• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

عاطفة طفولية (قصة قصيرة)

دعد عبدالقادر أبو الذهب


تاريخ الإضافة: 5/11/2011 ميلادي - 8/12/1432 هجري

الزيارات: 9497

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عاطفة طفولية

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

صارتْ ضِفَّة الساقية تجمعُنا، بعدَ أن أخرجتني أمِّي المريضةُ مِن المدرسةِ التي أحببتُها كثيرًا، فككتُ مِشبكَ الوسام لأريَه صَديقتي الصغيرةَ (بارينا).

 

لقدْ وضعتْه مُعلِّمتي (ليلى)؛ على صدْري لما أسمعتُها جدولَ الضرب بسلاسَة، في صباحٍ ملأَني فخرًا.

 

• قالت لي: أرجو لكِ مستقبلاً باهرًا، واقتربتْ منِّي، شممتُ عطرًا ممزوجًا بالحنان، أظنُّها الآن تُعطيهم درسًا حافلاً بالمرَح والفُكاهات.

 

لم تَجِدْ أمِّي حلاًّ سوى ذاك، فأنا كُبرى بناتها، وعائلتنا بازديادٍ مطَّرد، لستُ أدري لماذا ترتسِم في مخيَّلتي أشعةُ شمس فاتِرة بعدَ مطر؟ كلَّما رأيتُ (بارينا) تمرُّ بطرف كمِّها على أهدابها الذهبية، تَمْسَح ما علَق بها مِن دموع، فأَزدادُ تعاطفًا معها.

 

لم تَكُن يتيمةً أو فقيرةً - كما يَتبادَر إلى الذِّهن في الوهلةِ الأولى، فَمجيئها إلى هذه القريةِ مختلف تمامًا، فشفقة أمِّها وأبيها على ابنتِهم البِكر دفعتْهم لإرسالِ هذه الطفلة إلى تِلك المنطقة النائية؛ لتعينَ أُختها في غربتها حيثُ لا فوط أطفال، ولا وسائل حديثة تُساعِد على تربيتِهم.

 

أرَتْني ركبتَيها المتورمتَينِ، لقدْ أصابهما الروماتيزم اللعين مِن استعمالِ الماء البارِد، في مِثل هذا الجوِّ القاسي.

 

كنتُ أرى (بارينا) مضطهدةً أكثرَ منِّي بكثير، صحيحٌ أنَّني أشعر أحيانًا بالأسى بَيْدَ أني أعرِف في قَرارةِ نفْسي أنني لا أخدم الغُرباء.

 

كثيرًا ما رَدَّدتْ أمِّي على مسمعي: "أي بُنيَّة"، إنَّك تساعدينني في تربيةِ إخوتك، لن يُضيعَ الله تعبَك، غدًا يصبحون رجالاً تَعتزِّين بهم، وتُباهين أقرانَكِ.

 

كان كلامُها بالفعل يَسري في جَسَدي الصغير سريانَ البلسم، فيبعث فيه عاطفةً أُموميَّةً عجيبةً.

 

أنظُر إلى غَدِي فأراه مشرقًا، تُحيط بي ثُلَّة مِن الإخوة الذكور، أتَوا لزِيارتي في مناسباتٍ سعيدة، وقدِ اصطحبوا معهم زوجاتِهم الجميلاتِ، اللائي في جمالِ صديقتي الشركسيَّة واشقرار جَدائلها.

 

نظرتُ إلى أصابعي، ثم إلى أصابعِها، التي أضحَتْ تميل إلى الازرقاق، وتَكاد تسقُط مِن شِدَّة الصقيع.

 

• كَفانا عذابًا! تعالي نختصرْ هذا التعب.

 

عمدتُ إلى الفوط ورَميتُ أشدَّها اتِّساخًا في الساقية، وحَرَّضتها على فِعل ذلك فقَلَّدتْني.

 

صِرْنا نعمل بهذا أكثرَ الأحيان، حتى قلَّ عددُ الفوط بشكلٍ ملحوظ.

 

انتهرتْني أمي: أين بقيَّة الفوط يا صغيرتي؟!

 

• إنَّها كلها هنا لم ينقصْ منها شيءٌ.

 

كانت أمِّي تعرِف الفوطَ كما تَعرِفُ أولادَها؛ لقد خاطتْها بيديها غرزةً غرزةً، فهذا (بنطال) (بيجاما) أبي، وذاك ثوبُ أمِّي، وتلك كانتْ فيما مضَى ملحفةَ اللحاف.

 

أحصَتْها، ولَمَّا تأكَّد لها الأمر، تَمْتَمتْ بغيظ: يا غشَّاشة، ما لبثتْ أنِ انتبهت لنفسها:

• إيَّاك أن تعودي لفٍعل ذلك مرةً أخرى؛ لأنَّه مُغضِب لله - سبحانه وتعالى - ومُقلِق لي أيضًا.

 

كانت (بارينا) قد نالتْ عقابًا أقسَى، وجزاءً أنكَى، فقد تعرَّضتْ للضرب المبرح مِن أُختها وزَوجها.

 

صحيحٌ أنَّني أتململ مِن وضعي البائِس، لكن ما يُهوِّن عليَّ الأمر أنَّني أُساعد في تربيةِ إخوتي.

 

فأمِّي رغمَ مرضِها تصرُّ على إنجابِ الأطفال، وقد شجَّعها على ذلك ولادتُها ثلاثةَ ذكورٍ متتاليين.

 

انعكستِ الرغبة علينا، فعذابُ بِضع سِنين معناه بِناءُ أُسرةٍ قويَّة مرهوبة الجانِب.

 

قضيتُ ليلي أفكِّر في أمْر صديقتي الشركسيَّة، وقد تَفتَّق ذِهني عن فِكرةٍ واستقرَّ عليها.

 

وفي الصباح زففتُ لها البُشرَى:

• ارمي الفوطَ كلَّها في الساقية، وهيَّا قبل فواتِ الأوان، هناك (باص) يذهَب إلى العاصِمة، ارْكبي فيه، اذهبي إلى أهلك، قُصِّي عليهم ما لاقيتِه مِن عناء.

 

لحقت (بارينا) بـ(الباص) وصعدتْ إليه قبل أن يَتحرَّك ومضَتْ تُلوِّح لي بيدها، حتى غابَ وراءَ المنحنى.

 

يومَها قلتُ للجميع: إنَّها ولَّتْ هاربةً، كانتْ أمِّي تنظُر إليَّ برِيبة، تُصرُّ على أسنانها: (يا غشاشة).

 

وقتَها لم أكُن أعي تمامًا، هل (الباص) سيُوصِّلها فعلاً إلى أهلها؟ ما المخاطرُ التي ستواجهها؟

 

كلُّ ما هنالك: أنَّني لن أنسَى غدائرَها الشقراء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة