• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب


علامة باركود

أحكام التداوي (خطبة)

أحكام التداوي (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 27/8/2020 ميلادي - 8/1/1442 هجري

الزيارات: 17816

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحكام التداوي


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده: الأصل في التداوي الجواز، وهو محل اتفاق بين العلماء؛ إلاَّ ما ذُكِرَ عن بعض الصوفية الذي أنكروا التداوي! وقولُهم مردودٌ بالسُّنة الصحيحة فلا عِبرةَ به. والدليل على جواز التداوي قوله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رواه البخاري؛ وقوله عليه الصلاة والسلام: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلاَّ الْهَرَمَ» صحيح - رواه ابن ماجه.

 

قال ابن تيمية - رحمه الله -: (فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَنَازَعُوا فِي التَّدَاوِي، هَلْ هُوَ مُبَاحٌ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ، أَوْ وَاجِبٌ؟ وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوهٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ).

 

ويجب التداوي؛ إذا كان المَرَضُ يؤدِّي إلى الإعاقة أو الهلكة غالباً؛ مثل الأمراض المَخُوفة والحوادث الخطيرة، وعدم التداوي في هذه الحالة يكون من إلقاء النفس في التَّهلُكة، وهو مُحرَّم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]. وكذا يجب التداوي إذا كان المرضُ مُعدِياً ينتقل ضررُه إلى الآخرين، ويتم ذلك بالعزل والابتعاد ونحوه، كما في مرض كورونا المستجد، فلا ضرر ولا ضِرار.

 

ويكون التداوي مُسْتَحباً؛ إذا كان المَرَضُ من غير الحالات التي يجب فيها التداوي، وكان تَرْكُ التداوي يؤدي إلى ضعف البدن فقط.

 

ويجوز ترك التداوي؛ إذا عَلِمَ المريضُ - بقرائن واضحة - أنَّ مرضَه مرض الموت، وأنَّ الدواء لا ينفعه، أو تكون العِلَّةُ مُزمِنة، والدواء الموصوف موهوم النفع؛ قال الغزالي: (وأكثر مَنْ تَرَكَ التداويَ من العُبَّاد والزُّهاد هذا مُستندهم). ويجوز ترك التداوي؛ لينال ثواب الصبر على البلاء، وهو يُطيقه؛ بشرط أن ألاَّ يكون المرضُ مما يُخْشَى منه الهلاك، أو الإعاقة، أو العدوى للغير ونحو ذلك من الحالات التي يجب فيها التداوي.

 

عباد الله.. قد يكون تَرْكُ التداوي هو الأفضل في حالاتٍ خاصة، ولأفراد معدودين؛ كما في حديث المرأة التي أتت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقالت: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ». فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا. رواه البخاري ومسلم. وهذا أيضاً مُقَيَّد بالمرض الذي لا يُخشى منه الهلاك أو يُعدي. والصرع كذلك، إذْ يُمكِنُ تحملُّه والصبرُ عليه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعَدَها على الصبر بالجنة.

 

ويكون التداوي مُحرَّماً؛ إذا كان الدواء الموصوف يُحْدِثُ أضراراً تَفُوق أضرار المرض؛ كما هو الشأن في الأدوية الكيماوية؛ ويدلُّ عليه قوله تعالى: ﴿ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ﴾ [البقرة: 219]. قال البغوي - رحمه الله -: (والعلاج إذا كان فيه الخطرُ العظيمُ كان محظوراً).

 

قال د. محمد مختار الشنقيطي في كتابه "أحكام الجراحة الطبية": (لا يجوز للمسلم الذي ابتلاه الله بالمرض أن يتناول ما يضره يقيناً أو على غلبة الظن، فهو مأمور بأن يُحافظ على بدنه، ولا يَحِلُّ له التفريط فيما وَهَبَه الله من نعمة الجوارح والأعضاء، فكيف يُفَرِّط بنفسه!؟ ومن قواعد الشريعة الإسلامية "الضرر لا يُزال بِمثلِه"، وعلى هذا؛ فيحرم التداوي بما يكون ضرره أشد من ضرر المرض نفسه). وقال د. علي البار في كتابه "أحكام التداوي": (قد يكون عدم التداوي أفضل عندما يكون الداوء مشكوكاً في فائدته أو يغلب على الظن عدم جدواه، بينما يترجَّح ضرره؛ ومثال ذلك حالات السرطان المُتقدِّم الذي استشرى في البدن).

 

ومن التداوي المُحرَّم: الذهاب للسحرة والمشعوذين، والكَهَنة والعَرَّافين. أو التداوي بالخمر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ» رواه مسلم. أو التداوي بتعليق التمائم، أو التداوي بالتنويم المغناطيسي؛ لأنه ضرب من ضروب الكهانة. أو التداوي بالنجاسات.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله... عباد الله.. زعم بعض المتصوفة: أنَّ الولاية لا تتم إلاَّ إذا رَضِيَ العبد بجميع ما نزل به من البلاء، ومن ذلك المرض، فلا حاجة للتداوي! ورأوا أنه مُنافٍ للتوكل! وهو زعم باطل، ومردود عليه؛ بالأحاديث الصحيحة، وهدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، الذي كان المثل الأعلى في التوكل، وتحقيق التوحيد وكمال العبودية، وكان يأخذ بالأسباب؛ حيث أعَدَّ الزاد والراحلة واتَّخذ دليلاً في هجرته، واختفى في الغار ثلاثاً، ولَبِس الدرع والمغفر؛ لوقاية نفسه في الحرب. وكان يتداوى، ويُداوي، ويأمر بالدَّواء، وهو سيد المتوكِّلين.

 

قال ابن القيم - رحمه الله -: (وفي الأحاديث الصحيحةِ الأمرُ بالتداوي، وأنه لا يُنَافي التوكل، كما لا يُنافيه دفْع داء الجوع، والعطش، والحرِّ، والبردِ بِأضدادها، بل لا تتم حقيقةُ التوحيد إلاَّ بمباشرة الأسباب التي نَصَبها اللهُ مقتضياتٍ لمسبَّبَاتها قَدَراً وشرعاً، وأنَّ تعطيلها يقَدَحُ في نفس التوكل، كما يَقْدَحُ في الأمر والحكمة، ويُضعفه من حيث يظنُّ مُعطِّلُها أنَّ تَرْكَها أقوى في التوكل، فإنَّ تَرْكَها [أي الأسباب] عجزٌ يُنافي التوكلَ الذي حقيقتُه اعتمادُ القلب على الله في حصولِ ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفْعِ ما يضرُّه في دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب؛ وإلاَّ كان مُعَطِّلاً للحِكمة والشَّرع، فلا يجعل العبدُ عجزَه تَوكُّلاً، ولا توكُّلَه عجزاً). فتبيَّن بذلك أنَّ التداوي لا يُنافي القَدَر، كما أنَّه لا يُنافي التوكل؛ بل يُوافقهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة