• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / بوابة النثر / كُتاب الألوكة


علامة باركود

بحر المعجزات (1)

يوسف عماره بن عيسى


تاريخ الإضافة: 7/12/2013 ميلادي - 3/2/1435 هجري

الزيارات: 4515

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بحر المعجزات (1)

 

تَختلِف رؤيتنا للأشياء باختِلاف رغباتنا وحاجاتنا نحو تلك الأشياء، كذلك المُعجِزات الجزيلة التي تكتنف حولنا وداخلَنا لا نُدرِكها، أو لا نقدِّر حقَّها الأوفى إلا إذا بحثنا عنها في كيان غيرنا مِن الناس والخلق؛ فمثلاً:

1 - الحياة والموت:

إذا أردت أن تعظِّم قدر الحياة وتُدرِك معجزتها، فسأدعوك أن تقصِد امرأة بعد وضعِ حملِها وتسألها عن الأمرأمر لتُخبِرك بمعجزة قد حدثت معها، ستتلو عليك سديم المخاض الذي عاندته بوقار وهدوء، وذلك الألم الذي صبَرت عليهِ بكل جسارة ومضض، وتُخبرك بأنَّ تلك الدقائق قد جازت عليها مُرَّةً كطعم العلقم والخلِّ، ومرَّت كأنها يومٌ كامل وليس دقائق، ثمَّ تفرح تلك المرأة أثناء حديثها كأنها تذكرت شيئًا أهمَّ من هذا الألم وألذ من هذا الصِّراع، نعم هو كذلك، فبعد تلك الدقائق القاسية أثناء الولادة، وفجأةً استحال الوجع إلى فرحةٍ بعد أن خرجت من بين أحشائها معجزة حياة جديدة، وستقول لك: إنها استجمعت قواها وحملت ذلك الخَلْق النحيل بأيادٍ مرتعشة، وظلَّت تحدّق إليهِ طويلاً وتبكي لنَحيبِه وصراخهِ، ثمَّ ضمَّتهُ إلى صدرها لتسمعَ دبيب حياة خرج من حياةٍ أخرى لتوِّه، وما أعظم وأكبر شرفًا للمرأة من الأمومة؟ أليسَت هذه معجزةً؟! أليس إعجازًا من الواحد المُعجِز؟!

 

و إذا أردت أن تَعرِف ثمن الحياة مقابل الموت، فسأدعوك أن تتوسَّل إلى جرّاح في العيادة ليتفرغ لك ويُطلعك على ما كنتَ تجهلهُ، سيذكر لك أعداد الناس المستعدة لدفع بل التنازل عن كل ما تملك مقابل عملية جراحية مستعصية فقط من أجل العودة إلى الحياة والعيش، عملية في غاية التعقيد، وحين يتوكل الجراح على الخالق ويُنزِل على وجهه ذلك البرقع الأبيض ليباشر هذه العملية العالقة بين قلبه وبين قلوب أهل المريض، ينتهي بعد جهد طويل ثمَّ ينتصب مع الأهل وراء بلّور الغرفة لينتظروا حال المريض الجاثي إن كان سيعيش أم لا، وهنا أعلن ذلك الجهاز الضخم عن وجود دبيب قلب ورسم توتُّرات متباينة تعني أنَّ الشخص حيٌّ وهو يتنفس الآن، أليست معجزة أن تكون أنامل وأيادي هذا الجراح وسيلة أعادت الروح إلى جسد كسيح؟! نعم هي وسيلة فقط؛ لأنَّ هنالك أيادي خفية ثابتة لا تُخطئ أبدًا في عملها مبعوثة مِن الرب إلى عبدهِ.

 

2 - المحبة والحنان:

مَن ودَّ منكم أن يسأل عن الحب والحنان فلا يجلس مع عاشق أو ولهان ليعلِّمه، بل تبادلوا معهم جميع أطراف الحديث إلا حديث الودِّ والحب؛ لأنَّ العاشق كالأعمى لا يرى في الناس إلا الشفقة، فيَغفل عن الواقع الحقيقي حتى يستفيق نادمًا ومتحسرًا على أمره، أمَّا الولهان فهو أعمى العينين والقلب والعقل، فهو يَهذي أكثر مما يرشد، ولكنِّي أتمنى أن يشقى أحدكم إلى يتيم الأب والأم ليَكتشِف أسرار هاتِه المعجزة، سيَطفقُ ذلك اليتيم قائلاً لكم:

"إنَّ محبة الآباء لأولادهم سرمدية لا تزول في النفس أبدًا، وحنانهما دائم العطاء والبذل دون مقابل ولو بِذرَّة رد جميل، أرى معجزة المحبة تكمن فينا نحن؛ لأنَّ من ثوى في رحم أمه تسعة أشهر جامدًا ساكنًا لا يسمع صوتًا إلا صوت خفقان قلبها، فلا عجب أنه لن يهدأ أو يطمئنَّ الآن إلا عندما يَحتضِن أمَّه ليستحيل إلى جنين هادئ كالسابق، ومن حملهُ أبوه بيديه الضخمتين بينما جسد الرضيع كمُضغة نحيلة فحتمًا حين ينمو هذا الرضيع إلى شاب ويُصافِح يد والده، سيشعر بأن الرجولة قد خالطت الحنان عند تلامس الأيادي، أتدري يا هذا أنَّ قلب الأم والأب وقلب ابنِهما قلب واحد في ثلاثة أجساد، فإذا غاب جسدان ودُفنا تحت تُراب الأرض فسيظل ذلك القلب يضخ حبًّا وحنانًا في جسد ابنهما، وتترسخ تلك المعجزة في إدراكهِ وخلَده مهما بلغت شدة عصف الأيام.

 

ثمَّ يصمت قليلاً ويرفع رأسه مُبتسمًا إلى السماء كأنه يُخاطب الربَّ، فيقول بصوت يملؤه الرجاء:

"وأنا - اليتيم - أحمد الله تعالى أنه لم يحرمني من لقاء أبويَّ في هاته الساعة، بل أجَّله إلى يومٍ تتلاقى فيه الأرواح كما تتلاقى في الدنيا، يوم يظلُّ ويخلد المرء مع من يُحب فنَرتشِف من كأس السعادة والهناء معًا، ونتسامر كما نشاء ويحلو لنا".

 

3 - العقل:

حين يُصيب أجفان الناس التعب بالليل فتنام وتهدأ النفوس من زجرها لتغرق في سُبات طويل أعلنه ذلك الشخير الصاخِب، وتلبس مدينتك الوِشاح الأسود الكالح فلا يبقى نور إلا النور الخافِت للقمر، هنا قم من مضجعك وتسلَّل من البيت بهدوء إلى الشارع لترى أناسًا ندعوهم بالمجانين.

 

عندما تُبصِر مخبولاً يهذي مُنفردًا في الطريق، ويُهروِل في مِشْيتهِ، ويتهامس مع نفسه يُحدِّثها تارةً، وتارةً أخرى يصرخ مبحوحًا، منكّسًا رأسه كأنَّه يُفتِّش عن شوارد عقله الضائعة، لا تخف منهُ بل اقترب حذاءه وحملِق في عينيهِ بتمعُّن لترى ما ينقصهُ فعلاً وما تكسبه أنت فعلاً، إنَّها معجزة العقل الذي يُرشدك عند المتاهات ويَرشُّك بالحكمة والحصافة في المجتمعات، فإن غاب عنك هذا، أصبحت وكأنَّك عدمٌ أو وثن من الصخر الصلد الذي لا ينفع ولا يهلك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة