• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

الراحلون سحرا

الراحلون سحرا
نهى الطرانيسي


تاريخ الإضافة: 25/6/2019 ميلادي - 21/10/1440 هجري

الزيارات: 4794

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الراحلون سَحَرًا


قبل صياح الدِّيَكة السابق لأذان الفجر، أُوقظ نفسي رغم عيني المُثقلة بالنوم، أسحَب نفسي بخفةٍ من وسط أطفالي.

 

أضع بحذرٍ شديد قِطَعَ الجُبن البيضاء داخل دَلْوٍ ضخم من الألومنيوم، أُغطيه بغطاء قماش خفيف يسمح بمرور النسيم داخلَه، أما الآخر فأَحشوه بالقش الكثيف ليَحتضن البيض، ثم أُسدل قطعة القماش فوقه.

 

أحمل واحدًا فوق رأسي، والآخر تحمِله شقيقتي، ننطلق خارجًا، حان الفجر، بزغت الشمس وتسلَّلت أشِعَّتُها من بين الأشجار، وما تلبَث حتى تزيد مِن قسوتها فوق رؤوسنا الخالية من أي ظِلٍّ، ونحن جلوس في الصندوق الخلفي غير المسقوف لعربة النقل.

 

رحلة نقوم بها على مَضضٍ دائمًا من المركز التائه عن الراحة إلى العاصمة، أحيانًا نَبيت بغرفة البدروم قريبًا من السوق، ولا نبارح العاصمة حتى تنتهي بِضاعتنا.

 

نَفترش الأرضَ كلَّ صباح، ونأخذ في النداء، لا نسْأَم، نفتعل النِّكات مع الزبائن، وبداخلنا قلقٌ لا يهدأ على أبنائنا الذين تركناهم خلفَنا.

 

طبيعة هذه المنطقة لا تختلف كثيرًا عن بيئتي الريفية، الحديث بصوت مرتفع من الرجال والنساء على السواء، السُّمرة البادية على وجوههم، ملابسهم التي تعلوها ذرَّاتُ تراب الطريق غير الممهدة، عبث الأطفال بيننا، عدم اكتراث الأمهات لما يفعلون، إلحاحهم عليَّ للإسراع بتلبية طلباتهم سواء بمناداتي بصوتٍ عالٍ، أو بِنَقْري على كتفي ويدي لأَتنبَّه لهم.

 

وسط حِدَّة أصواتهم يأتيني صوت حَيِيٌّ، يَخفُتُ ثم يعود مرات متفرِّقة، حتى أفيق لبُرهة مِن صَخَب الواردين، أَرمُق سيدة غريبةً عنهم وعنَّا مع ارتدائها - كبقية نساء المنطقة - عباءةً منخفضة الجودة.

 

سألتها تكرارًا: ماذا تريدين؟ كانت ترُدُّ على سؤالي في كل مرة، لكن أذني لم تستطع التعرف على طبقة صوتها المنخفضة، مدَّت يدها لتأخذ ما تريد، كانت يدها بيضاءَ غضَّةً، لا خطوط غائرة تملأُ كفَّيها، أصابعها نحيلة ليستْ بالغليظة مِن جرَّاء عملٍ شاقٍّ.

 

رتَّبت أكياسها لتتهيَّأ للمغادرة، ورغم قلة أغراضها كنتُ ألحَظ عدمَ اتِّزان خُطاها، وتخبُّط الأكياس بجانبيها وبالمارة حولها، نظرات الارتعاد بعينيها مِن هرولة السيارات يمينًا وشمالًا، جعلتْها تُخفِق في محاولة العبور سريعًا، صرختْ رُعبًا مِن هوْل السيارات القريبة، استجمعتْ قواها بعد مساعدة المحيطين لها للوقوف، لَمْلَمَتْ أغراضها الباقية بعد دهْس جزءٍ منها ليس باليسير، ثم غاصت في الزحام.

 

غاب عقلي خلفَ خُطاها، أعجَب لأحوال الدنيا المتقلبة، فزِعت من شرودي على صوت إحداهنَّ: (رُبع جِبنة قَرِيش)!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة