لست أرثيك يا أمير القوافي (قصيدة)

لسْتُ أرثيك يا أمير القوافي

مُتْ فقيرًا كما أتيْتَ فقيرا

أيُّها الشاعرُ الكبيرُ الكبيرا

كمْ تمنَّيْتَ أنْ ترى الأرضَ خِصْبًا

وترى الناسَ نَضْرَةً وسُرُورا

وترى الحُلْمَ يانعًا والأماني

مُورِقَاتٍ وليلُنا مَدحُورا

وترى النخلَ في العراقِ طويلًا

وترى القمحَ في العراقِ وَفيرا

نِصْفُ قرنٍ وما تعبْتَ منَ الجرْ

يِ وكمْ كنْتَ "يا وليدُ" مُثيرا

وبلوْتَ الأيَّامَ جُرحًا فجُرحًا

وبلوْتَ الأنامَ عُمْيًَا وعُورا

غَشِيَتْ مُقلتاكَ همًّا وغمًّا

وشربْتَ الأسى مريرًا مريرًا

متَّ مثلَ الكنارِ قبلَ غُروبٍ

بعدَ ما رَجَّعَ الغناءَ الأخِيرا

متَّ مثلَ الشراعِ والليلُ داجٍ

والطواحينُ أقسمَتْ أنْ تَدُورا

حَزِنَ الشِّعرُ والقصائدُ ثَكلى

لم تَجِدْ بُلبلًا ولا عُصفُورا

همْ يريدونَ في الحياةِ عُلُوًّا

ويُشيدُون في الحياةِ قُصورا

وأردْتَ الحياةَ دربَ كِفاحٍ

خَطْوةً حُرَّةً وقلبًا جَسُورا

وحملْتَ الإسلامَ هَمًّا كبيرًا

وهُمُ يحملونَ وِزْرًَا كبيرا

أنتَ أوقدْتَ للعصَابَةِ نارًا

ودعوْتَ الفقيرَ والمَقرورا

في يديكَ الفراتُ يُنشدُ شِعرًا

ويُناغي على الضِّفافِ الطُّيورا

أنتَ علَّمْتَنا التواضعَ والحبْ

بـَ وَأَنْتَ الذي طعنْتَ الغُرورا

أنتَ ألقيْتَ للعصافيرِ قَمحًا

وَطَعَمْتَ الخرافَ عُشبًا نَضيرا

وتمسَّكْتَ بالأصالةِ نَهْجًا

وإلى النارِ قد قذفْتَ القُشورا

كمْ عَشِقْتَ العراقَ وردًا ونخلًا

وسماءً فسيحةً ونُسورا

يا صديقي ويا صديقَ القوافي

لا تَلُمْني إذا غدوْتُ حَسيرا

أنتَ علَّمْتَنا الكرامةَ في الحرْ

فِ وألقيْتَ في التُّرابِ البُذورا

لمْ تُساومْ على العقيدةِ يومًا

لمْ تَزَلْ سيفَها الرهيبَ الجَسُورا

متَّ والمُصْحَفُ الكريمُ بجَنْبَيْ

كَ شِفاءٌ وأنتَ تتلو السُّطورا

منهُ سالَ البيانُ سِحرًا حلالًا

وجَرى مِنهُ لؤلؤًا مَنثورا

لسْتُ أَرثيْكَ يا أميرَ القوافي

وقليلٌ بأنْ تكونَ أميرا

أنا أَرثي وَقدْ رَثيْتُ زمانًا

لم يسوِّدْ إلا الصغيرَ الصغيرا

جِئْتُ من وَقْدَةِ الهجيرِ لَعلِّي

تحتَ ظِلِّ النخيلِ أَغفو يَسيرا

جِئْتُ منْ أرضيَ السليبةِ أَبكي

مِنْبرًا صامتًا وشَعبًا أسيرا

طَعنَتْهُ الحِرابُ صَدرًا وظَهرًا

لمْ يَجِدْ ساعةَ الحصارِ نَصيرا

حملَ الرايةَ العظيمةَ للنَّصْ

رِ وأَلقى على اللهيبِ الصُّدورا

راحَ يَستنْطِقُ الصخورَ رصاصًا

وقِصَاصًا وغَضْبةً وزَئيرا

كيفَ يغفو على الفجيعةِ شعبٌ

لم يَزَلْ في الثرى دمًَا مَهدورا!؟

مُثْخَنًا بالجراحِ ساعةَ يَمشي

أيُّكُم لم يَشُمَّ ذاكَ العَبيرا!؟

أضف تعليقك:	إعلام عبر البريد الإلكتروني عند نشر تعليق جديد
الاسم
البريد الإلكتروني	(لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق	رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي