• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ فيصل آل مباركالشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك شعار موقع الشيخ فيصل آل مبارك
شبكة الألوكة / موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


علامة باركود

صلاة الجمعة وصلاة العيد

صلاة الجمعة وصلاة العيد
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


تاريخ الإضافة: 28/7/2014 ميلادي - 30/9/1435 هجري

الزيارات: 41967

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مواضع صفة الصلاة

صلاة الجمعة

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


قوله: (وأوله - أي: أول وقت صلاة الجمعة -: أول وقت صلاة العيد، وآخره: آخر وقت صلاة الظهر) [1].

 

قال في "الإفصاح": "واختلفوا في جواز إقامة الجمعة قبل الزوال: فقال أبو حنيفة[2] ومالك[3] والشافعي[4]: لا يجوز.

 

وقال أحمد[5]: يجوز قبل الزوال.

 

وعنه[6] رواية أخرى: يجوز في الساعة السادسة، اختارها الخرقي"[7].

 

وقال ابن رشد: "أما الوقت فإن الجمهور[8] على أن وقتها وقت الظهر بعينه - أعني: وقت الزوال - وأنها لا تجوز قبل الزوال.

 

وذهب قوم إلى أنه يجوز أن تصلى قبل الزوال، وهو قول أحمد[9] بن حنبل.

 

والسبب في هذا الاختلاف: الاختلاف في مفهوم الآثار الواردة في تعجيل الجمعة، مثل: ما خرجه البخاري عن سهل بن سعد أنه قال: ما كنا نتغدى بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نقيل إلا بعد الجمعة[10].

 

ومثل ما روي: أنهم كانوا يصلون وينصرفون وما للجدران أظلالٌ[11].

 

فمن فهم من هذه الآثار الصلاة قبل الزوال أجاز ذلك، ومن لم يفهم منها إلا التبكير فقط لم يجز ذلك؛ لئلا تتعارض الأصول في هذا الباب، وذلك أنه قد ثبت من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس[12].

 

وأيضاً فإنها لما كانت بدلاً من الظهر؛ وجب أن يكون وقتها وقت الظهر، فوجب من طريق الجمع بين هذه الآثار أن تحمل تلك على التبكير؛ إذ ليست نصاً في الصلاة قبل الزوال. وهو الذي عليه الجمهور[13]"[14].

 

وقال الشيخ ابن سعدي:

"سؤال: ما هي الأمور التي اشتركت فيها الجمعة مع العيدين والتي افترقت؟

الجواب وبالله الإعانة والوصول إلى ما يحبه ويرضاه:

اعلم أن الشارع من حكمته ومحاسن شرعه شرع للمسلمين الاجتماع للصلوات وأنواع التعبدات.

 

وهو إما اجتماع خاص كاجتماع أهل المحال المتقاربة لجماعة الصلوات الخمس.

 

وهو إما اجتماع عام يجتمع فيه أهل البلد في مسجد واحد للجمعة.

 

وإما اجتماع أعم من ذلك؛ كاجتماع أهل البلد رجالهم ونسائهم أحرارهم وأرقائهم في الأعياد.

 

وإما اجتماع أعم من ذلك كله كاجتماع المسلمين من جميع أقطار الأرض في عرفه ومناسك الحج.

 

وفي هذه الاجتماعات من الحكم والأسرار ومحاسن الشريعة ومصلحة الأمة ما لا يعد ولا يحصى:

فمنها: إظهار شعائر الدين وبروزها مشاهداً جمالها عند الموافقين والمخالفين، فإن الدين نفسه وشعائره من أكبر الأدلة على أنه الحق، وأنه شرع لوصول الخلق إلى صلاح دينهم ودنياهم، وصلاح أخلاقهم وأعمالهم، وسعادتهم الدنيوية والأخروية. فوقوف الخلق على حقيقة دين الإسلام وشرحه لإفهام الناس كافٍ وحده لكل منصفٍ قصده الحقيقة؛ لمحبته وبيان أن لا دين إلا هو، وأن ما خالفه فهو باطل، وإيصال هذا المعنى لإفهام الخلق له طرقٌ كثيرةٌ من أبلغها وأجلها: إظهار هذه الشعائر وما احتوت عليه من التقربات وأصناف العبادات، ولهذا كانت هذه الشعائر علماً على بلد الإسلام، وظهور الدين وعلوه على سائر الأديان.

 

ومنها: أن حقائق هذه العبادات لا تحصل بدون الاجتماعات المذكورة؛ فالحكم التي شرعت لأجلها متوقفة على هذا الاجتماع.

 

ومنها: أن اجتماع الخلق لهذه العبادات من أعظم محبوبات الرب؛ لما فيها من تنشيط العباد إلى عبادة ربهم، وزيادة رغبتهم وتنافسهم في قربه وحصول ثوابه، وسهولة العبادة عليهم وخفتها، وكثرة ما تشتمل عليه من الانكسار لعظمة الرب والتذلل له والتضرع، وخشوع القلوب وحضورها بين يدي الله، واجتماعهم على طلبهم من ربهم مصالحهم العامة المشتركة والخاصة.

 

ومنها: ما في اجتماع المسلمين من قيام الألفة والمودة؛ لأن الاجتماع الظاهر عنوان الاجتماع الباطن، وتفكيرهم في مصالحهم، والسعي للعمل لها، وتعليم بعضهم بعضاً، وتعلم بعضهم من بعض، فالعلم الذي لا بد منهم للصغير والكبير والذكر والأنثى قد تكفلت هذه الاجتماعات بحصوله، ولولا هذه الاجتماعات لم يعرف الناس من مبادئ دينهم وأصوله شيئاً إلا أفذاذاً منهم.

 

ولهذا كان الوافد يفد إلى النبي صلى الله عله وسلم ويسأله عن الصلوات الخمس؛ فيأمره بحضور الصلاة معه يوماً أو يومين، ثم ينصرف من عنده فأهماً لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) [15] وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم بعد فرض الحج مرة (واحدة) وحج معه المسلمون، وقال: (خذوا عني مناسككم)[16]. فانصرف الناس آخذين عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أحكام الحج الكلية والتفصيلية.

 

والتعليم العملي أبلغ من التعليم القولي، والجمع بينهما أكمل.

 

ومنها: أن في هذه الاجتماعات من معرفة مراتب المسلمين، وما هم عليه من العلم والدين والأخلاق، والمحافظة على الشرائع، وغير ذلك من أعظم الفوائد المميزة؛ لتحصل معاملتهم بحسب ذلك.

 

ولولا هذا الاجتماع لكان ناقص الدين قليل الاهتمام به يتمكن من ترك شرائعه، ولا يمكن إلزامه بها، وفي ذلك من مضرته ومضرة العموم ما فيه.

 

وفي الجملة: فيها من صالح الدين والدنيا ما هو من الضرورات التي لا بد منها.

 

فهذه الفوائد وغيرها قد اشتركت فيها، وبأنها من شروط الدين وواجباته، وبأنها ركعتان يجهر فيهما في القراءة، وبمشروعية الخطبتين فيهما، فالذي اشتركت فيه أكثر مما فترقت.

 

واستحباب التجمل والتطيب وتبكير المأموم إليهما، وتأخر الإمام إلى وقت الصلاة، والاستيطان، والعدد على القول به.

 

وافترقت بأشياء بحسب أحوالها، ومناسبة الحال الواقعة، فمنها:

الوقت: الجمعة من الزوال إلى وقت العصر عند أكثر العلماء[17]، وعند الإمام أحمد[18]: من أول صلاة العيد إلى وقت العصر، ووقت العيد من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال.

 

ومنها: أن صلاة الجمعة إذا فاتت لا تقضى؛ بل يصلون ظهراً.

 

وأما العيد: فتقضى من الغد بنظير وقتها.

 

والفرق: أن العيد لما كان لا يتكرر إلا بتكرر العام، ولا يمكن تفويت ما في ذلك الاجتماع من المصالح شرع قضاؤه، وأما الجمعة فتتكرر بالأسبوع، فإذا فات أسبوع حصل المقصود بالآخر مع حكمةٍ أخرى، وهي أن العيد كثيراً ما يعذر الناس بفواته؛ لتعلقه بالأهلة بخلاف الجمعة.

 

ومنها: أن الجمعة الخطبتان قبلها، والعيدان بعدهما، وقد ذكر الحكمة في ذلك أنهما في العيد سنة، وفي الجمعة شرط لازم فاهتم بتقديمه، وهذا أيضاً فرقٌ آخر.

 

ومنها: أنه يشرع في صلاة العيد تكبيرات زوائد في أول كل ركعة، في الأولى ستاً بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمساً بعد تكبيرة الانتقال.

 

ومنها: أن المشروع أن تكون صلاة العيدين في الصحراء إلا لعذر، والجمعة المشروع أن تكون في قصبة البلد إلا لعذر.

 

ومن الحكمة في ذلك لاشتهار العيد وزيادة إظهاره، ولاشتراك الرجال والنساء فيه.

 

وهذا أيضاً من الفروق بينهما، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر النساء بالخروج للعيد حتى يأمر ذوات الخدور، وحتى يأمر الحيض ليحضرن دعوة المسلمين[19]، فإن دعوتهم مجتمعة أقرب ا لإجابة، كما أن العبادة المشتركة أفضل من المنفردة؛ حتى فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين ضعفاً[20]. وهذا من المعاني المشتركة.

 

ومنها: وجوب فِطر يوم العيد دون الجمعة، فإن إفراد صومه مكروهٌ؛ لكون العباد أضياف كرم الكريم فيهما.

 

ومنها: أنه في العيد ينبغي أن يخرج من طريق، ويرجع من آخر بخلاف الجمعة.

 

ومنها: كراهة التنفل في مصلى العيد قبل الصلاة وبعدها بخلاف الجمعة.

 

ومنها: أن الجمعة فرض عين بالإجماع[21]، وأما العيدين ففيهما خلاف معروف.

 

المشهور من المذهب[22] أنهما فرضا كفاية.

 

والصحيح: أنهما فرضا عينٍ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد[23] اختارهما الشيخ تقي الدين[24].

 

ومنها: ما يتعلق بالعيدين من زكاة الفطر، والتكبير المطلق والمقيد، ومن الأضاحي والهدي فلا تشاركهما الجمعة فيها.

 

ومنها: أن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم يدعو الله إلا استجيب له، ولم يرد مثل هذا في العيدين.

 

وكذلك استحب العلماء زيارة القبور يوم الجمعة دون العيدين؛ فالجمعة تتأكد فيها الزيارة، والعيد استحباب مطلق كسائر الأيام.

 

ومن الفروق ما قاله الأصحاب أن خطبتي العيدين تُستفتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع بخلاف الجمعة فإنها تُستفتح بالحمد.

 

والصحيح استواؤها بالاستفتاح بالحمد كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح جميع خطبه بالحمد.

 

وتشترك صلاة عيد الفطر وصلاة عيد النحر في جميع هذه الأحكام، ويفترقان في أمور يسيرة بحسب وقتهما.

 

ففي الفطر: ينبغي ألا يخرج من بيته حتى يأكل تمرات وتراً، تحقيقاً للفرق بينه وبين الأيام التي قبله في وجوب الصيام ووجوب الفطر، كما يكره أن يتقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، كما يكره قرن الفرائض بسننها، وكره الإمام أن يتطوع موضع المكتوبة، والحكمة في ذلك من أجل أن يتميز الفرض من غيره.

 

وأما النحر: فلا ينبغي أن يأكل إلا من أضحيته.

 

وعيد الفطر تتعلق به أحكام صدقة الفطر، وعيد النحر تتعلق به أحكام الأضاحي، ولهذا ينبغي في خطبة عيد الفطر أن يذكر أحكام صدقة الفطر، وفي النحر أن يذكر أحكام الأضاحي، وهذا من الفروق؛ بل ينبغي لكل خاطب ومذكر أن يعتني بهذا المقصود؛ فيذكر الناس ما يحتاجون إليه بحسب الزمان والمكان والأحوال والأسباب، كما كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا النمط؛ لأن المقصود بالخطب أمران: تعليم الناس ما ينفعهم من مهمات دينهم، وترغيبهم وترهيبهم بالوعظ عن التقصير بالمأمور والوقوع في المحظور"[25].

 

وقال البخاري: "باب: وقت الجمعة إذا زالت الشمس. وكذلك يروى عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث رضي الله عنهم.

 

حدثنا عبدان قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا يحيى بن سعيد أنه سأل عَمْرَة عن الغُسل يوم الجمعة، فقالت: قالت عائشة رضي الله عنها (157ب): كان الناس مهنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: (لو اغتسلتم)[26].

 

حدثنا سريج بن النعمان قال: حدثنا فليح بن سليمان، عن عثمان بن عبدالرحمن بن عثمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس[27].

 

حدثنا عبدان قال: أخبرنا عبدالله قال: أخبرنا حميد، عن أنس قال: كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة[28]"[29].

 

قال الحافظ: "قوله: (باب: وقت الجمعة) أي: أوله إذا زالت الشمس. جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالف عنده.

 

قوله: (وكذا يُذكر عن عمر وعلي والنعمان بن بشير وعمرو بن حريث) قيل: إنما اقتصر على هؤلاء من الصحابة دون غيرهم؛ لأنه نقل عنهم خلاف ذلك، وهذا فيه نظر؛ لأنه لا خلاف عن علي ومن بعده في ذلك، وأغرب ابن العربي[30]، فنقل الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس إلا ما نقل عن أحمد[31] أنه إن صلاها قبل الزوال أجزأ.

 

قال الحافظ:

وقد نقله ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف كما سيأتي، فأما الأثر عن عمر فروى أبو نعيم شيخ البخاري في "كتاب الصلاة" له،، وابن أبي شيبة من رواية عبد الله بن سيدان قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر، فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: قد انتصف النهار[32].

 

رجاله ثقات؛ إلا عبد الله بن سيدان - وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة - فإنه تابعي كبير؛ إلا أنه غير معروف العدالة. قال ابن عدي: شبه المجهول[33]. وقال البخاري: لا يتابع على حديثه[34].

 

بل عارضة ما هو أقوى منه، فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة: أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس[35]. إسناده قوي.

 

وفي "الموطأ": عن مالك بن أبي عامر قال: كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر[36]. إسناده صحيح، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس، وفهم منه بعضهم عكس ذلك، ولا يتجه إلا إن حمل على أن الطنفسة كانت تفرش خارج المسجد وهو بعيد، والذي يظهر أنها كانت تفرش له داخل المسجد، وعلى هذا فكان عمر يتأخر بعد الزوال قليلاً.

 

وفي حديث السقيفة عن ابن عباس قال: فلما كان يوم الجمعة وزالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر[37].

 

وأما عليٌّ؛ فروى (158أ) ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق أنه صلى خلف علي الجمعة بعد ما زالت الشمس[38]. إسناده صحيح. وروي أيضاً من طريق أبي رزين قال: كنا نصلي مع علي الجمعة فأحياناً نجد فيئاً وأحياناً لا نجد[39]. وهذا محمول على المبادرة عند الزوال أو التأخير قليلاً.

 

وأما النعمان بن بشير فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سماك بن حرب قال: كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعد ما تزول الشمس[40].

 

قال الحافظ: وكان النعمان أميراً على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية. وأما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً من طريق الوليد بن العيزار قال: ما رأيت إماماً كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث، فكان يصليها إذا زالت الشمس[41]، إسناده صحيح أيضاً. وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضاً.

 

وأما ما يعارض ذلك عن الصحابة فروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن سلمة قال: صلى بنا عبد الله - يعني: ابن مسعود - الجمعة ضُحى، وقال: خشيت عليهم الحر[42].

 

وعبدالله صدوق إلا أنه ممن تغير لما كبر. قاله شعبة وغيره.

 

ومن طريق سعيد بن سويد قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضحى[43]، وسعيد: ذكره ابن عدي في "الضعفاء"[44].

 

واحتج بعض الحنابلة[45] بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين) [46]، قال: فلما سماه عيداً جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى.

 

وتعقب: بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيداً أن يشتمل على جميع أحكام العيد؛ بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقاً سواء صام قبله أو بعده، بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم.

 

قوله: (كان الناس مهنة أنفسهم) أي: خدم أنفسهم.

 

قوله: (وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئاتهم) استدل البخاري بقوله: (راحوا) على أن ذلك كان بعد الزوال؛ لأنه حقيقة الرواح كما تقدم عن أكثر أهل اللغة، ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد ب-(الرواح) في قوله: (من اغتسل يوم الجمعة ثم راح) الذهاب مطلقاً؛ لأنه إما أن يكون مجازاً أو مشتركاً، وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصة، وهي في قوله: (من راح في الساعة الأولى) قائمة في إيراده مطلق الذهاب، وفي هذا قائمة (158ب) في الذهاب بعد الزوال، لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا، حيث قالت: (يصيبهم الغبار والعرق)؛ لأن ذلك غالباً إنما يكون بعد ما يشتد الحر، وهذا في حال مجيئهم من العوالي، فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريباً من ذلك، وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب.

 

قوله: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس) فيه إشعار بمواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس.

 

وأما رواية حميد التي بعد هذا عن أنس: (كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة)، فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته، أو تقديمه على غيره، وهو المراد هنا. والمعنى: أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد، ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد، عن أنس، عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه، وسيأتي في الترجمة التي بعد هذه التعبير بالتبكير، والمراد به الصلاة في أول الوقت، وهو يؤيد ما قلناه.

 

قال الزين بن المنير في "الحاشية": فسَّر البخاري حديث أنس الثاني بحديث أنس الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما"[47].

 

وقال في "المغني": "مسألة: قال - يعني: الخرقي -: (وإذا زالت الشمس يوم الجمعة صعد الإمام على المنبر). قال الموفق: المستحب إقامة الجمعة بعد الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. قال سلمة بن الأكوع: كنا نجمِّع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء. متفق عليه[48]، وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. أخرجه البخاري[49].

 

ولأن في ذلك خروجاً من الخلاف، فإن علماء الأمة اتفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة[50]، وإنما الخلاف فيما قبله.

 

ولا فرق في استحباب إقامتها عقيب الزوال بين شدة الحر وبين غيره، فإن الجمعة يجتمع لها الناس فلو انتظروا الإبراد شق عليهم، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها إذا زالت الشمس في الشتاء والصيف على ميقات واحدٍ"[51](159أ).



[1] الروض المربع ص122.

[2] فتح القدير 1/412-413، وحاشية ابن عابدين 2/155.

[3] الشرح الصغير 1/178، وحاشية الدسوقي 1/372.

[4] تحفة المحتاج 2/416، ونهاية المحتاج 2/295.

[5] كشاف القناع 3/333، وشرح منتهى الإرادات 2/12.

[6] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 5/186.

[7] الإفصاح 1/242-243.

[8] فتح القدير 1/412-413، وحاشية ابن عابدين 2/156. والشرح الصغير 1/178، وحاشية الدسوقي 1/372. وتحفة المحتاج 2/419، ونهاية المحتاج 2/295. وشرح منتهى الإرادات 2/11-12، وكشاف القناع 3/332-333.

[9] كشاف القناع 3/333، وشرح منتهى الإرادات 2/12.

[10] البخاري 5403، ومسلم 859.

[11] البخاري 4169، ومسلم 860.

[12] أخرجه البخاري 904.

[13] فتح القدير 1/412-413، وحاشية ابن عابدين 2/156. والشرح الصغير 1/178، وحاشية الدسوقي 1/372. وتحفة المحتاج 2/419، ونهاية المحتاج 2/295.

[14] بداية المجتهد 1/145.

[15] أخرجه البخاري 6008، من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه.

[16] أخرجه مسلم 1297، من حديث جابر رضي الله عنه.

[17] فتح القدير 1/412-413، وحاشية ابن عابدين 2/156. والشرح الصغير 1/178. وحاشية الدسوقي 1/372. وتحفة المحتاج 2/419، ونهاية المحتاج 2/295.

[18] شرح منتهى الإرادات 2/11-12، وكشاف القناع 3/332-333.

[19] أخرجه البخاري 351، ومسلم 890، من حديث أم عطية رضي الله عنها.

[20] أخرجه البخاري 645، ومسلم 650، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

[21] فتح القدير 1/407-408، وحاشية ابن عابدين 2/144-145. والشرح الصغير 1/176، وحاشية الدسوقي 1/379. وتحفة المحتاج 2/406، ونهاية المحتاج 2/283. وشرح منتهى الإرادات 2/6، وكشاف القناع 3/322.

[22] شرح منتهى الإرادات 2/36، وكشاف القناع 3/393.

[23] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 5/317.

[24] الاختيارات ص82.

[25] الإرشاد ص462-465.

[26] أخرجه البخاري 903. وأخرجه أيضاً مسلم 847.

[27] البخاري 904.

[28] البخاري 905.

[29] فتح الباري 2/386-387، في ترجمة الأحاديث 903-905.

[30] عارضة الأحوذي 2/292.

[31] كشاف القناع 3/333، وشرح منتهى الإرادات 2/12.

[32] ابن أبي شيبة 1/444-445. وأخرجه أيضاً عبد الرزاق 3/175 5210، والدارقطني 2/17.

[33] الكامل في ضعفاء الرجال 4/222.

[34] التاريخ الكبير 5/110 328.

[35] ابن أبي شيبة 1/323.

[36] الموطأ 1/8 13.

[37] أخرجه البخاري 7323.

[38] أخرجه ابن سعد 6/314، وابن المنذر في الأوسط 2/351 986.

[39] ابن أبي شيبة 1/445.

[40] ابن أبي شيبة 1/446.

[41] ابن أبي شيبة 1/446.

[42] ابن أبي شيبة 1/445.

[43] ابن أبي شيبة 1/445.

[44] الكامل في ضعفاء الرجال 3/1243.

[45] المغني 3/239، وانظر: كشاف القناع 3/333.

[46] أخرجه ابن ماجه 1098، والطبراني في الأوسط 7/230 7355، من طريق عمار بن خالد الواسطي، عن علي بن غراب، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عبيد بن السبَّاق، عن ابن عباس، به، مرفوعاً.

قال الطبراني: لم يروه عن الزهري عن عبيد بن السباق إلا صالح بن أبي الأخضر، ولا عن صالح إلا علي بن غراب، تفرد به عمار بن خالد.

وأعل بعلتين:

الأولى: قال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/132: هذا إسناد فيه صالح بن أبي الأخضر ليَّنه الجمهور وباقي رجال الإسناد ثقات.

الثانية: أنه أخرجه مالك 1/65، ومن طريقه الشافعي 1/63 مسنده والبيهقي 3/243، عن الزهري، عن ابن السباق، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً.

قال البيهقي: هذا هو الصحيح مرسل، وقد روي موصولاً، ولا يصح وصله.

قلت: ولكن للحديث شواهد.

قال البوصيري: رواه عبد العظيم المنذري الحافظ في كتاب "الترغيب" وقال: حسن، ورواه الترمذي في جامعه من حديث البراء بن عازب مرفوعاً: "حق على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة، وليمس أحدكم من طيب أهله فإن لم يجد فالماء له طيب" وقال: حسن. وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري رواه النسائي في سننه الصغرى. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/172.

[47] فتح الباري 2/387-388.

[48] البخاري 4168، ومسلم 860.

[49] 904.

[50] فتح القدير 1/412-413، وحاشية ابن عابدين 2/156. والشرح الصغير 1/178، وحاشية الدسوقي 1/372. وتحفة المحتاج 2/419، ونهاية المحتاج 2/295.

[51] المغني 3/159-160.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • السيرة الذاتية
  • مراسلات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة