• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسريد. محمود بن أحمد الدوسري شعار موقع الأستاذ الدكتور محمود بن أحمد بن صالح الدوسري
شبكة الألوكة / موقع د. محمود بن أحمد الدوسري / مقالات


علامة باركود

مكة البلد الحرام

مكة البلد الحرام
د. محمود بن أحمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 26/8/2019 ميلادي - 24/12/1440 هجري

الزيارات: 15612

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مكة البلد الحرام

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

إنَّ الأماكن لا تتفاضل ولا تتمايز ذاتياً، وإنما التفاضل والتمايز يكون بخصيصة أو مزية تُمنح لمكانٍ دون آخر، وتكون سبباً لتفاضله وتمايزه عن غيره؛ كأن يحتوي شيئاً مقدَّساً أو يمتلك مقومات من أيِّ نوعٍ تجعله يتمايز عن غيره.

 

ومكة المكرمة فُضِّلت على سائر بقاع الأرض قاطبة؛ لكمال عناية الله تعالى بها؛ فقد أودَعَها بيتَه المُحرَّم، وجعلها قِبْلةَ الدنيا، وخَصَّها بعبادةٍ من أعظم العبادات، وهي الحجُّ، أحدُ أركان الإسلام الخمسة، فحرَّمها سبحانه، وجعلها بلداً آمناً، كما أنَّها مَهْدُ خيرِ البشرية محمدٍ صلى الله عليه وسلم، ومَهْبِطُ الوحي لآخِر الرسالات السماوية، ومن هنا كان التمايز لهذه البقعة المُشرَّفة في أرض الله تعالى.

 

ومن أبرز خصائص البلد الحرام أنْ جعَلَه الله تعالى مكاناً مُحرَّماً، فقد حكى الله سبحانه قولَ نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ﴾ [النمل:91].

 

والبلدة المُحَرَّمة: مكة المكرمة. (وإنما خصَّها من بين سائر البلاد؛ لكونها فيها بيت الله الحرام؛ ولكونها أحب البلاد إلى رسوله)[1]. وأسند الله تعالى التحريمَ إليه؛ تشريفاً لمكة واختصاصاً لها.

 

(وهذا التحريم مما أوحى الله به إلى إبراهيم - عليه السلام - إذ أمره بأن يبني بيتاً لتوحيده، وباستجابته لدعوة إبراهيم، إذ قال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾ [البقرة: 126])[2].

 

وفي قوله تعالى: ﴿ حَرَّمَهَا ﴾ تنبيه بنعمته على قريش، إذ جعل بلدتَهم آمنةً من الغارات والفتن التي تكون في بلاد العرب، وأهلك مَنْ أرادها بسوء[3].

 

وقوله تعالى: ﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾ أي: التي عظَّم الله حُرمتها[4]، (أي: جعلها الله حَرَماً آمناً لا يسفك فيها دم، ولا يظلم فيها أحد، ولا يُصاد صيدها، ولا يُخْتَلى خَلاَها، ولا يدخلها إلاَّ مُحْرِم)[5].

 

قراءتان في الآية:

1- قرأ الجمهور: ﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾: صفة للرب.

2- وقرأ ابن مسعود، وابن عباس - رضي الله عنهما: ﴿ الَّتِي حَرَّمَهَا ﴾: صفة للبلدة[6].

 

معنى تحريم مكة:

(ومعنى ﴿ حَرَّمَهَا ﴾: جعلها حراماً، والحرام الممنوع... فالمراد من تحريم البلدة: تحريم أن يدخل فيها ما يضاد صلاحها وصلاح ما بها من ساكن ودابة وشجر. فيدخل في ذلك منع غزو أهلها، والاعتداء عليهم، وظلمهم، وإخافتهم، ومنع صيدها، وقطع شجرها، على حدود معلومة)[7].

 

تحريم مكة تحريم كمال:

(التحريم عموماً، يكون أحياناً كمالاً للمُحَرَّم، ويكون أحياناً نقصاً، على اختلاف اعتبار سبب التحريم وصفته، فتحريم المكان والزمان مزية وتفضيل، وتحريم الفواحش والميتة والدم والخمر تحقير لها، والمحرمات للنسل والرضاع والصهر زيادة في الحرمة. فتحريم المكان: منع ما يضرُّ بالحالِّ فيه. وتحريم الزمان؛ كتحريم الأشهر الحُرُم: مَنْع ما فيه ضُرٌّ للموجودين فيه)[8].

 

سبب وَصْفِها بالتَّحريم:

(وإنَّما وصَفَها بالتَّحريم لوجوه: أحدها: أنه حَرَّم فيها أشياء على مَنْ يحج. وثانيها: أن اللاجئ إليها آمن. وثالثها: لا يَنتهك حرمتها إلاَّ ظالم، ولا يُعضد شجرها، ولا يُنفر صيدها، وإنما ذكر ذلك - أي: قوله تعالى: ﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾ - لأنَّ العرب كانوا معترفين بكون مكة مُحرَّمة، وعلموا أن تلك الفضيلة ليست من الأصنام بل من الله تعالى، فكأنه قال: لما علمت وعلمتم أنه سبحانه هو المتولِّي لهذه النعم، وجب عليَّ أن أخصه بالعبادة)[9].

 

وإيمان أهل مكة بأنَّ الله تعالى هو الذي حرَّمها يرجع إلى تأثُّرهم بدين إبراهيم - عليه السلام - الذي كان فيهم، وذلك قبل أنْ تُعبد الأوثان ويُشرك غير الله معه في العبادة.

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ﴾ (أي: جميع الأشياء داخلة في ربوبيته، فشرفت البلدة بذكر اندراجها تحت ربوبيته على جهة الخصوص، وعلى جهة العموم)[10].

 

تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة البلد:

أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحرمة يوم فتح مكة بقوله: (إِنَّ هذا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ الله يوم خَلَقَ السماوات وَالأرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)[11].

 

وعن عبد اللَّهِ بن زَيْدٍ - رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ إبراهيم حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لها، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كما حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لها في مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ ما دَعَا إِبْرَاهِيمُ - عليه السلام - لِمَكَّةَ)[12].

 

لا تعارض بين الآية والحديث:

ليس هناك تعارض بين قوله تعالى: ﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ إبراهيم حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لها، وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ)؛ (لأن إسناد ذلك إلى الله تعالى من حيث كان بقضائه وسابق علمه، وإسناده إلى إبراهيم - عليه السلام - من حيث كان ظهور ذلك بدعائه، ورغبته، وتبليغه لأمته)[13].

 

ومثل ذلك جاء عن العيني - رحمه الله - حيث قال: (نسبة الحُكْم لإبراهيم على معنى التبليغ، فيحتمل أن تحريم إبراهيم لها بإعلام الله تعالى أنه حَرَّمها، فتحريمه لها بتحريم الله لا باجتهاده، أَوْكَل الله إليه تحريمَها فكان عن أمر الله، فأضيف إلى الله مَرَّة لذلك، ومَرَّة لإبراهيم، أو أنه دعا إليه فكان تحريم الله لها بدعوته)[14].

 

أسبابٌ تنفي شُبْهَةَ التَّعارض:

وشُبهة التَّعارض بين الآية والحديث لا أساس لها على الإطلاق؛ وذلك لأسباب:

1- إقرار الآية بأنَّ تحريمها من الله تعالى.

 

2- جاء الحديث صريحاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّ حُرْمَتها كانت يوم خَلَقَ الله السماوات والأرض، أي: قبل أن تكون هناك بلدةٌ اسمُها مكة؛ فهي حرام في عِلْمِ الله تعالى الأزلي قبل أن تُخلق، وقبل أن يُخلق إبراهيم - عليه السلام. فجاء الحديث الأوَّل شارحاً للآية وموضِّحاً لها.

 

3- إنَّ دعوة إبراهيم - عليه السلام - كانت أنْ يُنْشِئَ الله بلدةً في هذا المكان، فقال: ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا ﴾، أي: هذا المكان القَفْر المُوحش الذي أودعتُ فيه أهلي وولدي، وإنما أمره الله سبحانه وتعالى بالهجرة بأهله إلى هذا المكان؛ لأنه في سابق عِلم الله تعالى قدَّر أن يكون بلدةً آمنة؛ فوافقت دعوةُ إبراهيمَ قَدَرَ اللهِ تعالى.

 

4- إنَّ تحريم إبراهيم - عليه السلام - لها إنما كان إعلاماً للناس وبياناً لهم بتحريم الله تعالى لها، فهو ليس المُحَرِّم ابتداءً، وإنما الله سبحانه، وأنه هو المُبلِّغ عن الله سبحانه وتعالى.

 

زمن التحريم:

قال النووي - رحمه الله: (قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ إبراهيم حَرَّمَ مَكَّةَ) هذا دليل لمن يقول: إن تحريم مكة إنما هو كان في زمن إبراهيم - عليه السلام. والصحيح: أنه كان يوم خَلَقَ الله السماوات والأرض...

 

وفي تحريم إبراهيم احتمالان: أحدهما: أنه حرَّمها بأمر الله تعالى له بذلك لا باجتهاده، فلهذا أضاف التحريم إليه تارة، والى الله تعالى تارة. والثاني: أنه دعا لها فحرمها الله تعالى بدعوته، فأضيف التحريم إليه لذلك)[15].

 

وقال - رحمه الله - في موضع آخر: (إن تحريمها كان ثابتاً مِنْ يوم خلق الله السماوات والأرض، ثم خفي تحريمها واستمر خفاؤه إلى زمن إبراهيم، فأظهره وأشاعه، لا أنه ابتدأه)[16].

 

مقتضى حُرمة مكة:

بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم مقتضى حُرمة مكة في قوله: (إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا الله ولم يُحَرِّمْهَا الناسُ، فلا يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فيها دَمًا، ولا يَعْضِدَ بها شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فيها فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قد أَذِنَ لِرَسُولِهِ ولم يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لي فيها سَاعَةً من نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)[17].

 

فقه الحديث:

(الحديث يدل صريحاً على تحريم الله مكة، وأَبعد مَنْ قال: إن إبراهيم - عليه السلام - أول من افتتح ذلك، والصواب: أنها محرمة من يوم خلق الله السماوات والأرض)[18].

 

وظاهر الحديث يدل على أن التحليل والتحريم من عند الله تعالى لا مدخل لبشر فيه، وأن ذلك لا يُعرف إلاَّ منه سبحانه فعلاً وقولاً وتقريراً، وظاهره كذلك يدل على تحريم القتال بمكة، وإذ حُرِّم الاعتداء على الشجرِ وشوكِه فغيره من باب أولى[19].

 

مسألة:

(وهل أُحِلَّ للنبي صلى الله عليه وسلم في الساعة التي أُحِلَّت له مكة سائرُ الأشياء؟

أجيب: بأنه أُحِلَّت له في تلك الساعة: الدم دون الصيدِ، وقطعِ الشجر، وسائرِ ما حرَّم الله على الناس)[20].



[1] تفسير الشوكاني، (4/ 156).

[2] التحرير والتنوير، (20/ 156).

[3] انظر: تفسير البحر المحيط، (7/ 246).

[4] انظر: تفسير القرطبي، (13/ 246).

[5] تفسير الخازن، (5/ 191).

[6] انظر: تفسير البحر المحيط، (7/ 246).

[7] التحرير والتنوير، (20/ 156).

[8] المصدر نفسه، (20/ 156). بتصرف يسير.

[9] التفسير الكبير، (24/ 274).

[10] تفسير البحر المحيط، (7/ 246).

[11] رواه البخاري، (3/ 1164)،(ح 3017). ومسلم، (2/ 986)، (ح1353).

[12] رواه البخاري، (2/ 749)، (ح2022). ومسلم، (2/ 991)، (ح1360).

[13] تفسير البحر المحيط، (7/ 246).

[14] عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (2/ 145).

[15] شرح النووي على صحيح مسلم، (9/ 134).

[16] المصدر نفسه، (9/ 124).

[17] رواه البخاري، (1/ 51)، (ح104).

[18] عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (2/ 144).

[19] انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (2/ 145).

[20] عمدة القاري شرح صحيح البخاري، (2/ 145).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • كتب وبحوث
  • خطب
  • مقالات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة