• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

كرسيَّ المريح (قصة قصيرة)

كرسيَّ المريح
إيمان أحمد شراب


تاريخ الإضافة: 5/12/2011 ميلادي - 9/1/1433 هجري

الزيارات: 9014

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كرسيَّ المريح

مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية

 

منذ بدأتُ أميز، منذ بدأت أقارنُ، منذ بدأت أتمنَّى خدمةَ نفسي بنفسي، منذ بدأت أراهم في مثلِ عمري، وأصغر مني يقفون ويمشون، منذ بدأت أفهم أنني لا أستطيعُ مثل الأخريات والآخرين، منذ اكتشفت أنني مقعدة! مشلولة! معاقة! وكلها مترادفات ليس بينها أحلاها ولا أهونها، كلها مرة أو أشد مرارة! منذ الطفولةِ البعيدة جدًّا بمقياسِ مأساتي وأنا أجلسُ على كرسيٍّ يحرِّكني.

 

أذهبُ إلى الحديقةِ أو السوق، أو لزيارةِ أحدهم، أو إلى مدرستي، وأمي تدفعني، ودائمًا إلى الأمام، حتى إن أرادت تغييرَ اتجاه الكرسي القبيح، فإنها تفعلُ ذلك بدفعِه إلى الأمام أيضًا، وتظلُّ تحدثني عن الأشياءِ الجميلة: الأمل، والنجاح، والتفاؤل، والقوة، والعزم، والربيع، والنسمات، والأزهار، والرِّقة، والابتسامة، والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - والصبر والصابرين، والجنَّة ونعيمها؛ فأشتد شوقًا إليها كشوقي إلى المشي، فأسأل أمي: هل سأشفى يا أمي وأقوم وأمشي؟

فتقولُ بابتسامة حلوة (جميلة): الله قادرٌ على كلِّ شيء حبيبتي، لا تَيْئَسي، وستمشين.

 

فأعودُ للسؤال: وإذا لم أمشِ في الدنيا، فهل سأمشي في الجنة؟

فتقول بابتسامةٍ أحلى من السَّابقة: طبعًا حبيبتي، ستمشين، وتجرين، وتقفزين، وتلعبين، وتتسابقين، وتتسلقين الأشجار والجبال.

 

فأتخيلني كذلك، فأتمنى أن أموتَ كي أدخل الجنَّةَ لأفعل ما تقولُه أمي.

 

وكل يوم تُهندسُ في قلبي أبنيةً من الجمالِ والآمال، وكل يوم يأتي من يخربُ أو يهدم ما تفعلُه أمي، كل يوم يستفسرُ أحدٌ عن سبب جلوسي على الكرسي! كل يوم تنظرُ إليَّ العيون متسائلة أو مشفقة أو ساخرة أو مشمئزة! وكلها نظراتٌ أستطيعُ التمييز بينها، بالرَّغم من صغرِ سني الذي لم يزد وقتها على السَّابعة، وقد لا ينظر إليَّ أحدُهم أو إحداهنَّ ظنًّا منهم أنه لا ينبغي أن يُنظرَ إليَّ؛ لأنني مسكينة وعليهم أن يلتفتوا عني حتى لا أحزن، فيصيبني من الحزنِ ما لا يعلمه إلا الله.

 

وفي مراهقتي قصص محزنة من نوعٍ آخر، نوع يليقُ بالمراهقة والشَّباب، ما أجمل هؤلاء البنات الواقفات! ما أجمل قاماتهنَّ مهما كان طولها أو عرضها، يكفي أنها قاماتٌ واقفة على رِجلين! ما أحلى الثياب عليهنَّ! فاتنات هنَّ بالثوبِ والحذاء والحقيبة والحلِيِّ والزينة! تشعرُ بي أمي، وتحاول معي أن أزينَ وجهي وألوِّنَه بما يليقُ بفتاةٍ في مثل عمري، فأرفضُ وبشدة؛ لأنني أعتقدُ أنني سأبدو مثل المهرجِ، وأتخيل أن من يراني سيضحكُ قائلاً: من أجل ماذا تتزين؟ من سيهتمُّ بها؟ من سيلتفت إليها هذه المعاقة؟

 

عشت طفولتي بلا طفولة، ومضت سنوات مراهقتي بلا أحلام ولا أماني المراهقات، وكان لي حلمٌ وحيد: أن أمشي، لكنه لم يتحقق.

 

وبدأتْ مرحلةٌ من شبابي بلا طموحٍ ولا عنفوان، وأشد ما كان يذبحني إحساسُ أمي بأنَّ جهودَها معي ضاعتْ هباءً، وهي التي لم توكل أمر خدمتي يومًا إلى خادمةٍ أو ممرضة، بل كانت تخدمُني هي، ولم تنهزمْ يومًا، ولم تكفّ عن دفعي إلى الأمام، مهما كانت ردودُ أفعالي محبطة.

 

في ذلك اليوم رأيتُ ما يصعب رؤيته، لكنني أجبرتُ نفسي على المشاهدة والتأمُّل؛ لأنَّ أمي علمتني أن من لم يهتم بأمرِ المسلمين فليس منهم، فشاهدتُ المقاطعَ مرة، ومرة، ومرة، شاهدت حمزةَ وقد عُذِّب جسدُه الغضُّ الطري، وقُطِعتْ بعضُ أعضائه! وشاهدت زينب؛ عضوًا عضوًا، وقطعةً قطعة! وشاهدت من يُجبرون على عبادةِ عبدٍ، ويعذَّبون من أجل ذلك!

 

ورغم ذلك فإنَّ النَّاسَ غير خائفين، غير مبالين، بل يزدادون إصرارًا، وجرأة، وشجاعة، وثورة! شاهدتهم في سوريا وليبيا واليمن ومصر وفي تونس!

 

بكيتُ بكلِّ أنواع البكاءِ، بكيت قهرًا، وبكيت ألمًا، وبكيت فرحًا، وبكيت غيظًا.

 

وبكيتُ عجزي وعدم قدرتي على فعلِ شيء، سوى ملازمة هذا الكرسي القبيحِ الكريه، يجب أن أفعلَ شيئًا من أجلِ الحرية والكرامة، غير المشاهدةِ والبكاء، يجب.

 

دخلتُ على أمي حجرتَها؛ وقد كانت في خلوةٍ مع الله ترفعُ يديها وتدعو، قلت لها:

• سأتصالَحُ مع الكرسي يا أمي، أليس هو الذي يحملني وينقلني من مكانٍ إلى مكان؟ أليس هو رجلاي؟ وسأتصالح مع نفسي يا أمي، سأحبُّها كما هي، بل قد أفعلُ ما لا يستطيعُ العدَّاؤون فعله.

 

نظرتْ غير مصدقة!

فقلتُ:

• صدقيني أمي ثُرت أنا على نفسي، سأذهبُ إلى الجامعة، وسأدفع كرسيَّ القبيـ! أقصد المريح هذا بيديَّ، وسأتم تعليمي، لأكونَ معلمةً أعلِّم الأجيال: الحرية، والعزة، والكرامة، أعلِّمُهم أنَّنا عبيدٌ لله فقط، وليس لأحدٍ غيره، هكذا خلقنا وليس لأحدٍ أن يستعبدَنا، ولا يجوزُ أن نكون عبيدًا لأحدٍ، أو لشيء، أو لكرسيٍّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
14- رائع
حلا - فلسطين 10-02-2013 06:06 PM

كما أنتِ استاذة ايمان ,رقة حروفك تزيد معاني القصة ابداعاً

13- رائع
ملاك - السعوديه 01-09-2012 11:33 PM

قصه جميله والله يعطيها العافية

12- شكرا
إيمان شراب - السعودية 12-01-2012 08:40 PM

شكرا لجميع الإخوة والأخوات الذين أبدوا رأيهم. وأخلص الأمنيات للجميع بالتوفيق.

11- وفقك الله
رحاب حسان - -------- 27-12-2011 03:46 PM

تسارع الإيقاع في القصة مع ترابط الأفكار وترتيبها, عذوبة الألفاظ وجمالها ورقتها ..
رونق جديد وهدف ومغزي للقصة بديع
يجعلني أقدرك ايمان واقدر فكرك الراقي إلى الأمام ودمت بألف خير

10- رائعة
تيسير أبوحجلة - الكويت 24-12-2011 01:06 PM

أسلوب رقيق قصة مؤثرة نتمنى لك التوفيق وإلى الإمام.

9- كرسي المريح
hind - السعودية 18-12-2011 07:04 AM

جميلة وذات مغزى

8- رائعة
Sondous - ksa 17-12-2011 10:20 PM

هي تحكي عن الجميع المعاق والسليم . يجب أن نرضى بكل ما يقدر لنا الله وأن لا يعيقنا أي شي

7- ما شاء الله .. إبداع
عبادة - السعودية 16-12-2011 01:19 PM

أخت إيمان ..

ما شاء الله .. ما هذا الإبداع

قصة في غاية الجمال

وفقك الله

6- أحسنت
منصور - السعودية 15-12-2011 02:11 PM

أحسنتِ إيمان .. مقالة تغوص في أعماق النفس ودخائل الروح، وتأخذها إلى جمالٍ من العذوبة والصراحة.
أشكرك كثيراً، ومزيداً من الروعة.
نفع الله بك.

5- إبداع
هدى - السعودية 15-12-2011 02:07 PM

قصه رائعة وكاتبتها أروع بارك الله لك في تلك الأنامل التي كتبت وحفظ عليك هذا العقل الذي أبدع ومازلنا في انتطار المزيد من إبداعتك ايمو

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة