• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

قيد (قصة قصيرة)

قيد
زهرة صالح


تاريخ الإضافة: 5/12/2011 ميلادي - 9/1/1433 هجري

الزيارات: 7349

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قيد!

مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية

 

دائمًا من تلك الشُّرفة لا تَمَلُّ مراقبته، واستجداء ابتسامة صغيرة منه، وهَمْسة تشفي غليلها، أو حتى نظرة اهتمام، وهو لا يَأْبه بها ولا يُعيرها انتباهًا، أو يحس بوجودها، أو بوجود تلك الأشياء من حوله، وإن رفَع بصره إليها، تكن نظرات جافة، خالية من معالم الحياة!

 

هكذا هو مُذ عرَفته وهو صامت، مُنزوٍ ولا يُفكِّر في الاقتراب منها كما تفعل هي!

 

مُستلقٍ على سريره بلا أي إحساس مُتَّقد، وبنظرات جامدة غير مُبالِيَة بما حوله، لا شيء يُثيره أو يلفت انتباهه، حتى ضجيج المارِّين في الشارع وأشعَّة الشمس المتراقصة مع الشُّرفة، ونظراتها هي وابتساماتها، كل ذلك لا يَعبأ به على الأقل ظاهريًّا.

 

يَجمع نفسه إليه، وبملامح صامتة يبكي، ويحرِّك يديه عبثًا؛ علَّ أحدهم يَفهمه، ويُدرك ما يَعتريه من بركان داخلي! ولكن لا أحدَ يحسُّ، وحده مَن يتوه بين جدران الصمت، ويكتوي بنيران المتاهة، ومَن حوله يكملون عليه الوجع والحِرمان، وهم ينظرون إليه بشفقة وعدم اهتمام، وكأنه لوحة لَم تَكتمل.

 

وحدها مَن تنظر له بحب وحُنوٍّ، لكنَّه لا يستطيع التعبير لها، أو حتى الابتسام كما الآخرين.

 

كانت جالسة على عتبة الدَّرج تنظر إلى ابن الجارة الطيِّبة ابن الثلاث عشرة عامًا، وهو جالس على الأرض يلعب بأصابعه بشكل مهملٍ، ويخطُّ على الفراغ لا شيء، ويوزِّع نظراته ببلاهة على مَن حوله، محاولة افتعالَ الأسباب؛ لإضحاكه، أو حتى إثارته، لكن دون جَدْوى معه، فقط يُطيل النظر إليها، ولا يُفكر في أن يبدي أيَّ تفاعلٍ.

 

تعلم مُسبقًا صعوبة حالته، وعدم قدرته على التواصُل مع الآخرين، لكنها على أملٍ أن تتقرَّب منه، وتلفت مشاعره، وتَجعله يضحك كما أقرانه بلا صعوبة، أو لا مُبالاة!

 

لا تَدري لِمَا يُراودها إحساس أنَّ داخله مختلف، مُمتلئ مشاعر متدفِّقة، لكن لا قُدرة له على إظهاره على قَسماته، ويعجِز عن ذلك، فقدراته أقلُّ من أن تتجاوَبَ مع مَن حوله.

 

نَهَضت ومدَّت كفَّها؛ لتساعده على النهوض، كانت على أمل أن يتفاعلَ هذه المرة ونظراتها له ممتلئة حنانًا وعطفًا ورجاءً، ليس العطف الذي يُنَفِّر، بل ذلك الذي يجعل القلب يتراقص فرحًا أنَّ ثَمَّة أحدًا يهتم ويقلق!

 

مدَّ كفَّه ببُطءٍ وخجلٍ وخوف، مشاعر كثيرة مختلطة في تلك اللحظة، ابتسَمت وهزَّت رأسها ولسان حالها يحثُّه على الإسراع والتفاعل معها، أمْسَكت يده، وساعدَته على الوقوف، ولَم تنزل نظراتها الصافية عنه، ابتسَم وكأنَّ تلك الابتسامة على ملامحه تُشَكِّل غيمًا يتفجَّر ارتواءً وامتنانًا، أغْمَضت عينَيْها فرحًا بذلك التفاعل، وتدحْرَجت كرة صغيرة من زاوية عينها الضيِّقة، مُنبئة عن دمع هاطلٍ غَبْطةً!

 

فتَحَت عينيها وحثَّته على القيام والمسير، والْتَقَت نظراتها بعينيه الواسعتين الخالية من كلِّ حقدٍ، أو فَهْم لهذه الحياة المتعدِّدة المشارب.

 

رأت البراءة تَكتَنزه، والحب الذي تضجُّ به عيناه، والأمل الخجول الذي يَنبثق كخيوط مُهترئة!

 

لكنَّه لا يستطيع التعبير عن كلِّ ذلك، وشفتاه تعجزان عن النطق، أو حتى إخراج كلمات منتظمة، فقط أحرف متداخلة وأصوات غير مفهومة، ومن ثَمَّ صَمْتٌ بعد أن يَعجِزه النطق!!

 

يَستسلم ليحرِّك يديه، ليُخبرهم عن رغباته وحاجاته، وحدها أُمُّه مَن تَفهمه، وتحرِّك يديها؛ ردًّا وفَهمًا له!!

 

أُمُّه تلك المرأة التي تحدَّت صعوبة الحياة، وصعوبة مواجهة سلوكه العنيف، وعدم تقبُّله الحياةَ، ونفوره من كل الناس.

 

وضَعْفه في تكوين علاقة مع الآخرين، وهروبه من الآخرين وفَزعه منهم، وحْدها هي مَن يَأنس بها، وكيف لا يَأنس بقلب كقلب الأمِّ؟! واكتشافها المُر بتوحُّده، وضُمور عقله!

 

حينها أحسَّت وكأن الفرح اغْتُصِب منها، وتلاشَت كلُّ علامات الرضا!

 

لكن، وكأمٍّ لا يُمكن أن تَلفظ ما سكَن قلبها مَهْما حصَل، احْتَوَتْه بالحب والرعاية، وأعْطَته كما لو أنه طفلٌ صحيح، وأتَت ابنة الجيران؛ لتساعدها بالمعلومات، وتَنتشلها من دوَّامة اليأس.

 

الآن وبدخوله عليها وهو مُبتسم، مُمسكٌ يدَ ابنة الجيران، أحسَّت أنَّ الأمل كبرَ، وأنَّ الاندماج قد حان، لَم تَملك إلاَّ أن تطلقَ نظراتها المنشرحة؛ لتحتضنَ جسده المُقبل إليها؛ لتؤمن أنَّ التوحُّد ليس إلاَّ عارضًا يُصيب الأحبَّة، نستطيع التأقْلُم معه والتعايش بحبٍّ بينهم إن أرَدْنا وتجاوَزنا مِحنة الألَم!

 

انتهت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة