• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

صدى الروح ( قصة )

سناء سليمان سعيد


تاريخ الإضافة: 15/5/2014 ميلادي - 15/7/1435 هجري

الزيارات: 4864

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صدى الروح


لا أستطيعُ أن أصف لكم مدى معاناتي اليومية في الذهاب والإياب إلى هذا المكان، ودائمًا ما أنهر نفسي عن هذا الفعل وأُهدِّدها، بل أتوعَّدها أحيانًا، وأُقرِّر بيني وبين نفسي أني لن أكرِّرها مرة ثانية، ولن أذهب إلى هذا المكان مرة أخرى.

 

ولكنني سرعان ما أتراجع عن قراري، وأحمل نفسي بكل ما فيها من هموم وأحزان، وآمال وأحلام، ومستقبل ينبُتُ في تربة قلبي الخضراء، وفجأة أتسلَّل إليه خُفْيَة عن الأنظار، وأذهب سيرًا على الأقدام؛ لكي أجد نفسي مرَّة أخرى وأخيرة، وأسحب نَفَسًا عميقًا؛ لكي يدخل كلُّ الهواء القديم العبق المغمور، في رائحته ورائحة خشبه وترابه وأثاثه، داخل قلبي وكأني أحتضنُه في نَفَس عميق يغمرني ليملأ جوفي بارتياح لا مثيل له.

 

نعم هذا هو المكان الذي أحبُّه، بل أعشقه حد الجنون.

 

دائمًا ما أحب هذه الخلوة الإيمانية والنفسية والفكرية، والعادة الطفولية التي تلازمني في سنوات الكِبَر، وأستشعر فيها بكل راحة نفسية، وأحس فيها بوحي الإلهام الذي يعيش فيها ويمكث معي، بل يأخذ قلمي ودفاتري، ويكتب بمِداده كلمات كثيرة وجميلة وموحية ومعبِّرة عن حالتي، التي عجزتُ أنا عن كتابتها، وكأنه يساعدني ويعطيني مِفتاح كلماتي الذي هرب مني كعادته، بل تعمَّد الهروب، ولا سيما في أشد لحظات احتياجي إليه.

 

أذهبُ يوميًّا إلى مكان عملي، وأعود منه كعادتي مُحمَّلة بأثقال لا حصر لها، دائمًا ما ينتابني إحساس دائم بالذنب والحيرة المستمرة، وأُحدِّث نفسي.

 

ما الذي قدَّمتُه اليوم؟

وما الذي حققتُه؟

 

ولا أتوانَى في لوم وتأنيب نفسي بسِيَاطٍ من عذاب الضمير غير المتناهي.

 

وأسأل نفسي: هل هذا مكاني الحقيقي؟

هل أنا راضية عما أُقدِّم من عمل وأحصد من نتائج؟

هل أنا أنجزتُ اليوم عملاً مفيدًا؟

 

وما الذي أنجزتُه؟

وكيف أفيد به غيري؟

وكيف أستفيد منه؟

 

حبلٌ من الأسئلة والأفكار التي لا نهاية لها، تتركني في النهاية للعذاب النفسي، الذي لا أجد له إجابةً مريحة أو مقنعة لنفسي حتى الآن.

 

دائمًا ما تُرهِقني هذه الأسئلة المُعذِّبة، ويا ليتها تتوقف، ولكنها كسيلٍ داهم يُدمِّر كل خلايا تكويني، ودائمًا هي متمسِّكة بمبدأ: (أنا أم أنت؟ بمعنى غالب ومغلوب)، وفى المقابل متمسكة أنا بمبدأ: (أعظم انتصار للمرء انتصاره على نفسه).

 

بين كل هذه الآهات الموجودة في حياتي، والمشاكل الحياتية الدائمة، إلا أنني لي أصحابٌ وأخوات كثر، ورغم ذلك لا أُجِيدُ التفكير إلا بمفردي، هناك في مكان ما في بيتنا القديم، الذي أشتمُّ فيه رائحة عبقة، وأشتمُّ فيه رائحة أحبابي؛ جدّي وجدّتي، وأشتمُّ فيه رائحة الزمن الماضي بمُضِي عمري وحياتي وحنين ذكرياتي.

 

كنا نسكن في بيتٍ متواضع، يتكون من حجرتين واسعتين، وصالة مستديرة، وزاوية للمطبخ، وحمَّام صغير، لعبنا كثيرًا أنا وأخواتي، كتبنا على حيطانه، ورسمنا على أسواره، وحفرنا في جدرانه.

 

هو بيتنا، وكأنه ليس ببيت، وإنما بعمر منحوت في ذاكرتي، في هذه البقعة الصغيرة المكوَّنة من أعمدة وأركان وهيكل بنائي عاديّ، نعم عادي في نظر الآخرين، ولكنه ليس عاديًّا في نظري أنا، رغم أننا انتقلنا إلى بيت أكبر وحجرات أكثر، وصالة أجمل، وحديقة أوسع لم تكن موجودة من قبلُ، إلا أنني ما زلتُ أتحمَّل مشقة العودة له في أيام أحتاجه فيها كثيرًا، فأنا ما زلتُ أُحبُّه، وما زلت أسكن داخله، رغم انتقالي منه جسديًّا إلا أن روحي لم تنتقل منه بعد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة