• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / روافد


علامة باركود

من رسالة إلى صديق حول التجديد

حول التجديد
أحمد حسن الزيات


تاريخ الإضافة: 17/9/2019 ميلادي - 17/1/1441 هجري

الزيارات: 4695

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من رسالة إلى صديق

حول التجديد

 

... الجديد جديد في مظهره، قديم في جوهره، لا يصلح موضعًا لدرس ولا موضوعًا لحديث.

ستقول: إذن ما بال هذه القصائد الرائعة التي يجلوها الشعراء والمقالات الرائقة التي يدبجها الكتاب؟ فأقول لك إنك إذن تفهم من كلمتي « القديم » و« الجديد » غير ما أفهم، وتريد من مدلولهما غير الذي أريد.

 

كأنك تريد بهما ما كان يريده الأقدمون حين كانوا يتمارون في شعر امرئ القيس وجرير وأبي نواس وأبي تمام والبحتري والمتنبي وابن هانئ؛ والأقدمون كما تعلم إنما كانوا يختلفون في شكل الشعر لا في موضوعه، فهم يتكلمون في اللفظ الجزل والركيك، والأسلوب الرصين والمهلهل، والمعنى المسروق والمطروق، والتشبيه المنتزع من وجوه البادية أو من صور الحضر، والمطلع الجيد والرديء، والتخلص الحسن والقبيح، ويجرون في كل ذلك على أذواق تختلف باختلاف الطبقات والبيئات والصناعات والأجناس.

 

وعذرهم في ذلك واضح. فالشعراء لأسباب فطرية واجتماعية، لم يقدموا إليهم الا نوعًا واحدًا من الشعر هو ما يتعلق بالوجدان والعاطفة. فكان النقاد أمام وحدة الشعر العربي ونقصه، مسوقين إلى أن يقصروا جهودهم على لفظه: يحكون معدنه، ويعجمون عوده، ويسبرون غوره بالموازنة والمقارنة والتعقب. والشكل الخارجي حكمه حكم اللباس والأثاث والآنية: يتغير بتغير الزمان والمكان والحالة، ليس لأحد في ذلك حيلة.

 

فهل ترى أن أبا نواس مجدد بالإضافة إلى أمرؤ القيس، لأنه بدأ قصيدة بوصف الخمر، وتكلم في الغلمان والطرد؟ أو أن المتنبي مجدد بالإضافة إلى أبي نواس، لأنه دَافَ شيئًا من فلسفة اليونان في شعره؟ أو أن مطرانًا مجدد بالإضافة إلى المتنبي، لأنه ذكر القطار والكهرباء، ولوّن أدبه بأدب الغرب؟ إني لا أرى في مثل هذا التفاوت الظاهري تجديدًا، ما دام الشعر قد ظل في كل هذه العصور واحدًا في موضوعه وطريقه ونوعه ووزنه.. أما تغير الشكل فذلك فعل القانون العام الذي يغير أبدًا كل شيء.

 

وهل قصد أحد من هؤلاء وأولئك إلى هذا التجديد المزعوم فجاهد في سبيله أهل جيله، كما فعل أرباب المذهب الاتباعي والابتداعي والواقعي في فرنسا مثلا؟؟ لم يكن شيء من ذلك، لأنهم لم يختلفوا كما اختلف الفرنج في الموضوع والينبوع حتى تتباين الأغراض من تلك المواضيع، وتتشعب المسالك إلى هذه الينابيع. وهل سمعت أن الناس اختلفوا يوم تركوا العلبة إلى الكوز والكوب والقدح والجام؟ أم علمت أنهم اختصموا كلما تغيرت موادها من الجلد إلى الخشب، ثم إلى الخزف، ثم إلي الزجاج، ثم إلى المعدن؟ كلا! لم يسمع أحد بذلك، لأن اللبن والماء وهما القصد والغاية لم يتغيرا منذ خلقهما الله. أما حين تغير الشراب من اللبن إلى الخمر فقد حدث الخلاف وتشعب الرأي وتعددت المذاهب.

 

الحق أن التجديد لا يحدث، والجديد لا يكون، إلا متى وجد القصص والتمثيل في الشعر فيكمل، ودخلت الأقصوصة والقصة والرواية في النثر فيتم. أما ادعاء التجديد بالدعوة إلى العامية وترجمة الأساليب الغربية فعجز يتظاهر بالقدرة، وجهل يتستر بالتحذلق!

 

المصدر:

مجلة الرسالة، العدد 6 - بتاريخ: 01 - 04 - 1933م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة