربية 1967.

[2] الفلسفة الحديثة، د. توفيق الطويل، ص 276.

[3] نفسه ص 276.

[4] ينص نقد البرجماتية فلسفيًا وإسلاميًا بكتابنا (الإسلام والمذاهب الفلسفية المعاصرة) طبعة دار الدعوة، الإسكندرية.

[5] المفكرون من سقراط إلى سارتر: هنري توماس ص 436 ترجمة عثمان نويه. مكتبة الأنجلو المصرية 1970.

[6] نفسه ص 437.

[7] المجمل في تاريخ علم الأخلاق: د. هـ. سنجويك ج1 ص165.

ترجمة وتعليق د. توفيق الطويل وعبد الحميد حمدي - دار نشر الثقافة بالإسكندرية 1949 معنى ذلك أننا نساوي وفق هذه الفلسفة بين اللص الذي ينهب الثروات وينجح في جمعها بأي وسيلة، وبين التاجر الذي ينمي ثروته وفق مبادئ الشرف والصدق (والرواقية تنسب إلى زينون الرواقي 343- 270 ق. م) وكان يختار (الرواق) ليعلم الناس فيه).

ولكن من جهة أخرى يرى الدكتور توفيق الطويل، العمليين التقوا مع السوفسطائية في رد القيم إلى الإنسان، ولكنهم خالفوا السوفسطائية في جعل الإنسان، وليس الفرد، معيار القيم، فقصدوا بهذه التجربة الإنسانية، وهي تجربة تصطبغ في نهاية المطاف بطابع اجتماعي. الفلسفة الخلقية ص 272.

[8] المفكرون من سقراط إلى سارتر: هنري توماس ص 439.

[9] وفي تحليل المجتمع الأمريكي المعاصر، يقول الأستاذ هيكل الصحفي المعروف ذو الخبرة الواسعة بالسياسة العالمية: (إننا نتصور أحيانًا أن التأثير ممكن بمنطق الحق والعدل والقانون، وننسى أننا حيال مجتمع تعود أن يتعامل مع الواقع بصرف النظر عن التاريخ، وبالنسبة لمعاييره ليس هناك حق ولا عدل ولا قانون في المطلق. إن معيار القيمة الوحيدة هو النجاح) من كتابه: (زيارة جديدة للتاريخ).

[10] الفلسفة الخلقية: د. توفيق الطويل ص 278.

[11] قصة الفلسفة: د. مراد وهبة ص 105.

ويرى أن المنافسة الحرة غير المقيدة تضر فى نهاية أمرها بالمشروعات الخاصة، الأمر الذي يؤدي إلى ضرورة تكتلها واتخاذها على هيئة شركات كبرى وبنوك وغرف تجارية، فتنتهي الرأسمالية إلى مرحلة الاحتكار يتم فيها تقسيم العالم بين الاحتكارات الدولية الكبرى، وتسمى هذه المرحلة بالإمبريالية. وبظهور التطور للهيكل الاقتصادي للرأسمالية لزم التغيير فى الفكر الفلسفي البرجماتي الذي عبر عنه (ديوي) فى جمحه بين فكرة (العمل) كمقياس للحقيقة من البرجماتية و(الروح المطلق) عند هيجل. يقول الدكتور وهبة (ولهذا فإن الاحتكارية فى حاجة إلى أيديولوجية تروج لإزالة الفوارق والفواصل من جهة، وإلى تجميد الأوضاع الاجتماعية من جهة أخرى وليس في الإمكان توفير الإزالة والتجميد إلا بأن ترقى الأيديولوجية المطلوبة إلى مستوى المطلق) ص 109 نفس المصدر.

ويقصد بإزالة الفوارق بين أصحاب المعتقد الواحد ثم تذويب الفوارق بين المعتقدات كلها.

كذلك نرى أنه من أجل تحقيق الخطوة الأولى تشكلت منظمات دينية فى المسيحية باسم مجلس الكنائس العالمي) الذي أسس سنة 1948م (ص 110) لنفس المصدر.

[12] الجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية: د. فؤاد زكريا 46- 50/. ط جامعة عين شمس سنة 1972. نشرت جريدة الأهرام بعددها الصادر لتاريخ 8/3/81 ص 22 تحت عنوان (صدق أو لا تصدق بأن تعرضت واحدة من كل 4 أسر أمريكية سنة 1984 لحادث سطو أو عنف).

[13] مقال بجريدة الأهرام بتاريخ 9/10/1993م.

ورصد ضمن الدلالات المهمة في دراسة المجتمع هناك أن نجوم الذروة في أمريكا الآن يشكلون ثلثي العنف المطلق، والجنس الفاحش، والتخنث والشذوذ والعبث (ص 16).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة