• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

النداء الأخير ( قصة قصيرة )

النداء الأخير ( قصة قصيرة )
ميمونة شرقية


تاريخ الإضافة: 19/1/2014 ميلادي - 17/3/1435 هجري

الزيارات: 20980

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النداء الأخير

( قصة قصيرة )


بعينين صغيرتين تحملان صفاء السماء بزرقتهما، ووجه كأنه البدر ضياء، كانت الصغيرة تحاول أن تتخطى أمواج البحر المتلاطمة من حولها وترقب المشهد المتكرر أمامها...


الكلمات هي هي، والصراخ هو هو...


وبيد العفوية الطاهرة تمسك بطرف ثوب والدتها قائلة: "ماما... ماما.. ماما..." وما تزال تشد الثوب من ناحية وتنادي أمها بصوت تخالطه الدموع وتنهره المشاحنات حتى يَضيع في متاهات الصخب المتزايدة نبرته، مقطعاً كل أوصال الحب والحنان الذي ترنو إليه هذه الصغيرة...


لم تكن قد أنهت السنة الخامسة من عمرها ولكن الزهرة الصغيرة كانت تتفتح بأوراق شاحبة اللون؛ فكيف تزهو ألوانها وسقاؤها من الماء الكدر الممزوج باللامبالاة وقلة الاهتمام؟!!


وتمضي الصغيرة إلى غرفتها تلفها الحيرة ويغشاها الذهول، تبحث في قاموس إدراكها البسيط عن السبب.. وتجلس متقوقعة وفي رأسها الآلاف من الأسئلة التي تزيد حيرتها تيهاً وضياعاً. فكيف لمن كان في عمرها أن يدرك ما يدور حوله من عبث الكبار؟!!


ماذا فعلتُ اليوم؟! هل أخطأت في أمرٍ ما؟ هل أزعجت والدي؟ هل ضايقت أمي؟ هل....؟ وهل.....؟ وهل....؟ أسئلة كثيرة تتقاذف كالشرر أمام ناظريها فلا تجد لها الإجابة الواضحة...


فتنتفض من سريرها إلى الغرفة المجاورة حيث ترقد جدتها المريضة، وتقترب منها بحذر شديد مخافة أن تكون سبباً في إزعاجها وهي لا تدري! وتجيب نفسها ولكن هذه المرة بصوت مسموع: لا، لن أزعجك جدتي فأنا أحبك.. وأنت تحبينني أليس كذلك؟!... نعم تحبينني، ولا تصرخين، وتسمعين لي.... أليس كذلك جدتي؟!


• بالطبع صغيرتي الغالية، أحبك، اقتربي مني يا غالية... ولكن لماذا تسألين؟


• ماما وبابا.... وتختنق الكلمات في حلقها وتسبقها الزفرات ولا تدري ما تقول...


• ما بهما حبيبتي؟!


• هما غاضبان مني ولا يجيبانني!... لا أعرف ما فعلت لهما ولكنهما غاضبان ويصرخان...


وببراءة الطفولة تتابع سؤالها: هل تعرفين ماذا أغضبهما مني؟!... فأنا لم أعرف...


• يا صغيرتي... ليسا غاضبين منك...


• ولكنهما لا يسمعان ندائي!!


• لا تفكري في الأمر، هكذا هم الكبار... تعالي إلى حضني لأقص عليك حكاية قبل أن تخلدي إلى النوم، سأحدثك اليوم عن إبراهيم عليه السلام، وستعجبك القصة يا مهجة فؤادي..


فتطير الصغيرة فرحاً وتسرع إلى حضن جدتها لتهنأ روحها البريئة فوق صدر أثقلته الهموم، وتبدأ القصة ولا تنتهي، فالصغيرة قد غفت وراحت في نوم عميق...


وتمر الأيام على مثل هذا الحال...

إلى أن كانت ليلة من تلك الليالي التي اعتادتها صغيرتنا، وقد كبرت أعواماً متناسية فيها البحث عن سبب هذه الانفجارت اليومية؛ فقد كان في قلب جدتها ما يغنيها.. وما إن بدأت حفلة المساء حتى انسلَّت الفتاة إلى غرفة جدتها تروم السكينة والهدوء، وكعادتها كانت تُخرج الكلمات بهدوء النسيم مخاطبةً القلب الحاني الدافئ المفعم بالحب والحنان وتنتظر الإجابة لتأوي إليه بفرح وسرور...


ولكن الإجابة لم تصلها... فكررت الكلمات: "جدتي... يا حبيبة قلبي... جدتي...!!" وهي تقترب بخوف شديد: ماذا فعلت؟! لماذا تصمت جدتي؟! هل هي غاضبة مني؟! لا، جدتي لا تغضب مني...


ها هي تلامس جبين جدتها وتطبع قبلة عليه... ولكنها تشعر بقشعريرة تسري في جسدها... إنها باردة كالثلج!!! نحن لسنا في فصل الشتاء! فلماذا تشعرين بالبرد يا حبيبة؟! جدتي، هل تشعرين بالبرد؟! جدتي؟!... جدتيييييي....


صوتها اخترق الفضاء وغطى كل الصخب الذي يملأ المكان... كانت صرخة من أعماق روحٍ نقيةٍ تهفو إلى السكينة والطمأنينة، ليتبعها سكون الموت الذي اخترق فوضى الحياة ومضى بروح الجدة إلى مثواها الأخير...


فأين تلك الأم منها وأين ذاك الأب؟! أين هما من ابنتهما ومن رعايتها؟! أظَنَّ كلٌ منهما أن التربية تكون بالكساء والغذاء؟!


ماذا سأفعل بعدك يا جدتي؟ وأي قلب سيحنو عليّ؟ ومن ذا سيواسيني؟ من سيقص علي أحاديث الأنبياء في كل ليلة؟


لم تكن الدموع التي تذرفها الفتاة دموع ألم الفراق فحسب، ولكنها كانت دموع الحسرة والقلق على الأيام الآتية! لم تعد تشتهي الكلام ولا الطعام!


ويوماً بعد يوم كانت الفتاة تذوي وكأنها في خريف استعجل قدومه على سني عمرها، فلا ربيع يسبقه ولا شتاء يرويه ولا صيف يلهيه...! وصارت أوراقها تتناثر مع كل يوم في حديقة حياتها... والوالدان في غفلة لا ينْتَبهان ولا يتنَبَّهان...


إلى أن أتى يوم استأخرت فيه الوالدة ابنتها التي اعتادت أن توقظها لصلاة الفجر... وتسبقها للسجود بين يدي الله...


فهرعت إلى غرفتها تستطلع أمرها فوجدتها وقد مدت سجادتها وخرَّت في سجودها، فتنهدت ووقفت تنتظر أن ترفع رأسها... وانتظرت دقائق خالَتْها ساعات... ولكن الفتاة لم تحرك ساكناً ولم تغير موضعاً...


في هذه اللحظة تنبهت المسكينة أن ابنتها قد تركتها لترقى روحها إلى باريها... لترقى روحها إلى دنيا السكون والطمأنينة...


وقد تركت ورقة خطت فيها رسالتها الأخيرة إلى والديها: "أيا والديَّ! هل تسمعان صوتي الآن يناديكما؟! هل تسمعان نبض قلبي؟ هل شعرتما كم أحتاج إليكما؟! كنتما دائمَيْ الانشغال عني وعن سؤالي... ما كنتما تشعران بوجودي، فهل ستشعران يوماً بفراقي؟! هذا ندائي الأخير لكما...


لم أدرك سبب غضبكما يوماً، ولكن حبذا لو تدركان أنكما ما جنيتما غير الألم والندم...


هدية من الله إليكما كنتُ، فهل رعيتما هذه الهدية؟!....."


تُنشر بالتعاون مع مجلة (منبر الداعيات)





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- ملحةظة
شروق - السعودية 10-06-2014 03:02 PM

السلام عليم ورحمة الله وبركاته

لا يجوز قول دفن في مثواه الأخير لأن القبر ليس المثوى الأخير للإنسان كما ذكر الشيخ ابن عُثيمين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة