• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / المرأة الأديبة / كاتبات الألوكة


علامة باركود

حالة جوع

حالة جوع
نورا عبدالغني عيتاني


تاريخ الإضافة: 2/7/2017 ميلادي - 7/10/1438 هجري

الزيارات: 4095

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حالة جوع


تنتابُني منذ أمس حالة جوعٍ للكتابة، حالة جوع هستيرية!

هي حالة جوع قديمة، إما اضطررت لإخمادها قسرًا؛ لانشغالي بالدراسة والعمل ومقتضيات الأمر الواقع، وإما تناسيتُها عمدًا لخوفي مِن العودة للكتابة حدَّ الهوس، إلى أن تسرِقَني الكتابة مِن الواقع، وتتركني أسبَحُ في الخيال على غرار الماضي.


أمسِ حاولتُ الهرب، قلتُ: لا وقت لديَّ لأستجمع الأفكار، أقنعتُ نفسي مؤقتًا بأنه لا بد لي مِن إنجاز الكثير مِن الأعمال المتراكمة منذ فترة، ذاك حتمًا أمرٌ أنفع، وَفْقًا لرؤى الأمر الواقع، لكن حالة الجوع ما لبِثت تُلاحِقني كما يلاحق الظلُّ صاحبَه في الأوقات غير المناسبة! وتبعَتْني حتى لحظة الخلود لنومٍ عميق كنتُ أحتاجه حقًّا أكثر من أي يوم مضى، فما أن تهيَّأت لموتي المؤقت، ووعدتُ نفسي بنومة هنيئة مريحة ستزيلُ عني بقايا عالقة مِن إرهاق؛ وجدتُ الحياة تدبُّ فيَّ مِن جديد؛ وإذ بالحروف والكلمات تنهالُ عليَّ مِن كل حدب وصوب! عبثًا حاولتُ إسكاتها، لكن لا جدوى، لا معنى للمحاولات! وكأنني بحاجةٍ لجرعة آنية مِن الكتابة أستعيدُ بها توازني، وأستفيق بها قليلًا من غفوة الأمر الواقع!


جلستُ أنفضُ عني غبار موتي المؤقت، أو ربما موتي الأخير، مَن يدري؟ وحدَه الله يعلم متى ننام ولا نستيقظ.

كنتُ أُدرِك أنني بحاجة لهذه اليقظة الفورية، تمامًا كما كنتُ أُدرِك حاجتي الماسَّة لهذا الإدراك، حاجتي الماسة للبَوْح بكل ما يختلج في أعماقي منذ زمن.


حزن قديم عاد يُحِيط بأفكاري، كنت قد تخلَّصت منه منذ فترة، بحسابات الأمر الواقع، أيُحاوِل تملُّكها مِن جديد؟ لا أدري، لكني لم أكن أشعرُ بالحزن! ربما هي مشاعر متنوعة، من شتى الألوان تقابلت أو اصطدمت، خليطٌ من حزن وألم ويأس، أو تعب، وذكريات كانَتْ يومًا تؤلِمُني، نسيتُ طعم الألم فيها، نسيت حتى أنها كانت تؤلم! ما بالها اليوم تعود إلى ذاكرتي من جديد لتوقظ فيَّ ألَمًا سافر؟


تذكَّرتُ أني غالبًا ما كنتُ أكتب في حالات الحزن والألم، قلَّما كنت أكتب أفراحي، لم يا ترى؟ أمرٌ مثيرٌ للعجب، لكن مهلًا، أيعني هذا أنني الآن حزينة، أو أني أشعر بالألم؟


تأمَّلت، ثم استدركت، ربما هو مجرَّد حنين للحظات، بقدر ما كانت تؤلِمُني بقدر ما كانت تُوقِظني! تفكَّرت وعرَفت، إنه اشتياقٌ للحظاتٍ علَّمتني أن أكون حرة، أن أتحرر من كل ما تفرضه عليَّ الظروف، رغم أنف الأمر الواقع، هي رغبة بتذكُّر لحظات الألم دون الشعور بطعم الألم! لعله استمتاع بطعم جديد للألم مغايرٍ لطعم المرارة الأول، هو طعم جديد فيه لذَّة! وبالفعل ما أخطأ جبران حين قال: "ما أغربني حين أشكو ألَمًا فيه لذَّتي"، يا للروعة! أيُعْقَل أن تكون لذَّة الإنسان في تذكُّر آلامه؟ ليس لأجل الألم نفسه، بل لرؤية منتجاته، أو الأصح لإبصار منافعه.


الألم يُفهِمنا معنى السعادة، فلولاه لَما ذُقناها ولا عرَفنا قيمتها ومعناها! لو أننا فقط أحسنَّا الاستمتاع بكل لحظة ألمٍ مرَّت معنا، لو أننا أحسنَّا استخراج كل عبرة وفائدة من كل لحظة شعرنا فيها بالألم! لو أننا فقط تألَّمنا بقَبول ورضًا، وتقبَّلنا حالة الألم هذه - مهما كان حجمها - بكل ترحاب وسَعَة صدر؛ لكُنَّا عرَفنا أن الألم والأمل لا يفترقانِ، لكُنَّا نسينا معنى الألم في لحظة الألم نفسها، ولكُنَّا حمِدنا الله وشكرناه ألف مرة وأكثر على كل لحظة تألمنا فيها؛ لأننا لولا هذا الألم لما استَفَقْنا ولا تحرَّرنا من قيود الواقع الذي ننغمس فيه دون أن ندري أننا منغمسون فيه حد الغياب عن أنفسنا!


نعم، تُعِيدنا لحظات الألم أحيانًا إلى نفسنا، إلى جوفنا، إلى رُوحنا! تُذكِّرنا بأن نَحْيَا خارج إطار الواقع المادي ولو لثوانٍ، أن نعيش المشاعر كلَّها بتوازن وعدم مغالاة، فإذا ما حزنَّا يومًا عرَفنا أننا إما غالَينا في السعادة حتى بات ينقصنا قليلٌ من الحزن لنتوازن داخليًّا، أو قليل من البكاء لنغسل عيونَنا وننقِّيَها من شوائب الواقع وعوالقه، وأدركنا في الآن عينه أنها مجرَّد مرحلة مؤقتة من مراحل دَوْرة الحياة المتناقضة التي لا يمكن أن تسير إلا بتناقضها المتناغم هذا.


أتوقَّف هنا عند هذا السطر بالذات، رغم استمرار تدفُّق الأفكار والمشاعر؛ حيث تعود إليَّ لحظات النُّعاس لتسرقَني من حالة استيقاظي المؤقت، لكني هذه المرَّة أشبعت نفسي استيقاظًا إلى أن بتُّ بحاجةٍ إلى قليل من النوم، الأهم من ذلك أني كتبت حتى شبعت، واقعيًّا على الأقل.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة