• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / روافد


علامة باركود

المعتصم بن صمادح على فراش الموت

المعتصم بن صمادح على فراش الموت
د. عبدالوهاب عزام


تاريخ الإضافة: 23/3/2020 ميلادي - 28/7/1441 هجري

الزيارات: 9172

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المعتصم بن صمادح على فراش الموت


الأندلس في أمر مريج؛ زال عنها سلطان الخلافة فاضطربتْ، وفقدت رواسيها من بني أمية فمادت، وأصبحت كرقعة الشطرنج يتغالب الملوك على كل بيت فيها. كل قوي يحوز ما وسع حولُه وهمَّتُه، والعيش غِلَابٌ، (والبر أوسعُ والدنيا لمَنْ غَلبا).

 

في هذا المعترك مَلَك محمدُ بن أحمد بن صَمادِحٍ التُّجيبي مدينة (وَشْقة)، وملك بنو عمه مدينة (سرقسطة)، ثم غلبوه على مدينته. ثم ملك ابنُه مَعْن بن محمد مدينة (المرية) غصَبَها من عبد العزيز بن أبي عامر. وخلفَه ابنه أبو يحيى المعتصم بالله وهو في سنِّ الرابعةَ عشرة.

 

نشأ في ملك ضيق الرقعة، فاستعاض منه سعة الخلق وبعد الهمة، وحلية العلم والأدب، والسخاء الشامل، والجود العمم، حتى طاول المعتمد بن عباد كبير ملوك الطوائف ونافسه، وحتى قال أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حينما لقيهما بالأندلس (هذان رجلا هذه الجزيرة).

 

قال ابن خلكان: «وكان رحب الفناء، جزيل العطاء، حليمًا عن الدماء، طافت به الآمال، واتسع في مدحه المقال، وأُعملت إلى حضرته الرحال، ولزمه جماعة من فحول الشعراء».

 

وقال الفتح بن خَاقان: « ملكٌ أقام سوق المعارف على ساقها، وأبدع في انتظام مجالسها واتسقها، وأوضح رسمها، وأثبت في جبين أيامه وسمها. لم تخل أيامه من مناظرة، ولا عمرت إلا بمذاكرة أو محاضرة... وكانت دولته مشرعًا للكرم، ومطلعًا لهمم، فلاحت بها شموس، وارتاحت فيها نفوس. ونفقت فيها أقلام الأعلام، وتدفقت بحار الكلام، كإجادة ابن عمار وإبداعه، في قوله معتذرًا من وداعه.

 

أَمُعتصِمًا باللهِ والحربُ ترتمِي
بأبطالها والخيلُ بالخيلِ تلتقِي
دَعتْنِي المطايا للرَّحيلِ وإنَّنِي
لأَفْرقُ مِنْ ذِكر النَّوَى والتَّفرُّقِ
وإنِّي إذا غَرَبتُ عنْكَ فإنَّما
جبينُك شمسٌ والمرية مَشْرِقِي

 

وكان المعتصم كالمعتمد بن عباد، شاعرًا مجيدًا: كتب إلى الوزير الشاعر ابن عمّار:

وزَهَّدني في النَّاسِ معرفتِي بهمْ
وطولُ اختباري صَاحبًا بعد صاحبِ
فلمْ تُرنِي الأيَّامُ خِلًّا تسُرُّني
مبادِيه إلَّا ساءني في العَواقِبِ
ولا قُلتُ أرْجُوه لدفْعِ مُلِمَّةٍ
مِنَ الدَّهرِ إلَّا كان إِحْدَى المصَائبِ

 

طوى الأمير أربعين عامًا في إمارته، شاع فيها ذكره ونبه اسمه، وحلب الدهر أشطره، ورأى أحداثه وعبره. ثم حُمَّ القضاء وبعث ابن تاشفين جنودَه على ملوك الطوائف تثُلُّ عروشَهم، وتعفي على آثارهم. ولقي (رجلا الجزيرة) الصدمات الأولى فدارت على المعتمد الدائرات، فإذا هو أسير أغمات، وللمعتمد بن عباد قصَّة ملؤها العبرات والزفرات.

 

وعلم ابن حماد بما أصاب صاحبه فملكه الغمُّ، وناء به الحزن، وكان أسعد من صاحبه جدًّا، نجاه الموتُ من الإسار، وأنقذه الحمام من المذلة: (ربَّ عيشٌ أخفّ منه الحِمامُ). ولله ابن بسّام حين يقول: «وكان بين المعتصم وبين الله سريرة أسلفتْ له عند الحِمامِ يدًا مشكورة؛ فمات وليس بينه وبين حلول الفاقرة به إلا أيامٌ يسيرة، وفي سلطانه وبلدِه، وبين أهله وولدِه».

 

دع ما نمَّق الكتاب، وأنشد الشعراء، ودعْ أربعين طواها الزمان كأنها أحلام، وانظر المعتصم ليلة الخميس لثمانٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة - الليلة التي طلع عليه بالرَّدَى فجرُها - هاهو ذا على فراش الموت في قصره بالمرية، ومعسكر ابن تاشفين على مقربة من المدينة ترى خيامه، وتسمع ضوضاءه، ويسمع المعتصم وجبة من الجيش اللجب، والجند المصطخب، فيقول - كأن لم ينعم بالملك والجاه أربعين عامًا -: لا إله إلا الله! نغص عليها كلَّ شيءٍ حتى الموت، قالت (أروى) إحدى جواريه: « فدمعت عيني، فلا أنسى طرفًا إلي يرفعه، وإنشاده لي بصوت لا أكاد أسمعه:

ترَفَّقْ بدمْعِك لا تُفنِهِ *** فبين يدَيْك بكاءٌ طويل

 

المصدر: مجلة الرسالة، العدد 30 - بتاريخ: 29 - 01 - 1934م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة