• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

نص تأملي

بثينة سعيد


تاريخ الإضافة: 2/6/2011 ميلادي - 29/6/1432 هجري

الزيارات: 38705

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ننسجُ في الخيالِ أحلامًا زاهية، لكن لم ننسجْ يومًا أن تُنهي حياتَنا أنانيةٌ، في منزلٍ تهالكتْ أخشابُه بعد أن أثخنَها المطرُ والبرد والقيظ، قطنتْ أسرةٌ قوامُها: أبٌ وطفلة في عامِها السَّابع، وتوءَمان يسيرانِ نحو عامِهما الثَّاني، والأبُ رجلٌ لم يفارقِ الشَّباب، كساه الفقرُ بؤسًا وخطَّ الهمُّ تقاسيمَ الإنهاكِ على محياه، تحفلُ عيناه بتساؤلاتٍ عن غدٍ نستقبلُه مليئًا بالنِّعم، ويستقبلونه مضمخًا بالحاجة، والطفلةُ دومًا باسمة الثَّغرِ، نقية القلب، لا يعرفُ قاموسُها غيرَ السَّعادةِ والبسمة واللعب، تحبُّ النَّاسَ؛ خيرَهم وشَرَّهم، وتحبُّ أن تنيرَ حياتَهم ببسمةٍ وضَّاءة، لم يشل الفقرُ يدَها عن الجودِ ببسمة، بكلمةٍ طيبة أو كسرة خبزٍ لا تملكُ سواها، فهل بعد هذا من غنى؟

 

منذ متى كان الغنى قصورًا تشيدُ على أنقاضِ المظلومين وأرواحِ البؤساء؟

ومنذ متى كان المالُ يشتري الضميرَ الذي هو نبراسُ الفضيلة؟ ومنذ متى كان الغنى يكفُّ النَّفسَ عن الجودِ ولو بنظرةِ عطف؟

 

وتلج المدرسةَ التي في آخر الحي، وتقبلُ على الدَّرسِ نشيطةً وقَّادة القريحة، فتتفوق وتكسب ودَّ الجميع وصافي محبتِهم، والمحبة وثاقٌ بين الأرواحِ، يرويها بالصُّمود ويفيضُ عليها بالحنانِ الذي تفتقدُه، وتفتر عن والدِها بسمة تزيدُ قلبَها الصغير سعادة، وعلى أرصفةِ الأماني كانت ترسمُ الطُّموحَ وتلوِّنُ المستقبلَ بالبراءة والأمل، وفي يوم ماطرٍ بارد، تجمَّدَ ضميرٌ واستفاق حبُّ نفسٍ في نفسِ شابٍّ يرتعُ في ملاعبِ المراهقة، أسكر الغنى لبَّه، فما عاد يحسُّ بالآخرين؛ بأفراحِهم الصَّغيرة، بدمعاتِهم اليتيمة، بنبضاتِ فؤادِهم وجروحهم، بل كرَّسَ حياتَه لإرضاءِ نفسِه؛ ليثبتَ لنفسِه أنَّه الأفضل، ويقودُ سيارتَه طائرًا كبرقٍ في يومٍ كالح السَّواد، يرمي الآخرين بشررِ الظُّلم، ويكويهم بالمرضِ، يلقيهم في أَسِرَّةٍ بيضاءَ قد ينهضون منها، وقد لا يُحرَّك لهم من بعدها ساكنٌ، لا يرى صاحبُها أمامَه؛ لأنَّ نفسَه صارتْ عمياءَ إلا عن رغباتِها، فيصدم الطِّفلةَ، ليهوي جسدُها الغضُّ مضرجًا بالدِّماء، ويهوي قلبُها الصَّغيرُ مصدومًا بطعنةٍ لم يعرف مثله، وتغمضُ بالألم عيناها، وترقد روحها أبدًا، وتبكيها قلوبٌ قد عرفتْ صدقَها وبراءتَها التي أضحتْ من النَّوادر، قبل أن تهطلَ عيونُهم بالدَّمعِ مدرارًا، ويبكيها أبوها بكلِّ ذرَّةٍ من كيانِه، بكلِّ نبضةٍ من فؤادِه، وبكلِّ ذكرى أودعتْها عميقَ فؤادِه، وتغدو حياتُهم من بعدها شتاءً قارس البرودة، ويتوكَّأ قلبُ أبيها على عكَّازةِ ذكرياتِه، وضمَّدَ جروحَه بثقةٍ في باريه، ثم ببذرةِ الأملِ التي أودعتْها ابنتُه قلبَه، ورحلت تاركةً في حياةِ من عرفها فراغًا كبيرًا، وشرخًا لا يرممه النسيانُ، إنَّنا إن غرقنا في ثنايانا، ونسينا أننا جزءٌ من عالَمٍ شاسعٍ، واختنقنا بأكاسيدِ أنانيتنا، لحبسنا ذواتنا في قفصٍ من ذهبٍ، ولخسرْنا إنسانيتَنا وقلوبًا وأرواحًا ماتت في مناجِمِ الرَّماد.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة