شكوى (قصيدة)

شكوى

يا سيِّدي يا رسولَ اللَّهِ يا سَنَدي

إنِّي على العهدِ لم أُنقِصْ ولم أَزِدِ

يا سيِّدي وأنا المقتولُ من ظَمَأٍ

والماءُ يجري كما الياقوتُ قُرْبَ يَدي

يا سيِّدي أمةُ الإسلامِ مُثخنةٌ

تعاورَتْها سهامُ الغدرِ والنكدِ

أنَّى تلفَّتَّ لا تَلقى سوى بلدٍ

يشكو مرارةَ أيامٍ إلى بلَدِ

خناجرٌ طعنَتْها وهي مُدبِرةٌ

ومثلُها طُعِنَتْ في الصدرِ لم تحدِ

وأمتي أمةُ القرآنِ واجمةٌ

متى سيبزُغُ فجرُ الحقِّ يا وَلَدي

أينَ الفوارسُ ممَّنْ كانَ صوتُهُمُ

يزلزِلُ الأرضَ باسمِ الواحدِ الأحدِ

تُحمحِمُ الخيلُ ترنو أينَ فتيتُها

إنَّ الملاعبَ مثلُ الخيلِ لم تجدِ!

والشمسُ تجري وأوصالي ممزَّقةٌ

من ذا يجمِّعُ أوصالاً بلا عَدَدِ؟

قالوا لقَدْ كانَ لي يومٌ وقفْتُ بهِ

أعانقُ الشمسَ في عِزِّي وفي تَلَدِي

وكانَ لي رايةٌ كالنسرِ شامخةٌ

وأمةٌ مثلُها الأقدارُ لم تلِدِ

والآنَ ماذا أقولُ الآنَ يا وطني

والداءُ يفتِكُ في قلبي وفي جَسَدي!

هذي الملايينُ والأحلامُ ترقصُها

ما بالُها لم تزِنْ شيئاً ولم تفِدِ

ما بالُها حينَ دوَّى الحربُ وانحسرَتْ

نواجذُ الدهرِ لم تقذِفْ سِوى الزبَدِ

ولم تقاتِلْ ولم تصقُلْ لها قُضُباً

ولم تَسِرْ حينَما سارَتْ يداً بِيَدِ؟

يا قدسُ إنَّ جراحي كلَّها نزفَتْ

فمَنْ يضمِّدُ جرحَ الأهلِ والولَدِ

يقاتلونَ بألفاظٍ منمَّقَةٍ

ويمتطونَ خيولَ الشعرِ كالمرَدِ

وكلُّهم في لهيبِ القولِ عنترةٌ

وكلُّهم في لهيبِ الفعلِ كالوَتَدِ

في كلِّ عامٍ لنا حشْدٌ ومؤتمرٌ

وكلُّ عامٍ ترى أنكى من النكَدِ

الذئبُ ينهشُ في أشلائِنا طرباً

والبومُ أصبحَ صِنْوَ البلبلِ الغَرِدِ

والشعبُ بينَ كريمٍ غُلَّ معصمُهُ

وفاجرٍ في سنامِ العِزِّ مقتعِدِ

القدسُ تنظرُ ولهى أينَ منقذُها

وأينَ من ركزُوا الراياتِ في صَفَدِ؟

وأينَ من هجرَتْ أجسادُهم فُرُشَاً

إلى الأسنَّةِ في شوقٍ ليومِ غَدِ

يقطُّعونَ بآيِ اللَّهِ ليلتَهُم

لا في المراقصِ بين الخمْرِ والُخُردِ

يا سيِّدي إنْ رأيْتَ الحزنَ يسكنُني

فإنَّ قيدَ الأذى قد حزَّ في عضَدِي

فإنَّ لي في ثرى الإسراءِ أجنحةً

مهيضةً ورضيعاً نامَ فوقَ ثَدِي

وإنَّ لي مسجداً عاثَ اللئامُ بهِ

ومنبراً لم يزَلْ يهتَزُّ في خَلَدي

وإنَّ لي روضةً غَنَّاءَ غادرَها

سِرْبُ الطيورِ وقمحاً غيرَ مُنْحَصِدِ

عفواً إذا جنَحَتْ بالشعرِ قافيتي

فإنَّ"أمَّ القرى" قد أوهنَتْ جَلَدِي

وإنَّ أمَّ القرى قد أضرمَتْ شُعَلاً

في خاطري وجَلَتْ عَيْنيَّ من رَمَدِ

من مهبطِ الوحيِ كانَ النورُ يغمرُنا

ومنهُ سوفَ يطلُّ النورُ للأبَدِ

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي