• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

على الأقل لم تخسر تاجها!! (قصة قصيرة)

سعيدة بشار


تاريخ الإضافة: 10/1/2011 ميلادي - 4/2/1432 هجري

الزيارات: 6837

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وهي على عتباتِ غُرفتها نظَرتْ إليها، أطالتْ فيها النَّظر، لم تزعجْها الفوضى العارِمة التي تركتها عليه ذاك الصَّباح، السَّرير غير مرتَّب، بعض الكتب التي زارتْ صفحاتها ليلةَ أمس ملقاةٌ على الأرض، وأقلامٌ بألوانٍ مختلفة متناثرةٌ في الأرجاء، لتتحوَّل عند أيَّة خُطوةٍ مائلةٍ إلى أشواكٍ تُناطِح الأقدام، ربَّما لتعاقبها عن كلِّ خُطواتها غير المدروسة، ربَّما، وكلُّ تلك الأشياء التي لم تهتمَّ بترتيبها قبل الخروج، هل كان يستحقُّ أن تترك الغُرفة في مِثل تلك الحال؟

 

هل كان يستحقُّ فعلاً؟!

 

أعادتِ النَّظرَ في الغُرفة بتركيزٍ غريب، أشياؤها المبعثَرة تُشبِه أفكارَها المشتَّتة! يا له مِن تَشابُهٍ غريب ومُحْزِن!

 

حرَّكت خُطوةً إلى الأمام، شعرتْ بألَمٍ في باطن قدمها، نظرتْ إلى مصدر الألَم فرأت المقلمة تجلِسُ حائلةً ما بين قدمها والأرض، أحسَّتْ بشيءٍ يتكسَّر في داخلها، لا يهم، إذا كان قلبُها قدِ انكسر، فما فائدةُ ما تبقَّى؟!

 

• لم يبق إلاَّ أنتِ لتزعجيني (تَمْتَمَتْ في حنقٍ شديد).

 

ضربت المقلمة بطرف قدمِها، وكأنَّها تحاول أن ترْمي بذِكراه جانبًا، تحرَّكتْ قليلاً فاصطدمتْ بزاوية الطَّاولة.

 

• تبًّا لكِ وله (تمتمت مرة أخرى).

 

رمَتْ بحقيبتها أرضًا، وألقَتْ بنفسها على سريرها المجعَّد، تساءلَتْ في قرارة نفسها:

• هل سأبْكِي أم لا؟ هل يستحقُّ أن أبكي عليه أم لا؟

 

شعرت بحُرقةٍ في عينيها، وبألَمٍ ينهش صدرَها، لكنَّها واحترامًا لمبدأٍ كانتْ لا تزال تؤمن به؛ قرَّرت ألاَّ تبكي.

 

وضعتْ يديها تحت رقبتها، وأغمضتْ عينيها للحظات، فكَّرت:

• ماذا سأقول لهم؟ كيف سأبدأ الموضوع، وكيف أُنهيه؟ تبًّا له ولكلِّ أمثاله!

 

أخذتْ هاتفَها النَّقال، تأمَّلت في أحد الأرقام طويلاً، كم أحبَّتْ ذاك الرَّقْم فيما مضَى! كم كانت تنتظر رنَّتَه! وذاك الصَّوت الذي كان يهمس لها بأجملِ الكلمات في آخرِ الخط، كم كانت تُسرِع لأداء أشغالها المنزليَّة، وواجباتها الدِّراسية قبل أن يرنَّ ذاك الرَّقْم، بل تلك الذِّكرى!

 

تذكَّرتْ أنَّها تركتْ غرفتها على تلك الحال فقط لتصلَ ذاك الصَّباح إلى موعده في الوقت المحدَّد، دون تأخُّر، والآن مِن أين لها بالقوَّة لتُعيدَ كلَّ تلك الأمور إلى نِصابها؟

 

نظرتْ إلى الهاتفِ مَرَّةً أخرى:

• لَمْ أُخطِئ، لقد فعلتُ الصَّواب،  قاومتْ كثيرًا، ولكن تماسكها خانَها، وكلّ قُواها خارتْ أمام ذِكراه، لقد أحبَّتْه فعلاً، ربَّما! لم تعُدْ تدري إنْ كان حُبًّا أم كان نوعًا من البحْث عن شيءٍ مفقودٍ، أرادتْ أن تحصُل عليه؛ لتكونَ مِثل الآخرين!

 

لم يكن من عاداتها الثِّقة في كلِّ الرِّجال، وإن حدَّثتْهم، وإن تعاونَتْ معهم على إنجاز كثيرٍ من الأعمال، لكنَّها لم تكن حريصةً بالقدْر الكافي تلك المرَّة! ولأنّه لم يُراوغ، ولم يتلاعب، وخطبَها مِن وليِّها مباشرةً، احترمتْه وأحبَّتْه، ووضعتْ كلَّ مشاريعها في قالبه، وأَقلَمتْ عالَمها مع عالَمه، وتنازلَتْ عن كلِّ الأشياء التي كانتْ تحبُّها ويكرهها وأحبَّت لأجله كلَّ ما كانت تكرهه، وقرَّرتْ أن تتخلَّى عن كثيرٍ ممَّا كانتْ تطمح إليه؛ فقط لتُرضيه.

 

ظلَّت الدُّموع تنهمر، ولم تمنعْها، كانتْ تتمنَّى لو أنَّ كلَّ الذِّكريات ستخرُج معها، وتتبخر مثلها.

 

• كيف سمحتُ لنفسي أن أقَع؟ وأنا الحريصةُ دائمًا، المتشكّكة أبدًا؟ لقدْ كان ذكيًّا، بارعًا في الكلام ساحرًا، كان كلامُه كالتَّعويذات السِّحريَّة، تقَع عليها لتُخدِّرها؛ لتُريها كلَّ ما يلمع نجومًا، وأقمارًا، وشموسًا!

 

لقدْ أحْسن اللُّعبة جيِّدًا، وسيرته العَطِرة في أماكنِ عبوره وإقامته زادتْ من تخديرها، كيف لها أن تعلمَ بالوجه الآخَر؟!

 

• أيُعقَل أن ينتهي كلُّ شيء بتلك البساطة؟! ما كان إذًا صادقًا في كلامه أبدًا، ولو كان الأمرُ كذلك لما وضَع نُقطة النِّهاية بكلِّ تلك البساطة.

 

حينما التقَتْ به ذاك الصَّباح، ولتُخفِي تشتُّتها الدَّائم كلَّما رأتْه بحثَتْ عن موضوعٍ تتحدَّث فيه، فطلبت منه أن يُساعدها أمامَ رِجالِ عائلته، أن يُخبِرَهم أنَّها لن تصافحَهم؛ لأنَّ ذلك غير جائز، فسألها مستغربًا:

• وهل تنوين الظُّهورَ أمامَهم بحِجابك؟

 

أجابته:

• طبعًا، وهل هذا سؤال؟

 

اعتدل في جلسته مُلقيًا ظهرَه إلى حِضن الكرسي:

• نعم، هذا سؤال.

 

• أنتَ تمْزَح؟!

• بتاتًا.

• لم أفهمْ، أوضِح؟

• نحن كلُّنا في البيت إخوة، لا فَرْق بيننا، وما بيننا جميعًا وزوجاتنا أُخوَّة صادِقة، ولا ننوي وضْعَ الحواجز بيننا!

• لكن هذا شرع الله!!

• نعَمْ أعلم، لكنَّنا لا نتعامل بهذا النِّظام في البيت، ولن أكونَ أوَّل مَن سيُثير الفِتنة.

 

• ولكن هذا الأمرُ يتعلَّق بشَرْع الله!

• قلت لكِ لا أستطيع، لماذا لم تخبريني بهذا الأمر منذ البداية؟

• ظننته أمرًا بديهيًّا لا يحتاج إلى نِقاش!

• ليس كذلك، لا أستطيع.

 

• وأنا أيضًا لا أستطيع تَجاوُزَ هذا الحدِّ!

قال رافعًا صوته قليلاً عمَّا كان:

• إذًا نُقطة نهاية!

قام مِن مجلسه وانصرَف.

ولتُخفي ألَمَها قامتْ هي أيضًا من مجلسها وانصرفَتْ، وكأنَّ شيئًا لم يكن!

 

وعلى فِراشها استرجعَتِ الذِّكرى:

• لم أخطئْ، فعلتُ الصَّواب.

ظلَّتِ الدُّموع تنهمر، وتُبلِّل كلَّ ما تُلامسه من ثوبها.

 

• ماذا لو أنِّي قَبِلتُ شرْطه؟ يستحيل، لستُ أنا مَن تتنازل عن حِجابها لأجلِ رجل، فليذهب هو وأمثاله غير مأسوف عليهم، لسْتُ أنا مَن ستتخلى عن مبادئها، وكلُّ تلك السَّنوات التي قضيتها لتشجيعِ النِّساء والفتيات على ارتداءِ الحِجاب، واحترام مستلزماته، ثُمَّ أكون أوَّلَ مَن تخلعه لأجل رجل، حتَّى وإنْ كان آخر رجلٍ على وجه الأرض، فليذهب هو وأمثاله ويَبقَى حِجابي وطاعتي لربِّي مبدئي وغايتي التي أعضُّ عليها بالنواجِذ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- نعم
شرحه - أرمينيا 10-01-2011 08:52 PM

فصة هادفة ومليئة بالعبر شكرا جزيلا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة