• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ مصطفى حلميأ. د. مصطفى حلمي شعار موقع الأستاذ مصطفى حلمي
شبكة الألوكة / موقع أ. د. مصطفى حلمي / مقالات


علامة باركود

البيعة والشورى في عصر النبوة

البيعة والشورى في عصر النبوة
أ. د. مصطفى حلمي


تاريخ الإضافة: 23/8/2016 ميلادي - 19/11/1437 هجري

الزيارات: 24903

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البيعة والشورى في عصر النبوة

 

يعرف ابن خلدون البيعة بأنها العهد على الطاعة، ويشرح مضمونها بأن البائع يفوض الأمير بالنظر في أمره وأمور المسلمين، ويعاهده على الطاعة فيما يكلفه به في المنشط والمكره، ويشبه البيعة بعملية البيع والشراء حيث تتلاقى رغبة الطرفين، فيقول: (وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدًا للعهد فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري فسمي بيعة)[1].

 

ويرى السير "ت. أرنولد" أن البيعة تعد بمثابة عقد أيضًا ولكنه يتضمن ثلاثة أطراف:

الخليفة نفسه في طرف والقائمون بالبيعة في الطرف الثاني ثم الطرف الثالث أو الركن الثالث، وهو تعهد الخليفة بتقيده بحدود الشريعة.

 

وقد تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعتي العقبة بعد الإقناع بالحسم والموعظة الحسنة للدخول في الإسلام، فلما قبل المسلمون وأعلنوا الشهادة أخذ منهم البيعة وفق مبادئ محددة وهي:

ألا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ببهتان نفتريه من بين أيدينا ولا أرجلنا؛ ولا نعصيه في معروف)[2].

 

ويستحق الأمر وقفة عند معنى (لا نعصيه في معروف) فإنه صلى الله عليه وسلم لم يشترط في البيعة عدم العصيان على الإطلاق بل حدده فقط (في المعروف).

 

ونضيف إلى هذا أن البيعة لم تتم لشخصه صلى الله عليه وسلم وإنما كان يدعوهم إلى الله ويؤكد لهم أنه ليس بمكافئهم شيئًا على بيعتهم وإنما أمرهم إلى الله، فإنه يقول لهم: (فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم شيئًا من ذلك فأخذتم بحده في الدنيا، فهو كفارة له وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة، فأمركم إلى الله إن شاء عذبكم وإن شاء غفر لكم)[3]. ومع هذا فلم تتم المبايعة كتفويض من المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما كان في الطرف الآخر المقابل تعهده بالوقوف في صفهم، فهي أشبه برباط يوثق به طرفان ينشئ حقوقًا وواجبات لكلا الطرفين.

 

نستنتج هذا الرباط الوثيق من رد النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله أبو الهيثم مالك بن التيهان عن موقفه صلى الله عليه وسلم إذا ما قامت الحرب بين قومه من الخزرج وبين اليهود بالمدينة مستفسرًا عما إذا كان سيبقى معهم أم هو تاركهم، فرد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (بل الدم بالدم، الهدم بالهدم، أنتم مني وأنا منكم، أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم).

 

ويشبه الدكتور الريس بيعتي العقبة بالعقود الاجتماعية التي افترض بعض فلاسفة السياسة في العصور الحديثة حدوثها، بل إنه يرى أن (العقد الاجتماعي) لروسو لم يكن إلا لمجرد وهم، فيقول: (أما العقد الذي حدث مرتين عند العقبة وقامت على أساسه الدولة الإسلامية فهو عقد تاريخي تم فيه الاتفاق بين إرادات إنسانية حرة وأفكار واعية ناضجة من أجل تحقيق رسالة سامية)[4] فالحقيقة أن فكرة العقد الاجتماعي لروسو كانت تبريرًا - ميتافيزيقيًا - غيبيًا لا نصيب له من الواقع لجأ أصحابها إليها لمحاربة سلطة الحاكم الفرد[5].

 

ولم يقتصر مبدأ البيعة على الرجال وحدهم، بل شمل النساء الراغبات في الإسلام أيضًا، وهن اللاتي فررن من الوثنيين بعد صلح الحديبية، على أساس نفس الأسس التي تقوم عليها بيعة الرجال مع اختلاف طفيف يتمثل في أن البيعة للرجال تتم بالمصافحة وبيعة النساء بالكلام[6].

 

الشورى:

أمر الله الرسول صلى الله عليه وسلم بمشاورة المسلمين بقوله تعالى: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159][7]، كما تضمن الكتاب آيات كثيرة للدلالة على ما لقاعدة الشورى في الحكم من ضرورة وأهمية.

 

ولهذا تنبه أهل السنة إلى الحض على الشورى، فكان الأمر باعثًا لتقليب هذا الركن من كافة وجوهه للتوصل إلى أسبابه ومغزاه، فقد وضع الماوردي (450 هـ- 1058م) شرط الشورى كأحد الشروط الواجب توافرها في الإمام، فينبغي عليه أن يشاور ذوي الرأي والحزم في المشاكل والصعوبات التي تعترضه ليقترب من الصواب في كل خطواته، كما تعرض الماوردي لما اختلف فيه المفسرون عن الحكمة من أمر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالمشاورة مع ما أمده به من التوفيق والتأييد، فأجمل أوجه الاختلاف في أربعة: أولها الأمر بالمشاورة في الحرب للاهتداء إلى الرأي الصحيح ليعمل به وهو تفسير الحسن البصري بقوله: (ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم)[8]. ويفسر قتادة هذا الأمر بأن الله أمره بالمشاورة لتأليفهم، وتطبيب نفوسهم. والوجه الثالث الذي قال به الضحاك للمنافع التي تعود من اتباع المشاورة يرجع إلى حض المسلمين على اتباع هذه الوسيلة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غنى عن المشورة.

 

وقد ردد ابن الطقطقي (701هـ- 1301م) نفس هذه الحجج، ويبدو أنه نقلها عن الماوردي فيقول: (واختلف المتكلمون في كون الله تعالى أمر رسوله بالاستشارة مع أنه أيده ووفقه)[9] ثم أورد التفسيرات الآنف ذكرها:

أما بدر الدين بن جماعة (819 هـ- 1416م) فقد أعطى لموضوع الشورى إيضاحات أخرى غير النفع والاهتداء إلى الصواب واجتماع الكلمة، فأضاف إليها بأن الشورى كانت أيضًا من عادة الأنبياء، وضرب مثلًا لذلك بإبراهيم الخليل - عليه السلام - حيث طلب الشورى من ابنه عندما أمره الله تعالى بذبحه[10].

 

وقد تمسك المسلمون بهذا المبدأ بعد الرسول صلى الله عليه وسلم في المواقف الحاسمة، فعندما قتل عثمان بن عفان، طلب أهل البصرة والكوفة من وجوه الصحابة بالمدينة اختيار من يصلح للخلافة بقولهم: (أنتم أهل الشورى وحكمكم جائز على الأمة فاعقدوا الإمامة ونحن لكم تبع)[11]. ولم يخرج المسلمون يهذا المنهج عن سالف عهدهم أيام الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم في ذلك الوقت كانوا يراجعونه صلى الله عليه وسلم في الاجتهاد في الأمور الدينية التي تتصل بمصالحهم، وربما سألوه للتثبت ومعرفة العلة.

 

فمن الوقائع التي استشار فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، موقعة بدر، وهي أولى حرب يخوضها المؤمنون إذ سأل حباب بن المنذر الرسول بقوله: (يا رسول الله أرأيت هذا المنزل الذي نزلته أهو منزل أنزلكه الله فليس لنا أن نتعداه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟) فما أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بالإيجاب، أشار عليه بتغيير المكان فقبل صلى الله عليه وسلم وتحول إلى غيره.

 

كذلك لما عزم الرسول (مصالحة) قبيلة غطفان عام الخندق على نصف تمر المدينة، فسأله سعد بن معاذ بصحبة طائفة من الأنصار (يا رسول الله بأبي أنت وأمي، هذا الذي تعطيهم أشيء من الله أمرك فسمع وطاعة لله ولرسوله، أم شيء من قبل رأيك؟) فلما أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم بتوضيح رأيه في المسألة، قدم سعد حججه التي وافقه عليها النبي صلى الله عليه وسلم فمزقت صحيفة الاتفاق.

 

ويستدل ابن تيمية من هاتين الواقعتين على أن مراجعة المسلمين للنبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تعدو وجهين، أحدهما الأمور السياسية التي يستساغ فيها الاجتهاد عما ظهر في هاتين الحادثتين. أما الوجه الثاني، فهو ما كان من قبيل الرأي والظن في الدنيا كقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن تلقيح النخل: (ما أظن يعني ذلك شيئًا إنما ظننتُ فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله بشيء فخذوا به، فإني لن أكذب على الله)، أو حديث آخر نصه: (أنتم أعلم بأمر دنياكم، فما كان من أمر دينكم فإليَّ)[12].

 

من كل هذا يتضح لنا أن مبدئي البيعة والشورى كانا حجرا الزاوية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما في الوقت عينه يدلان دلالة واضحة على تعارضهما مع طبيعة حكم الملوك والأباطرة الذين يرفضون مبدأ البيعة لأنهم يدعون أنهم يستمدون حقهم في الحكم من الله، فلا ضرورة والأمر كذلك من وجهة نظرهم إلى طلب البيعة من الخاضعين لحكمهم. كذلك لم يطلبوا الشورى في أمر من أمورهم، وإنما هو الحكم النافذ الذي لا شورى فيه ولا مشاورة.

 

ولئن كانت دعوى الحق الإلهي لا تتفق مع واقع الحكم وطبيعته أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الفكرة المضادة التي نادى يها الشيخ علي عبدالرازق قد جنحت به إلى الشطط والتعسف في الرأي، إذ يقول أنه: (ما كان إلا رسولًا كإخوانه الخالين من الرسل، وما كان ملكًا ولا مؤسس دولة ولا داعيًا إلى ملك)[13].

 

أما النظرة الشاملة التي أصابت الحقيقة وتمثل رأي أهل السنة في طورها الأخير، فتلك التي دلنا عليها الدكتور الريس، إذ يرى أن عصر النبوة كان الفترة المثالية التي تحققت فيها المثل العليا للإسلام بأكمل معانيها، وهي كذلك مرحلة (تأسيس) لأن الجماعة اعتنقت فيها مبادئ الإسلام- وتحققت لها الوحدة.

 

ثم يقرر بعد ذلك بأن (عصر الرسول انقضى بين الوحدة والعمل والتأسيس وأوجد الروح التي تسيطر على الحياة السياسية وأقام النموذج للقدوة والقياس)[14].

 

وهذا ما سنكتشف تحققه بصفة خاصة على أيدي الخلفاء الراشدين من بعده صلوات الله عليه.



[1] مقدمة ابن خلدون، الفصل التاسع والعشرون.

[2] صحيح البخاري، ج 2، ص 328.

[3] ابن هشام، السيرة النبوية، القسم الأول، ص 434، صحيح البخاري، ج 2، ص 328.

[4] دكتور الريس، النظريات السياسية، ص 16.

[5] دكتور محمد طه بدوي، النظم السياسية، ج 1، ص 62.

[6] ابن قيم الجوزية، أعلام الموقعين عن رب العالين، ج 3، ص 62.

[7] ابن قيم الجوزية، أعلام الموقعين عن رب العالين، ج 3، ص 62.

[8] الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، ج 4، ص 94، 95، الماوردي. الأحكام السلطانية، ص 43.

[9] ابن الطقطقي الفخري، ص 22.

[10] القاضى بدر الدين بن جماعة، تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام (مخطوط)، الباب الحادي عشر في فضل الجهاد.

[11] الطبرى، تاريخ الأمم والملوك، ج 5، ص 106.

[12] ابن تيمية، الصارم المسلول على شاتم الرسول، ص 191، 192.

[13] الشيخ علي عبد الرازق، الإسلام وأصول الحكم، ص 64.

[14] الدكتور محمد ضياء الدين الريس، النظريات السياسية الإسلامية، ص 12.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة