• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

ملائكة الياسمين (قصة قصيرة)

وسام محمد قابيل


تاريخ الإضافة: 5/11/2011 ميلادي - 8/12/1432 هجري

الزيارات: 8642

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملائكة الياسمين

(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

 

في قلب الليل قامَت النفوس القَلِقة، الذائبة من معاشرة الظلم والقَهر، في تلك الليلة الغريبة على أهل الحي، نَهَض الجميع ليتمَّ الاتفاق، الجوامع استعدَّت لتدقَّ أبواب السماء، والدعوات اشتدَّت لأن تَمرقَ إلى باب العرش، بعدما شَهِد الحي في الصباح جثَّة "هاني الخطيب" بعد غياب سبعة أيام، غابَت معه أنغام الحي وابتسامات صباحه، رُبَّما بظهور جثَّته قد أُجْهِض فنُّ التخيُّل والحَكْي، واختلاق الأساطير لدى عجائز الحي، فكم من قصة حيكت لتبرِّر الغياب! والأم التي كانت تُطَيِّب خاطر الجميع أصبَحت تَستجدي رحمة الغيب وتربيتَات العابرين، وَحْده صديقه الغريب مَن لَدَيه ومضات توضِّح الحكاية ولو قليلاً، فقد رأى رجالاً للشرطة أو ربما مُحتالين في زي شرطة - هكذا قال - يَسحبون "هاني" من عَرَبة الفرقة وهم عائدون من عُرس في حي السيدة زينب.

 

ثَمَّة أسئلة تَختلج في صدر "أم هاني" كلَّ مساء، تَرى الحبَّ في أعين ابنها، فيُباغتها القلق لبراءة هذا الولد الوحيد، الذي يجهل من الألوان الأسودَ، فكلُّ ما يراه، يراه أبيضَ مضيئًا، رُحماك يا رب، للأم قلب لا يُخطئ الإحساس أبدًا، لكنه الأمل الذي يُباعد بين الشك واليقين، جاءَتها المعلومة بعد فوات الأوان، وماذا لو كانت قبل فوَاته؟ ربما أخَذت تبكي لولدها، وتتوسَّل إليه بأن يقطعَ علاقته ببنت سيادة اللواء، حَتْمًا كان سيضرب بدمعها ووَهنها عرضَ الحائط، فالحب إن استحكَم، هانَت أمامه كلُّ الخواطر، حينها سوف تُهَدِّده بالغضب عليه إلى يوم الدين، سيَصَفرُّ وجهه، ويَبتلع ريقَه بصعوبة، ويُفكِّر..!

 

سيناريوهات وأدَها منظر الجثة التي يُلَوِّنها الدم المتجلِّط فوق الجروح والكَدمات بالأسود الذي لا يعرفه هاني!

 

اتَّفق أهل الحي أن يُقيموا الليل كله صلاةً ودعاءً، فلتَستيقظ الجوامع، ويَستعد النوم للصَّحو؛ فإمَّا أن يغسلَ عيونه ويدعو معهم، وإمَّا أن يَهجروه، فيَتيه في الأرض، الكل يصلي ويدعو على كلِّ ظالِم متجبِّر، يدعو بحُرقة وتذلُّل لخالق الأَرضين والسماوات السَّبع، القادر المنتقم.

 

صدقًا، لا تَجد السماء أمامها مَفَرٌّ من أن تبكي وتستجيبَ، تَحمل كلَّ الدعوات، كلها لا تنقص دعوة إلى ربِّ العرش العظيم.

 

أنزَل الله مَن يُطَيِّب خاطر المحسورين، وأدْخَل عليهم ضيفَهم المحبَّب - السكينة، أشعُر بالسماء وهي تبتسم، وتَحِنُّ حين رأتْ زينب تلك الطفلة الصغيرة، وهي تحاول أن تقلِّد حركات أُمِّها على سجَّادة الصلاة، هي الأخرى تَوَدُّ قيام الليل وهي بعدُ في الرابعة من عمرها! تقلِّد والدتها في بَسْط كَفَّيها إلى السماء، وتُرَدِّد بلغة تَنفرد بها: "يا يب، وَدِّي اللي مَوَّت هاني الناي"، لَدَيها لُثْغَة في الراء، واكتمال في الإحساس.

 

نام الجميع بعد صلاة الفجر، لا أعلم لماذا ناموا؟ كيف ناموا؟ هل أخلَف النوم عهده معهم بالسهر؟ أو أنَّ رحمة الله قد أسكنَت قلوب الجمر، فهدَأت واستكانَت؟

 

للصباح في هذا اليوم عبير خاص، عبير صنَعته الملائكة في ساعات قليلة من الفجر إلى الشروق، كسَت البلاد بلونٍ أبيضَ - لون هاني المفضَّل - واستيقَظ الورد البلدي على رائحة الياسمين البكر المسافر على أكفِّ الملائكة، الشمس اليوم تُشرق في بهاء جللٍ، والسماء تُوسِع صدرها للحمام، فأخَذ يُسبِّح بحريَّة في صباح اليوم الخامس والعشرين من يناير في العام الحادي عشر بعد الألفين.

 

تَمَّت.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- رائعة
الكاتبة - مصر 12-11-2011 01:41 PM

بارك الله فيكم

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة