• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

سلمى العربية

سلمى العربية
محمد صادق عبدالعال


تاريخ الإضافة: 20/8/2014 ميلادي - 24/10/1435 هجري

الزيارات: 4320

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلمى العربية

حكايات سلمى (3)

 

"ذات نهار لم تكن الشمس حاضرة الموكب، فتحايلت السحب على الأنواء تستجدي منها الحراك ومواصلة العراك؛ كيدًا بمليكة النجوم مدعيةً أنها سطعت كثيرًا، لكن المطلب كان عسيرًا وما زال؛ فانصرفت الأنواء لأوانها وبقيَت السحائب السود تنازع الشمس الحضور".

 

مرَّ المشهد على أناس كثيرين، فما انبرى له من أحد أو اهتم؛ لكن (سلمى العربية) ذات الجدائل والضفائر المعقودة غير المطلَقة من زمن كانت تُراقب وتتابع ما يجري بالأفق، فدمعت عيناها، وكفكفت بكفَّيها دمعتيها، وحرّك ذلك فيها الشجون وبعض الشؤون، وتذكرت يوم أن كانت ملكة كالشمس لها صفحة اليابسة والماء.

 

ولما كانت تخلع التاج المُمَرد من قوارير العزة والمجد لتبسط جدائل شعرها وضفائرها على البحرين القلزم وبحر الروم؛ فتتوارى سفائن الآخرين لحرمة شَعر (سلمى) المنبسط مهابة أن يطَّلع عليه أجنبي.

 

تذكَّرتْ كل هذا وأكثر فضحكَتْ بصوت عال ساخرةً، يكاد يعود به الصدى لولا صوت الماء الذي منعه حين تذكرت حدود "دار الإسلام" ومفردة "السلام الإسلامي"، ذاهلة مما انحدر إليه حالها؛ إذ لم يعد لها أن تبسط ضفائرها على البحار والأنهار، وليس هذا فحسب، بل أصبحت وليس لها باب يسترها من الأجنبي الذي كان يستأذن قبل أن يغشى ديارها وأنهارها وبحارها.

 

وتذكرت عيالها الذين انفضُّوا من حول مائدتها الكريمة السخية، وتركوها قائمةً وَحْدها تُنازع الآخر البقاء كما نازعت الشمس الكبيرة السحب السود آنفًا؛ خطر ببالها طلّابها النجباء، فهتفت فيهم بالحضور، فجاؤوا على أشكال عديدة.

 

فمنهم من جاء على شاكلة المحب، ومنهم من جاء على شاكلة المُضطر خشية أن يُعيَّر، ومنهم من تباطأ وتخاذَلَ حتى المساء ليقول: إن بيوتنا عورة.

 

فخلص لسلمى يومئذ من طلابها الثلث الأخير؛ فحمدت الله وأثنت على القليل؛ ثم قالت:

إني نظرت اليوم في الأفق من البكورة حتى الشفق؛ فرأيتُ أن حالها من حالي - تعني: الشمس - وإن كان حالها فطريًّا غير مكتسب، فإني أستحلفكم بالذي عنده مفاتح الغيب، ومناقب الحمد والسعد ألا تنسوا تاجي المفقود، وعقدي المعقود على جبين الأرض بالطول والعرض، واستعرضت من جديد مجدها التليد، فجلسوا من حولها نصف دائرة لم تكتمل، وقالت:

ما ظنكم بملكة سُلب منها عرشُها، وطاش عنها تاجها المُمَرَّد من قوارير، لم يَنل منه العادي إلا بعدما هبَّت ريح الفرقة وانقسم أشياعها إلى سبعين فرقة، وما أكثرهم بعادلين؟

 

هنالك انكبَّ الطلاب على كراساتهم يفتِّشون فيها عما يرفع من معنوياتها ويزيح عنها بعض الهم.

 

فقال أحد طلابها - وكان مِن الحفَّاظ -:

قلت لنا يا معلمتي: إننا يوم أن كانت الأرض لنا - والأرض لله أولاً وآخرًا - كانت الدنيا تدين لنا بالولاء، وفى عصر الخلافة العباسية والدولة الفاطمية كانت حدودنا الجغرافية تضم مختلف الشعوب، وكانت لنا حدود من الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا شمالاً حتى مناطق غرب ووسط وشرق إفريقية جنوبًا، ومن سور الصين العظيم شرقًا حتى مياه المحيط الأطلنطي غربًا، كان الناس يسافرون ويتحركون في حرية وأمان طلبًا للرزق في التجارة وللعلم والمعرفة، وكذلك للحج[1].

 

ثم سلَّم الكلمة لآخر فاعتدل وقال: "وكانت بغداد وأصبهان والبصرة، ومكة والمدينة، ودمشق وبيت المقدس، وتونس وبلاد المغرب الأوسط والأقصى، وغيرها من عواصم دار الإسلام تشع بنور العلم وببهجة الازدهار التجاري، وبنور القدسية الدينية للإسلام، فقصدها الناس من كل فج وجاؤوا إليها من كل صوب"[2].

 

وبينما هو مسترسل كأنه يقرأ من على صفحة البحر مجْد آبائه خلسة قبل أن تمر سفائن الآخر لتمحوه، لاح الفجر الجديد وصاح دِيك من بعيد.

 

وكانت سلمى - المُعلِّمة العربية ذات الجدائل الأسيرة من عقود كثيرة - وضعت رأسها بين راحة يدَيها بديلاً عن التاج المفقود لتُلملِمَ بقايا جدائلها وضفائرها التي لم يعد لها أن تبسطها على أي من البحرين أو المحيطين أو النهرَين إلا بعذاب ومشقة، وأشارت للحُفاظ بالتوقف عن الكلام وقالت: مَن فيكم يحفظ "قِفا نَبكِ" ليتلوها علينا.

 

فقالوا في صوت واحد: جميعنا يحفظها.

 

وإلى لقاء مع حكاية أخرى من حكايات سلمى بإذن الله.



[1] من مقال بمجلة العربي بعنوان: "عرب سنة 1000 وعرب سنة 2000" (ص: 27)؛ للدكتور: قاسم عبده؛ قاسم أستاذ التاريخ جامعة الزقازيق، عدد 498 مايو 2000م ص.

[2] المرجع السابق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة