• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

منارتي العتيقة (قصة)

منارتي العتيقة
أشواق مليباري


تاريخ الإضافة: 6/3/2012 ميلادي - 13/4/1433 هجري

الزيارات: 4816

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كانت ساعتي تُشِير إلى التاسعة صباحًا، حين هَمَمتُ بالخروجِ من مبنى المدرسة الابتدائية التي تدْرُس بها صغيرتي؛ بعد زيارة قصيرة للسؤال عن مستواها الدراسي، لكن عند وصولي إلى المَمَرِّ الأخير رأيتُ وجهًا أعرِفه جيدًا، وقفتُ بُرْهَةً، وقبل أن أتكلم هَتَفت باسمي.

 

إنها معلمتي، معلمتي أنا!

 

رأتني قبل أن أراها، تذكَّرتني قبل أن أتذكَّرها، مدَّت يدها، فصافحتُها، لكن في الحقيقة وَدِدتُ لو أنني رَكَضتُ واحتضنتُها، كما تفعل معي صغيرتي حين تراني، فقد مَضَى وقتٌ طويل؛ لم نتقابل منذ أن ودَّعتُها وأنا أرتدي مِعْطَف التخرج، وفي يدي أحمل شهادة الثانوية العامَّة!

 

غَرِقتُ في بحرِ حضورِها، كحالي معها سابقًا، ما زال البريق يشعُّ من عينيها، ابتسامتها الجميلة التي لا تفارقها، وصوتها الحنون.

 

سألتني بشَغَفٍ عن أحوالي، ويداها تحتضن يدي.

 

قلتُ: إنني هنا من أجل ابنتي.

 

تهلَّل وجهُها فرحًا، وقبَّلتني عيناها إعجابًا، وضعت يدها على كتفي ومشينا.

 

عادت بي الذاكرة إلى زيِّي المدرسي وشرائطي، وكتابٍ أحمله في يدي، أشكو إليها حزني وضيقي، فتواسيني، وتشجِّعني، وتشدُّ على يدي، أخبرتني يومًا أني سأكون الأفضل علمًا وخلقًا، وأنها ترى في عينيَّ المستقبل مشرِقًا، أخبرتني أنها تُرَاهِن عليَّ، وأني سأغيِّر العالم بيديَّ.

 

بأخلاقها العالية، وتفانيها، ومحبتها لنا، مَلَكَت قلوبنا، فَزَرَعت فيها حبَّ الدين، والتمسُّك به وبقضايا الأمة الإسلامية.

 

أَجَل! هي مَن علَّمتنا أن ولاءنا ليس للعَشِيرة، ولا للعُرُوبة، بل للأمَّة الإسلامية، وأن غيرنا من الأمم شركاء لنا في الإنسانية، نبرُّهم ونُقْسِط إليهم ما داموا يدعون إلى الخير، والعدل، وعِمَارة الأرض.

 

هي مَن علَّمتنا أن أرضنا هي فِلَسطين المحتلَّة، ولبنان الجريح، وأفغانستان الممزقة، والبوسنة المنسيَّة، وأهلها أهلنا، وقضاياهم قضايانا التي نحملها طوال حياتنا.

 

ذكَّرتها، وقلت: إن جراحًا غائرة في قلبي لم تَلْتَئِم حتى شقَّتها جراحٌ جديدة، الربيع الذي انتظره الجميع، ضاع بين لَهِيب الصيف، وزَمْهَرير الشتاء، وأغرقته سيول الدماء.

 

قالت: حتى لو كانت الأمة الآن تتخَّبط في الظلمات، سيطلع فجرها، وينتشر ضياؤه.

 

أنا لم أيْئَس بعد يا بنتي، رغم كل ما حصل ويحصل، سوف يأتي حفيدي يومًا، يقف على قبري ويقول: رحمك الله يا جَدَّتي، ها هو زَرْعُك قد آن حصادُه، لقد حرَّرنا أرضنا، واستعدنا مكانتنا كما وعدناك، وصدقنا ما عاهدْنا الله عليه!

 

تنهَّدتُ وَاغْرَوْرَقت عينايَ، يا لها من آمالٍ كبيرة، وأمنياتٍ عظيمة.

 

ربَّتتْ على كتفي، وقالت: لا أريدك أن تبكي يا صغيرتي.

 

قلتُ: دموعي تواسيني في حزني، كلما أبصرتُ صور الدماء، والأشلاء، والعذاب.

 

قالت: اصبري؛ أنتِ الأقوى، والأقدر على حمل الأمانة، وبثِّها في نُفُوس جيلٍ ينشأ في حِمَى الدين والأخلاق.

 

شمعتي المضيئة، بل منارتي العتيقة أنت يا معلمتي، شامخة، ثابتة، قد أَعْيَت الريح والموج، واجتازت السنين بصبرٍ وحكمة.

 

اليوم تعطيني درسًا جديدًا، وتُخْرِجين من أعماق قلبي همَّةً فَتَرتْ، وعزيمةً ضَعُفتْ.

 

نظرتُ إلى عينيها بامتنانٍ، وشكرتُها على وقوفها بجانبي.

 

قالت: لا تشكريني يا عزيزتي، لا أريدك أن تشعري أنك مَدِينةٌ لي بشيءٍ.

 

قلتُ: بل أنا مَدِينةٌ لك بالكثير.

 

هُوَ المُعَلِّمُ مَوْصُولٌ لَهُ نَسَبٌ
إِلَى النُّبُوَّةِ ذَاكَ الْفَضْلُ يَكْفِيهِ

عَلَى يَدَيْهِ يَصِيرُ الْحَقُّ مُنْبَلِجًا
عَلَى خُطَاهُ يَسُوقُ الرَّكْبَ حَادِيهِ

لَمْ يَبْغِ شُكْرًا عَلَى المَعْرُوفِ يَبْذُلُهُ
لَمْ يَرْجُ إِلاَّ رِضَا الرَّحْمَنِ بَارِيهِ[1]


[1] إبراهيم عبدالعزيز السمري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة