• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

المذنبة (قصة قصيرة)

أميمة عز الدين


تاريخ الإضافة: 1/2/2010 ميلادي - 16/2/1431 هجري

الزيارات: 6440

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
حينما تنفَّس الصبح وتهيَّأ زوجها للخروج، راودتْه عن نفسه، محاولة استِفْزازه وجرَّه للشِّجار معها حتَّى تجد مبرِّرًا قويًّا كي تُغاضبه وتترك البيت بضعَ ليالٍ عند أهلها، متوسِّلة لهم بدُموع كاذبة وآهات مزيَّفة حتَّى يَحتملوها ويدخلوا في عراك معه، يؤيِّدونها في طلب الطَّلاق ومطالبته بالنَّفقة والمتعة.

ولأنه لم يجِد مبرِّرًا لذلك الشجار اليومي؛ فلقد تسرَّب الملل إلى نفسِه منها وزهِدَها، وقال في هدوء:
ما تريدينَه سيحدث، إن أردتِ طلاقًا وتسريحًا بِمعروف فأنا أهبُك إيَّاه، دعيني أنصرف لعملي بمحطَّة القطار.

تهلَّلت أساريرُها وشعرت بالفخر والزَّهو لمَّا أشاح بوجهه عنْها، ولمَّا ثبَّت ناظريه على وجهها، ماءت كقطَّة ضعيفة واستكانت إلى ملامحها البريئة، هطل الدَّمع من عينيْها تتَّهمه بالقسْوة والبخل والتَّقتير، وهو لا يدري ما الذي جعلها تتغيَّر هكذا وتتَّهمه بأشياء منفِّرة ليستْ فيه.

كان الصَّباح رائقًا خاصَّة بعد أن أدَّى لتوِّه صلاة الفجر بالمسجد، وشعر أنَّ رُوحه مشعَّة بالبهجة، وأنَّ ثمَّة حملاً ثقيلاً ينوءُ به سوف ينزاح عن كاهلِه، حمد الله كثيرًا؛ إنَّها امرأة لا تنجب وسرَّحها بمعروف، واستراحت نفسه لبعادِها، أمَّا هي فأوهمت أهلَها بدموع باردة أنَّ سنواتها الخمس التي قضتها في كنفه ذاقت كل مرارة الدنيا، وأنَّها اضطرَّت لتحمله خوفًا من أن تحمل لقب "مطلقة".

مرَّت شهور العدَّة سريعة متلاحقة، تتمنى لو أغمضت عينيْها واستكانت مع الرجل الذي شاغلها منذ أكثر من سنة، واستجابت لندائه ووعدته أنَّها يومًا ما ستكون حرَّة وتكون له وحده.

ورغْم تلميحاتِه وعدم تشجيعه إيَّاها بطلب الطَّلاق، فيكفيه أن يلتقيها في مقابلات "بريئة"، يصبُّ بأذنيها مزامير الشَّيطان وحديث العشَّاق، لكنَّها لم تكتفِ بذلك وألحَّت في طلب الطلاق حتَّى حصلت عليْه.

ذهبت إلى بيته - بعد الطَّلاق - حيث أخبرَها أنَّه يُعاني وحدة قاتلة، وأنَّ حياته جافَّة من الحبِّ، ووجود امرأةٍ تُسعده، وطفل يلْهو عند قدميْه.

تردَّدتْ وهي ملتحِفة بشالها الأسود تُداري وَجْهها من المارَّة، ودقَّات قلبها تتسارع للِقاء الحبيب الموعود، مرَّت الدقائق كدهْرٍ عليها وهى تنتظِر انفراج الباب، يطلُّ رأسٌ صغير، يفرك عينيْه من أثَر النَّوم.

حدَّثت نفسها قائلة: ربَّما أحد أقاربه، من يدري؟

ولمَّا طال وقوفها، وجدتْ رأس سيِّدة تطل في حذر ولم يظهر منها سوى عينيْها، تسألُها عن بغيتها، ارتبكتْ وتلعْثمت الكلمات على شفتَيها وهي تفتعل اسمًا وهميًّا لرجل غير حقيقي، أجابتها المرأة بالنفي وأكَّدت لها أنَّ ذلك البيت ملكٌ خالصٌ لزوجِها الذي يدعى محمود عرفان.

اعتذرت، وسارتْ تجرُّ نفسَها، التي تثاقلتْ خطاها، وشعرت أنَّ الهواء ثقيل، تتنفَّس بصعوبة شديدة، وأخرجت عدَّة خطابات من حقيبتِها السَّوداء وألقت نظرة أخيرة عليْها وعلى التَّوقيع الذي طالما شغفتْ به حبًّا وهامت به: محمود عرفان.

لم تجِد غير صفحة البحر لتنثُر على صفحتِه خطاباتِه الممزَّقة، تلمح من بعيد القصاصات التي تطْفو على سطح المياه ومعها إحساسها الآثِم بأنَّها يومًا ما كانت زوجة خائنة، وأنَّها يومًا ما ستنال عقابَها، وها قد بدأت بوادره. 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- جميل ما سطرتية
فطوم - السعودية 03-02-2010 11:13 PM
رائع ما سطرته أناملك أختي أميمة ...

هذه دائما نتيجة عدم الرضا بالنعمة وعدم تقديرها والتسرع في اصدار القرار بدون تروٍّ وتعقل

وفقك الله .. للأمام دوما
1- شكر
عمير - السعودية 02-02-2010 02:09 PM
جزاكم الله خيراً ووفقكم جميلة جداً ........ رائعة ومبدعة دائماً
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة