• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

مسافة (قصة)

أحمد كمال أحمد محمد


تاريخ الإضافة: 24/3/2015 ميلادي - 4/6/1436 هجري

الزيارات: 4081

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسافة


كان الغبارُ يخاصمُ الطريق ويَعْقِد صفقة مع السماء، المارَّة كطيور عائدة لأوكارها، والذكرياتُ تهاجم عقلي البائس، الذي يعطي لجسدي نقطة التحرُّك في دنيا الله، وجهتي للكورنيش حيث أرقب سمكة تداعب صفحة الماء، أو صنَّارة تلصُّص على فم الأسماك، كانت قدماي تسيران ببطء بسبب العاصفة الترابية، وعيني تخشى سهمًا من حبة رمل، كانت نقطة سوداء رابضة تحت شجرة، امرأة في العقد الثالث من عمرها، هضيمة الوجه، تحت ناصيتها يهطل الهم، ودمعة تنزل على سفح وجهها لتستقر على شعر ابنتها التى تجدل لها ضفائر من الحزن، ويد مرتعشة تمتد للمارة، تنتظر قطعة نقود تسقط على راحة اليد، تقيها أن تقتات من سلّة المُهْمَلات، كان الإلجام يسيطر على كِياني، وحمَّى الألم ألجمت لساني ويدي، جرجرت أقدامي خطوات لأصطدم بنقطة سوداء أخرى تلوح في الأفق، طفل منكمش يقبع تحت أعمدة الإنارة على مسافة مائة متر من المرأة الأولى، افترش أمامه قطعة من الورق المقوَّى، تناثرت فوقها بضعة من المناديل، كان حدَسي يربط بين الابن والمرأة السابقة، غير أن المرأة كانت تمدُّ يدها فارغة، والصغير يمد يده البائسة بعلبة مناديل، كان ينهشني الفضول أن أرى عينيه، فربما عرفت سراديب الحزن المستكنَّة خلف تلك البراءة، لكنه يأبى أن يرفع رأسه، بل تارة يحوِّلها صوب تلك المرأة ويفتل لها من الوجع خيطًا يريد الصغير أن يعرف كُنْهَهُ، متى يا أماه نتوقف عن مضغِ الذل في هذا الوطن المهيض؟! كانت دمعة أمه كافية أن تفتِّت جيوش العتمة، يا ولدي، أصحاب الكروش يهيلون علينا العذاب، ثم يتباكَوْن علينا في سرادق الشاشات، كانت زفرة محمومة تخرج من فم الصغير وهو يُصِرُّ بشدة ألا يأخذ الجنيه مني قبل أخذي للمناديل، كان إصرار الصغير يحيل أعماقي لكومة من الرماد، وكأنه يقول لي: أما آن لك أن ترحل؟! ألا تعتريك حمرة الخجل؟! كانت الصفعات قويةً ومتتالية، ولم يقطعها إلا شاب رخو كقنديل البحر، يمسك بتلابيب كلب يجرُّه وراءه، تسير بجانبه فتاة لا تختلف عنه كثيرًا، يترامى صوته إلينا وهو يقول لها: "تصدقي يا فوفو، الكلب البارحة رفض أن يأكل الشيكولاتة"، كانت صرخة مدوية تخرج من فم الطفل وهو ينهض ويصرخ في وجهي: ارحل واتركني للعذاب، وشاهد بعينك حياة الكلاب!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة