• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

مأساة قميص ( قصة قصيرة )

مأساة قميص ( قصة قصيرة )
أيسر الصندوق


تاريخ الإضافة: 27/1/2014 ميلادي - 25/3/1435 هجري

الزيارات: 4368

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مأساة قميص (قصة قصيرة)

 

هنا وقد شاخ يومهم منذ الأمس القريب، يترجون الغد أن يأتي؛ عسى أن يمنحهم ويُعطيهم شيئًا فقدوه، حياتهم مليئة بفِقدان كل شيء، انتهى مساؤهم بخلاف فيما بينهم، خلاف يُنسيهم آهات ومَرار الدنيا، كل هذا على قميص؟ هذا ما ردَّدته أمهم.

 

أنهت حديثَهم، وقامت الأم بغسل القميص، وهي تَبذُل ما في وُسْعها لِتُرضي أولادَها الثلاثة، بعد ما أتعبتها مأساة كأنها غول الأمس تاركًا جراحه بحقول عمرها من وفاة زوجها منذ سنين عدَّة، حتى يومها وهي تُجيب عليهم وهم يتناوبون بالحديث والأسئلة فيما بينهم مجتمعين، ويريدون الخروجَ من البيت وجميعهم يَودُّون ارتداء هذا القميص الجديد.

 

كل هذا والقميص غُسِل ونُشِر على الحبل بانتظار أن يَجِف، أخذت الذاكرة تَسْري بين ملامح القميص فيقول:

منذ أن وصلت لهذه العائلة وأنا أتسلَّق حبلَ الغسيل، وكل يوم عربة الوقت لم تتركني؛ فالأخ الكبير يرتديني منذ الصباح الباكر، يجول بين الأسواق طوال النهار، يَطرُق أبواب العملِ تاركًا مدرسته التي لم يَنلْ منها شيئًا برأيه، وعندما يسأله أحدهم عن دراسته يقول: هي لأخي الأصغر فهو من المهتمين بدراسته دائمًا.

 

كل ساعاته وإن تكن كثيرة يَقضيها في المطاعم الشعبيَّة، يعمل هنا وهناك حتى يحصُل على أجور قليلة، فجميع أصحاب العمل يعتقدون أن عدالة العمل تَكمُن في الأجور القليلة! التي لا تكفي العامل ولا تُسيِّر حياتَه.

 

هنا وانتهى أمره في أحد المطاعم الشعبية، وطوال النهار يقضيه بين غسل الصحون وتلبية طلبات الزبائن، يَلمَس خطوات الآخرين حين يقدمون ويأكلون ويرحلون، وهو يُدندن في نفسه قائلاً:

"عسى أن آخذ نظرةَ عطفٍ"، لا أجيد كيف أَحصُل عليها، هي فكرة لا تُفارِق عيني أتلمَّسها حين يعطيني أحدهم مساعدة، يسري يومه على هذا الحال بين جدران المطعم حاملاً هموم اليوم، والقميص الجديد يسمع أشياء تَحمِله إلى جوف النهار، يَمُر بساعات الصبح والظهر، ويتسامى الوقت عند المساء، وقبل أن يعود يبحث في بقايا طعام الزبائن يبحث عما هو صالح للأكل تاركًا ملابسه تتسخ بين فضلات الطعام جالسًا أرضًا، تأخذ عينيه ما قد اشتهاه من الأكل، وينظر بعين العطف إلى القميص ويقول:

 

ماذا دهاه اليوم، كذلك قد اتَّسَخ، يعود الأخ الكبير حاملاً كيسَه، وقد ملأته بقايا طعام المطعم، ويملأ قلبه لمسات من الفرح الضئيل لما أحضره معه خالعًا القميص عند دخوله البيت، تاركه صوب أمه لتَغسِله، وهذا ما تقوم به كل يوم.

 

وفي اليوم الثاني يكون القميص بانتظار العبور صوب الأخ الآخر، فلم يتركوا خيارًا آخر، عاد يومهم والأخ الثاني ينتظر القميص،وأمهم جالسة تقول:ما لكم؟

 

جميعكم تودُّون ارتداء هذا القميص، ارحموه، لقد بَلِي من الغسل!

 

هُرع الأخ الثاني إلى الخارج مرتديًا ملابسه، وكان القميص منها دخل بذلك السوق الشعبي يتجوَّل ليبيع ما يَحمِله من حلوى، فهو لا يَملِك عملاً ثابتًا في أي مكان سوى التَّجوال بين الأسواق الشعبية، وعندما تدنو ساعات العودة، يجهل كيف يعود بمبلغ قليل، وماذا يعمل وهو محتاج لمبلغ لمساعدة والدته لدفع إيجار البيت وما تحتاجه العائلة.

 

تستمرُّ أقدامه عند أحد محال بيع الخضار، يُوافِق صاحب المحل أن ينتقي من بقايا الخضر التالفة، يجلس أرضًا ويتَّكئ على حافة حاوية ملاصقة لحافة القميص.

 

حلَّت ساعة العودة إلى البيت تاركًا القميص إلى الوالدة كي تقوم بغسله من هموم اليوم وزفرات الحياة.

 

يشهد يومهم وكيف ينقضي لعله جاء من نسيج جدران الوقت التائه، ولا يزال يحوي ما يَحلُم به يومهم، عاد اليوم الآخر وأخذ الأخ الثالث يرتديه حالمًا بطريق نظيف ووقت سعيد بين صفوف المدرسة، فهو على غير ما سار عليه أخواه الاثنان فلا زالت تَرفُل أيامه بالمعاناة، ويُحاسَب من قِبَل المدير على الالتزام بالملابس المدرسية، لا سيما وهو لا يَملِك سوى قطعتين من الملابس منذ العام السابق، والعمر يأخذ في الكِبَر والملابس تَضيق سنة بعد أخرى.

 

يَخلِط الأقلام في جيبه، ويُسمِّي جميع أصدقاء الدراسة، وكل ما يَحلُم به هو أن يَستقبِل عطلة نهاية الأسبوع بحياة مُعطَّرة وقميص نظيف وساعات يَسرِقها من يومه الكئيب ما يُعانيه إخوانه وأمه.

 

حلَّ المساء، أخذ الأخ الثالث ذلك القميص في كيس مخفيٍّ، لم يره أحد من العائلة ذاهبًا إلى أحد الأصدقاء القريبين إليه، وقد احتاج صديقه أن يرتدي ملابسَ نظيفة لزيارة أقربائه، فما كان من هذا القميص إلا أن يُلبِّي طلبَه هنا، وسلَّمه القميصَ، وهو فَرِح لأنه استلم ابتسامة صديقه، وعاد إلى بيته حاملاً تلك الابتسامة خالية من أي شائبة وغير مُتَّسِخة، كمنظر ذلك القميص الذي تعوَّد أن يعود إلى البيت مُتَّسِخًا كل يوم، حاملاً هموم الحياة اليومية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة